نفي عدد من أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور، دخول الجمعية في نفق مظلم، علي خلفية الخلافات التي تشهدها بين أعضائها بسبب بعض المواد الخلافية في الدستور، وأشاروا إلي أن ما يحدث هو من قبيل المناكفة السياسة من قبل بعض المنتمين لعدد من القوى السياسية التي تعمل على ضربها "من تحت الحزام"، من أجل الاستفادة في دعايتهم الانتخابية خاصة مع اقتراب انتخابات مجلس الشعب التي من المفترض أن تتم بعد وضع الدستور مباشرة. فيما أكدت مصادر على تصاعد الخلاف بين لجنة نظام الحكم، ولجنة الصياغة، بسبب ما أسمته المصادر، إصرار المستشار حسام الغرياني رئيس الجمعية، فرض رؤيته في باب السلطة القضائية. وقال الدكتور رمضان بطيخ أستاذ القانون الدستوري، وعضو الجمعية التأسيسية، في تصريحات صحفية، إن المواد التي تثير الخلاف بين أعضاء الجمعية لا يتجاوز عددها 6 مواد، مؤكدا أن الخلاف حولها طبيعي للوصول لأفضل مقترح حول كل مادة، مبديا تعجبه من الهجمة الشرسة التي تتعرض لها الجمعية من قبل بعض القوى السياسية لدرجة مطالبة البعض بالتدخل الدولي لإلزامها بالنص على مواد بعينها، معتبرا أن الخلاف حول المادة الثانية خلافا عاديا حيث لا يزيد عن الفرق بين النص على أحكام الشريعة أو مبادئ الشريعة، وهو خلاف عادي خاصة وأن الهدف من تطبيق الشريعة واضح للجميع ولا خلاف عليه. وأكد بطيخ أن هناك ألية لعمل الجمعية في حل هذا الخلاف، خاصة وأن هذه المواد المختلف عليها ما زالت مجرد مقترحات قد يتم استبدالها بنصوص أخرى يتم التوافق عليها بصورة أفضل ومن ثم ليس هناك دليل على ما يشاع في وسائل الإعلام من سيطرة اي فصيل على عمل الجمعية أو داعي لمهاجمة بعض القوى السياسية على عملها، موضحا أن بعض المواد الأخرى التي تثير الخلاف مثل النص على الذات الإلهية وحقوق المرأة ومادة السيادة لله وفصل السلطة القضائية فكلها أمور من الممكن الوصول لحل وسط فيها خاصة وأن الخلاف ليس جوهري. من جانبه، قال المستشار نور الدين علي عضو الجمعية التأسيسية، إن أوجه الخلاف حول بعض المواد في الدستور الجديد، لا تزيد عن ستة مواد فقط، ما يدحض مزاعم بعض القوى السياسية التي تريد إفشال عملها وتستغل هذا الخلاف في تحقيق مكاسب سياسية، حيث أوضح أن الخلاف حول المادة الثانية من حيث النص على "مبادئ الشريعة" أو " أحكام الشريعة" هو خلاف فيه وجهات نظر متعددة، موضحا أن دفاع البعض عن النص على أحكام الشريعة بدلا من كلمة المبادئ يأتي في محله خاصة وانه لا يوجد مواطن مصري لا يريد تطبيق الشريعة الإسلامية حتى الأقباط، خاصة وأن تطبيق الشريعة يكفل لهم حقوقهم في الاحتكام إلى شرائعهم الخاصة في أحوالهم الشخصية. وقال نور الدين إن المقصود من تطبيق الشريعة الإسلامية هو مصلحة الجميع ولكن الذي أثار اللبث حول المادة الثانية هو التفسير الخاطئ من المحكمة الدستورية العليا التي حصرت كلمة مبادئ في الأحكام قطعية الدلالة قطعية الثبوت دون أن تعلم معناها بالنسبة للشريعة لأن معنى قطعية الدلالة قطعية الثبوت يخرج أكثر من 80% من أحكام الشريعة، حيث أهدر تفسير الدستورية مصادر التشريع والفقه الإسلامي من السنة والإجماع والقياس وهي المصادر المتفق عليها في الفقه. وأوضح نور الدين أن من المواد الخلافية أيضا مادة "الذات الإلهية مصونة"مؤكدا أنه لا توجد مشكلة في النص على هذه المادة خاصة وأنه هناك مواد تنص على صيانة الأشخاص وتقديسهم، مؤكدا أن الزعم بحرية التعبير والرأي والابداع لا يعني السماح بسب الذات الإلهية، كما أن المسلمين والمسيحيين لا يقبلون بأن تسب الذلات الإلهية وبالتالي لا ضرر من النص على صيانتها في الدستور، كما أوضح أن هناك خلافا أخر حول حقوق المرأة ومساواتها بالرجل، مؤكدا على أن مطالب البعض بالنص على مساواة الرجل بالمرأة دون التأكيد على عدم مخالفة ذلك للشريعة هو في الحقيقة الذي يأكل حقوق المرأة خاصة وأن القرآن نص على حق الأم في الرضاعة والنفقة والأمومة والعمل والترشح للانتخابات وكلها مكفولة في الاسلام، موضحا انه حينما يطالب البعض بالتماثل بين الرجل والمرأة فهو اعتداء على حق المرأة خاصة وأن ذلك من الممكن ان يضيع حقوق المرأة في نفقة الرجل عليها بزعم المساواة والتماثل بين الجنسين كما أ،ه يفتح الباب للتوقيع على الاتفاقيات التي تخالف الشريعة مثل زواج المثليين وغيرها من الامور التي لا تتفق واخلاق المجتمع وعاداته. وفي حديثه عن الخلاف الدائر حول باب السلطة القضائية، أكد نور الدين ان الدستور هو المنشئ لكافة السلطات وبالتالي ليس من حق سلطة ان تحتج بحق مكتسب تجاه هذه السلطة المفوضة من الشعب لوضع الدستور وعندما تاتي السلطة التاسيسيسة باعادة توزيع الاختصاص بين جهات معينة فليس من حق جهة اخرى ان تعترض على ذلك، موضحا انه عندما اراد اعضاء التاسيسية ان تعطي للنيابة الادارية اختصاصات تتناسبة مع امكانيات اعضائها دون ان تكلف الدولة مليما واحدا وايضا عندما اراد المشرع الدستوري ان يعطي هيئة قضايا الدولة اختصاصات تتناسب مع ما يتمتع به أعضاؤها من خبرة قانونية لتحقيق العدالة الناجزة حيث يبلغ اعضاء هذه الهيئة 2500 منهم 500 حملة دكتوراه و1200 حملة ماجستير فقد انصف المشرع بذلك المجتمع المصري. واشار الى ان الخلاف الاخير أةهو ما اثير حول مطالب بعض اعضاء لجنة نظام الحكم بالغاء اللجنة السداسية التي تكونت من لجنتي الصياغة ونظام الحكم بانه تدخل في عمل لجنة نظام الحكم ليس صحيحا على اطلاقه خاصة وان هذه اللجنة السداسية لاعادة صياغة بعض المواد وتقديم المقترحات حولها فقط ان امكن لعرضها على نظام الحكم مرة اخرى. من ناحية اخرى، وفي محضر تعليقه علي الاجتماعات المتتالية للجمعيات العمومية لمحاكم النقض و الإستئناف و التي انتهت برفض القضاء الموحد و الدمج و النيابة الإدارية، قال الدكتور محمد محي الدين مقرر الدفاع و الأمن القومي بالجمعية التأسيسية أنه من حق كل الجهات أن تعبر عن رأيها في منتج الجمعية التأسيسية أو فيما ترغبه من الجمعية التأسيسية ، و في ذات الوقت أكد أنه إذا كانت هذه البيانات لتوجيه الرأي العام في اتجاه معاكس لرؤية الجمعية التأسيسية و هي السلطة المؤسسة و المنشئة في البلاد و التي تعبر عن جموع الشعب المصري فإن هذا الأمر مرفوض بالكلية . وأكد محي الدين أن اقتناع الغالبية العظمي من أعضاء لجنة نظام الحكم بالدور الهام للنيابة الإدارية في محاربة الفاسد و للنيابة المدنية في تحضير الدعاوي و المدنية و الاشراف علي تنفيذ الأحكام يصب في صالح العدالة و سرعة التقاضي و القضاء علي الظلم و الفساد برؤية تنظر فقط الي مصلحة مصر ومستقبلها. و تعجب محي الدين من إصرار الكثيرين علي ما أسماه بالنظر تحت أقدامهم و بما يبدو و كأنهم راضون عن الوضع الحالي و كأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان أو هو كائن ، و هو ما يتعارض تماما مع فلسفة دستور 2012 التي تقوم علي التطوير و الانفتاح و التجديد بعيدا عن القوالب الجامدة و المتجمدة. و في السياق نفسه قال مصادر ان الخلافات تصاعدت بين لجنة نظام الحكم و لجنة الصياغة بسبب اصرار المستشار حسام الغرياني علي فرض رؤيته القضائية علي باقي أعضاء الجمعية و بسبب تشكيل ما سمي اللجنة التحضيرية و بسبب ما تم تسريبه من وجود تعديلات في الصياغات التي خرجت من لجنة نظام الحكم قبل وصولها الي الصياغة و الاصرار علي اعتماد اسلوب واحد للادارة المحلية رغم تأكيد العديد من أعضاء اللجنة علي أنه تم اقرار نظامين.