نشر الموقع الالكتروني لصحيفة يديعوت احرونوت الاسرائيلية تقرير مطول و مفصل يعد التقرير الاطول على الاطلاق لصحيفة اسرائيلية عن ملابسات وفاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، بعنوان " عرفات الرئيس المسموم " اعده الصحفى الاسرائيلي رون برجمان بمعاونة فريق من قسمي الشئون الامنية و الشئون العربية بالصحيفة وقد تخطى هذا التقرير جميع الخطوط الحمراء كما تناول التقرير جميع التحقيقات العربية الخاصة بإغتيال عرفات . وادعى التقرير أن رئيس الوزراء الاسبق ارييل شارون كان بحوزته شريط "لا اخلاقي" ضد عرفات فى احدى غرف النوم . كما ان اكبر اطباء علم التشريح الاسرائيليين اكدوا على ان عرفات اصيب بالسم بعد وجبة عشاء بعكس جميع التأكيدات و الدلائل التي تثبت موت عرفات بالإشعاع . فى البداية طرح فريق الاعداد عدة اسئلة يدور فى سياقها التقرير و كانت على النحو التالي هل اغتالت الاجهزة الامنية الاسرائيلية ابو عمار بالسم؟ وهل سيمر وقت طويل جدا حتى نحصل على اجابة حاسمة لهذا السؤال الذي اصبح الاكثر انتشارا هذه الأيام؟ لكن المؤكد هنا ان اسرائيل واجهزتها الامنية قامت ببذل طوال العقود الماضية جهودا كبيرة لاغتيال ياسر عرفات زعيم منظمة التحرير. قام برجمان بسرد رواية له مع عرفات حيث قال " لقد تفاخر ياسر عرفات في احدى اللقاءات الصحفية معي بنجاته من اكثر من 40 محاولة اغتيال اضافة إلى عشرات المرات التي نجا فيها من الموت المحقق سواء في ارض المعركة او في حوادث قدرية و أضاف ان هذا ليس منطقيا كما أن هذا الرقم يحمل الكثير من المبالغة التي اراد فيها الرئيس اضفاء هالة كبيرة على شخصيته لكن ليس هناك ادنى شك بأن عرفات كان هدفا لعدد كبير جدا من محاولات الاغتيال ولسبب ما نجا منها دائما و كما يقول العرب سأقول " عرفات مثل القطط بسبع ارواح " . واضاف برجمان ان التحقيق الذي عرضته قناة الجزيرة والذي اكد وفاة عرفات بمادة البولونيوم 210 طرح السؤال الكبير وهو من قتل مؤسس حركة فتح الزعيم الفلسطيني وهذا السؤال سيشغل لسنوات طويلة منطقة الشرق الاوسط وهناك عدد قليل جدا يعرفون الاجابة عن هذا السؤال. كما أن هناك فلسطينيون مقربون من مكتب رئيس الحكومة الفلسطينية منذ سنوات من اجل جمع ادلة ومواد اضافية تتعلق بهذه القضية وسينشرون قريبا ما توصلوا اليه وسوف تجزم توصياتهم بأن عرفات قتل على يد اشخاص محترفين عملوا على عدم ترك اية ادلة بهدف الايحاء بان عرفات توفي في ظروف طبيعية. وأضاف برجمان انه مع الاحترام لتحقيق "الجزيرة" فان الحقيقة انه لم يوفر دليلا قاطعا وثابتا يشير الى اغتيال عرفات وبكل تأكيد لم يشر التحقيق الى عنوان دقيق خرج منه الشخص او الاشخاص الذين اغتالوه وليس هناك ما يزعج الفلسطينيون بالقول بان الموساد الاسرائيلي دس السم للرئيس ولكن ورغم الضبابية التي تحيط بقضية موته ليس هناك شك بان اسرائيل حاولت اكثر من مرة اغتياله وكان جزء من هذه المحاولات يدل على الابداع و الفن اذا صح القول وشملت المحاولات الاسرائيلية استخدام جناة وخارجين عن القانون من سوريا وصولا الى المظاريف المفخخة وعلى الاقل انتهت محاولة واحدة و هي عملية الكرامة بمأساة وفي بعض الاحيان تحول الموساد الى حالة من الجهل الحقيقى مثل محاولة اغتيال عرفات بواسطة عميل فلسطيني خضع لحالة من التنويم المغناطيسي. وقام واضعى التقرير بتعقب محاولات اغتيال عرفات بداية من عام 1964 حتى وفاته و كانت المحاولة الاولى او كما وصف واضعى التقرير " اول مرة تفكر اسرائيل فى اغتيال عرفات " كان عام 1964 حين كانت حركة فتح في بداية طريقها حيث راقب الموساد في تلك الفترة شقة سكنية بمدينة دريمشتات في المانياالغربية لاحظ دخول وخروج قادة المستقبل الفلسطينيين منها واليها لكن اسمين من هؤلاء القادة اشعلوا الضوء الاحمر في الموساد خليل الوزير الذي حمل مع مر الايام لقب ابو جهاد وستطاله فيما بعد يد الاغتيال الاسرائيلية على الارض التونسية وياسر عرفات. من المعروف ان اول مرة فكرت فيها اسرائيل باغتيال ابو عمار كانت عام شغل رافي ايتان في ذلك الوقت قيادة محطة الموساد في اوروبا وتوجه ايتان في يوليو 1964 الى رئيس الموساد مائير عاميت وطلب منه اصدار امر لقيساريا وهو الاسم الحركي لوحدة الاغتيال الاسرائيلية بالموساد حسب المصادر الاستخبارية الغربية الطلب منها اقتحام الشقة وقتل جميع من يتواجد فيها وراسل ايتان رئيس الموساد بالاسم الحركي المعروف حينها وهو ريمون وقال له يوجد لدينا امكانية لن تتكرر للوصول الى الهدف ( المقصود به ياسر عرفات ) يمكننا التنفيذ بسهولة . كان عرفات عام 1965 في العاصمة السورية دمشق فقامت وحدة 504 بتجنيد جاسوس وخطط لتفخيخ سيارته لكن العملية لم تنجح لأسباب ميدانية وتنفيذية وفي وقت لاحق حين اعتقلت السلطات السورية ياسر عرفات وولدت فكرة تجنيد سجناء جنائيين وخارجين عن القانون لاغتيال عرفات داخل السجن السوري وأيضا هذه الخطة لم تخرج لحيز التنفيذ وأطلق سراح ياسر عرفات بعد ذلك فى سقطة اخرى للموساد . وحينما جاءت نكسة يونيو 1967 ارغم ياسر عرفات على القتال بشكل مفاجئ خلال جولة ميدانية في القدسالشرقية و لكنه سرعان ما هرب من قادة الشاباك انفسهم . اما بعد نكسة يونيو 1967 تحولت عمليات عرفات ورجاله من عمليات هواة الى عمليات قاتلة ولكن اسرائيل ولمدة ستة اشهر لم تكن تعرف مكان تواجده حتى جاء جاسوس فلسطيني من عناصر فتح يحمل الاسم الحركي الممنوح له من قبل الشاباك العميل غروتيوس الذى سلم لمسئوليه في الشاباك معلومات افادت بان قيادة عرفات نقلت الى البلدة الاردنية الكرامة حينها قرر الجيش التوغل في البلدة وتصفية عرفات ورجاله ولكن كما هو معروف تعقدت العملية وقتل فيها 28 جنديا اسرائيليا ونجح عرفات بالهرب من البلدة في الثواني الاخيرة. فى عام 1968 بعد نجاح الجبهة الشعبية بقيادة عرفات اختطاف طائرة شركة العال الاسرائيلية فكر الموساد و الشاباك معا لتصفية عرفات بطرق تعد اكثر غرابة فى التاريخ . و كانت الخطة الاكثر غرابة هي محاولة اغتيال عرفات عن طريق التنويم المغناطيسي عن طريق طبيب نفسي فى سلاح البحرية الاسرائيلي يدعى " بنيامين شاليط " و على ما يبدو ان فكرة المراهنة على تنويم شخص ما وربط مصير عملية هامة بهذا الشخص امرا غريبا ولكن هناك منظمات استخبارية اكبر بكثير من الموساد مثل السي أي اية والكي جي بي اجرت في تلك الفترة تجارب عديدة على التنويم المغناطيسي . وفى عام 1973 جاءت فرصة على طبق من فضة للموساد و الجيش الاسرائيلي ليس لإغتيال ياسر عرفات فقط بل جميع قادة منظمة التحرير التي نظّمت في ذلك الوقت احتفالا كبيرا في بيروت وقبل الاحتفال بساعة تقريبا اجتمعت القيادة في مكتب قريب وهنا بدأت طائرات الفانتوم الاسرائيلية التدريب على قصف المكتب ولكن في يوم التنفيذ غطت سحابة كثيفة الهدف ومع هذا اتخذ سلاح الجو قرار بارسال الطائرة على امل ان تفتح باب الفرصة حين يحين الوقت وتسمح الظروف للطائرة برؤية افضل وكانت الاوامر للطيارين تؤكد عليهم تنفيذ القصف فقط في حالة مشاهدة الهدف لكن حانت الساعة الموعودة ولم تفتح نافذة الفرصة المرتقبة وهنا حاول الطيارون الهبوط اسفل الغيوم وحينها ترائى لهم الهدف واسقطوا قنابلهم لكن وبسبب اسقاط القنابل من ارتفاع منخفض لم يكن بالمقدور توجيهها فسقط على سطح المبنى ولم يصب سوى سائق ابو جهاد الذي وقف خارج المبنى يدخن سيجارته ونجا عرفات صاحب الالف روح مرة اخرى . وفى عام 1982 اصدر رئيس الوزراء الاسرائيلي مناحم بيجين اوامره بإلغاء خطة "واجد واجد" لاغتيال عرفات بسبب امكانية اصابة اشخاص رفيعي المستوى الدبلوماسي العالمي فى هذه العملية . وفى حرب لبنان الاولى كان عرفات احد اهم اهداف هذه الحرب وفورا مع تقدم القوات الاسرائيلية نحو بيروت اقام رئيس الاركان رفائيل ايتان قوة مهام خاصة اطلق عليها الاسم الرمزي "السمك المملح" مهمتها مساعدة رجال الموساد في تعقب وتحديد مكان عرفات وقتله و لكن جميع المحاولات التي استهدفت قتل عرفات فى هذه الحرب باءت بالفشل . وتوالت محاولات اغتيال عرفات منذ عام 1984 و حتى عام 2001 و لكن تميزت تلك المحاولات بأنها ثأر من رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون الذي واصل كراهية واحتقار عرفات طيلة السنوات الماضية رأى به جزء من المشكلة وليس جزء من الحل وبدأت مع بداية عام 2001 النقاشات داخل اسرائيل والمتعلقة بالسؤال ماذا نفعل مع عرفات . وادت تخوفات اسرائيل فى هذه المرحلة من قتل عرفات الى ان توصلوا لاقناع الدول الاوروبية بأن عرفات ليس الرئيس الشرعي للسلطة الفلسطينية . واصل القادة في اسرائيل التفكير طوال الوقت ماذا يفعلوا بعرفات وكان هناك انقساما في الاراء هناك من اعتقد بضرورة قتله علنا وهناك من اعتقد بقتله سرا بشكل لا يربط مقتله بإسرائيل وهناك من اعتقد بابعاده وطرده . و على مدار 13 يوما مكثها عرفات في مستشفى بيرسي الفرنسي حاول طاقم كبير من الاطباء والخبراء انقاذ حياته ويتضح من التقرير الكبير الغريب الذي نشر لاول مرة في كتاب الحرب السابعة للكاتبين عاموس هرئيل وافي سخاروف بان الاطباء والخبراء وقفوا عاجزين امام المرض الغريب الذي اصيب به ياسر عرفات . وتشير التقارير الى انه وفي يوم 12 اكتوبر عام 2004 حين كان عرفات محاصرا وبعد اربع ساعات من تناوله لوجبة العشاء اصيب باوجاع في البطن واسهال وغثيان وحالة من القيء واحساس عام بالسوء واستمرت الحالة وبعد عدة ايام ظهرت حالة من اليرقان وبعد فحص الكتراساوند لبطنه ولم يكتشف سببا محددا للمرض لكن لوحظ تدهور في وضعه وانخفاضا مستمرا في عدد الصفائح الدموية . وخلال وجوده في المستشفى ثارت شكوك حول تعرضه لتسمم على يد جهات معينة فاجرى الاطباء سلسة واسعة من الفحوصات الدم والبول وفحوصات السموم الطبية وسموم المعادن الثقيلة بما في ذلك فحص وجود عنصر السيزيوم والكروم والكوبلت وغيرها من العناصر الى جانب مواد مشعة يمكنها تسبب حالة من التسمم الاشعاعي وجميع الفحوصات كانت سلبية لكن عنصر البولونيوم الذي سبب الوفاة حسب تحقيق الجزيرة لم يجري فحصه لكن لا يمكن اتهام الاطباء بهذا حيث وصلت المعلومات المتعلقة بامكانية استخدام هذه المادة للقتل فقط عام 2006 بعد تسميم الكسندر ايتفيتتكو العميل الروسي السابق الذي قرر توجيه الانتقادات العلنية للرئيس بوتين.