حذّر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، من الإرهاب العابر للقارات، مؤكدًا أن ترك هذا الإرهاب ينمو ويقوى، فالنتيجة الحتمية هي عودة البشرية كلها إلى حالة من الهمجية والفوضى. وأضاف شيخ الأزهر، خلال كلمته، في جامعة "مونستر" بعنوان السلام والإسلام في مؤتمر "مقومات السلام في الأديان"، أن الحروب الجديدة لا يتوجه الصراع المسلح فيها إلى عدو خارجي، بل إلى أبناء الوطن الواحد بعد أن تمهد الأرض وتفرش ببؤر التوتر المذهبي والطائفي. وتابع شيخ الأزهر، المُسْتَفيدُون مِن الحُرُوب قَد بَرعُوا في اسْتِغْلَال الدِّين كَوَقُود يَضْمَن اشْتِعَال الحَرب، واسْتِمْرَار الخَرَاب والدَّمَار، مشيرًا إلى أن التَّخَلُّص مِنَ الأنظِمَة الدِّيكتَاتُوريَّة لَا َيتطَلَّب قَصْف الشُّعُوب الآمِنَة بالطَّائِرات، وهَدْمَ البُيُوتِ عَلَى رُؤوسهم. وأشار إلى أن الأديَانُ والمَذَاهِبُ، لَيْسَت وَلِيدَة اليَوم، وَقَد عَاشَت في سَلَام تَحْت ظِلَال الحَضَارة الإِسْلَامِيَّة لَمْ تُرزأ في مُعتَقداتها وَلَا مُقدَّرَاتها. وقال الطيب، بحثت بَين قارَّات العالم عَن مَنْطِقَة أَسْمَع فيها قَعْقَعة السِّلَاح أو أرَى شَلَّالَات الدِّمَاء فَلَمْ أَجِد مَسْرَحًا لِهَذِه المَآسِي غَيْرَ الحِزَام العَربيِّ والإسْلَاميِّ، داعيًا مُؤَسَّسَة الأُمَم المُتَّحِدَة الَّتِي أُنْشِئَت مِنْ أَجْلِ حِفْظِ الأَمْن والسَّلَام الدَّولِيَين، إلى أنْ تسْهم في احتِواء مُشْكِلَات الشَّرق الأَوسَط وتُحَاصِر نِيرَانه، مؤكدًا أن ذلك بإمكانها. وأكد الطيب، أن الإِسْلَام – أَو الأديَان – لَا يُمْكِن بِحَالٍ مِنْ الأَحْوَال أَنْ يكُون مِنْ ورَاء هَذا الجَحِيم، الَّذي انْدَلَع وفَقَدَ السَّيْطَرة عَلَيْه، مشددًا على ضرورة البحث عَنْ أسْبَاب غِيَاب السَّلَام في سُلُوك الحضَارات الكُبْرَى المُعَاصِرة، الَّتِي لَا تَجِد بأسًا في اخْتِراع عَدو مَوهُوم تُدِير عَلَيْه رَحَى الحَرب، وتُصَدِّر لَه الصِّرَاع بَعِيدًا عن أراضيها.