سبحان من يغير ولا يتغير.. ظل الإخوان سنين طويلة يلعبون دور «الفوطة» فى حياة الأنظمة السياسية التى تعاقبت عليهم وتعاقبوا عليها، لا تعدو وظيفتهم فى حياة أى حاكم سوى استخدامهم كأداة لمسح اليدين، ثم الإلقاء بهم فى أقرب سلة مهملات. هكذا فعل الملك فاروق مع حسن البنا، وكذلك جمال عبدالناصر مع حسن الهضيبى، وأنور السادات مع عمر التلمسانى، والمخلوع مع من ولى أمر الإخوان بعد «التلمسانى» رحمه الله. ومن طول فترة القيام بدور «الفوطة» تمكنت الجماعة من تكوين خبرات ضخمة ومتنوعة ساعدتهم بعد الثورة على تحويل غيرهم -ويا للعجب- إلى مجموعة من «الفوط»، ليتبوأوا «المنشر» التاريخى الذى دأبت الجماعة على احتلاله: (منشر الفوطة). فعل الإخوان ذلك -أول ما فعلوه- مع المجلس العسكرى، إذ كانوا قد تعلموا من درس 1954، حين لعب الإخوان دور «الفوطة» للعسكر، ففازوا فى مواجهة 2012، ولا يستطيع أحد أن يجزم، هل يعود ذلك إلى كفاءة الجماعة فى إدارة الصراع مع الجيش بعد خلع «مبارك»، أم أن المسألة ارتبطت بزهد القيادات العسكرية فى الدخول فى معمعة صراع سيكون الشعب هو الخاسر الأكبر فيه، فتراضوا على ترك السلطة للإخوان بعد 60 عاماً من التربع عليها. بعد ذلك أخذت «فوط» الإخوان تتعدد، كان أبرزها مجموعة «الفوط» المنتمية إلى التيار السلفى والتى تحالفت مع الإخوان فى معمعة انتخابات الشعب والشورى، يضاف إلى ذلك مجموعة «فوط» النخبة المصرية التى «فسحتها» الجماعة فى التشكيل الأول والثانى للجمعية التأسيسية لصياغة الدستور وحدوتة «التحالف الوطنى»، ثم ظهرت على الساحة «فوط» القوى الثورية التى ضحكت عليها الجماعة ودفعتها إلى دعم مرشحها للرئاسة «محمد مرسى» ضد المرشح الفلولى «أحمد شفيق»، وكان هناك «فوط» حزب الوسط، التى تم تتويج بعضها بتاج الوزارة، وبعضها بعضوية الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، أضف إلى ذلك العديد من الرموز السياسية والقضائية والإعلامية. وقد كان المشهد مثيراً خلال الأسابيع الأخيرة، حين تفاعلت العديد من الأحداث، التى أثبت الإخوان فيها نظرتهم «الفوطوية» لكل من تعاون معهم، وأنهم لا يعدون فى نظر الجماعة أكثر من «فوطة» لجعل وجه الجماعة أكثر بياضاً. فما كان من «الفوط» إلا أن بدأت فى القفز من فوق «سفرة» الجماعة «فوطة» وراء «فوطة»، وأخذت الاستقالات تتدفق من هنا وهناك، بدءاً من الجهاز الاستشارى للرئيس، مروراً بمسئولين كبار، فى جهاز الدولة، بل بدأت العديد من التيارات تفض يدها من الجماعة. فريق واحد لم يفلح الإخوان فى فرض هذا الدور عليه، هو فريق الفلول، وهو للأسف الشديد المرشح الوحيد لإعادة الجماعة إلى دورها التقليدى فى الحياة «الفوطوية».. لكل حوت صياد!