أكد خبراء فى المنظومة الطبية رفضهم المطلق لمقترح وزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين، أمس الأول، حول طرح مستشفيات التكامل الصحى على القطاع الخاص، موضحين أن تنفيذه تأكيد لنوايا الحكومة فى خصخصة القطاع الصحى، كما يناقض قانون «التأمين الصحى الشامل»، ووصفوا المقترح بأنه كارثة على المنظومة الصحية. وقال الدكتور محمد حسن خليل، منسق لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة، إن هذا المقترح «متاجرة فى الخسارة»، مشيراً إلى أن قانون «التأمين الصحى الاجتماعى الشامل» به بنود تشمل أن تخضع الأصول الطبية الحكومية وبعض الخاصة لتقديم الخدمة للمواطنين، وفى حالة إعطاء الحق للقطاع الخاص لإدارة الأصول الحكومية واستغلالها ستعود الدولة لشراء الخدمة منه محملة بربح ليس ببسيط فهذه كارثة. أطباء: مقترح وزير الصحة يعارض قانون «التأمين الصحى الشامل» ويحول العلاج إلى «سلعة» ومتاجرة بصحة الفقراء وأوضح «خليل» ل«الوطن»، أنه على الوزارة بدلاً من بيع الأصول للقطاع الخاص أن تعيد استغلالها وتطويرها لخدمة الفقراء بتلك المناطق التى تقع بها، مشيراً إلى أنها منحت هيئة «التأمين الصحى» حق استغلال 23 مستشفى فقط، متسائلاً عن السبب فى عدم منح المستشفيات ال512 بأكملها للهيئة وعدم بيعها للقطاع الخاص، كما أن نصف الشعب الذى يُعد تحت خط الفقر طبقاً للإحصائيات كيف سيحصل على الخدمة الطبية بعد خصخصتها، مبدياً اعتراضه على تنفيذه، وأنه يؤكد مخاوف خبراء الطب من أحد البنود بقانون التأمين الصحى الاجتماعى الشامل التى تفتح الباب لخصخصة المنظومة الصحية، فضلاً عن مشاركة القطاع الخاص فى ملكية ومشاركة أصول الصحة. وأكد منسق اللجنة أن مقترح تنفيذ خطة الدولة عن الخصخصة فى كافة قطاعات الدولة طبقاً للقانون 67 لعام 2010 الذى اعتمده الرئيس الأسبق حسنى مبارك ورئيس وزرائه أحمد نظيف اللائحة التنفيذية له قبل ثورة يناير بيومين، والمعروف بقانون مشاركة القطاع الخاص فى تقديم الخدمات، بحجة أن الدولة «ما عندهاش فلوس». ورفض الدكتور علاء غنام، خبير السياسات الصحية، مقترح بيع مستشفيات التكامل للقطاع الخاص، مؤكداً أن ذلك يعد خطراً جسيماً على المنظومة الصحية، مشيراً إلى أنه من الأفضل دراسة احتياجاتها وتحويلها لمستشفيات مركزية، خاصة أنها كامنة بمناطق فقيرة ولا يجد قاطنوها مستشفيات للعلاج. وأكد «غنام» فى تصريحات ل«الوطن»، أن ذلك المقترح يُعد مخالفة صريحة لقانون التأمين، الذى توصى بنوده بضم كافة منشآت وزارة الصحة تحت هيئة واحدة تعمل على تقديم الخدمة فقط ومنفصلة تماماً عن شراء الخدمة الطبية. «خليل»: تنفيذاً لقانون «مبارك» بخصخصة قطاعات الدولة.. و«الفقراء هيضيعوا».. وعلى الوزارة إعادة استغلال الأصول الحكومية ووصف الدكتور محمد عزالعرب، رئيس وحدة الأورام بوحدة الكبد، الاقتراح بأنه «سيئ»، وينقص من خدمة المنظومة الصحية، فدور الوزارة تقديم خدمة صحية متكاملة للمواطن، خاصة شريحة الفقراء، التى أنشئت هذه المستشفيات من أجلها، ولا يمكن المتاجرة بصحة المواطن. وأضاف «عزالعرب» أن الوضع الحالى للمنظومة الصحية يحتاج إلى زيادة فى ميزانية الوزارة، التى يمكن من خلالها تحسين الخدمة الصحية والمستشفيات المتهالكة، وهذا لا يعنى إدخال القطاع الخاص، منوهاً بأن جميع هذه المستشفيات تقع فى أماكن نائية وريفية يصعب فيها تقديم خدمات طبية ذات تكلفة مالية، فإذا كان هناك افتقار للرؤية فعليها الاستعانة بشركة متخصصة تساعدها على وضع رؤية شاملة لتشغيل هذه المستشفيات وتكون تابعة لها. وقال الدكتور أحمد زهران، الأستاذ المساعد بطب عين شمس، إن اتجاه وزارة الصحة نحو «الخصخصة» ليس أمراً جديداً، وكان هذا مرفوضاً بالنسبة للأطباء فى اجتماعات النقابة الماضية، فى عدم السماح بخصخصة العلاج المقدم للمريض، فدور الوزارة هو تقديم خدمة علاجية للمرضى، وتوفير تأمين صحى شامل لكل مواطن. وأضاف «زهران»، أن المستشفيات الخاصة تعمل على تقديم خدمات علاجية أفضل، لكن للقادرين على دفع تلك المبالغ مقابل استقبال هذه الخدمة، وهو ما يصعب تطبيقه على هذه الفئة من المستشفيات التى تخدم شريحة كبيرة من المجتمع، لا تمتلك حق العلاج، فتصحيح المنظومة لا يأتى إلا عن طريق زيادة ميزانية الصحة، وإعادة هيكلة هذه المستشفيات بما يمكن أن يخدم القطاع العريض من المواطنين، قائلاً: «للأسف لا يمكن ضمان وصول الميزانية إلى مكانها الموجهة له، ولكن أنا مع تأمين صحى شامل لكل الناس تكفله الدولة». «غنام»: من الأفضل تحويلها ل«مركزية» لخدمة سكان هذه المناطق.. و«عزالعرب»: مرفوض.. ولا يخدم «المنظومة» وقال محمود فؤاد، رئيس مركز الحق فى الدواء، إن كافة هذه المقترحات، الغرض الأساسى منها هو «تقسيم العلاج إلى سلعة، يقدم عليها من يقوى على شرائها»، فوزارة الصحة تريد إعطاء المريض العلاج مقابل دفع الأموال، وهذه المستشفيات، هى التى تخدم القطاع العريض من المجتمع. وقال أحد الأطباء، رفض ذكر اسمه، إن المقترح يعد «لعبة سياسية» من قِبل وزير الصحة، موضحاً أن الهدف من إنشاء تلك المستشفيات كان لتخفيف الضغط عن المستشفيات العامة، وتقديم خدمة جيدة للمرضى غير القادرين، موضحاً أن جميعها تقع فى أماكن ريفية، قائلاً: «قطاع خاص مين اللى هيروح يستثمر فى مستشفيات داخل مناطق نائية؟». وأوضح أن الوزارة إذا أرادت ضخ أموال القطاع الخاص داخل المنظومة الصحية، فمن الممكن أن تضعها داخل المؤسسات العلاجية، التى أنشئت لغرض العلاج بمقابل مادى، والتى لم تقدم حتى الآن هذه الخدمة بصورة مناسبة للمرضى، قائلاً: «مش من حق الوزارة المساس بحق المواطنين غير القادرين فى العلاج». وقال مصدر مسئول بوزارة الصحة، ل«الوطن»، إن الوزارة ما زالت تدرس بدائل استغلال مستشفيات التكامل الصحى على مستوى الجمهورية، والبالغ عددها 512 مستشفى، مشيراً إلى أن المقترح تتم دراسته بناء على أن المستشفيات «مغلقة»، ولا تملك الوزارة العمالة أو تكلفة تطويرها وتجهيزها، موضحاً أنه سيتم طرح الأبنية المغلقة فقط لتعظيم الاستفادة منها، وفى ذات الوقت تقديم خدمة طبية لقاطنى تلك المناطق. وأضاف المصدر، ل«الوطن»، أن طرح مستشفيات التكامل للقطاع الخاص مقترح من عدة بدائل تجرى دراستها بسبب العجز فى الموارد البشرية ونقص التمويل اللازم لتجهيزها، وتابع: «المقترحات خاصة بالمستشفيات المغلقة فقط»، منوهاً بأن هناك 3 بدائل تتمثل فى تولى الوزارة مسئولية تشغيلها أو الطرح على القطاع الخاص لاستغلالها مع وضع الضوابط الخاصة لمراعاة المواطنين من البسطاء، أو إنشاء شركة متخصصة لإدارتها وتشغيلها».