" أن هناك من الحقائق ما يساوي الناس عداً. فكل منا يكون لنفسه صورة خادعة عن العالم. وهو خداع شعري أو عاطفي أو بهيج أو مقبض أو قذر أو كئيب حسبما تكون طبيعته.. كخداع الجمال وهو تقليد إنساني.. وخداع الدمامة وهو فكرة متغيرة.. وخداع النذالة الذي يستهوي الكثيرين. وكبار الفنانين هم أولئك الذين يستطيعون حمل الإنسانية على قبول انخداعاتهم الخاصة" تلك المقولة التي كان دائماً يقولها الكاتب الفرنسي غي دو موباسان علي مدار حياته هذا الكاتب الذي انحاز للمرأة في كتاباته ، فالمرأة في قصص موباسان هي التي تأخذ بزمام المبادرة . غي دو موباسان هو أحد أشهر الأدباء الفرنسيين في تاريخ فرنسا الحديث وأحد آباء القصة القصيرة الحديثة ، ولد بقصر ميرونمسنل بنورمانديا في 5 أغسطس 1850 ، درس القانون والتحق بالجيش الفرنسي ثم عمل ككاتب في البحرية ، وقابل الكاتب الشهير جوستاف فلوبير عن طريق صلات اسرته ليصبح فيما بعد تلميذه المخلص ، وقد قدم فلوبير لتلميذه نظرية للنجاح الأدبي تتكون من ثلاثة أجزاء : لاحظ ، لاحظ ، ثم لاحظ . كرث موباسان وقته للكتابة وجعلها شغله الشاغل وأنتشرت أعماله في الأوساط الأدبية ، كما أن صحيفة " جين بلان"قامت بنشر قصة طويلة له بعنوان " حياة امرأة " في صورة حلقات مسلسلة بدأت من تاريخ 27 فبراير من عام 1883م . وشهد عام 1884 زيادة في إنتاجه الأدبي ، خلف موباسان خلفه إرث أدبي فيه التنوع والإبداع فقد كتب قصص قصير ة وروايات وشعر ، وإنتاجه الأدبي يتمثل في قصص قصيرة يقدر عددها بمائتين وخمسين قصة ، و ست روايات ، وديوان شعري واحد . من اهم أعماله ومؤلفاته " حياة إمرأة " ، " بيتر وجون " " كرة الشحم " ، "ضوء القمر" ، "قطعة الخيط" ، " رحلة إلي الجزائر " ، " إلي بلاد الشمس " ومن اهم قصصه القصيرة " العقد" ، " الأنسة فيفي " . المرأة في قصص موباسان هي التي تأخذ بزمام المبادرة، فلقد كان موباسان مقتنعا أن الاخلاق التقليدية قائمة على اضطهاد المرأة وتمجيد الرجل. وهذا هو اساس الصراع الاجتماعي الذي يسفر عن التحدي الشجاع الذي تقوم به المرأة وهو التحدي الذي اراد موباسان ان يصوره في اعماله. ويصور موباسان ظروف المرأة المتزوجة التي اخفقت في زواجها ولم يساعدها زوجها في تحقيق المثل العليا التي طمحت ان تجدها في مؤسسة الزواج. ويصور الزوج بطريقة لا يجد فيها القارىء مجالا للتعاطف معه فالثقة بالزوجة ليست فضيلة اذا كان اساسها غرور الزوج . ومعظم شخصيات موباسان فلاحون نورمانديون، وبيروقراطيون باريسيون، وجنود وبحارة. وهو لا يفضل نهاية بعينها لقصصه. ولكنه يختار النهاية التي يفرضها الواقع المرسوم في القصة. ذلك ان هدفه الاول من كتابة القصة هو تقديم صورة واضحة المعالم لما رآه بعينيه . وتعد قصة " الحلية " من القصص القصيرة التي أجمع النقاد في مختلف أنحاء العالم أنها هي نموذج متكامل للقصة القصيرة التي تحمل نهاية مفاجئة كما انها تحتوي علي جميع عناصر القصة القصيرة من اشخاص وأحداث والمكان والزمان والنهاية بالإضافة إلي وجود عناصر اخري بها مثل التدرج حتي الوصول إلي النهاية وجمال التصوير بطريقة درامية والتشويق والمصادفات المعقولة . كان موباسان الرسام الأكبر للعبوس البشري ودوماً ما كان يصاب بصداع وكان يتلوي ساعات من الألم حتي أصيب بالجنون عام 1891 وتوفي في 6 يوليو 1893 بإحدي المصحات .