تسعى مصر منذ ثورة يناير إلى الحصول على قرض من صندوق النقد الدولى واستطاعت الحكومة الجديد برئاسة هشام قنديل الاتفاق مع الصندوق على منح مصر قرض يصل إلى 4.8 مليار دولار لسد عجز الموازنة الذى أصبح فى خط . ورأى خبراء الإقتصاد أن اللجوء إلى الاقتراض من الخارج هى حجة الدول الضعيفه التى لاتمانع فى التبيعية والخضوع للدول الكبرى وأضافوا أن مصر تملك من الامكانيات التى تساعدها فى النهوض بإقتصادها ولكنها فى حاجه الى إدارة رشيدة. وقال مصطفى النشرتى أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة مصر الدولية أرفض الإقتراض من صندوق النقد الدولى لأن الصندوق سيفرض وصاية على الاقتصاد المصرى ويفرض روشتته الخاصة لإصلاح الاقتصاد عن طريق خصخصه شركات القطاع العام موضحا أن قروض صندوق النقد الدولى موجهه لتمويل عجز الموازنة وتمويل الإنفاق الإستهلاكى للحكومة ولاينتج عنها أى عائد مادى مما يكلف موازنة الدولة قيمة القرض وفوائده دون أن تدر أى دخل للاقتصاد المصرى . وأضاف أن الحكومة المصرية تبحث عن الحلول السهلة ولكنها تضر بالاقتصاد المصرى فقيمة القرض قليلة جدا ولكن ستترتب عليها مشاكل اقتصادية ضخمة على المدى البعيد لأن مصر لن تستطيع سداد قيمة القرض مع الفائدة مشيرا إلى أن الدين المحلى المصرى وصل إلى نسبة 75% من الناتج المحلى ونسبة الأمان للدين لابد أن لا تتخطى 50% مما يجعل الاقتصاد المصرى فى خطر الآن. وقال النشرتي نحن الاقتصاديين لا نحبذ اللجوء إلى صندوق النقد الدولى ولكن من الأفضل أن نلجأ إلى الإقتراض من البنك الدولى للتنمية والتعمير لأن قروض هذا البنك موجهه لبناء مشروعات محددة لها دراسة جدوى جيدة مما يضمن نجاحها ودعم الاقتصاد. وأشار إلى أن مصر تستطيع الإستغناء عن الإقتراض من الخارج عن طريق إلغاء الصناديق الخاصة وتحويل الأموال التى بها إلى الوزارت والهيئات التى تتبعها مما سيخفض نفقات الهيئات والوزارات الحكومية بقيمة 60 مليار جنيه بالإضافة إلى إلغاء دعم الطاقة عن الشركات ذات المشروعات الكثيفة لأن هذه الشركات تحقق أرباح ضخمة تمكنها من إستخدام الطاقة دون دعم . وأضاف أن مصر تستطيع اللجوء إلى مؤسسات التمويل الدولية والعربية مثل صندوق الكويت وصندوق أبوظبى لأنها توفر قروض ذات فائدة قليله وكان لها دور كبير فى دعم العديد من المشروعات المصرية من قبل مثل مشروع تطوير السكك الحديد الذى دعمه صندوق الكويت . من جانبه قال هادي عبد الفتاح مدرس التمويل والاستثمار بجامعة عين شمس أن الدول الضعيفة والخاضعة هى التي تلجأ إلى الاقتراض من الخارج موضحا أن دول العالم المتقدمة تحاول بكل الطرق النهوض باقتصادها دون اللجوء إلى القروض مثلما فعلت ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية. وأضاف أن لجوء الحكومة المصرية إلى الإقتراض من النقد الدولي هو لجوء للخضوع والتبعية لأمريكا موضحا أن امريكا هى المتحكمة الأولى فى الصندوق الذى لا يمنح القروض سوى بإتفاقيات خاصة تجبر الدول المقترضة على التبعية والخضوع لاقتصاديات الدول المتحكمة فى الصندوق وهو نوع من الاستعمار الاقتصادى. وأشار إلى أن هناك تعتيم كبير من قبل الحكومة المصرية فى توضيح الشروط التى سيتم على أساسها منح القرض إلى مصر والمشروعات التى سيتم استخدام القرض فى تمويلها والمؤسسات التى ستغطى نفقات القرض. وأوضح أن الحكومة إذا استغلت القرض لسد عجز الموازنة كما أعلنت فذلك يعد عبث بالأمن القومى المصرى لأن هناك المئات من الطرق والوسائل الى يمكنها الإعتماد عليها لسد العجز دون التبعية للدول الأخرى. وأكد أن مصر فى حاجة إلى قيادات حكومية يكون لديها القدرة على استيعاب المتغيرات التى تحدث فى العالم الخارجى ويكون لديها رؤية وخطه واضحه للنهوض بالاقتصاد المصرى لأن وجود خبرة دون رؤية واضحة لن يستطيع النهوض بالاقتصاد المصرى. أما الباحث الاقتصادي صلاح العمرسي فقد قال إن فكرة الاقتراض من الخارج فى حد ذاتها فكرة مقبولة ومن الممكن أن تساعد الاقتصاد المصرى على تحقيق نمو إذا كانت هذه القروض موجهه إلى الإنتاج وإنشاء مشروعات لديها القدرة على الاستمرار وتحقيق نمو ولكن إذا تم الاقتراض لتوفير احتياجات استهلاكية للشعب سيؤثر سلبا على الاقتصاد المصري. وأوضح أن قرض صندوق النقد الدولي على الرغم من أن فائدته ضعيفة وهى 1.5% إلا أنه يفرض ساسية اقتصادية محددة على مصر ويصبح الأقتصاد المصرى تابع للدول الكبرى وخاصه أمريكا التى ستحاول جاهدة الهيمنة على الاقتصاد المصرى لإضعاف نموه ومنع تنفيذ المشروعات الضخمه التى قد تتعارض مع رأس المال الأمريكي. وأشار إلى أن تحقيق مصر لطفرة اقتصادية سيؤثر على منطقة الشرق الاوسط مما سيضر بمصالح أمريكا خاصه أن الشرق الأوسط من أكبر الأسواق المستهلكة للإنتاج الامريكى لذا تضع أمريكا خطتها للسيطرة على اقتصاديات هذه الدول من خلال إقراضها من صندوق النقد الذى يضع خطه اقتصادية للدول المقترضة تجعل نموها الاقتصادى فى إطار محدد لا يهدد اقتصاد أمريكا والدول التابعة لها. فيما رأى أحمد رشدى المدير العام السابق للبنك الأهلي بلندن أن مصر ليس لديها بديل لقرض صندوق النقد الدولي موضحا أن فكرة الاقتراض الداخلي كبديل لقرض النقد الدولي مجرد شعارات ليس لها علاقة بالواقع لأن الاقتراض الداخلي مكلف جدا فتصل نسبة فائدته من 10 الى 12 % بالإضافه إلى أن مصر قامت بالاقتراض من الداخل منذ قيام الثورة فى صورة أذون خزانة والسندات التى تصدرها الشركات ولكنها لن تكون بديلا للاقتراض الخارجي. وأضاف رشدي أن مصر فى حاجة إلى عملة أجنبية ضخمة لسد احتياجات الشعب ولن تستطيع البنوك المحلية إذا لجأت الحكومة للاقتراض منها فى توفير السيولة الأجنبية لأنها لا تملكها وسيكون الاقتراض بالجنية المصري وبالتالي فالاقتراض من الخارج بالعملة الأجنبية هو الحل الوحيد والأوفر من الناحية الاقتصادية أمام مصر لسد عجز الموازنة وتوفير الاحتياجات الأساسية للشعب. وأكد رشدي أن مصر ليس أمامها أى بديل لقرض صندوق النقد الدولى وغيره من القروض إلا زيادة الإنتاج والتى تحتاج إلى قت طويل لتنفيذها.