بعدما ترددت أنباء قوية بشأن قيام مؤسسة الرئاسة بدراسة نقل تبعية جهاز الأمن الوطنى إليها بدلاً من تبعيته لوزارة الداخلية أسوة بجهاز المخابرات العامة لجمع المعلومات الخاصة بالحفاظ علي سلامة وأمن الدولة ضد كل من يهددون الأمن القومي من الجماعات والتنظيمات الإرهابية، تزايدت العديد من التساؤلات من قبل المسئولين الأمنيين ورجال القانون والحقوقيين والقوي السياسية حول ما اسموه محاولة لتصفية معارضي النظام الحاكم، فضلا عن الاتجاه القوي لتصفية الحسابات القديمة مع أفراد ذلك الجهاز القمعي الذي كان يحكم مصر عبر العقود الستين الماضية، وتخوفات البعض الأخر من صنع فرعون جديد بصلاحيات متغولة تفوق ما كانت ممنوحة للرئيس المخلوع"حسني مبارك". وهذا ما أكده العميد محمود قطرى، الخبير الأمني الذي وصف القرار بأنه يعكس قلق وخوف جماعة الإخوان المسلمين من جهاز الأمن الوطني الذى حل محل جهاز أمن الدولة السابق، ولم يتغير منه سوى الأسم فقط، على حد تعبيره، أما قواعده ومناهجة لاتزال موجودة بالإضافة إلى أن رجال الجهاز مازالوا كما هم والذين يعتبرون، ألد أعداء للتيار الإسلامي خاصة جماعة الإخوان المسلمون والتيار السلفى. وأضاف أن الأمر أيضاً يعكس خوفاَ مبيتاً من قبل الجماعة بإعتبارها أكثر شريحه معارضة فى مصر عانت من قمع الأجهزة الأمنية، خاصة جهاز أمن الدولة، ونظرا لتلك التخوفات المتزايدة يسعي الرئيس محمد مرسي للسيطرة على الجهاز لأنه أيضاً عانى منه، مشدداً على خطورة الإقدام على هذه الخطوة لأن جهاز الأمن الوطني لابد أن يكون محدد الإختصاصات فى نطاق وزارة الداخلية. وأوضح "قطري" أن الرئيس مرسي لم يدرك حتى الآن حقيقة الأمور داخل وزارة الداخلية فى جميع قطاعاتها ولذلك فهو حتى الآن لم يعيد هيكلة الوزارة، مطالبا بإلغاء قطاع الأمن الوطنى تماماً وعدم عودته وإحلال جهاز خاص بالأمن السياسى داخل الأقسام والمراكز الشرطية بدلاً منه لأنها الأقرب للمواطنين. ونفى قطرى" أن يكون الهدف من هذا القرار تصفية معارضين لأن الرئيس مرسي من الناحية الشخصية رجل محترم، على حد وصفه ويعتقد أنه لا يريد الإنتقام لأنه بذلك سيعقد الأمور أكثر مما هي عليه، مؤكدا علي عدم نقل تبعيه الجهاز لمؤسسة الرئاسة لما لها من خطورة شديدة علي الأمن الخاص بالمواطن أو مؤسسة الرئاسة علي حد سواء. فيما قال اللواء فؤاد علام، الخبير الأمنى ووكيل جهاز أمن الدولة الأسبق أن هذا الأمر لا أساس له من الصحة وليس محل دراسة ولو حدث فعلاً لكانت طريقة تناوله مختلفه عن الطريقة التى تم بها تناول الخبر، مستبعدا حدوث ذلك واصفاُ إياه بالإجتهاد الصحفى من قبل كاتبيه بدون مستندات تثبت صحة ما ينشره وهو ما جعله يشك فى صحة الخبر، متسائلا عن الحكمة من إتخاذ هذا القرار فى الوقت الحالى. وصرح مصدر أمني، رفض ذكر اسمه في تصريحات خاصة ل"الوادي" أن ثمة محاور ثلاث يتضمنها القانون الجديد للأمن الوطني في حالة نقله لمؤسسة الرئاسة، تتمثل في تطبيق قاعدة الاختيار الأمثل للعناصر الأصلح في الجهاز، فمنذ تحديد اختصاصات القطاع الجديد وحصرها في تحقيق الأمن الوطني بالتعاون مع كافة الأجهزة المعنية بالدولة، لحماية أمن وسلامة الجبهة الداخلية وجمع المعلومات اللازمة ومكافحة الإرهاب. حينئذ يتم فحص كل ملفات العاملين بجهاز مباحث امن الدولة السابق وحالاتهم الوظيفية، والتدرج التخصصي لكل ضابط كان تابعاً للجهاز القديم للإستعانه بهم وفقا للمعايير الرئيسية الواردة بقرار تشكيل القطاع الجديد من خلال الإبقاء على العناصر المتخصصة في الأنشطة التي تتوافق مع طبيعة عمل القطاع الجديد والتي تمثل نحو 25 % فقط من قيادات الجهاز القديم والاستفادة من العناصر المستبعدة في تدعيم باقي أجهزة وزارة الداخلية. والمحور الثاني يتمثل في تحديد المعايير الثابتة لاختيار الضباط الجدد للعمل بالجهاز، وفقاً للترشيحات وطلبات الرغبة التي تتم علي مستوي جميع الضباط بوزارة الداخلية لاختيار ضباط لديهم من الخبرات الأمنية المكتسبة والمهارات العملية والدراسات العلمية في مختلف المجالات التي يحتاجها جهاز الأمن الوطني. يأتي هذا بالتعاون مع أكاديمية الشرطة باختيار عدد من طلبة كليات الشرطة بناء على ضوابط محددة واختبارات علمية ونفسية وبدنية، تمهيداً لإلحاقهم بقطاع الأمن الوطني الجديد فور تخرجهم بهدف دعم القطاع بعدد من الضباط الجدد لترسيخ المفاهيم والسياسات الجديدة الملقاة علي عاتق الجهاز الجديد، بحيث يتضمن القانون المقترح الضمانات التي تكفل مباشرته لاختصاصاته في ظل نظام ديمقراطي سليم، بما يضمن عدم حياد الجهاز الجديد عن دوره الأصلي. أما المحور الثالث للقانون الجديد فيتمثل في القيام بفصل السياسية عن الأمن ليكون الحل الأمني هو الخط الدفاعي الأخير بعد أن كان الخيار الأول والأخير في ظل النظام السابق للتعامل مع كافة المشكلات السياسية والقضايا الاجتماعية فضلاً عن تفعيل الدور الرقابي للسلطة التشريعية متمثلة في مجلس الشعب بمراقبة ومساءلة الأجهزة التنفيذية بما فيها وزارة الداخلية بكل قطاعاتها. وكذلك تفعيل دور السلطة القضائية ممثلة في النيابة العامة للقيام بدورها الرقابي علي الضوابط القانونية لأعمال القطاع، وانتقاء الضباط المرشحين للعمل بالقطاع وفقاً لعدد من الضوابط الأمنية والأخلاقية الرشيدة بعد اجتياز مجموعة من الاختبارات التي تحقق التوازن النفسي والذكاء الاجتماعي والقدرة علي التكيف مع عقيدة الأمن الوطني الجديد. د.إبراهيم درويش-الفقيه الدستوري-أبدي تخوفه الشديد من استمرار تجاوزات الجهاز الأمني، خاصة في ظل ما يتردد عن نقل تبعية الجهاز لمؤسسة الرئاسة، مؤكداً عدم ثقته أو اطمئنانه لذلك في ظل حالة الإنفلات الأمني الجارية، إلي أن يتم وضع نظام دستوري يحدد المهام المطلوبة من جهاز الأمن الوطني لإجهاض محاولات بعض الجهات الخارجية "أمريكا وإسرائيل" عن تحقيق أهدافها الخبيثة لاغتصاب ثورة 25 يناير وإجهاضها لصالحها؟ ووصف "درويش" ذلك بالتحايل علي مطالب الثورة الذي لا يعني أن يقوم المصريين بثورة جديدة، إنما لابد من تقنين مطالب الثوار التي أجمع الشعب والجيش والاخوان علي مشروعيتها ودستوريتها كذلك من حيث الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد وتحقيق الديمقراطية. وكما تطلب من المواطن أن يحترم الأمن يجب أن يحترم رجل الشرطة والأمن الوطني المواطن بالمثل، مؤكداً أنه سواء غير الجهاز اسمه من أمن الدولة للأمن الوطني فإن القاعدة القانونية التي أقوم بتدريسها لطلبة الحقوق تنص علي أن "التعامل الأمني يجب أن يتم في إطار ما تقوم به الجماهير فالمظاهرات السلمية يجب أن تعامل كذلك بطريقة سلمية مماثلة". ومن ناحية أخرى وصف الناشط الحقوقى نجاد البرعى هذا الخطوة بأنها مجرد تنظيم إدارى فقط يتعلق بالأمور الإدارية خاصة بتبعيه الجهاز للجهات المختصة، واصفا هذا الإجراء بالطبيعى ولا توجد به أدني مشاكل وبخصوص إمكانية إستخدام الجهاز من قبل رئيس الجمهورية لتصفية معارضية نفى هذا الأمر تماماً، متسائلاً هل الجهاز التابع لوزارة الداخلية لا يستطيع تنفيذ قرار الرئيس لو أصدر أمراَ بتصفية معارضية؟ وفى ذات السياق يقول الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع أنه لا يستبعد أن يكون الهدف من نقل تبعية الجهاز لمؤسسة الرئاسة هو تصفية معارضيه، مشيرا إلي أن هذه الخطوة تأتى ضمن المسلسل الذى يعده الإخوان المسلمين برئاسة الدكتور محمد مرسى للسيطرة على الإنتخابات القادمة بداية من قسم رئيس المخابرات اللواء محمد رأفت شحاته بالولاء لرئيس الجمهورية ثم إلغاء "التأسيسية" الإشراف القضائى على الإنتخابات القادمة وصولا إلي قرار نقل تبعية جهاز الأمن الوطنى لمؤسسة الرئاسة. ومن جانبة قال أبو العز الحريرى، المرشح الرئاسي السابق وعضو مجلس الشعب السابق أن نقل تبعية الجهاز لمؤسسة الرئاسة ليس معناه أن يستخدمه الرئيس فى تصفية معارضيه بل يمكن أن يقوم الجهاز بتصفيه المعارضين وهو تابع لوزارة الداخلية، لكن المشكلة ليست فى نقل التبعية إلى أى جهة بقدر ما تكمن فى خضوع الجهاز للرقابة على أدائة فذلك يضمن أن يكون دورة واضح ومحدد. وطالب الحريرى بأهمية خضوع كافة أجهزة الدولة للرقابة حتى لو كانت تابعة للرئيس مباشرة محذراً من ضم أجهزة كثيرة للمؤسسة الرئاسية لما من شأنه من عرقلة آدائها وإتخاذها للقرارات البطيئة.