تحتاج منظومة الرعاية الصحية إلى إعادة نظر من قبل القائمين عليها، خاصة في ظل تدني الخدمات الطبية والصحية في كثر من المستشفيات المؤسسات الصحية، لاسيما في المستشفيات الحكومية، ومثال على ذلك مستشفى القصر العيني القديم، حيث تغيب أبسط قواعد إحترام المريض وسط زحام الباعة المتجولين وكثرة عدد الزائرين الذين يتسابقون لحجز مكان على الأرض لإفتراشه وأحيانا للنوم لعدم وجود كراسي أو أماكن للإستراحة داخل أو خارج العنابر. وكما غابت الرعاية الصحية، غابت معها الأصوات المنادية والمتشدقة بحقوق الإنسان، بل بأبسط حقوق الإنسان وهو حق الإنسان في الحياه بجانب حقه في الحصول على رعاية صحية تليق به في القصر العيني، أو في أكبر صرح طبي تعليمي في مصر كما يحلو للبعض أن يطلق عليه . ليس جديدا على مستشفى القصر العيني "القديم" أن تجد فيه كل المهازل الطبية والآدمية من لحظة وصولك إلى شباك تذاكر الزيارة والتي تبدأ من الساعة 2 بعد الظهر، حيث تباع فيه التذكرة بخمسة جنيهات مع العلم أن ثمنها المدون عليها "1جنيه للفرد"، حتى إن أحد الزائرين كاد أن يفتك بمحصل التذاكر وإتهمه بالتربح من قيمه تذاكر الزيارات، أما عند الدخول لحجرة المريض الذي أتيت لزيارته، سترى بعينك الإهمال الجثيم الذي يتعرض له المستشفى الذي يعالج اللآف المرضى من كافة محافظات وقرى مصر. "الوادي" تجولت بمستشفى القصر العيني "القديم" والذي يوصف بمنارة الطب المصري، وسط ضعف الإمكانيات الطبية بعكس العديد من المستشفيات، وقلة الموارد، وعدم الإهتمام بالمستوى الصحي للمرضى ولا للمستشفى هو ماجعل الإهمال يتراكم إلى ذلك الحد الذي يصعب مواجهته. عند صعود سلم الطابق الأول من المستشفى تهيلك كمية المناديل والقطن المطعم ببقع الدماء التي تغطي أرضية المستشفي بجانب بقايا السجائر الملقاه على الأرض والتي أصابها اليأس والملل من إنتظار عامل النظاقة الذي سيرحم المرضى من وجودها، وتزداد المعاناه بزيادة تلك المخلفات الملقاه على جوانب السلالم وبخاصة مخلفات الأطباء والمرضى، والأوقية الطبية لكلا من المرضى والأطباء بجوار أكواب الشاي وبقاياها الملقاه أمام غرف الرعاية المركزة وغرف العمليات والعنابر الصحية. إعتبر الزائرون أنه من شبه المستحيلات أن يحصل أي زائر لمستشفى القصر العيني "منارة الطب" سابقا على كرسي للجلوس عليه، حتى أصبح مآلهم إلى أرضية المستشفى لإفتراش الأرض جلوسا ونياما، منهم من هم في حالة إنتظار خروج ذويهم من إحدى غرف العمليات أو العناية المركزة أو حتى في العنبر الصحي الخاص بحالاتهم. وفي ذات السياق تشاهد الباعة المتجولين بأرجاء المستشفى في مشهد يحطم كل أساسيات العمل الصحي، حيث ينتشر الباعة المتجولين ما بين بائعي "الكشري" وبائعي العصائر والمياه المعدنية، والأطعمة الأخرى، ينادون على بضاعتهم بأصواتهم العالية أمام لافتات "الهدوء لراحة المرضى"، وبجانب اللافتة صندوق قمامة إمتلأ على أخره بل وفاض به الكيل حتى طفح من كثرة ما يحتويه. وفي وصف صريح لمبني المستشفى لوحظ على شبابيك حجرات المرضى بقايا الطعام والسجائر والتي لم يعيرها مسؤلوا النظافة بالإهتمام بلا سبب يذكر أو داعي لتركها، أما عن الطرقات فقد أفترشت بالمرضى والزائرين لندرة الأسرة بداخل العنابر في بعض الأحيان، ولكثرة المرضى داخل العنابر في أحيان أخرى، فقد تجمعت المرضى منهم من على سريره في الطرقات ومنهم من إفترش الأرض بجانب ذويهم أثناء فترة الزيارة لتبادل أطراف الحديث، ومنهم من يفترش الأرض طول الوقت لعدم حصوله على سرير خاص في أحد العنابر الصحية بالقصر العيني. وفي مشهد آخر لوحظ أن مجاري المستشفى تتعرض للطفح يوميا بدون أي تدخل من الإدارة الصحية وبدون التطرق لحل تلك المشكلة التي وإن تفاقمت ستزيد الأمراض على المرضى، فما بين المباني بالطابق الأرضي تزداد بالوعات الصرف الصحي في الطفح وإخراج ما بها من روائح كريهة ومياه ملوثة وغيرها من الأسباب التي قد تؤدي بالضرورة إلى تفاقم أزمات المرضى الذين يملئون المستشفى.