أوصت المبادرة الوطنية للانطلاق الاقتصادي، بضرورة التحرك السريع لسد الفجوة التمويلية التي تقدر بحوالي 15 مليار دولار حتى نهاية العام المالي (2013/2014) في ظل تزايد عجز الموازنة وانخفاض الاحتياطي من النقد الأجنبي لدى البنك المركزي إلى مستويات حرجة. وأشارت المبادرة - في توصياتها النهائية - إلى أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذها البنك المركزي المصري، خاصة فيما يتعلق بمرونة سعر الصرف نظرا لانخفاض الاحتياطي من النقد الأجنبي، سوف يساعد على استقرار قيمة العملة عند مستوى يعكس قوى العرض والطلب ويؤدي إلى الانتقال لمكافحة التضخم كهدف أساسي للسياسة النقدية. وقد استندت المبادرة، التي دعا إليها رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل يوم الأحد الماضي، وما صاحبها من حوار على سبعة محاور، هي الحلول العاجلة لمواجهة التحديات الراهنة في الاقتصاد المصري (منتدى البحوث الاقتصادية)، والعدالة الاجتماعية والشفافية (كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة)، والاستثمار والتشغيل (المركز المصري للدراسات الاقتصادية)، والإبداع وريادة الأعمال (جمعية مصرنا)، ومكافحة الفساد (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، والطاقة في مصر إلى أين (المجلس الأعلى للطاقة)، والسياحة (الاتحاد المصري للغرف السياحية). وفيما يخص محور (الحلول العاجلة لمواجهة التحديات الراهنة) رأى الحضور أن برنامج الإصلاح الاقتصادي لا يمكن أن ينجح بدرجة فاعلة بدون توافق سياسي مجتمعي، وأنه من الصعب نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي على خلفية الانقسام المجتمعي حول الشؤون السياسية، ما يضعف ثقة المستثمرين والمجتمع الدولي في قدرة الاقتصاد المصري على التعافي السريع. كما رأى الحضور غياب الشفافية الكاملة سواء الخاصة بعملية من يتخذ القرار الاقتصادي في مصر وكيفية اتخاذه وتذبذبه.. وطالب بعض الحضور بإعادة النظر في ضريبة المبيعات على بعض السلع خاصة وأنها تهم محدودي الدخل. وعلى صعيد محور الاستثمار والتشغيل، أوصت المبادرة الوطنية للانطلاق الاقتصادي بضرورة الاستهداف الجغرافي للاستثمارات لزيادة فرص العمل في الأنشطة الاقتصادية كثيفة التشغيل وبما يتناسب مع مستويات التعليم والمهارات في المحافظات المختلفة. كما أوصت المبادرة بضرورة الاتفاق على رؤية اقتصادية ثابتة ومستمرة لا تتغير بتغير الحكومات، منوهة بأن جهود الإصلاح لن تكون مثمرة دون إخراج الاقتصاد من دائرة الصراع السياسي. وأوصت أيضا بضرورة تحسين نظرة الرأي العام إزاء رجال الصناعة وعدم تعميم الحالات الفردية على الأغلبية من الرجال الشرفاء وتحقيق المصالحة والمصارحة الوطنية. وفيما يخص محور "الاستثمار والتشغيل".. طالبت المبادرة بضرورة استقلال صندوق تدريب العمالة ومضاعفة مخصصاته والتركيز على وضوح واستقرار وشفافية السياسات الاقتصادية ووجود تشريع يحمي متخذ القرار في حالة عدم وجود شبهة تربح، وتطوير سوق رأس المال والعمل على زيادة تنافسية الاقتصاد المصري من خلال خفض تكاليف الإنتاج دون الاعتماد على سعر الصرف الاسمي فقط. وبالنسبة لمحور "العدالة الاجتماعية والشفافية"، أوصت المبادرة بإعادة النظر في شبكات الأمان الاجتماعي للتأكد من وصولها إلى مستحقيها بدرجة كافية وبشكل لائق وكذلك إعادة النظر في منظومة الضريبة من خلال الاتجاه نحو ضرائب الدخل التصاعدية لتحقيق قدر أعلى من العدالة الضريبية. كما تم اقتراح إلغاء بعض الفئات الضريبة المقترحة في قانون الضرائب على المبيعات رقم (102) لعام 2012، حيث تبين أن فرض ضريبة ب5% على كل من الأسمدة والمطهرات والمبيدات سوف يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج في القطاع الزراعي. ورأت المبادرة أنه على الرغم من محاولة الحكومة زيادة الإنفاق العام على التعليم والصحة إلا أن ذلك لم يحقق الجودة في الخدمات التعليمية والصحية. وأوصت بإصلاح منظومة الدعم من خلال طرح رؤية متكاملة للإصلاح ومراجعة المستفيدين من بطاقات التموين وهيكل السلع المستخدم في التوزيع. وطالبت المبادرة بإعادة النظر في هيكل الواردات للحد من الواردات الاستهلاكية، ما يساعد في تخفيف الضغط على استخدامات النقد الأجنبي وكذلك إنشاء إطار مؤسسي لتقييم ومتابعة السياسات الاقتصادية والأهداف والبرامج التي وضعتها الحكومة لتحقيق العدالة الاجتماعية. وفيما يخص محور (الطاقة في مصر إلى أين)، أوصت المبادرة الوطنية للانطلاق الاقتصادى بتنمية وتنويع مصادر الطاقة على المدى القصير والمتوسط.. وتم اقتراح إنشاء مجلس لمتخصصي الطاقة لتقديم المساهمات التي تفيد في حل مشكلة الطاقة في مصر، على أن يتضمن اقتصاديين وفنيين وخبراء من الجهات الحكومية وغير الحكومية، وأن يحول له ثلاثة ملفات هي (الطاقة الجديدة والمتجددة - الطفلة الزيتية - البحث عن البترول في المياه العميقة). كما أوصت بتفعيل مقترحات قوانين الكهرباء وترشيد الطاقة وقانون الصناعة الموحد. وعن محور (مكافحة الفساد في مصر)، أوصت المبادرة فيما يخص الإصلاح التشريعي بتفعيل إجراءات الانتهاء من إصدار التشريعات الجديدة التي تتولى وزارة العدل إعدادها ومنها قانون حرية تداول المعلومات وقانون تضارب المصالح وقانون حماية الشهود والمبلغين وتعديل قانون المناقصات والمزايدات. وطالبت بإجراء حصر شامل ومراجعة لكافة القوانين والتشريعات الخاصة بمكافحة الفساد ومدى توافقها مع الاتفاقات الدولية التي وقعتها مصر، وكذلك ضرورة إجراء تعديل تشريعي لقوانين مكافحة غسيل الأموال وسرعة البت في قضايا مكافحة الفساد والمساواة بين جميع المواطنين في الخضوع للمساءلة القانونية. وفيما يخص (الإصلاح الإداري والمؤسسي)، أوصت المبادرة بتطوير الجهاز الإداري للدولة بما يضمن تبسيط الإجراءات وبإخضاع الشركات الكبرى في القطاع الخاص للأجهزة الرقابية، وإنشاء جهاز لتعزيز حوكمة الجهاز الإداري للدولة، ووضع معايير موضوعية لاختيار قضاة التحقيق في قضايا الفساد، وإخضاع الصناديق الحكومية الخاصة للرقابة، ووضع الآليات الكفيلة بمكافحة التهرب الضريبي، وتحسين آليات تحصيل الضرائب والرسوم العامة، وتكامل قواعد البيانات ذات الطابع القومي بين الجهات المختلفة. وأوصت المبادرة بضرورة قيام منظمات المجتمع المدني في مصر بالتعاون مع الأجهزة الرقابية في مكافحة الفساد وتقديم ما لديها من معلومات تكشف وقائع الفساد وإدراج ممثلين من المجتمع المدني كأعضاء في المفوضية الوطنية لمكافحة الفساد. وفيما يخص محور (السياحة)، طالبت المبادرة الوطنية للانطلاق الاقتصادي بعدم زيادة أي أعباء على المنتج السياحي مثل الضرائب وضرائب المبيعات والطاقة وغيرها في منتصف الموسم السياحي، على أن تكون أية زيادة معروفة مقدما بفترة ومع بداية المواسم السياحية. وطالبت المبادرة بتوفير الأمن اللازم في المناطق السياحية، وكذلك إنشاء صندوق للأزمات، والتدرج في الأعباء مثل أن تبدأ الزيادة في التأشيرات من 15 إلى 20 دولارا ثم 25 دولارا على فترات متباعدة وبالتشاور مع الوزير والقطاع. وأوصت بالتواصل مع الحكومة والأحزاب والقوى السياسية والمدنية من خلال دعوة الأحزاب والقوى السياسية لزيارة شرم الشيخ لطمأنة السائحين لدعم عودة السياحة، على أن يعقد هذا الاجتماع يوم 7 يناير الحالى، ودعوة ممثلى الأحزاب الإسلامية لحضور المعارض الدولية لطمأنة الشركات الأجنبية ومنظمى الرحلات. وطالبت المبادرة فى توصياتها بعقد اجتماع يضم ممثلى الاتحاد المصرى للغرف السياحية وممثلى البنوك والمسئولين لمناقشة التدفق المالى للقطاع السياحى عن طريق البنوك وكذلك إعادة جدولة مديونيات الشركات السياحية لدى البنوك وبحث الحلول طويلة الأجل. وعن محور (الإبداع وريادة الأعمال)، أوصت المبادرة الوطنية للانطلاق الاقتصادي بإنشاء هيئة مستقلة لدعم ريادة الأعمال تعمل كمنصة للتجميع بين كافة الكيانات الداعمة لريادة الأعمال وتنظيم الجهود المبذولة في هذا المجال سواء من القطاع الحكومي أو الخاص أو الأهلي. وأوصت المبادرة بالعمل على الخروج بتشريعات وسياسات لتيسير إقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة خاصة للأفكار الإبداعية والمبتكرة.