تباينت مواقف الكتل السياسية العراقية من المظاهرات والاعتصامات التي تشهدها محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين منذ 20 ديسمبر الماضي، التي اندلعت شرارتها بمحافظة الأنبار إثر اعتقال قوة أمنية عددا من أفراد حماية وزير المالية، رافع العيساوي، وانضمت إليها بعد ذلك في التظاهر محافظتي نينوى وصلاح الدين. ودعا المتظاهرون في بداية التظاهرات إلى إطلاق سراح أفراد حماية وزير المالية، لكن سرعان ما ارتفع سقف مطالبهم بالدعوة إلى الإفراج عن المعتقلين والمعتقلات في السجون العراقية، وإلغاء المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب، التي يتم بموجبها اعتقال المتهمين بأعمال مسلحة أو ممن يشتبه بهم، بالإضافة إلى إلغاء قانون المساءلة والعدالة "اجتثاث البعث سابقا"، وغيرها من المطالب. وشن ائتلاف دولة القانون هجوما على متظاهري الأنبار والموصل، واصفا تظاهراتهم بأنها لا تمثل إرادة الشعب العراقي الحقيقية، وإنما مخططات لأجندات خارجية، داعيا العراقيين إلى مواجهتها. وقال النائب عن ائتلاف دولة القانون، كاظم البهادلي، في تصريح صحفي اليوم، إن الجميع يعرف، سواء المواطنين العراقيين أو الكتل السياسية أو دول الإقليم، أن التحالف الوطني مع التوافق السياسي ومع المصالح الوطنية التي تقوم على أساس رفع الظلم وبسط العدالة، لا مع المصالح التي تقوم على أساس الإفراج عن القتلىوالمجرمين الذين سفكوا دماء العراقيين. ووصف البهادلي تظاهرات الأنبار بأنها لا تمثل إرادة الشعب العراقي الحقيقية، وإنما إرادة الأجندات الخارجية التي تسعى إلى تدمير البلاد وتحطيمها، داعيا جميع العراقيين لمواجهة هذه التظاهرات، مشيرا إلى أنه من حق المواطنين أن يتظاهروا، لكن يجب أن تكون مطالبهم دستورية بعيدة عن المؤامرات الخارجية، التي تريد النيل من العملية السياسية الديمقراطية القائمة في العراق. وبدورها، اتهمت الكتلة البيضاء العراقية قوى سياسية إقليمية وداخلية بالعمل على تغيير النظام السياسي في العراق. وقال الأمين العام للكتلة، جمال البطيخ، في تصريح صحفي اليوم، إن هناك أهداف خفية في التظاهرات تشترك فيها قوى داخلية وخارجية، منها تركيا وقطر، بالاضافة إلى قوى في الداخل، الهدف منها الدفع باتجاه تغيير النظام السياسي في العراق وتقسيم البلاد. وأضاف البطيخ أن هناك بعض القيادات "الاشتراكية" تعمل باتجاه تعقيد الوضع، ولها رغبة قوية في الحديث عن الماضي، وترفض التعامل مع الحاضر ولا تتعاطف معه، لذلك كانت تظاهرات الأنبار سياسية بامتياز. وأوضح أن ما يدور الآن في البلاد حالة من التصعيد غير المسبوق بين شركاء العملية السياسية، ولا أحد يعرف إلى أي مدى سيدفع هؤلاء الشركاء بالأوضاع داخل البلاد. وفي المقابل، حذرت القائمة العراقية من مغبة تفريق معتصمي ومتظاهري محافظة الأنبار بالقوة. وقال النائب عن القائمة العراقية، رعد الدهلكي، إن تفريق المتظاهرين بالقوة ستكون له عواقب وأمور لا تحمد عقباها في الشارع العراقي. وأضاف أن الشعب باقٍ، وعلى الحكومة العراقية أن تقدم الخدمات له وتنزع فتيل الأزمة عن طريق الأسلوب الديمقراطي الحقيقي وليس بالقوة، وعليها التروي بهذه الأمور، والعمل على تحقيق ما يطالب به المتظاهرون، خاصة أن مطالبهم دستورية.