رغم العلاقة الوطيدة التى تربط الأدب بالسينما، فإن الأخيرة هجرت الأعمال الأدبية لفترات طويلة، باستثناء بعض الأعمال التى نراها من آن إلى آخر، ولكن الفترة الماضية شهدت عودة العلاقة بين الأدب والسينما بشكل أكثر وضوحاً من خلال تجارب متعددة ظهرت على الساحة لكنها اهتمت بتوظيف الروايات الأكثر مبيعاً، لضمان نجاح الفيلم، الذى يستثمر تعلق الجمهور الأصلى للرواية بالعمل، ليصبح الأدب واحداً من أهم المصادر التى تضخ دماءً جديدة على الساحة الفنية، وتضمن تحقيق جزء من الإيرادات. ويأتى ذلك على خلفية النجاح الذى حققه الكاتب أحمد مراد، بالتعاون مع المخرج مروان حامد، فى كتابة سيناريو فيلم «الفيل الأزرق»، المأخوذ عن رواية بنفس الاسم للكاتب لتبدأ بعده التوليفات المختلفة فى الظهور، مع إعلان المخرج هادى الباجورى، عن عمله على فيلم «هيبتا.. المحاضرة الأخيرة»، المأخوذ عن رواية تحمل نفس الاسم، للكاتب محمد صادق، بالإضافة إلى الحديث حول تحويل رواية «تراب الماس» للكاتب أحمد مراد إلى عمل سينمائى، تعرض لبعض المعوقات فى الفترة الأخيرة، لخلافات بين المؤلف والشركة المنتجة على حقوق الاستغلال، بجانب فيلم «الثمن»، للمخرج هشام عيسوى، المأخوذ عن رواية «ديما» للكاتبة أمل عفيفى، إضافة إلى فيلم «مولانا»، المأخوذ عن رواية بنفس الاسم للكاتب الصحفى إبراهيم عيسى، والتى تشهد عودة المخرج مجدى أحمد على، للسينما، وهناك أعمال جديدة فى الطريق، من بينها تحضيرات المخرج رؤوف عبدالعزيز لبدء مشروع سينمائى يعتمد على تحويل رواية «المرحوم»، للكاتب حسن كمال، إلى فيلم سينمائى. كما كشف المنتج هانى أسامة، مدير عام الشركة، عن حصول «The Producers» على حقوق الاقتباس الفنى لرواية «دراغونوف.. الوغد المجهول» للكاتب إبراهيم المحلاوى تمهيداً لتحويلها إلى عمل سينمائى قريباً. وعن هذه الخطوة يقول «أسامة»: «دراغونوف» رواية مميزة ومثيرة وقريبة من الأحداث التى مرت بها مصر وهو ما شجعنا على تحويلها إلى عمل سينمائى، بالإضافة إلى أن رد فعل الجمهور على تحويل رواية «هيبتا» إلى فيلم كان رائعاً للغاية، وهو ما جعلنا متحمسين لتكرار التجربة، وحالياً نحن فى مرحلة كتابة السيناريو والإعداد. ويرى الناقد محمود عبدالشكور، أن العلاقة بين السينما والأدب لها جذور قوية، بدأت مع فيلم «زينب» للمخرج محمد كريم، المأخوذ عن رواية الكاتب محمد حسين هيكل، مؤكداً على أن لجوء صناعة السينما للروايات الأدبية، لا يعد دليلاً على إفلاس كتاب السيناريو، أو ضعف البنية والمعالجات الدرامية. وقال: مرت السينما المصرية بفترة انقطاع طويلة عن الأدب، قد ترجع إلى أزمة الإنتاج فى تحمل نفقات شراء الرواية وتحويلها إلى عمل سينمائى، ولكن مع تقديم فيلم «عمارة يعقوبيان»، تشجع صناع السينما لتقديم المعالجات الأدبية، وبدأت محاولات فردية على استحياء. وأضاف «عبدالشكور»، ل«الوطن»: بدأ صناع السينما البحث عن موضوعات جديدة فى الروايات ضمن قوائم الكتب الأكثر مبيعاً، لضمان العنصر التجارى، ولكن قيمة الرواية وحدها لا تكفى لتقديم عمل جيد، فلا بد من تقديم معادل سينمائى جذاب لها، خاصة أن «الاستسهال» فى الاعتماد على رواية جيدة، وتقديمها بالشكل نفسه بمثابة كارثة مروعة، فالسينما تعتمد على قيمة السيناريو، لذلك لا بد من وجود سيناريو جيد ومتقن الصنع، حتى لو تطلب إجراء تغييرات فى أحداث الرواية. وأشار المنتج آسر أبوالسعود إلى أن اختيار رواية «المرحوم» لإعادة إنتاجها فى عمل سينمائى يعتمد على عدة عناصر، أهمها النجاح الذى حققته الرواية على المستوى الجماهيرى، والأمر نفسه أكد عليه المنتج هانى أسامة، مشيراً إلى أن اختيار رواية «هيبتا» لتحويلها إلى عمل سينمائى، كان صعباً بسبب نجاحها الجماهيرى، مما يتطلب تقديم عمل سينمائى يتناسب مع مستوى نجاح النسخة الأدبية للعمل.
