أودعت محكمة جنايات الجيزة برئاسة المستشار مصطفى سلامة وعضوية المستشارين سعد سيد ومحمود السيد المرلى وأمانة سر أيمن القاضى وسيد نجاح حيثيات حكمها بسجن أحمد نظيف رئيس وزراء مصر الأسبق ثلاث سنوات وتغريمه 4 مليون و586 ألف جنيه وإلزامه برد مبلغ مماثل بالتضامن مع ولديه شريف وخالد بقدر ما استفادا من كسب غير مشروع. وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها أنه بعد الاطلاع على أوراق القضية وأمر الإحالة وسماع مرافعة النيابة العامة والمدعين بالحق المدني والدفاع وما دار بجلسات المحاكمة فقد إطمأنت المحكمة إلى صحة ما جاء بالتحقيقات من حصول المتهم أحمد محمود محمد نظيف الذى شغل منصب رئيس وزراء مصر فى الفترة من عام 2004 وحتى عام 2011 على كسب غير مشروع وأنه استغل وظيفته كموظف عام بالدولة فى الخروج عن مقتضيات الوظيفة من النزاهة والبعد عن المنافع والثراء بلا سبب وحصل لزوجته المتوفاه قبل وفاتها على شقة سكنية فى أبراج سان ستيفانو بثمن بخس قدره 154 ألف جنيه بأقل من سعرها الذي يباع به بمقدار 69%، كما قبل لنفسه منافع مادية بسبب وظيفته تمثلت في صورة هدايا عينية من مؤسسة الأهرام بلغت قيمتها مليون و145 ألف جنيه. وأضافت المحكمة في حيثياتها أنه قد ثبت فى يقينها من خلال الإطلاع على صورة العقد المقدمة من رئيس الشئون القانونية لشركة طلعت مصطفى الخاص بالشقة ومقارنتها بعقود أخرى قدمها الخبراء المنتدبين لفحص موضوع الاتهامات حيث سدد نظيف ثمن شقة زوجته المتوفاة خلال وجوده فى منصبه بينما لم تسددها هي عندما كانت تعمل مدرسة رياض أطفال ولا يتجاوز إجمالي راتبها 201 ألف جنيه وتبين أنها باعت شقة كانت تمتلكها بمبلغ 450 ألف جنيه ثم ساهمت مع ولديها شريف وخالد فى شراء أرض بمشروع وادى النخيل عام 2005 وأقاموا عليها 3 فيلات وقدرت المحكمة من إجمالى راتب زوجة نظيف وما أنفقته على فيلات وادى النخيل أنه ليس بإمكانها أن تدفع إلا مقدم ثمن شقة سان استيفانو فقط بما يعنى أن المتهم نظيف قد تحمل سداد الأقساط من ماله وأنه كان على بينة من السعر الحقيقى والثمن المتفق عليه لأنه سيتحمل الجزء الأكبر منه وأنه لن يحصل على الشقة بسعر زهيد لتواضع وظيفة زوجته المتوفاه وأن نظيف قبل مجاملته فى السعر بأقل من السعر الذى يشترى به عامة الناس بنسبة 69%، دون تفسير لذلك سوى استمالته لمصالح الشركة فى ذلك الوقت مخالفا بذلك ما يقتضيه منصبه الخطر من الترفع عن المنافع المادية واستغلال منصبه فى قبول كسب بقيمة 3 مليون و440 ألف جنيه، يمثل فارق الثمن بين السعر الحقيقى والسعر الذى اشترى به، وأنه بذلك قد ترخص فى التعامل والمساومة مع الشركات أو ممثليها اعتمادا على سلطان وظيفته، فى حين أنه ينتظر من أمثاله أن يكونوا قدوة ومثلا أعلى لغيره من رجال الحكم والإدارة فى التزام الجدة والبعد عن المطامع فلا يقبل استمالة أو ترغيب من أحد. وأشارت المحكمة فى حيثياتها أنها بذلك تبينت توافر الركن المادي فى جريمة قبول الكسب غير المشروع، يقتضى مساومة وتفاوض يصاحبها نباسطات وترخص واستمالة تؤدى إلى الرضوخ، فى صورة سعى وطلب وقبول وغير ذلك من سلوك يؤدى إلى دخول المال ذمة موظف أو غيره على سبيل الكسب غير المشروع، وأنه من المعلوم أن المحكمة تبينت وقوع الجريمة بالأدلة المباشرة وغير المباشرة وبالقرائن والاستنتاجات الممكنة. واستبانت المحكمة من كشف الهدايا الذى قدمته مؤسسة الأهرام، أن نظيف تحصل على هدايا تتمثل فى ساعات يد رجالى وكرفتات وبرفانات وأزرار وأطقم ذهب حريمى وشمط حريمى وبرفانات حريمى وأقلام، بلغت قيمتها 251 ألف جنيه فى 2006، و250 ألف فى العام التالى و237 فى عام 2008، ثم 308 ألف جنيه فى العامين اللاحقين، بإجمالى مليون و145 ألف جنيه. واستعرضت المحكمة فى حيثيات حكمها أقوال شهود الإثبات يتقدمهم محمد التهامى رئيس القطاع القانونى بمجموعة طلعت مصطفى، بانه تم بيع الشقة لنظيف بخلاف المتبع بالرغم من أن شركة سان ستيفانوا يساهم فيها شركات عامة مثل شركة مصر للتأمين والبنك الأهلى المصري وشركة التأمين الأهلية، وكذلك أقوال أحمد السيد النجار عضو مجلس إدارة مؤسسة الأهرام فى الفترة من 2005 حتى عام2009 مؤكدا أن مجلس الادارة دأب على الموافقة سنويا باعطاء هدايا لكبار المسؤلين فى الدولة بحجة تسهيل أعمال المؤسسة، فى حين اتضح للمحكمة أن هذه الهدايا الغير مشروعة تصب فى منفعة رئيس مجلس الإدارة وتمديد فترة توليهم إدارة الصحف القومية، كما هو الحال بالنسبة إلى أحد الرؤساء الذى استمر 12 عام رئيسا لمجلس إدارة مؤسسة صحفية بعد تجاوزه سن التقاعد، كما تؤدى هذه الهدايا إلى تغاضى المسؤلين عن المخالفات التى تقع فى المؤسسة أو يرتكبها من يمثلوها، مثل عدم مراجعة الخلافات المالية المتمثلة فى مصاريفهم التى تؤخذ من رصيد المؤسسة بدون مستندات دالة على الصرف وأوجهه، وكان رئيس مجلس الإدارة ومدير مكتبه هما اللذان يتوليان شراء الهدايا وتوزيعها وكان التهم نظيف من بين من تلقوا هذه الهدايا. وردت المحكمة فى حيثياتها على دفوع محامى نظيف بانه لا وجه لإقامة الدعوى ضد موكله لزوال صفته كموظف عام وقت تحريك الدعوي ضده، وقالت المحكمة أن قانون الكسب ينص على إحالة ما يثبت وجود شبهات قوية ضد رئيس الوزراء بالتحصل على كسب غير مشروع الى مجلس الشعب، باعتبار أن رئيس مجلس الوزراء يرأس التنظيم السياسي، وأنه فى حالة زوال صفته فإن التحقيق والاحالة تنعقد لهيئة الفحص والتحقيق المختصة وتصبح الولاية فى القضية لمحكمة الجنايات باعتبارها صاحبة الولاية العامة، وقالت المحكمة أن دفوع المتهمين بعدم دستورية المادتين 2و18 من قانون الكسبأ غير جدية وأنها غير مجدية فى نفى الأتهامات الثابتة فى حق المتهم، كما قالت المحكمة أن المتهم ودفاعه طالبوا ببطلان أمر الإحالة دون سند ودليل يمكن المظر إليه. ورفضت المحكمة الدعاوى المدنية ضد نظيف لعدم ثبوت وقوع ضرر شخصى مباشر على المدعين بالحق المدنى وفق لنص القانون ولهذه الاسباب حكمت المحكمة حضوريا علي المتهم أحمد نظيف بالسجن ثلاث سنوات وتغريمه 4 مليون و586 ألف جنيه وإلزامه برد مبلغ مماثل بالتضامن مع ولديه شريف وخالد بقدر ما استفادا من كسب غير مشروع.