رئيس جامعة الأزهر: توحيد الحد الأدنى للقبول في الكليات العملية بين البنين والبنات وشعب القانون    منال عوض: "حياة كريمة" أكبر مبادرة تنموية تشهدها الدولة المصرية في تاريخها    السفير الروسي بالقاهرة: التصعيد العسكري الروسي يعتمد على خيارات الغرب واستمرار دعم كييف    مفاجأة.. فيفا يهدد منتخب مصر بالاستبعاد من تصفيات كأس العالم 2026    السيسي يتابع مشروعات الربط الكهربائي مع دول الجوار واستراتيجيات العمل مع القطاع الخاص    النائب ياسر الهضيبي يطالب بإصدار تشريع خاص لريادة الأعمال والشركات الناشئة    الاتحاد الأفريقي لمقاولي التشييد: صادرات ب50 مليار دولار حال وجود تيسيرات    الرئيس السيسى يتابع خطط تطوير منظومة الكهرباء الوطنية وتحديث محطات التوليد وشبكات النقل والتوزيع ومراكز التحكم ورفع مستوى الخدمة المقدمة للمواطنين بشكل عام.. ويوجه بمواصلة جهود تحسين خدمات الكهرباء بالمحافظات    كامل الوزير: تشكيل جمعية للمستثمرين بكل منطقة صناعية تتولى أعمال الصيانة والتأمين    مشاركة منتدى شباب العالم في «قمة المستقبل» تتويج لجهوده.. منصة تبادل الأفكار والرؤى حول قضايا التنمية والسلام العالمي    استشهاد 6 فلسطينيين فى قصف للاحتلال استهدف مدرسة تؤوى نازحين بغرب غزة    دورات تدريبية مجانية للتعريف بالمزايا الضريبية وتيسيرات قانون تنمية المشروعات    انجاز تاريخي لهاري كين مع بايرن ميونخ في الدوري الألماني    "عايزة الريتش يعلى".. اعترافات طالبة نشرت فيديو ادعت فيه تعرضها للسرقة    سقوط أمطار في برج العرب بالإسكندرية.. فيديو وصور    ضبط8 عصابات و161 قطعة سلاح وتنفيذ 84 ألف حكم خلال 24 ساعة    طعام ملوث.. الصحة تكشف سبب إصابة أشخاص بنزلات معوية في أسوان    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى العياط    صناع مسلسل تيتا زوزو يهدون العمل لروح المنتجين حسام شوقي وتامر فتحي: ستظل ذكراكم في قلوبنا دائمًا    في ذكرى رحيل هشام سليم.. محطات فنية في حياة نجم التسعينيات    أونروا: مخيمات النازحين تعرضت اليوم لأول موجة أمطار فى خان يونس جنوب غزة    تفاصيل مسابقة الأفلام القصيرة والتصوير الفوتوغرافي ب"الكاثوليكي للسينما"    بسمة وهبة تعلق على سرقة أحمد سعد بعد حفل زفاف ابنها: ارتاحوا كل اللي نبرتوا عليه اتسرق    وجعت قلبنا كلنا يا حبيبي.. أول تعليق من زوجة إسماعيل الليثي على رحيل ابنها    الانتهاء من نقل أحد معالم مصر الأثرية.. قصة معبد أبو سمبل    الجامع الأزهر يتدبر معاني سورة الشرح بلغة الإشارة    موسم الهجوم على الإمام    اعتزل ما يؤذيك    صحة المنيا تستعد لتنفيذ قافلة طبية مجانية بدءا من غد الاثنين بقرية عزاقة ضمن مبادرة «بداية»    «الصحة»: إنارة 24 مستشفى ومركز للصحة النفسية تزامناً مع التوعية بألزهايمر    الصحة تنظم ورشة عمل لبحث تفعيل خدمات إضافية بقطاع الرعاية الأساسية    فرصة لشهر واحد فقط.. موعد حجز 1645 وحدة إسكان ب8 مدن جديدة «التفاصيل»    شقيق زوجة إمام عاشور يثير الجدل بسبب الاحتفال بدرع الدوري.. ماذا فعل؟    أدعية للأم المتوفاه.. دار الإفتاء تنصح بهذه الصيغ (فيديو)    رودريجو: أنشيلوتي غاضب.. وأشكر مودريتش وفينيسيوس    فنان شهير يعلن الاعتزال والهجرة بسبب عدم عرض أعمال عليه    جامعة حلوان تشارك في المؤتمر الأول لتفعيل القيادات الطلابية الرياضية    محافظ الشرقية يفتتح مدرسة السيدة نفيسة الثانوية المشتركة بقرية بندف بمنيا القمح    السلطات الإسرائيلية تأمر بإغلاق كل المدارس في الشمال    30 غارة جوية نفذها الاحتلال الإسرائيلي على الجنوب اللبناني الساعات الماضية    ضبط 27327 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    تحرير 148 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    أخبار الأهلي: قرار جديد في الأهلي بشأن علي معلول قبل مواجهة الزمالك    مفاجأة بشأن مصير «جوميز» مع الزمالك بعد السوبر الإفريقي    وزير الشباب يشهد افتتاح دورة الألعاب الأفريقية للرياضة الجامعية بنيجيريا    ارتفاع قتلى انفجار منجم فحم في إيران إلى 51    رؤساء التحرير يواجهون وزير التعليم بكل ما يشغل الرأى العام: محمد عبداللطيف: التعليم قضية وطن    أين تكمن خطورة مرض الكوليرا؟- طبيب يُجيب    الأكثر عدوى.. الصحة العالمية توضح كيفية الوقاية من متحور فيروس كورونا الجديد إكس إي سي؟‬    ضبط أكاديمية وهمية تمنح الدارسين شهادات "مضروبة" في القاهرة    لهذه الأسباب.. إحالة 10 مدرسين في بورسعيد للنيابة الإدارية -صور    مقاتلة "سو- 34" روسية تستهدف وحدات ومعدات عسكرية أوكرانية في مقاطعة "كورسك"    «قالولنا يومكم بكرة».. الحزن يكسو وجوه التلاميذ بالأقصر في أول يوم دراسة    «منافس الأهلي».. موعد مباراة العين ضد أوكلاند سيتي في كأس إنتر كونتينتتال والقنوات الناقلة    خطيب المسجد النبوي يُحذر من الشائعات والخداع على وسائل التواصل الاجتماعي    عالم أزهري: الشعب المصري متصوف بطبعه منذ 1400 سنة    حرب غزة.. الاحتلال يقتحم عنبتا شرق طولكرم ويداهم عدة منازل    وزير الخارجية يلتقى المفوض السامي لحقوق الإنسان بنيويورك (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالفيديو "مؤتمر الخلافة" لحزب التحرير الاسلامي بنقابة المحامين
نشر في الوادي يوم 08 - 07 - 2012

عقد مساءأمس بنقابة المحامين مؤتمر الخلافة منهاج النبوة لحزب التحرير الاسلامي ولاية مصر
بدأ المؤتمر بوصلة عتاب لنقابة الصحفيين من محمد عبد القوي وكيل المؤسسين الذى قال لقد اضطررنا أن نلجأ إلي نقابة المحامين بعد أن قامت الجمعية العمومية بنقابة الصحفيين بشكل عشوائي ومفاجئ بإلغاء العقد المبرم معنا، والذي عقدناه مع النقابة منذ ما يقارب الشهرين، بعد أن قدمنا طلباً رسمياً باسم الحزب لاستئجار القاعة الرئيسية بها ، بينا فيه بشكل جلي موضوعَ المؤتمر وكلَ متعلقاته. ثم بعد أن رُفع الطلب إلى إدارة النقابة حصلنا على موافقة رسمية وقمنا بدفع الرسوم المستحقة، وإبرام العقد كاملاً. ثم فوجئنا منذ بضعة أيام، أي قبل عقد المؤتمر بأسبوع وبعد أن انتشرت الدعوة له في كل مكان، بخبر في جريدة، يُعلن فيه نقيب الصحفيين إلغاءَ المؤتمر، دون أن يخبرنا خطّياً بأي شيء، وأول بلاغ خطي حصلنا عليه، هو هذا الذي علقوه على باب النقابة بتاريخ 4/7/2012م، أي قبل عقد المؤتمر بثلاثة أيام!
وبعد أن كانت النقابةُ في بداية الأمر تتحجج بأعذارٍ واهية لإلغاء المؤتمر، من مثل حريقٍ نشب في الطابق الخامس أضر بالمبنى، ثم اعترفت في النهاية أن هناك ضغوطاً مورست عليها من قبل بعض الجهات الصحفية - لا تريد لهذا المؤتمر أن ينعقد - اضطرتها إلى اتخاذ قرار الإلغاء.
ونحن هنا نتسائل: كيف يصدر هذا التصرفُ عن هيئة تدعي أنها رأسُ الحربة في الدفاع عن حرية الكلمة، والحصنُ الحصين لها؟ كيف تكون هذه الهيئة أولَ من يحذو حذو النظام البائد في منع الفكر والكلمة، فتنقلب على مبادئها وكل ما تؤمن به؟! أهذه هي إفرازات الليبرالية والديمقراطية التي يتشدقون بها؟ نعم، إنها فعلاً كذلك، فإذا نظرنا إلى أسيادهم الأيديولوجيين في أوروبا، محطُّ قبلتهم، وجدناهم قد سنوا السنة الأولى بمنع مؤتمرات الخلافة تعقد في بلادهم، فمنعوها في بلجيكا والنمسا وألمانيا، ويضيقون على الشباب حملة لواء الخلافة في كل مكان. فهي حرية رأي حلال لهم حرام على غيرهم.
وقال عبد القوي لا نخفي عليكم أيها الحضور الكرام أننا توقعنا حدوث مثل هذا الأمر، وهو مثال آخر واضح على مدى مناقضة دعاة هذا الفكر الليبرالي العلماني لأنفسهم، وأن منظومتهم الفكرية هي ليست سويةً راسخةَ البُنيان، بل هي معوجةٌ متضاربة توشك على السقوط والتهالك إذا جوبهت بتحدٍ مبدئي حقيقي.
قد كان بإمكاننا أن نصر على عقد المؤتمر في نقابة الصحفيين أو أمامها، خاصة وأننا أصحاب حق، ولكننا قررنا – وبعد دراسة واقع الأمر وتداعياته من كل جوانبه – عقدَ المؤتمرِ في هذه القاعة البديلة تجنباً لأي صدام أمام النقابة الذي قد تسعى إليه أيادٍ مغرضة خفية.
فنحن في حزب التحرير أصحابُ فكرٍ ومبدأ، نريد طرحَ ما عندنا في حوارٍ عَقَدِي بنَّاء. نقارع الحجة بالحجة، دون أي غوغائية أو أسلوب صدامي مشحون.
وأضاف عبد القوي لقد سؤلنا كثيراً عن سبب عقدنا لمؤتمر الخلافة في هذا الوقت بالذات، والجواب على ذلك من عدة أوجه:
لقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن سبيل النهضة في هذا البلد، لاسيما وقد جعلها الرئيس الحالي شعارًا له في حملته الانتخابية، ولكن سُبُلَ البحث عن أسباب النهضة لم تسلك المسلكَ السوي، فذهبت تنظر في نتائج النهضة بدل البحث عن أسبابها الحقيقية، فكان لزاماً على حزب التحرير وهو قوّامٌ بفكره على المجتمع، متبنٍ لمصالح هذه الأمة، أن يبين للناس حقيقة النهضة، ما هي؟ (وأنها الرقي الفكري، وتحصل بوجود فكرة كلية عن الكون والإنسان والحياة، ينبثق عنها نظام شامل للحياة يطبق كاملاً.)
كما أنه قد احتدم النقاش بين النُخَب السياسية في هذا البلد، بل أصبح حديثَ الشارع، عن شكل الدستور الجديد الذي سوف يوضع لمصر، وانتهت جميع القوى بما فيها المسماة بالإسلامية إلى القول بأنه يجب أن يكون دستوراً توافقياً، تتفق عليه كل طوائف وشرائح المجتمع.
فكان لزاماً على حزب التحرير أن يبين أن التوافق هنا يعني أن تُدخِلَ كلُّ فئةٍ أموراً على الدستور من وجهة نظرها وبناءً على مصالحها، وهذا ينتهي بالدستور أن يكون مزيجاً من الأحكام المختلطة، التي أملتها وجهات نظر مختلفة تكون متضاربةً أحياناً.
فلا يمكن لمثل هذا الدستور – وهو النظام العام الذي ينظم شئون الناس وشكل الدولة وعلاقة الحاكم بالمحكوم - أن يؤدي إلى نهضة، بل إنه سيؤدي حتماً إلى الفوضى والتأخر ومزيد من الانحطاط.
بل يجب أن يؤخذ الدستور من منبع واحدٍ صافٍ، من عقيدة أي من فكرة كلية واحدة، ويجب أن تكون هذه العقيدة التي ينبثق عنها الدستور والنظام هي العقيدة التي يحملها الشعب، حتى يحتضنَ الشعبُ دولتَه وقيادتَه، فتكون الدولة قويةً بشعبها سائرةً بخطىً حثيثة نحو الرقي والرخاء، هذا هو حال الثورات التي نجحت والشعوب التي نهضت في كل أنحاء العالم.
ونحن المسلمين غيرُ مخيرين في الدستور والأحكام التي نطبقها علينا، أن نتفق على ما نشاء كيف نشاء، بل علينا أن نلتزمَ الأحكامَ الشرعية كما نزلت، قال تعالى: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم".
لذا فإننا نجعل من هذا المؤتمر مناسبةً لنضع بين يدي الأمة في مصر دستوراً لدولة الخلافة منبثقاً من عقيدتها الإسلامية جاهزاً للتطبيق، يوفر عليهم البحثَ والتوافقَ على أمور هم أصلاً ليسوا مخيرين فيها. وبهذا الدستور الصافي النقي المنبثقِ من منبع واحد تكون النهضة.
إننا نريد في هذا المؤتمر أن نطرح مشروع النهضة بشكله الصحيح، وبأدلته الشرعية المفصلة، والتي للأسف غيّبها الكافر المستعمر عن أذهان المسلمين.
ونريد أن نأتي بأمثلة حية على قدرة هذا المشروع – المتمثل في دولة الخلافة الإسلامية – على حل مشاكل مصر والعالم الإسلامي في القرن الحادي والعشرين، بل إنه يحمل في طياته الحلول الصحيحة لمشاكل البشرية جمعاء، التي ما تفتأ تخرج من أزمة إلا ودخلت في أخرى أسوأ من سابقتها.
كما إننا نريد في نهاية المؤتمر أن ندخل في نقاش حي مثمر مع الحضور الكريم، لتوضيح أمور بقيت مستترة، وبلورة أفكار تحتاج لوضع الإصبع عليها.
وأخيراً وليس آخراً نرحب بغير المسلمين من الحضور، لنبين لهم بالأمثلة الحية أن دولةَ الخلافة هي التي ستنصفهم، وتعيد لهم حقَوقهم، وهي التي ستحمي أموالهم وأولادهم ودماءهم بحق. وستساوي بينهم وبين المسلمين أمام القانون، وستكون لهم المواطنةُ كاملةً، والحقوقُ غيرَ منقوصة.
إن مشروع الخلافة أيها الحضورُ الكرام، هو مشروعٌ عظيم يستأهل وقفةً بل وقفات، ندعوكم لدراسته وبحثه والنقاش حوله، ونسأل الله أن يجعلَ هذا المؤتمرَ بدايةً لتفاعلات فكرية واسعة في مصر الكنانة، تؤدي في النهاية إلى قناعات تشمل فئات المجتمع المختلفة، ووعي عام على صحة وضرورة هذا المشروع الذي هو الحجر الأساس لنجاحه.
وبدأ الدين الزناتي المنسق العام للمؤتمر كلمته بقوله تعالى" وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا " .. فالأخرةُ هى الهدف شئنا أم أبينا، ولابدَ للإنسان من إرادةٍ حين السعىُ لها ، فلا يصحُ في هذا السعيِ الرغبةُ والتمنى على الله الآمانيَ، ولابد لهذا السعي من كيفيةٍ محددةٍ تؤدي إلى تحقيق الهدفِ، وليس مجردَ سعىٍ أو مطلقَ سعىٍ، ولذا قال تعالى " وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا " ، ولابدَ لهذه الإرادةُ وهذا السعيُ أن يكونَ منبثقاً من الإيمانِ بالله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم ، واليوم الأخر .
وهكذا رسخَ الإسلامُ فينا أن أحكامَهُ الشرعيةَ لها كيفياتٌ شرعيةٌ يجبُ الالتزامُ بها حين السعيُ في تنفيذ هذه الأحكام .
فالإسلامُ ، ما تركَ شأناً من شئونِ الإنسان في الحياة إلا وبينه ببيان حكمه الشرعي وبيانِ كيفيةٍ محددةٍ لتنفيذ هذا الحكم . وهذه الكيفيةُ المحددةُ إما أن تكونَ كيفيةٌ مخصوصة لتنفيذ الحكم، أي أن الإسلامَ حدد هذه الكيفيةُ بدليلٍ خاصٍ بها يبينها فتكونَ حينئذ من ثوابتِ الإسلام أي من طريقةِ الإسلام التي لايمكنُ الحيدُ عنها أو الإتيانُ بغيرها، أما إن كانت هذه الكيفية المحددة لتنفيذ الحكم الشرعي تركها الإسلام عامة ، أي أن الإسلام أتى لبيان هذه الكيفية بدليلٍ عامٍ، فمن ثمَ يكونُ الإسلام ُ قد ترك للإنسان تحديد كيفية تنفيذِ الحكم بحسب متغيرات الواقع وآليات التعامل معه ، فتكون حينئذ هذه الكيفية لتنفيذ الحكم ، المتروكةُ لإبداع الإنسان بحسب متغيراتِ الواقعِ الذي يعيشُ فيه ، أسلوباً من الأساليب لتنفيذ الحكم الشرعي ، فتكون حينئذ من المتغيرات في الإسلام.
وبذلك تكون الثوابت في الإسلام : هى الأحكام الشرعية التي بين لها الإسلام كيفية مخصوصة لتنفيذها ، وتكون المتغيرات في الإسلام هى الأحكام الشرعيى التي بين الإسلام كيفية عامة لتنفيذها .
مثالاً للتوضيح ، فعقوبةُ السارقِ في الإسلام مثلاً ليست أسلوباً يتغير بتغير الزمان والمكان، وكذلك توزيع الميراث على الورثةِ ليس أسلوباً يتغير بتغير الزمان والمكان ، ولكنها طرقٌ تُلتزم، فلايجوز الحيدُ عنها مطلقاً. ومثله، فرضُ نصبِ خليفةٍ واحدٍ للمسلمين على رأس نظام الخلافة، فإنَّ طريقةَ تنفيذِ هذا النصبِ هى البيعةُ التي هى عقدُ وكالةٍ بالمراضاة والاختيار بين الأمة ورجلٍ منها ينوب عنها في تطبيقِ شرعِ الله عليها ويقودها في حمل الإسلام للعالم بالدعوة والجهاد، وله في مقابلِ ذلك السمعُ والطاعة، فطريقةُ نصبِ خليفةٍ للمسلمين هي البيعة التى ورد ذكرها دائماً مقروناً بخليفة المسلمين وأمامهم ، وهذا الاقتران دلل ليس فقط على وجوب نصب خليفةٍ للمسلمينَ بل وعلى وجوب أن تكونَ البيعة طريقةِ هذا النصب.
وهكذا ، يجب أن ندركَ أن الثوابت والمتغيرات في الإسلام لها قواعدٌ شرعية تحكم تحديدها ، فلا تترك نهباً مستبحاً لكل زاعق ونعاق ، ليحدد في الإسلام أن هذا متغيرُ وهذا ثابتٌ ، حتى وصل بنا الحال إلى أن صار الإسلام الذي أنزل على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عند البعض كله متغير ولا يصلح لهذا الزمان ولهذا المكان ، كبرت كلمةٌ تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا.
والآن، وقد وضح لنا، بما لايدعُ مجالاً للشك، وجوبِ إقامةِ الحكم على أساس عقيدة الإسلام وشريعته، وقد وضح لنا أنه فرضٌ تضافرتُ الأدلةُ الشرعية من الكتاب والسنة على فرضيته وأنه نظام حكمٍ فريد متميز وهو الخلافة.
فيجب - وجوباً شرعياً - لا نقاش فيه، تمكين الإسلام في الحكم تمكينا كاملاً شاملاً غير منقوصٍ ولا متدرجٍ بإقامة دولة الإسلام ، دولة الخلافة، ويجبُ أن تكون دعوة الدعاة ودعوة العاملين المخلصين للإسلام منصبة على ذلك، . فهل هذا الحكم الشرعي بوجوب تمكين الإسلام في الحكم كاملاً شاملاً بإقامة الخلافة الإسلامية له كيفية ثابتة لتحقيقة وتنفيذه، أي له طريقةٌ ؟! أي ، أم له أسلوبٌ أي كيفيةٌ متغيرةٌ يحددها الواقعُ من زمانٍ ومكان ؟!.
الحقيقةُ،الحضور الكرام ، قبلُ الجوابِ على هذا السؤال ، لابد من أن نقررَ قضيةً أساسيةً ، وأحسبها مقررة ، ألا وهى مرجعيتُنا في التوجه للبحث عن جميع ما يتعلق بشئون حياتنا وقضايانا، وهى بل شك، الإسلام عقيدةً وشرعةً ومنهاجا ، فهكذا يجب أن تكونَ القيادة الفكرية فينا ، عندما يقرعُ أذهانَنا أمرٌ أو يشغلُ بالنُا بحثٌ ، يجب أن يكونَ التوجهُ دائماً إلى الإسلام ، وذلك لإيماننا القاطع بشموله وكامله، يقول تعالى " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا " ويقول أيضاً " وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ " ويقول صلى الله عليه وآله وسلم " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فليس منا " ، فلا يجوز بأي حال من الأحوال تصورُ – مجردُ تصورٍ - أن هناك مشكلةٌ أو قضيةٌ أو أي شأنٍ من شئون الإنسان ليس لله فيه مراد ، أي ليس لله فيه حكمٌ ، وهو الحكم الشرعي بكيفية تنفيذه، لايجوزُ تصورُ ذلك – ولو مجردُ تصور - لافي الماض ولا في الحاضر ولا في المستقبل . هذا الحكم الشرعي أيها الأخوة الكرام ، إما أن يكونَ منصوصٌ عليه بنصوصٍ مباشرةٍ من الكتاب والسنة مجتمعةٌ أو متفرقةٌ، أو بأماراتٍ تدل عليه من نصوصٍ من الكتاب والسنة وما أرشدا إليه من إجماع صحابة وقياس شرعي .
من هنا أيها الأخوة الكرام ، ومن هذا المنطلق الذي قررناه ، ومن منطلقِ أنه يجب علينا أن نحيا بالإسلام وللإسلام ويجب علينا أن نحمله دعوةً بيننا بإفراده بالسيادة المطلقة فلا نقبلُ مطلقاً سوى عقيدته وشريعته ومقيايسه ومفاهيمه وأنظمته منظماً لجميع شئون حياة البشر ، ونحمله دعوةً للعالم بالدعوة والجهاد بجعله محورَ حياة الناس وحركة دولته ، وأن هذا ما فرضه الله علينا ، وأن دولة الإسلام دولة الخلافة هى طريقةُ الإسلام لتحقيق ذلك ، فلابد من إدراك أن كيفية إقامة هذا الفرض ، وهو الخلافة، لابد وأن يكون مما أتي به الوحي إيضاً، ولابد من البحث في الوحي أي في الكتاب والسنة وما أرشدا إليه من أدلة عن ذلك ، بذلك نضمن أننا ممن يريد الأخرة ويسعى لها سعيها وغايتُنا هى نوالُ رضوان الله بغضِ النظرِ اتفق معنا الأخرون أم إختلفوا فالله سبحانه وتعالى يقول " وكلهم أتيه يومَ القيامةِ فردا " .
فحين ننظر في سيرةُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهى جزء لا يتجزأ من سنته، نجد أنه برغم عالمية الإسلام،أي صلاحيته لبني البشر جميعاً ، إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسعى سعياً حثيثاً لتركيزه وتمكينه في بلد وفي كدولةٍ ، فصار هذا البلد هو حاضرةُ الخلافة ونواتُها لإنطلاق الإسلام وحمله دعوة للعالم بالدعوة والجهاد .
وهذا يوجب علينا الآن السعي لتركيز الإسلام وتمكينه في بلدٍ ودولةٍ تحمل الإسلام دعوةٌ لعبادة الله الواحد القهار ، دعوةُ لإخراج الناس من جور الرأسمالية وليبراليتها وعلمانيتها وديمقراطيتها إلى عدل الإسلام . دعوةٌ لوحدة الأمةِ الإسلامية في مواجهة الوطنيات والقوميات التي رسمتها حدود إتفاقية سايكس – بيكو المنحطة والتي رفعوها لنا من الورق والخرائط لكي تستقر في قلوبنا، فجعلت فكرنا ضيقاً في حدود وطنية وقومية ، بالرغم من أن شعورنا مع الإسلام والمسلمين .
أما ماهي الطريقة الشرعية لتمكين الإسلام في دولة الخلافة ؟!
فالجواب على ذلك ، وكما بينا، لابد من التوجه بالبحث عنه في الكتاب والسنة .. فلا يصح، ولا يجوز أن يكون توجهنا لإقامة فريضة تمكين الإسلام في دولة إسلامية، هى دولة الخلافة، أن يكون بحثنا متوجهاً فيما فعلته الثورة البلشفية في روسيا ولا فيما فعله الخميني في إيران ولا فيما فعله جيفارا في كوبا !، بل الصحيح الواجب أن يكون فيما فعله محمدٌ صلى الله عليه وسلم في مكة والمدينة.
وقال الزناتي هذه هي الطريقةُ الشرعيةُ لإقامةِ الخلافة الإسلامية نجملها فيما يلي :
أولاً : كخط عريض رئيسى، أساس هذه الطريقة هو الصراع الفكري والكفاح السياسي، على أساس إفراد الإسلام بالسيادة مطلقاً أفكاراً ومفاهيماً ومقايساً وقناعات وأنظمةً دون غيره.
ثانياً : قيام أحزابٍ أو تكتلاتٍ سياسية على أساس الإسلام وحده، دارسةً فاهمةً لواقع المجتمع، مدركةً لجميع الأفكارِ والمفاهيمِ والأنظمةِ المغلوطةِ والكافرةِ التي تحولَ دون تمكينِ الإسلام، متبنيةً من الإسلام ما يؤهلها لإفرادِ الإسلامِ بالسيادة، وخوضِ غماراتِ الصراعِ الفكري والكفاحِ السياسي لإيجاد رأيٍ عامٍ واعٍ في الأمة ، جاذبةً ومطالبةً أصحابَ الرأي والقوةِ والمنعةِ بتمكين الإسلام بإقامة دولته دولة الخلافة .
فعلى أساس هذه الطريقةِ الشرعية ومقتضياتُها، تبنى حزبُ التحريرِ طريقةَ عمله لإقامة دولة الخلافة، متبنياً ثقافةً فكريةً سياسيةً منبثقة من الإسلام وحده تؤهله وتؤهل شبابه والأمة معه لخوضِ الصراع الفكري والكفاح السياسي ضد أفكارِ ومفاهيمِ وأنظمةِ الكفرِ وعملائه الذين يحولونَ بينَ الناسِ وبينَ الحياةِ الإسلامية والنهضةِ على أساسها. وضمّن هذه الثقافةٍ في كتبه التي يُدرَّسها لأعضائه ومؤيديه وينشرها للإمة ، ويقيم عليها نداواتهِ ومحاضراتهِ ومؤتمراتهِ ، ويخوضُ على أساسها الكفاحُ السياسيُ في مواجهةِ الأنظمةِ العميلةِ للغربِ الكافرِ التي تحكم بلادَ المسلمين بما يصدره من بياناتٍ ونشراتٍ وما يقوم به من فعالياتٍ تكشفُ ما يحاكُ ضد الإسلامِ والمسلمين من خططٍ سياسيةٍ كانت أو فكريةٍ أو عسكريةٍ لضربِ الإسلامِ والمسلمين ، مطالباً الأمةَ وأهلَ النصرة وأصحابَ القوة والمنعةِ بإحتضانه والعملَ معه لتمكينِ الإسلامِ بإقامةِ فرضِ الفروض وتاجِها، دولةُ الخلافةِ، إسقاطاً للإثم ونوالاً لمراضاة الله سبحانه وتعالى .
نسأل الله السميع العليم رب العرش العظيم أن يعز الإسلام والمسلمين بخلافة على منهاج النبوة .. آمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
وقام الدكتور ياسر صابر الكاتب والباحث بعرض فكرة نهضة الخلافة فقال إن العملَ لإنهاضِ الأمةِ يتطلبُ منا أولاً الوقوفَ على حقيقة النهضة ماهى ، وماهى مقوماتُها وكيف تتحقق وهل هناك فرقٌ بين النهضات؟ لأن من يتصورَ النهضةَ هى التقدمُ العلمى وإنتاجُ العلماءِ ، أو أنها الإبداعُ فى إنتاجِ وسائلِ الإشباع التى يحتاجها الإنسان ، أو فى زيادةِ الثروة وعلاجِ الفقر ، أو التغلبُ على الأمراض ، من يتصور أن هذه هى النهضة ، فسوف يُضَّيعُ عمرَه دون إدراكِها . فها هى بلادُ المسلمين تتركز فيها أربعةُ أخماسِ الثروةِ فى العالم ، وقد أخرجت من العلماءِ وحاملى الشهاداتِ ماأغرقَ بلادَ الغربِ ، ووصلَ الأمرُ ببعضِ بلدانِنِا أن شواطَئها أصبحت مكيفةَ الهواء ، وقصورُها بُنيت تحت الماء ، وأبراجُها تناطحُ السحاب ، ومع ذلك مازالت هذه البلاد غارقةً فى التخلفِ والإنحطاط .
لذلك نقول أن التقدم المادى ليس سبباً للنهضة ، إنما أساس النهضة هو الإرتفاع الفكرى الذى يبلور للإنسان وجهة نظره فى الحياة ، ولا يمكن أن تحدث نهضة فى أى مجتمع إلا بوجود فكرة كلية عن الكون والإنسان والحياة تجيب للإنسان عن كل تساؤلاته التى تتعلق بوجوده فيها والغاية منها ، أى وجود عقيدة لديه ، وبوجود نظام شامل ينبثق عن هذه العقيدة ينظم للإنسان حياته فى كل جزئياتها بناءاً على هذه العقيدة ، أو بكلمات أخرى وجود المبدأ هو سبب وجود النهضة. أما ما يتعلق بالتقدمِ المادى والأخذِ بأسباب الحياة فهو نتيجةٌ طبيعيةٌ للنهضة، لأن أىَ أمةٍ ناهضةٍ تسعى لتسخير مادة الكون وأشكالها المختلفة للأخذ بأسباب القوة التى تجعلها قادرة على تطبيق مبدئها والحفاظ عليه وحمله لغيرها من الأمم والشعوب. وعلى هذا الأساس وجدت نهضة على أنقاض روسيا القيصرية بعد بلورة الإشتراكية كمبدأٍ وحَمَلَها الإتحادُ السوفيتى كدولة ، وفى أوروبا الغربية وجدت نهضة بعد صياغة الرأسمالية أيضاً كمبدأ سار عليه الغرب بعد عصوره المظلمة إلى يومنا هذا ، وفى كلتا الحالتين لاينكر أحد أن الإتحاد السوفيتى وأوروبا الغربية قد إنتقلتا من مرحلة الإنحطاط إلى مرحلة النهضة بعد صياغة مبدئيهما .
فهل هناك فرق بين النهضات ، وهل هناك نهضة صحيحة وأخرى خاطئة ؟
إذا كان المبدأ هو سبب النهضة ، فإن المبدأ الصحيح يؤدى حتماً إلى النهضة الصحيحة والمبدأ الصحيح هو ذلك المبدأ الذى يستند إلى عقيدة صحيحة تقنع العقل وتتفق مع فطرة الإنسان التى خلق عليها وبالتالى تملأ قلبه طمأنينة وتمنحه السعادة الحقيقية وليست تلك السعادة المتوهمة. وبما أن الكون والإنسان والحياة حقيقة موجودة لذلك لايتصور أن تكون هناك أجوبةً مختلفةً عنها سوى جواب واحد الذى يفسرها وهذا الجواب قد أتى به الوحى، لذلك لايمكن وجود أكثر من نهضة صحيحة سوى التى أوجدها الإسلام بينما النهضات الخاطئة يمكن أن تتعدد كتلك التى أوجدتها الإشتراكية أو التى أتت بها الرأسمالية، فالأولى أنكرت وجودَ الخالق بينما الثانية أنكرت دوره فى حياتنا أما الإسلام فقد أتى بعقيدة أجابت للإنسان عن تساؤلاته بما يخص الكون والإنسان والحياة فقالت أن الكون والإنسان والحياة مخلوقة لخالق وأن الحياة فى الدنيا ليست أزلية وأعطت جواباً بما يتعلق بالغاية منها حين أقرت بأن الله خلق الإنسان من أجل عبادته " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" الذاريات 56 ، وأن الموت يتبعه حساب يفضى إما إلى الجنة وإما إلى النار وهذه هى حياة الخلود ولذلك فالسعادة الحقيقية التى يبحث المسلم عنها فى الدنيا هى نوال رضوان الله، وبناءاً على هذه العقيدة إنبثقت أنظمةُ حياةٍ شاملة تنظم الحكمَ والإقتصاد والعقوبات والسياسةَ الخارجية وغيرَها ، كانت كلها وحياً من عند الله خالق الإنسان والكون والحياة ويظهر فى كل تفصيلاتها إنبثاقها عن هذه العقيدة، لهذا فالإسلام هو المبدأ الوحيد الذى أوجد نهضةً صحيحةً استمرت أربعة عشر قرناً من الزمن وقد انتشر الإسلام إنتشاراً سريعاً لأنه إمتلك العقول والقلوب بعقيدته التى يقبل عليها أىُ إنسان، وأنظمةِ حياته التى تتفق مع فطرة الإنسان التى فطره الله عليها " فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" الروم 30 .
إن إلقاء نظرة على أنظمة الحياة التى إنبثقت عن عقيدة فصل الدين عن الحياة التى بنى عليها المبدأ الرأسمالى ومقارنتها بالإسلام تظهر لنا بوضوح الفرق بين النهضة الصحيحة والنهضة الخاطئة .
على مستوى الحكم :
لقد تشدق الغرب بديمقراطيته ، وإعتبرها أرقى نظامٍ للحكم عرفته البشرية بحجة أنه يجعل السيادةَ للشعب ، فالشعب هو الذى يحكم نفسه بنفسه وهو الذى يضع قوانينه من عقله. إلا أن الواقع الذى عاشه الغرب أثبت بما لايدع مجالاً للشك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.