التقارير الدولية الصادرة حديثاً حول سجل مصر فى حقوق الإنسان تقدم صورة كاملة لحالة الحقوق والحريات فى مصر، لا سيما بعد بدء التحقيق مع عدد من المنظمات الحقوقية، بالإضافة إلى إغلاق مركز النديم، بالإضافة إلى قضايا التعذيب والاختفاء القسرى وأحكام الإعدام والقبض والاحتجاز التعسفى والإعدام بأحكام المحاكم العسكرية وغيرها من قضايا حقوق الإنسان، الأمر الذى دفع المفوض السامى لحقوق الإنسان إلى أن يتضمن بيانه أمام المجلس الدولى فقرة حول حالة حقوق الإنسان فى مصر، فضلاً عما ورد فى بيان البرلمان الأوروبى وتصريح مسئولين أوروبيين وأمريكان، فالصديق قبل العدو يعترف بقدرنا ولكنه لا يستطيع أن ينكر تدهور حالة حقوق الإنسان. وقد تناولت الافتتاحية الأخيرة لجريدة ال«نيويورك تايمز» مقالاً موجهاً للرئيس أوباما فى نهاية فترته تدعوه لأن يفك الارتباط للتحالف الاستراتيجى مع مصر بسبب ملف حقوق الإنسان واستهداف المنظمات الحقوقية فى مصر. السؤال إننا فى أمس الحاجة إلى تغيير هذه الصورة ولا يمكن تغييرها عبر شركات العلاقات العامة بمقابل مالى، فهذا ما لا يمكن تحقيقه، طالما ظل الملف متخماً بالانتهاكات، وكل يوم تضاف إليه عناصر جديدة. لذلك مصر فى حاجة إلى استراتيجية شاملة تحقق بها تغيراً جوهرياً فى وضعية الحقوق والحريات ولتكن عناصرها كالآتى: - خلق آليات لحماية حقوق الإنسان مثل لجنة وطنية للحماية من التعذيب مثلاً، وتفعيل بعض المؤسسات القائمة مثل مكتب النائب العام لحقوق الإنسان، قطاع حقوق الإنسان فى وزارة الداخلية، والتنسيق بين هذه المؤسسات، ما يؤدى إلى الرد الفورى على أى انتهاكات، وتقديم بيانات صحيحة عن الواقع ومن واقع البيانات الرسمية. - خلق آلية حكومية للنظر فى توصيات المجلس القومى لحقوق الإنسان للعمل على تنفيذها بما يحقق معالجة الانتهاكات أولاً بأول ونشر هذه الإجراءات للرأى العام الدولى والمحلى. - عمل أجندة تشريعية تتعلق بتحسين حقوق الإنسان وهى على سبيل الحصر: 1- تعديل قانون العقوبات فيما يخص مادتى التعذيب وهما المادتان 126 - 129 منه لتتفق مع اتفاقية مكافحة التعذيب. 2- تعديل قانون العقوبات المادة 98 الخاصة بجريمة ازدراء الأديان والإفراج عن كل من حبُس بموجب هذه المادة. 3- تعديل قانون التظاهر وفقاً لملاحظات المجلس القومى لحقوق الإنسان والإفراج عن السجناء المحبوسين بموجب هذا القانون. 4- وضع خطة لتطبيق التوصيات الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان الخاصة بالمراجعة الدورية الشاملة عبر تعاون المجلس القومى لحقوق الإنسان ووزارة العدالة الانتقالية والمنظمات الحقوقية المصرية. 5- العمل على إصدار قانون العدالة الانتقالية. - تطوير العلاقة بين الدولة والمجتمع المدنى المصرى والعربى والدولى وذلك بتعديل قانون الجمعيات الأهلية. وهنا أقترح عقد لقاء مع المنظمات الدولية ودعوة ممثليها للمناقشة حول العلاقة بين مصر والمنظمات الدولية غير الحكومية تقوم على أساس التعاون البناء، الذى يمكّن المنظمات من العمل بحرية وأيضاً الاتصال بالجهات الحكومية لطلب معلومات بشأن الانتهاكات لتضمين رد الحكومة تقارير المنظمات لما يتفق مع معايير مهنية إعداد التقارير فى المنظمات غير الحكومية. - ضرورة العمل على توفير التمويل للمنظمات غير الحكومية المصرية لتعزيز عملها وتفاعلها داخلياً مع مؤسسات الدولة المصرية (قطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية - مكتب حقوق الإنسان بالنيابة العامة - إدارة حقوق الإنسان فى وزارة الخارجية - المجلس القومى لحقوق الإنسان).