يمثل ميدان التحرير لكثيرٍ من الشباب أملاً للتغيير، ومع تأكيد أن الميدان صنع لكثيرين منهم حياة بها شيئا من الكرامة فإن بعض التيارات التي تلحق بالثورة تكاد شروطها تتناسب مع مصلحتها فقط دون أي إعتبارات لمصالح وطنية وما بين مليونيات وأخرى تبدأ حروب المنصات على الأماكن والشعارات. ففي أيام الجُمع الشهيرة والقوية مثل جمعة التطهير وجمعة الإصرار وجمعة إسقاط الفلول وآخرها جمعة 20 إبريل تبدأ الصراعات الخفية في ميدان التحرير منذ ليلة الخميس السابقة لصباح المليونية وهذا الصراع يتم وفقا لخطوات مرتبة، فأولا المكان حيث يكون التناحر بين الفصائل حول الأماكن المميزة فى التحرير لوضع المنصات الرئيسية وهذة الأماكن - وفق الحصر - المنصة الموجودة أمام مطعم "هارديز" القريب من ناصية شارع محمد محمود، وثاني الأماكن المنصة الموجودة أمام مطعم "كنتاكي" جهة شارع طلعت حرب، المنصة الثالثة الموجودة أمام تمثال "عمر مكرم" جهة مدخل شارع "كوبرى قصر النيل"، المنصة الرابعة الموجودة أمام الحديقة المحيطة بمجمع التحرير بحيث يكون المجمع خلفها، المنصة الخامسة وهي الموجودة أمام جراج "المقاولون العرب" جهة مدخل "قصر النيل"، المنصة السادسة وهي الموجودة ناصية مدخل شارع باب اللوق بالتقاطع مع شارع "طلعت حرب" والمنصتين الأخيرتين أحدهما موجودة بجوار "مجمع التحرير" بحيث تكون واجهتها لمسجد "عمر مكرم"، والمنصة الأخرى تكون في الجهة الأخرى لمقهى "وادي النيل" وبحيث تكون خلفها المتحف المصري. يبدأ تشييد المنصات والتي يختلف شكلها طبقا لإمكانيات القوى المنظمة لها بحيث يأتى منذ الليل العمال بآلاتهم وعادة ما تشيد المنصات من ألواح الخشب وبحيث تأخذ شكل المسرح بسلالم جانبية يقف عليها في الصباح المنظمون لصعود الضيوف عليها، المنصة أيضا - حسب الإمكانيات - تحتوى على سماعات وميكروفونات وذلك نظرا للاذدحام فيكون وصول الصوت شفاهية يمثل صعوبة. وتعتبر جمعة اليوم نموذجا لتقسيم المنصات في الجمع الماضية وحيث توجد منصة شباب الثورة المصرية في المكان الأكثر تميزا وهو أمام مطعم "هارديز" وعليها يتواجد الشيخ "مظهر شاهين" لإلقاء خطبة الجمعة، بينما منصة مؤيدي الشيخ حازم أبوأسماعيل فمكانها منذ أن عرف هؤلاء طريق الميدان منصتهم تتواجد أمام الحديقة التي تتقدم مجمع التحرير. وأضيف اليوم منصة أخرى لهم أمام جراج "المقاولون العرب" جهة كوبري قصر النيل، بينما أقامت حركة "6 إبريل" منصتها امام تمثال "عمر مكرم" وهو المكان نفسه الذي اعتصمت فيه الحركة في يونيو الماضي، وعلى الرغم من أن الإخوان عادة ما يقيمون منصتهم الرئيسية في نفس هذا المكان إلا أنهم أقاموا اليوم منصتهم أمام مطعم "كنتاكي" جهة شارع طلعت حرب وهو المكان الذى كان حزب "الوفد" يقيم منصته فيه في جمع سابقة وكان يوجد بجواره منصة ل"التحالف الإشتراكي" وهي ما اختفت هذا اليوم، وأقام حزب "العمل الجديد" منصة له في تقاطع شارعي "باب اللوق" و"طلعت حرب" وهو نفس المكان الذي كان يقيم حزب النور والناشط "صلاح عناني" منصتيهما واللذين اختفيا اليوم. تدخل المنصات في صراع آخر معلن بكل الطرق وهو صراع الهتافات والشعارات فبينما تعتمد منصات الشباب على شعارات مثل "يسقط حكم العسكر" و"الدولة المدنية" و"الدستور أولا" وهي مطالب تحمل معنى عاما للجميع، بينما ترتفع شعارات منصات مؤيدي "أبو أسماعيل" حول "تطبيق الشريعة الأسلامية" وإلغاء المادة 28 من الإعلان الدستوري والهجوم على اللجنة العليا وكلها مطالب تخص مرشحهم في الأساس قبل أن تكون للجميع على الرغم من أنهم يرددون كل هتافات الشباب إلا أن هذا يكون بشئ عابر. الصعود للمنصات يكون منظما في العادة بحيث يقف عدد من الشباب أمام السلم الجانبي للمنصة وينطمون عملية الصعود والنزول للمنصة، بعض المنصات في حالة الإجهاد أو قلة عدد المستمعين لهم تلجأ إلى تشغيل الأغاني الوطنية والتي تنحصر عادة بين أغاني "عبد الحليم حافظ" و" شريفة فاضل" و"أم كلثوم" و"شادية" ومن أشهر أغانيهم "حبيبتى يا مصر" و"أم البطل" و"أنا لا أعرف المستحيل" لأم كلثوم. عقب انتهاء اليوم يتم تفكيك المنصات -إذا لم يكن هناك اعتصام- وتأتي سيارات لنقل ألواح الخشب والسماعات. الشخصيات العامة أيضا تصعد للمنصات التي تتوافق ورؤاها بحيث تكون المنصة الرئيسية للشباب ممثل لكافة الوجوة السياسية الممثلة للثورة بينما ترفض بعض الشخصيات على سبيل المثال الصعود لإلقاء كلمة على منصة الإخوان أو منصة مؤيدى "الشيخ حازم أبو أسماعيل".