في ظل الألغاز والتكتم الشديد حول وضع الدستور الجديد والأسس التي يتم بناءه عليها ، وفي ظل الاعتراضات التي تتلقاها الجمعية التأسيسية للدستور والاتهامات بإنحيازها لفصيل معين،ورفض السياسين والفقهاء الدستورين لنصوص المواد الجديدة وتأكيدهم أنها توضع لخدمة تيار بعينه، عقد حزب المحافظين وحركة شايفنكم ندوة تحت عنوان "الدستور بين الواقع والمأمول" وتحت شعار "دستور لكل المصريين" لمناقشة جميع القضايا المتعلقة بالدستور الجديد وتناولت الندوة المواد التي يتم وضعها وما يتمناه المواطن المصري ومدي امكانية مشاركته في عملية وضع الدستور. قال أكمل قرطام رئيس حزب المحافظين أن الدستور لا يعتبر عملية قص ولزق ولكنه شطر من حياة الامه ويظهر في قيم وتقاليد المجتمع ويرفرف علي مستقبل باهر ، وأن الدساتير الناجحه يجب أن يكون فيها توازن وتوفيق بين القوي المختلفة ويقتضي أن يكون بها نظام للحريات حتي لا يتضارب النظام مع الحريات ولا يتم استغلال الأغلبية للاقلية ولا تستغل الاقليات ما عليها وحتي يعيش المواطن المصري حياة كريمة . وأكد قرطام أثناء كلمته التي ألقاها في الندوة "لا نعاتب علي الجمعية الا في مناقشه تقاصيل الدستور كامل علي الشعب حتي يعلم الشعب تفاصيل دستوره ويناقشه" كما أضاف مصطفي الفقي المحلل والمفكر السياسي أن الدستور يعد وثيقه طويلة الأجل ولا يجب أن تكون وليدة ظروف معينة ولابد أن تعبر عن كل الأطياف ، مؤكدا أنه لا يختلف مع الرئيس محمد مرسي حيث انه لدية أسلوب علمي في التفكير ولكن المناخ الذي يحيط به سوف يؤثر علي عملية كتابة الدستور. واستنكر الفقي عدم إذاعة مناقشات لجان التأسيسية علي التليفزيون حتي يتم إشراك المواطنين في صنع الدستور الذي سيكون للمصريين جميعا وقال "كنت أتصور أن تذاع مناقشات التأسيسية علي المواد وليس في الحجرات المغلقة وأوضح أن فهم الناس لكل الموضوعات المطروحه ليس سهلا وبذلك فهي فرصة للأغلبية لتمرير ما تشاء ، معربا أن الدستور الجديد سوف ينظم كافة الملفات التي كانت موضع خلاف مع النظام السابق. كما أوضح أن مصر بلدا ليس حديث ولكنه ضارب في أعماق التاريخ ، مؤكدا أن الدستور للمصريين جميعا مسلمين ومسيحيين ولا يجب أن يكون حكرا علي أحد أو فئه بعينها ، وأن الاخوان المسلمين فصيل وطني إتفقنا أم إختلفنا معهم فيجب أن يكون لهم حق في التمثيل ، ووجه رسالة الي من يحاولون الإنفراد بالدستور بأنهم سيدفعون الثمن باهظا ، موضحا أن كل دساتير العالم تقوم بلجان استماع واسعة المدي وتقوم بالاستماع إلي الماره في الشارع وذلك ما يجب أن يحدث الآن وخاصة بعد أن شكلت اللجنة التأسيسية من أغلبية داخل البرلمان ومنعت العديد من الرموز الوطنية من المشاركه في كتابة الدستور. ومن جانبه أشار المفكر القبطي كمال زاخر مؤسس جبهة العلمانيين الأقباط الي أننا نمر بمرحلة إرتباك نتيجة إنتقال البلاد من نظام إلي أخر ، وسخر من القنوات التي تقوم بإذاعة أغاني أم كلثوم – علي حد قوله – ويقصد بها قناة صوت الشعب والتي توقفت بعد حل مجلس الشعب ، مشيرا انه كان يجب أن تذيع حلقات النقاش في التأسيسية وخاصة بعد عدم مشاركة جميع التيارات والطوائف في اللجنة التأسيسية ، وأن الجميع الآن لا يتعامل مع نصوص ولكننا نتعامل مع تسريبات وذلك يرجع إلي عدم وضوح الرؤية من قبل اللجنة التاسيسية . وأعرب زاخر عن وجود تخوفات من الأقباط ليس لكونهم أقباط ولكنها تخوفات المصريين جميعا من فكرة تطبيق الخلافة الإسلامية في البلاد وذلك من خلال المادة الثانية التي تسببت في حالة انتكاريا للجميع ، مؤكدا أن الأقباط ليسوا فصيل في الوطن وليسوا شركاء فيه ولكننا جميعا مصريين نعيش علي أرض واحده. وأوضح زاخر أننا إذا كنا نؤمن بتداول السلطة فلا يحق للحزب الحاكم الإنفراد بوضع الدستور وإنما يجب أن نؤكد علي أن مصر للمصريين جميعا وليس لتيار بعينه ، كما أبدي إعجابه من صياغه الدستور وأنه متخوف من أنها قراءه أولي وقد تتغير. كما استنكر موقف سعد الحسيني محافظ كفر الشيخ والذي قال أنه لم يأتي الا لنشر الدعوة وقال "يجب عزله فورا وعليه أن يترك المنصب التنفيذي المكلف به لمن هو أكفا منه" موضحا أنه ليس ضد الدعوه . ومن جانب أخر قال أيمن نور وكيل الجمعية التأسيسية أن الجمعيه شبه منتخبه ومستقله تماما ، واعترض علي تدخل الرئيس في أعمال الجمعية التأسيسية ، فالدستور المنتج الحقيقي والرسمي لثورة يناير حيث أن الشعب المصري لازال لم يحصل علي ثمرات الثورة ، مشيرا أن اعضاء الجمعية يوجه لهم الكثير من الإنتقادات وعلينا أن نتحملها جميعا . وأكد نور علي أنه أثناء تشكيل الجمعية التأسيسية سواء الأولي أو الثانية كان الهدف الأساسي أن يكون هناك مشاركة من جميع التيارات السياسية ، مشيرا إلي أنه سوف يتم التوافق بين التيارات السياسية المختلفة علي مواد الدستور الجديد بما يخدم الصالح العام ولن يحدث تصويت علي مواد الدستور إلا بمشاركة الشعب كله ولن يستطيع تيار بعينه السيطرة علي التصويت. كما وجه نور رساله بأنه إذا حاول تيار أن ينفرد بالدستور سوف يكون هناك إنسحاب جماعي من قبل أعضاء الجمعية وأنه لن يسمح بإختطاف الدستور ، قائلا أنه ليس لديه إستعداد أن يضحي بسمعته أو مصالح أبنائه ، ونفي أن تكون هناك إنتخابات برلمانية في شهر ديسمبر ولن نسمح بعوده مجلس الشعب كما قال الدكتور سعد الكتاتني في أحد تصريحاته. وأعلن نور عن تمسك حزب غد الثورة بعدم عوده البرلمان بأي شكل وتمسكه أيضا بالدستورية ورافضا تحويلها إلي هيئة رقابية ، مؤكدا أن كافة الأمور التي يعترض عليها الشعب في الجمعية يتم الوصول إلي حل لها الأن. وأوضح نادر بكار عضو اللجنة التأسيسية للدستور أن الثورة مثلت أقوي قمه ممكنه في منحني غضب الشعب المصري وعلي الدستور أن يأخذ بإرادة التغيير وينتقل من المنحدر إلي الإراده في التغيير وذلك من خلال مشاركه المجتمع في الخروج بدستور جديد يحمي حقوق المواطن ، مؤكدا أن الدستور جهد بشري يمكن تعديله أو تنقيحه وقد نحتاج إلي تعديله بعد عدة سنوات حيث أن مواد الدستور ليست مقدسه. واشار بكار عن الإتفاق الذي تم بين أعضاء اللجنة التاسيسية بعدم كتابه الدستور في غرف مغلقة وتم ذلك من خلال استحداث لجنة الإستماع التي تذهب بأعضاء من اللجنة التأسيسية إلي المحافظات لمناقشة ما يريده الشعب المصري من الدستور الجديد حيث تم جمع 22 ألف مقترح حتي الأن ، موضحا أنه لايجب الحكم علي مواد الدستور من خلال ما يتناقله وسائل الاعلام التي تحاول بكل الطرق إحداث مشاكل من خلال استخدامها معلومات مغلوطه ولا اساس لها من الصحة . واكد بكار أن أعضاء اللجنة علي إستعداد الذهاب إلي كافة محافظات مصر لمعرفة ما في ضمائر الناس والتعرف علي ارءهم في وضع مادة تختص بسب الذات الإلهية ، معلنا أن هناك مقترحات من بعض المسيحيين وسوف يفاجأ الجميع منها عند عرضها وانه تم طرح فكرة استخدام "بانر" بجميع المحافظات يعرض عليها مواد الدستور حتي يستطيع المواطن المصري قراءته وهضمه قبل الإستفتاء عليه. ووقعت مشاده كلاميه أثناء حديث بكار عن المسيحيين والحقوق التي تقدم الي المصريين بشكل عام . ومن جانبه قال علاء عبدالمنعم عضو مجلس الشعب السابق إننا ندرك تماما أن الدستور هو الحاكم لهذه الأمه لعقود طويلة كما قام بطرح عدة استفسارات علي أعضاء التأسيسية ومنها لماذا لا تذاع جلسات التأسيسية علي الشعب حتي يتسني أن يقول رأيه فيها ولأن الدستور يحدد مستقبل المصريين واذاعتها أولي من اذاعة حلقات مجلس الشعب المنحل كما قال أن النصوص في الدستور الجديد لا تكفي وحدها لوضع الحريات ودليل علي ذلك دستور 71 كله نصوص ولكنها مفرغه من معانيها كما تسائل عن الضمان الحقيقي الذي تكفله الجمعية حتي لا يتم اغتيال الحريات بواسطة القانون وهل سيكون حق تكوين الأحزاب بمجرد الاخطار أم وفقا لاجراءات تضعها الأغلبية ومن الممكن أن تضع الأغلبية شروط تعجيزية أمام هذه الأحزاب كما أكد علي أن اللامركزية يجب أن تكون في القانون والمحليات والمحافظات ويجب أن تضع الجمعية هذا في الحسبان. وتساءل أيضا ما هي الضمانات التي ليتم تداول السلطة حتي لا يستأثر تيار معين بها وأنه يجب وضع حدود للسلطات والفصل بينها وضمان عدم تغولها خاصة سلطات رئيس الجمهورية بما يضمن أن السيادة للشعب وحول موضوع اقرار بعض المواد في الدستور والتي تنص علي عدم سب الذات الالهية أو الرسل قال عبدالمنعم أن وضع حد لسب الذات الالهية لا يختلف عليه أحد ولكن هذا يستلزم وضع قانون عقوبات لها وتشديد العقوبه وليس وضع مواد في الدستور كما أنه من العبث نص الدستور علي فريضة الزكاة وأرفض ذلك فالدولة ليس لها شأن بالزكاة. وتضامن أكمل قرطام مع عبدالمنعم وعقب علي كلام بكار قائلا " القرآن هو من يحمي الدستور وليس العكس" . وفي نفس السياق قال ياسر كاسب نائب رئيس الحزب للشئون السياسية أن الدستور يجب أن يعبر عن كل المصريين ولا ينفرد فصيل معين به وأنه في حال رفض المصريين للدستور أثناء عملية الاستفتاء يجب أن يكون هناك خطوات واضحه لاتخاذ اجراءات سريعه لاعداد الدستور الجديد .