"عمر السجن ما غيّر فكرة، عمر القهر ما أخر بكرة، يسقط يسقط حكم العسكر"بهذه العبارات الموجزة عبّر محمد غريب الذي لم يتجاوز العشرين عاماً الطالب بالفرقة الثانية بكلية الهندسة بأكاديمية الشروق، والمتهم بعدة اتهامات منها حيازة متفجرات، واستعراض القوة على القوات المسلحة، وقطع الطريق العام، والتعدي على الجيش،وغيرها من الإتهامات التي وجهت للعشرات من الناشطين السياسين الذين أعلنوا تضامنهم مع "معتصمي العباسية" وتم القبض عليهم وحرمانهم من أداء الامتحانات مطلع الأسبوع القادم. وفي إطار هذه الأحداث المتصاعدة اتفق كثير من النشطاءعلي تنظيم حملة للتدوين يوم الخميس القادم على مواقع التواصل الإجتماعى "فيس بوك ،تويتر" ونشر الفيديوهات على اليوتيوب، لشرح القضية و التنديد بالمحاكمات العسكرية للمدنيين، و نشر القضية علي الرأي العام. كما تمت الدعوة لمظاهرة إلكترونية واسعة عبر الصفحة الرسمية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة للإفراج الفوري عن معتقلي السويس، وعن الناشط محمد غريب الذي طالب في رسالة قصيرة بعث بها من داخل أروقة السجن قائلاً، "ياريت ما تتكلموش فى الهوا زى كل مرة ..أنتم على الأسفلت في الشارع و احنا محبوسين .. اتحدوا مع بعض واعملوا حاجة بجد". يروي محمد حمدي عيسي قائد مسيرة الزحف الثوري من السويس لميدان التحرير،"قبل مليونية 20 أبريل الماضي وعند اقتراب المسيرة الشبابية من مبنى محافظة بورسعيد، بدأت الشرطة العسكرية في إلقاء القبض علينا دون حدوث أية اشتباكات بيننا وبينهم، ولأن المسيرة كان عددها قليل وكانت سلمية، فقد فرعدد كبير من الشباب بينما ألقي القبض على 8 شباب و ضربهم وتعذيبهم، وقامت الشرطة العسكرية بصلب الناشط محمد غريب على مدرعة ليكون عبرة للباقين". ويستنكر أحمد حمدي الطالب بالفرقة الرابعة بكلية الهندسة بأكاديمية الشروق، والمتهم بالتعدي علي قوات الجيش الطريقة التي تناول بها الإعلام قضية العباسية ومحاولات اقتحام وزارة الدفاع، قائلاً في رسالة مقتضبة بعث بها حمدي من داخل الحبس، "من أين ابدأ وقد بدت المشاهد جميعها مشوهة أمام عيني،من أين أبدأ و سلاح الإعلام يلعب من الخلف فيشوه الحقيقة و يقلبها رأساً علي عقب، من أين أبدأ و السجن يمتلئ بالمعتقلين والمسجونين ظلما وعدوانا". ويستطرد قائلاً "من أين ابدأ وأصدقائي منهم المضروب والمسحول ومنهم المعتقل والمصاب، من أين ابدأ وأنا أري تأثير الإعلام علي المواطنين فيهنئون الجيش علي إجرامه، ويهنئون القاتل والظالم ويتركون دم المظلوم والمقتول والمذبوح والمسجون، من أين أبدأ و أنا استرجع مشاهد جيشنا الباسل الذي تربينا علي أمجاده وأخلاقه وتفانيه وبطولاته وهو يقتل ويضرب ويعتقل في الشعب الذي أقسم علي حمايته" "يسقط يسقط حكم العسكر، احنا الطلبة الخط الأحمر" هذا أخر ما قاله خالد سالم العضو في الحزب الإشتراكي المصري وتكتل شباب السويس، أحد الشباب الذين شاركوا في مسيرة على الأقدام من السويس للتحرير والمعروفة ب "الزحف الثوري" أما حكايته فيرويها والده سالم إبراهيم فيقول، "يوم الجمعة التي شهدت الصدام بين الجيش والمتظاهرين سمع ولدي عن وقوع اشتباكات بين المعتصمين وقوات الشرطة العسكرية في محيط وزارة الدفاع، الأمر الذي دفعه ومجموعة من زملاءه إلي الخروج في مسيرة سلمية للتضامن مع معتصمي العباسية للتنديد بالأداء السيئ للشرطة والجيش في تأمين المواطن والمطالبة بإسقاط حكم العسكر الذي حدثت في عهده مذابح تفوق ما حدث في ايام ثورة 25 ينايرال18، ولكن تم القبض علي خالد و7 شباب آخرين يوم 4 مايو من أمام مبنى محافظة السويس من قبل الشرطة العسكرية أثناء تنظيم وقفة للتنديد بأحداث العباسية، وتم حبس الشباب 15 يوماً على ذمة التحقيق". وأضاف سالم إبراهيم، " أنتظر الآن الرد السريع من قبل المشير حسين طنطاوي بالإفراج الفوري عن نجلي وأقرانه الذين أمامهم إمتحانات نهاية العام بعد أسبوع وسيؤدي حبسهم لضياع مستقبلهم، خاصةً بعد تلفيق تهم لم تحدث، مثل التعدي على القوات المسلحة، وقطع الطريق العام، باستثناء الناشط محمد غريب الذي تم اتهامه بحيازة متفجرات واستعراض القوي على افراد القوات المسلحة والتعدي عليها، والتجمع والتجمهر في الطريق العام، وتعطيل المواصلات العامة". ويتسائل سالم في نهاية حديثه،"ماذا يريد المجلس العسكري من مجموعة طلبة خرجوا في مظاهرة سلمية للتضامن مع إخوانهم في القاهرة؟ هل يريد تصفية الثورة ؟ هل يريد تلفيق الأحداث الأخيرة لذوينا ؟ لا أعلم ماذا يفكر من خطط لتلك المذبحة؟ وهل يريد تخويف الثوار من استكمال ثورتهم؟" ويروي مطاوع فتحي مأساة إبنه فيقول، "نزل نجلي مع شباب من جميع التيارات الإشتراكية والشيوعية والسلفية و بعض من أهالي المنطقة للتنديد بالهجوم الغاشم بالمولوتوف، والرصاص الحي، والآلي، والخرطوش، من البلطجية علي متظاهري العباسية، وهو الأمر الذي تسبب في وفاة عدد كبير من المتظاهرين مما دفع العديد من شباب الثورة بالسويس للخروج إلي الشوارع والميادين وتحديدا أمام ديوان عام محافظة السويس لتوصيل صرخة شباب المدينة إلي المجلس العسكري، فجاء الرد عليهم بالضرب والسحل والإعتقال، علي الرغم من سلميتهم الأمر الذي يصفه مطاوع بمحاولة تصفية شباب السويس الشرارة الأولي لثورة 25 يناير". ومن جهته انتقد عبدالرحمن سامي، المنسق العام لإئتلاف طلاب الثورة، موقف وزير التعليم العالي تجاه الطلبة المعتقلين واصفاً موقفه ب "بالمخزي"، فضلاً عن موقف حكومة الجنزوري "المتواطئة" وطريقة تعاملها في افتعال الأزمات علي نفس نهج نظام المخلوع الذي يمثل امتداداً لحكم العسكر الذي تعاني منه مصر علي مدي العقود الستة الماضية، مشيراً إلي أن الإئتلاف يقدم الدعم المعنوي لهؤلاء الطلاب بالتواجد المستمر معهم أثناء المحاكمات، وممارسة الضغوط علي المجلس العسكري للإفراج عنهم بشكل استثنائي، والسماح لهم بآداء الامتحانات. واختتم سامي حديثه بتلك الأبيات "لقد أسمعت إذ ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي، ناراً إذا نفخت فيها أضاءت ولكن أنت تنفخ في رماد" وفي المقابل تم رفض الإستئناف الذي تم تقديمه لإخراج الطلاب المعتقلين لحضور امتحاناتهم التي ستعقد الأسبوع القادم. وهو ما دفع أحمد دومة الناشط السياسي وعضو حركة كفاية إلي القول،"إن هؤلاء الشباب الثوريين هم من بعثوا النور والأمل فينا من جديد، هم الورد الذي فتح في الميادين الآن، هم في الزنازين ظلماً، يحاكمون محاكمة عسكرية ظالمة على تهم وهمية ملفقة، ومن ثم كان لزاما علينا أن نقدم لهم جزءاً ولو بسيطاً من حقوقهم علينا". أما إسلام مصدق، "عضو إئتلاف شباب السويس يقول،" سئمنا البيانات من مجلس "الصم"،سئمنا مخاطبة من لا يسمع أو ير أو يستجب، سئمنا مخاطبة قاتل الطلاب الأحرار والشيوخ، سئمنا مخاطبة من أيديهم ملوثة بالدماء، سئمنا مخاطبة من لا يراع حرمة المساجد و النساء،و يحتفلون بقتل الشرفاء،و يعملون يداً بيد مع البلطجية وقتلة الأبرياء". ويضيف مصدق قائلا "إننا اليوم نأمر ولا نطالب - بإسم كل من انتخبونا - بالإفراج الفوري عن جميع طلاب جامعتنا الحرة، والذين طالتهم إعتقالات المجلس العسكري خلال أحداث العباسية الأخيرة بينما تركت البلطجية وحاملي السلاح ، لن نطالب اليوم بحق من مات فلقد مات تحت سطوة حكم العسكر، وقصاصنا سيكون عندما تعود البلاد لأصحابها وبيننا وبينهم عدل القصاص ومداولة الأيام".