أصدرت محكمة جنايات الجيزة حيثيات حكمها على أحمد نظيف رئيس وزراء مصر الأسبق بالسجن ثلاث سنوات فى قضية الكسب غير المشروع، وتغريمه 4 ملايين و586 ألف جنيه وإلزامه برد مبلغ مساوى، بالتضامن مع ولديه من زوجته المتوفاة شريف وخالد بقدر ما استفادا من كسب غير مشروع. وقالت المحكمة أن وقائع القضية وفقا لما أمأنت إلى صحتها من التحقيقات وما دار بجلسات المحاكمة تمثلت فى حصول المتهم أحمد محمود محمد نظيف الذى شغل منصب رئيس وزراء مصر فى الفترة من عام 2004 وحتى عام 2011، قد استغل مكانته هذه فى الخروج عن مقتضيات الوظيفة العامة وما توجبه من النزاهة والبعد عن المنافع والثراء بلا سبب مشروع إعتمادا على سلطان الوظيفة العامة، فتحصل لزوجته المرحومة منى السيد قبل وفاتها على شقة سكنية فى ابراج سان ستيفانو بثمن بخس قدره 154 ألف جنيه بأقل من سعرها الذي يباع به للناس بمقدار 69%، كما قبل لنفسه فى الفترة من 2006 حتى عام 2011 منافع مادية عديدة على صورة هدايا عينية من مؤسسة الاهرام متمثلة فى ساعات يد ورابطة عنق وغيرها بلغت قيمتها مليون و145 ألف جنيه، ما كان ليتحصل عليها لولا وظيفته وسلطاته التى تخولها له تلك الوظيفة. وتحققت المحكمة من ثبوت تلك الوقائع من خلال مطالعة صورة العقد المقدمة من رئيس القطاع القانونى لشركة طلعت مصطفى للشقة ومقارنتها بغيره من عقود قدمها الخبراء المنتدبين لفحص موضوع الإتهامات، حيث سدد نظيف ثمن شقة زوجته المتوفاة خلال وجوده فى منصبه، بينما كانت جملة مرتبات زوجته مدرسة رياض الأطفال منذ عام 1986 وحتى عام 2006 تاريخ شراء الشقة لا تتجاوز 201 ألف جنيه، وثبت للمحكمة أنها باعت شقة كانت تمتلكها بمبلغ 450 ألف جنيه، ثم ساهمت مع ولديها شريف وخالد فى شراء أرض بمشروع وادى النخيل عام 2005 أقاموا عليها 3 فيلات، وقدرت المحكمة من إجمالى راتب زوجة نظيف وما أنفقته على فيلات وادى النخيل، أنه ليس بإمكانها أن تدفع إلا مقدم ثمن شقة سان استيفانو فقط، بما يعنى أن المتهم قد تحمل سداد الأقساط من ماله، وأنه كان على بينة من السعر الحقيقى والثمن المتفق عليه لأنه سيتحمل الجزء الأكبر منه، وأنه لن يحصل على الشقة بسعر زهيد لتواضع وظيفة زوجته مدرسة رياض الأطفال، وأن نظيف قبل مجاملته فى السعر بأقل من السعر الذى يشترى به عامة الناس بنسبة 69%، دون تفسير لذلك سوى استمالته لمصالح الشركة فى ذلك الوقت مخالفا بذلك ما يقتضيه منصبه الخطر من الترفع عن المنافع المادية واستغلال منصبه فى قبول كسب بقيمة 3 مليون و440 ألف جنيه، يمثل فارق الثمن بين السعر الحقيقى والسعر الذى اشترى به، وأنه بذلك قد ترخص فى التعامل والمساومة مع الشركات أو ممثليها اعتمادا على سلطان وظيفته، فى حين أنه ينتظر من أمثاله أن يكونوا فدوة ومثلا أعلى لغيره من رجال الحكم والإدارة فى التزام الجدة والبعد عن المطامع فلا يقبل استمالة أو ترغيب من أحد. وذكرت المحكمة فى حيثياتها أنها بذلك تبينت توافر الركن المادى فى جريمة قبول الكسب غير المشروع، يقتضى مساومة وتفاوض يصاحبها نباسطات وترخص واستمالة تؤدى إلى الرضوخ، فى صورة سعى وطلب وقبول وغير ذلك من سلوك يؤدى إلى دخول المال ذمة موظف أو غيره على سبيل الكسب غير المشروع، وأنه من المعلوم أن المحكمة تتبين وقوع الجريمة بالأدلة المباشرة وغير المباشرة وبالقرائن والاستنتاجات الممكنة. واستبانت المحكمة من كشف الهدايا الذى قدمته مؤسسة الأهرام، أن نظيف تحصل على هدايا تتمثل فى ساعات يد رجالى وكرفتات وبرفانات وأزرار وأطقم ذهب حريمى وشمط حريمى وبرفانات حريمى وأقلام، بلغت قيمتها 251 ألف جنيه فى 2006، و250 ألف فى العام التالى و237 فى عام 2008، ثم 308 ألف جنيه فى العامين اللاحقين، بإجمالى مليون و145 ألف جنيه. وأوضحت المحكمة فى حيثيات حكمها أقوال شهود الإثبات يتقدمهم محمد التهامى رئيس القطاع القانونى بمجموعة طلعت مصطفى، بانه تم بيع الشقة لنظيف بخلاف المتبع بالرغم من أن شركة سان ستيفانوا يساهم فيها شركات عامة مثل شركة مصر للتأمين والبنك الأهلى المصري وشركة التأمين الأهلية، وكذلك أقوال أحمد السيد النجار عضو مجلس إدارة مؤسسة الأهرام فى الفترة من 2005 حتى عام 2009 مؤكدا أن مجلس الادارة دأب على الموافقة سنويا باعطاء هدايا لكبار المسؤلين فى الدولة بحجة تسهيل أعمال المؤسسة، فى حين اتضح للمحكمة أن هذه الهدايا الغير مشروعة تصب فى منفعة رئيس مجلس الإدارة وتمديد فترة توليهم إدارة الصحف القومية، كما هو الحال بالنسبة إلى أحد الرؤساء الذى استمر 12 عام رئيسا لمجلس إدارة مؤسسة صحفية بعد تجاوزه سن التقاعد، كما تؤدى هذه الهدايا إلى تغاضى المسؤلين عن المخالفات التى تقع فى المؤسسة أو يرتكبها من يمثلوها، مثل عدم مراجعة الخلافات المالية المتمثلة فى مصاريفهم التى تؤخذ من رصيد المؤسسة بدون مستندات دالة على الصرف وأوجهه، وكان رئيس مجلس الإدارة ومدير مكتبه هما اللذان يتوليان شراء الهدايا وتوزيعها وكان التهم نظيف من بين من تلقوا هذه الهدايا.