مفاجأة: شركات مملوكة للدولة تجاهلت القانون وتعاقدت رسمياً على توريد «عمال سخرة».. ونجلا وزيرى صناعة سابقان أهم الموردين «الوادى» تحصل على السجل التجارى لشركة وسيطة تشغل 126 ألف عامل.. والمفاجأة: لا تملك سوى شقة مستأجرة "قانون جديد" محامى العمال: القانون يحظر إنشاء شركات توريد العمالة ويجرم التعاقد معها.. وعمال السخرة قادة الثورة المقبلة «يا ترى حنعيش لحد ما نشوف ثورة بجد؟!..الثورة يا بنى مش بس هتافات ومظاهرات..الثورة اللى إحنا مستنينها هى ثمرة المظاهرات والهتافات اللى هتفناها ولسه بنهتف بيها.. ويظهر مكتوب علينا إننا نفضل نهتف بيها لآخر العمر.. الثورة من الآخر تغيير يحصلنا.. نشعر به فى حياتنا بقى».. بهذه الكلمات البسيطة، بدأ عم سعيد عبدالفتاح، أحد العمال المفصولين من شركة إكسون موبيل، حديثه ل«الوادي» عن أوضاع عمال السخرة، وفصل من عمله دون الحصول على أية حقوق. يقول عم سعيد: شركتنا لا تتعاقد مع أى عامل لديها إلا من خلال «مقاول أنفار»، ويمثله شركات وسيطة غرضها توريد العمال للشركات الكبرى، مضيفا: أنا قالوا لى فجأة بعد 16سنة خدمة عندهم مع السلامة استغنينا عن خدماتك، ولما طالبت بحقي، قالوا لى إنى لست متعاقدا معهم، ومتعاقد مع شركة توريد العمال "بزنس إنترناشونال". وأضاف: رفعت قضية لإثبات عملى فى شركة أكسون موبيل، وأثبتنا فى القضايا المرفوعة منا كعمال أن العقد بيننا وبين «بزنس إنترناشونال» ده صورى بغرض تهرب الشركة الأصلية من مسئولياتها تجاهنا، ولكنى لم أحصل على أى من حقوقي. لم يكن عم سعيد الحالة الوحيدة من نوعها، فمثله مليون و600 عامل فى مصر، يعملون عبر 20 شركة وسيطة، تشغلهم عبر نظام يشبه نظام السخرة، وتقوم بتوريدهم للعمل فى شركات القطاعين الخاص والحكومى، وفق إحصائيات صادرة عن نقابات العمال المستقلة. وأكد على القسطاوى، المحامى المتخصص فى شئون العمال بالإسكندرية، والذى يمثل عمال مصر فى عشرات القضايا التى رفعوها للكشف عن تنظيم «سخرة العمال»، أن شركة "جيسيكو جروب" لتوريد العمال، تعاقدت وحدها مع 126 ألف عامل بنظام السخرة. وأوضح أن محافظة الإسكندرية بها 226 ألف عامل تعاقدوا بنظام السخرة مع شركات وسيطة أسست بالمخالفة للقانون، محذرا من أن الثورة القادمة لن تكون سوى ثورة هؤلاء الملايين وأسرهم والمتضامنين والمتعاطفين معهم. وقال القسطاوى إن من أبرز الشركات الوسيطة: الحضرى للمقاولات، والتوكيلات النموذجية، والجمعية التعاونية لشركة إدكو للبترول، وأنواركو للمقاولات، وتوب سرفيس، بالإضافة لشركتى جيسكو، وبزنس إنترناشونال، مضيفا أن أبرز الشركات الكبرى التى تتبع نظام عمال السخرة وتكتظ أروقة المحاكم العمالية بنزاعات بين العمال وبينها، شركات: أسمنت تيتان، وتيتان للخرسانة الجاهزة، وبرج العرب للأسمنت، والعبور للأسمنت، وأسمنت بنى سويف، وأسمنت السويس، إضافة إلى شركات إكسون موبيل، وسوبريما للمواد العازلة، فى قطاع البترول، وبنوك «السى آى بي» و«باركليز بنك»، والتى تتعاقد مع عمال النظافة والبوفيهات من خلال الشركات الوسيطة. وأوضح أن مثل هذا التعاقد، يقطع علاقة العمل المباشرة بين العامل وجهة عمله الحقيقية ويجعل من شركات توريد العمال مجرد محلل للتهرب من أية حقوق مستحقة للعمال على شركاتهم سواء فى حالة الإصابة أو الامتيازات العلاجية والأسرية أو حتى مكافآت نهاية الخدمة. وتابع أن: المادة 16من قانون العمل رقم12 لسنة 2003 حظرت تشغيل رب العمل أية عمال عن طريق مقاول أنفار أو متعهد توريد عمال، بل وفى المادة 240 من ذات القانون عاقب كل من يخالف ذلك بعقوبة الغرامة التى تتراوح ما بين ألف و5 آلاف جنيه وتتعدد الغرامة بعدد العمال وتتضاعف الغرامة فى حالة تكرار الأمر من أى صاحب عمل. وكشفت مستندات، حصلت عليها «الوادى»، من عمال شركات قطاعات الأسمنت والبترول، عن عدة سيطرة أبناء وأقارب كبار مسئولى الدولة على شركات توريد العمال، حيث يتولى رئاسة شركة «جيسيكو جروب» لتوريد العمال أحمد محمد عبدالوهاب، نجل محمد عبدالوهاب وزير الصناعة الأسبق فى عهد مبارك, كما يتولى إدارة شركة بزنس إنترناشونال، لتوريد العمال، سيدة الأعمال المعروفة نهاد قطامش ومحمود محمد سالم محمدين، نجل وزير الصناعة الأسبق أيضا، والمحكوم عليه بالسجن فى قضية «شركة حديد عز». وقال محمد عبدالسلام، أحد عمال شركة ميدور للبترول، إن شركته، المملوكة أسهمها بالكامل لشركات ومؤسسات وبنوك مصرية، أى أن أسهمها تملكها الدولة المصرية، تشغل آلاف العمال، عن طريق شركة "مقاول أنفار" - أى مورد عمال - وذلك بالمخالفة للقانون. وأضاف «أشرف. ع»، أحد عمال شركة أسمنت تيتان، أن شركات الأسمنت، تفضل التعاقد مع الشركات الوسيطة، للتهرب من المسئولية عن العمال، خصوصا وأن معظم العمال فى قطاع الأسمنت يصابون بأمراض سرطانية وتحجر رئوى جراء تعرضهم لمادة "الباى باص". وأكد محمد أحمد، أحد عمال شركة تيتان، أنه وقع عقدا مع شركة بزنس إنترناشونال على الرغم من أنه لم يذهب لهذه الشركة على الإطلاق، مشيرا إلى أن مدير شركة الأسمنت التى يعمل بها بالإسكندرية هو الذى طلب منه توقيع عقد مع هذه الشركة، وقال له إن ذلك هو السبيل الوحيد للتعاقد مع شركة تيتان. وأضاف فؤاد عبدالمجيد، أحد عمال شركة سوبريما للمواد العازلة بالإسكندرية، إن شركة "إنترناشونال بزنس" الوسيطة التى تعاقد معها، مقرها عبارة عن شقة بشارع اللاسلكى بالمعادى، فيما كشف السجل التجارى للشركة، الذى حصلنا على مستخرج رسمى منه، أنها شركة لا تملك سوى مقرها المستأجر بالقانون الجديد، وليس لها مصانع أو سيارات أو مخازن أو أى نشاط إنتاجى سوى توريد العمال للشركات الأخرى، وهو أمر مخالف للقانون. وأشار عبدالمجيد، إلى أنه رغم أن هذه الشركة لا تملك سوى شقة، مستأجرة، فإنها متعاقدة مع 126 ألف عامل. من جانبه، قال محمد سعد الأزهري، وكيل وزارة القوى العاملة بالإسكندرية: إن أغلب الشركات بدأت التعاقد بنظام المقاول المنفذ، الذى يستعين بعمال تابعين له بالأساس، وتلقينا عددا كبيرا من الشكاوى بالفعل، إلا أن هذه العقود لا يمنعها القانون، مضيفا إن القوى العاملة أحالت الشكاوى المقدمة إليها للقضاء ليقول كلمته.