في مثل هذا اليوم، منذ 54 عاما، وتحديدا يوم 9 يناير عام 1960، وضع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر حجر الأساس لمشروع السد العالي، الذي أطلق عليه "مشروع الثورة". وترجع فكرة بناء السد في أسوان إلى العالم العربي الحسن بن الهيثم، عندما فكر في بناء سد على النيل يحفظ المياه، ولم يتم المشروع لعدم توافر الإمكانيات اللازمة حتى جاء جمال عبد الناصر ونفذ المشروع. وبعد دراسات وأبحاث عالمية عديدة تم تصميم السد العالى، على أن يكون من النوع الركامى ومزود بنواة صماء من الطفلة وستارة رأسية قاطعة للمياه، منسوب قاع السد 85 مترا، ومنسوب قمة السد 196 مترا، طول السد عند القمة 3830 مترا، وطول السد بالمجرى الرئيسى للنيل 520 مترا، وكذلك عرض قاعدة السد 980 مترا، وعرض السد عند القمة 40 مترا، وعمق ستارة الحقن الرأسية 170 مترا. وهدف المشروع إلى تخزين المياه الناتجة عن الفيضانات المرتفعة واستخدامها في توليد الطاقة الكهربائية، حيث بدأت الخطوات العملية في بناء السد بقرض من الاتحاد السوفيتي السابق لمصر قيمته 100 مليون دولار. وجاءت مشاركة الاتحاد السوفيتي في المشروع لاعتبارات سياسية تتعلق بصراعه مع الغرب، فدعم المشروع بأكثر من 400 خبير في هذا المجال، وتبلغ تكلفة المشروع مليار دولار، ورفض البنك الدولي آنذاك المساهمة في تمويله. وتم إنجاز المرحلة الأولى من بناء السد عام 1964، وانتهى بناؤه وافتتح رسميا عام 1971 وحضر الافتتاح الرئيس الأمريكي الأسبق "أيزنهاور". وتكون المياه المحجوزة أمام السد العالى بحيرة صناعية كبيرة، طولها 500 كيلو متر متوسط، وعرضها 10 كيلو متر، وسعة التخزين الكلية 162 مليار متر مكعب، وسعة التخزين الميت 32 مليار متر مكعب. وتوجد محطة الكهرباء عند مخارج الأنفاق، حيث يتفرع كل نفق إلى فرعين مركب على كل منهما توربينة لتوليد الكهرباء: "عدد التوربينات 12 توربينة، قدرة التوربينة 175 الف كيلووات القدرة الإجمالية للمحطة 2100 ميجاوات الطاقة الكهربية المنتجة 10 مليار كيلووات ساعة سنويا". وأصدرت الهيئة الدولية للسدود والشركات الكبري تقريرا عن تقييم السدود، اختارت خلاله السد العالي كأعظم مشروع هندسي في القرن العشرين. وأكد التقرير الدولي أن السد العالي تفوق علي 122 مشروعاً عملاقاً في العالم، لما حققه من فوائد عادت علي الجنس البشري، حيث وفر لمصر رصيدها الاستراتيجي في المياه بعد أن كانت مياه النيل من أشهر الفيضانات تذهب سدي في البحر الأبيض. يذكر أن إيراد نهر النيل يختلف اختلافًا كبيرًا من عام إلى آخر، ويتراوح بين نحو 42 مليار متر مكعب في حده الأدنى و151 مليار متر مكعب في حده الأقصى، وهذا التفاوت الكبير من عام لآخر يجعل الاعتماد على الإيراد السنوي أمرًا بالغ الخطورة، حيث يمكن أن يعرض الأراضي الزراعية للبوار في السنوات ذات الإيراد المنخفض، كما يعرضها لخطر الفيضان في سنوات الإيراد الكبير. وعلى مدى أكثر من نصف قرن على إنشاء السد العالى، ساهم في مواجهة مخاطر نقص وزيادة إيراد مياه النيل من خلال ما يخزنه - بطريقة آمنة - من مئات المليارات من الأمتار المكعبة في أوقات الفيضان، حيث يتم إعادة استخدامها في أوقات الجفاف، فضلا عن فوائده الأخرى في مجالات اقتصادية عديدة.