فى رحابة الصحراء وعمق البحر، وسحر الليل ووضوح النهار، تلك هى اللغة العربية.. لغة متفردة لا مثيل لها فى دقتها وجمالها. يكفى أن نعرف أصدقائى، أن مجرد كَسرة تستطيع أن تُغير تماماً معنى كلمة من كلمات اللغة العربية، فمثلاً كلمة (أكْفاء) بتسكين الكاف، هى جمع تكسير لكلمة (كُفء)، وهو ذو الخبرة والقوى القادر على إنجاز ما يُكلف به، إما كلمة (أكِفّاء) بكسر الكاف وتشديد الفاء، هى جمع كلمة كفيف، وهو الشخص الفاقد للبصر. وكلما تعمّقنا فى دراسة ومعايشة اللغات الأخرى، كلما ارتبطنا أكثر بلغتنا العربية الثرية التى تنطلق حروفها كجواد عربى أصيل لتشكل أروع التشبيهات وأدق الصفات ببراعة مدهشة، الكثير يعتقد خطأً أن اللغة العربية صعبة، تستعصى على الفهم، لكنه لو اقترب منها لاكتشف أنها فى غاية الجمال والرقة، فما من لغة برعت فى الوصف مثلها، أصوات الحيوانات مثلاً لها أكثر من اسم يُعبر عن الصوت فى المواقف المختلفة، فمثلاً كلنا نعرف أن صوت الحصان هو الصهيل، وأيضا الضبح، وهو صوت الحصان عند الجرى، وقد جاء ذكره فى القرآن الكريم فى سورة «العاديات»، أما الحمحمة، فهى صوت الحصان إذا رأى صاحبه وشعر بألفة لرؤيته.. أرأيتم أصدقائى كم هى جميلة ودقيقة ورائعة لغتنا العربية، لذلك فى الثامن عشر من شهر ديسمبر من كل عام، تحتفل منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو) باليوم العالمى للغة العربية، اللغة الفريدة التى تدعونا حروفها إلى الاهتمام بها، فهى وسيلتنا للتعبير عن مشاعرنا وأحلامنا، وكلما تعمّقنا فيها وصلنا إلى العالمية، واليوم نتذكر معاً قصة أول معلمة عشقت اللغة العربية وأصرت على تدريسها، أنها الرائدة نبوية موسى..