لم تدع أيا من سيدات منطقة أرض اللواء المتجهات إلى لجانهن الانتخابية، مشاكل البيت خلفهن، فالطبيخ، الدروس الخصوصية، المشاكل الاقتصادية، والبطالة المستشرية، موضوعات وجدت طريقها إلى طابور انتخابات مدرسة الكرامة الثانوية بنات، التي فتحت أبوابها للنساء فقط، فامتدت أمامها طابور طويل من السيدات اللائي انطلقن في حديث لم ينقطع حول ظروف الحياة التي لا ترحم. لمياء شومان، الباحثة بأحد المراكز البحثية الخاصة بالأسرة والطفل، وقفت تتأمل الحديث الدائر أمامها، تنوعت الدرجات التعليمية، وأساليب التعبير، لكن الهموم بقيت واحدة، وتقول "الناس واقفة همها سابقها، بيتكلموا عن الأكل والشرب والحياة اللي بقت صعبة، ورايا واحدة بتتكلم عن الدروس الخصوصية اللي قطمت ضهرها، وقدامي اللي بتفكر هاتخلص الانتخابات وتروح السوق تجيب أكل إيه، كلنا في الهم سواء". الباحثة التي ظنت أنها ستذهب إلى طابور الانتخابات وحدها في الصباح الباكر، فوجئت بأعداد ضخمة من السيدات حولها الأمر الذي دفعا لأن تقول "القرف اللي احنا فيه مامنعاش نيجي نقول رأينا، الوعي سابق الهم، والرغبة في التغيير سابقة المشاكل، كل مدى بنتغير، رغم الهموم الكتير، فرحانة إني مش واقفة لوحدي في الطابور". نبيلة محمد، الموظفة في جامعة القاهرة أخذت تحكي عن بدايات عملها في الجامعة معلنة بصوت عال "أنا اشتغلت بالكوسة يا جدعان، بالكوسة والله"، الأمر الذي أثار تعجب النساء من حولها، فلم تلبث أن أوضحت قائلة "البلد كلها ماشية بالكوسة، وظايف حكومية عشان الواحد يشتغل فيها لازم يدفع 10 آلاف جنيه، والوظايف في وزارة البترول، تمنها 25 ألف جنيه، كل وظيفة في بلدنا ولها تسعيرة، حتى وظيفتي في الجامعة دفعت فيها فلوس، وروحت بالكوسة، اللي أنا دلوقتي برفضها ومش عاوزاها". السيدة الأربعينية عقدت مقارنة بين مشاكل البيت ومشاكل البلد، قائلة "محدش هايتفق على حاجة مع التاني أبدا، كل واحد وله رأي، عندي في البيت لما جيت اشتري أنتريه اللي يعجب ابني ما يعجبش بنتي، واللي يعجبهم مايعجبنيش، واللي يعجبني يشوفوه دقة قديمة وبلدي، حتة أنتريه معرفناش نشتريه بسبب إن كل واحد وله رأي، اشحال بلد كاملة بيتعمل لها دستور من أول وجديد ونظام سياسي كامل، ضروري نختلف، إحنا مش منقسمين، إحنا مختلفين، ودا طبيعي وعادي". ليلى، جارة نبيلة، تصورت أن استيقاظها في الصباح الباكر سينقذها من الطوابير الطويلة، لكنها فوجئت بالصف الطويل الذي سبقها إلى اللجنة النسائية، تقول "افتكرت إحنا بس اللي صاحيين بدري والبرد مقعد الناس كمشانة في السرير، طلع الكل نزل وعارف في السياسة". لم تحاول أيا من السيدات في الطابور الانتخابي النقاش حول مصير التصويت في الانتخابات بنعم أو لا، وحين بادرت واحدة بالحديث حول الأمر سارعت نبيلة، لتقول بصوت عال "محدش يتكلم في نعم ولا، الناس بتبقى جاية ومقررة، محدش هايغير رأيه قدام اللجنة، ومش هنستفاد حاجة غير البلبلة والخناق، خلونا نرغي في المشاكل أحسن".