لم أتصور يوماً أن يكون هناك «حازمون» داخل جريدة الأهرام العريقة، لم أتخيل، ولو فى الأحلام، أن يُنشر على صفحات تلك المؤسسة العملاقة ترويج ومدح لمن يروّع المصريين باسم الدين، الأهرام التى كانت تضم فى طابقها السادس رواد التنوير وعمالقة الفكر من أمثال توفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويوسف إدريس وزكى نجيب محمود ولويس عوض والشرقاوى تخرج أمس وعلى صفحاتها من يقول إن اعتصام حازم أبوإسماعيل أمام مدينة الإنتاج فتح من الله!! تعالوا نقرأ ما كتبه الصحفى المحترم إسماعيل الفخرانى، المشرف على صفحة إسلاميات فى أهرام أمس، تحت عنوان لك الله يا مصر، يقول الأستاذ الفخرانى: «فضيلة الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل أؤكد أن اعتصامه وأتباعه أمام مدينة الإنتاج الإعلامى كان فتحاً من الله لإنقاذ مصر، وأقول فتحاً من الله لأن مخطط اقتحام قصر الاتحادية كان قد أوشك على التنفيذ ومن ثم الإعلان عن سقوط النظام وتشكيل مجلس رئاسى.. إنهم يحلمون! لم يوقظهم من حلمهم إلا فتح الله على الشيخ بهذه الفكرة التى أجهضت مخططاتهم وبكل سلمية وحضارة لم تُرق قطرة دم، لم نسمع عن لفظة نابية، لم تتعرض أى مذيعة أو مذيع لأى أذى»!!، ويضيف الفخرانى لا فُض فوه: «هذا الرجل بهذا المسلك الحضارى لم يسلم من مخطط إقحامه فى إحراق مقر حزب الوفد، وقد أعلنت الداخلية براءته من ذلك، والعجيب وما يؤكد المؤامرة أن قنوات بعينها كانت قد سبقت إلى المقر للتصوير والتمهيد والتشهير، ولكن هيهات.. هيهات فإن الله مطلع ومحبط كيد الكائدين». إلى هذه الدرجة وصل الخيال وجنح، اعتصام مدينة الإنتاج فتح من الله يا أستاذ إسماعيل، وماذا عن ذبح العجل والجمل والخروف هل هى تقديم أضحيات أم قرابين؟ وأى مسلك حضارى يمدحه الفخرانى بك، وهل ما يقوله عن عدم التلفظ بألفاظ نابية حقيقة أم هزار؟ أعتقد أنه لا بد من إعادة تعريف اللفظ النابى لسيادتكم حتى تفسر لنا تلك الألفاظ الفجة والشتيمة القبيحة والسباب الفاجر البشع الذى تلفظ به هؤلاء الأتباع أمام مدينة الإنتاج! أى تصرف حضارى تتحدث عنه، ألم تسمع عن محاولة اغتيال المخرج خالد يوسف وسعد الدين إبراهيم وتحطيم السيارات؟ ألم تسمع وترَ كمائن التفتيش على البوابات؟ ألم تطلع على كم الترويع الذى حدث للإعلاميين داخل المدينة وتفتيش العربات عن إبراهيم عيسى ولميس وأديب والإبراشى للفتك بهم؟ لم تكن مدينة الإنتاج الإعلامى إلا ثكنة عسكرية من فرط التصرف الحضارى الذى أتحفنا به الشيخ حازم، وبالطبع وطبقاً لتحليلات المحلل الاستراتيجى الفخرانى بك استكمل أتباع الشيخ حازم غزواتهم الحضارية بتهديد جريدتى الوطن والتحرير، ثم اقتحام قسم الدقى، ثم زيارة الإسكندرية الجمعة الماضى كجزء لا يتجزأ من الفتوحات الإلهية التى يُلهم بها الشيخ! والسؤال لسيادة الصحفى المحترم: هل الله يفتح على الناس بترويع البشر؟ هل الله يفتح على الناس الذين كذبوا فى جنسيات أمهاتهم طمعاً فى منصب زائل؟ هل الله يفتح على من استغل هذه القنوات التى حاصرها فى تنجيم نفسه وتلميع صورته ومدحها ومدح إعلامييها الذين أظهروه لمدة 59 ساعة فى العام الماضى ثم انقلب عليها وصار حلفاء الأمس أعداء اليوم وسحرة فرعون وكارهى الإسلام! لست حزيناً عليك فهذا رأيك وأنت حر، ولكننى حزين على الأهرام التى يمثل انهيارها جرحاً لا يندمل.