تنتهج أثيوبيا نهج إسرائيل فى التعامل مع دول حوض النيل بشأن سد النهضة، ففى أغلب الأحيان تقوم إسرائيل بفعل ماتريده دون إهتمام منها بأى مواثيق دولية او معاهدات او إتفاقات، وهو ماتفعله دولة اثيوبيا الآن مع مصر، حيث لا تراعى حقوق الجوار ولا تراعى اى معاهدات او مواثيق دولية. وجاء فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات التي تمت بين دول مصر وأثيوبيا والسودان، للوصول إلى صيغة تفاهم فيما يخص بناء سد النهضة، ليزيد الأمور تعقيدا ويعمق من حجم الأزمة بين الدول الثلاث. من جانبه، أكد الدكتور أحمد فوزى دياب، خبير المياه بالأمم المتحدة وأستاذ المياه بمركز بحوث الصحراء، على أن الموقف الذى قامت بإتخاذه دولة أثيوبيا لا يمكن التغاضى عنه ابداً، ولابد من إنتقال الحوار من الإدارة العلمية الى الإدارة السياسية والأمنية على الفور، مؤكدا على أن المفاوضات انتقلت الآن الى ملف "أمن مصر" من الدرجة الأولى. وأشار "دياب"إلى أن ماحدث من الجانب الأثيوبى يعد مخالفة لجميع المعاهدات والمواثيق الدولية التى بين البلدين، موضحا أن حقوق مصر التاريخية والقانونية بالمياه محفوظة. وشدد "دياب" في تصريحات خاصة ل"الوادى" على أحقية مصر فى تقديم إحتجاج سياسى للأتحاد الأوروبى ومجلس الأمن، مؤكدا على أن اثيوبيا لم تتوقف، حيث تعمل جاهدة من أجل تحويل مجرى المياه بكل طاقة لديها، مؤكدا على أن جميع الخيارات مفتوحة امام مصر. وأشار الوزير إلى أن كل هذه الفوضى بصدد "سد النهضة"، مخطط دولى على مستوى عالى يحارب مصر من جميع الجهات، ويحاول عرقلة مسيرتها وتقدمها، ويستهدف بنفس الوقت إستدراك مصر إلى حرب إقليمية مثل حرب اليمن. فيما أكد الدكتور صفوت عبد الدايم، الأستاذ المتفرع بالمركز القومى لبحوث المياه والمستشار السابق بوزارة الرى ومدير مشروع غرب الدلتا، على أن الوضع الذى إتخذته دولة أثيوبيا يدعو مصر إلى ضرورة اللجوء الى المؤسسات الدولية على الفور، مشيرا إلى ضرورة الوضع فى الإعتبار إستبعاد أى تدخل عسكرى نهائيا. وأشار"عبد الدايم" إلى ضرورة استخدام القوة الناعمة والخشنة للمحافظة على حقوقنا، مضيفا: "لابد من العمل بهدوء لوضع خطة مؤثرة وقوية والتحرك تجاه هذه المشكلة لابد أن يكن بخطوات مرتبة وليست عشوائية". وطالب "عبدالدايم" الإعلام المصرى بالبعد عن طرح السيناريوهات واستضافة ضيوف لطرح حلول و بدائل لتلك الأزمة، مشيرا إلى أن كل هذه اللقاءات لها نسبة مشاهدة من دولة أثيوبيا وتعمل على إعادة الضرر على مصر أكثر من النفع الذى نريده. وأكد في تصريحات خاصة ل"الوادي" على أن "ورقة المبادىء الخاصة بتعزيز مبادىء الثقة، والتي رفضت أثيوبيا التوقيع عليها لأنها تنص على روح التفاهم والود وتؤكد على أحقية مصر التاريخية ودول المصب فى المياه وأنها ليس حكرا على أحد، كانت تلزم أثيوبيا بتحمل المسئولية إذا تم المساس بحقوق دول المصب فى مياه النيل. فيما ذكر الدكتور أحمد رفعت، عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة سابقا، على أنه وفقا للقوانين والإتفاقات والمواثيق الدولية لا يجوز نهائيا أن تنفرد أى دولة من دول حوض النيل ببناء أى سد او عمل اى مشروع بإمكانه عرقلة وصول المياه الى دول المصب، إلا بإستشارة وبموافقة دول المصب على ذلك. وأكد "رفعت" في تصريحات خاصة ل"الوادى" على أن تقرير اللجنة الثلاثية يشير الى وجود أضرار كبيرة وآثار واضحة سوف تقع على عاتق جمهورية مصر العربية بجميع المجالات، ليس فقط بمجال المياه ولكن بالكهرباء ايضا، كما سيكون للزراعة نصيباً بهذا الضرر وسيقوم هذا السد بإلحاق الضرر الكبير لدولة السودان، مؤكدا على رفض أثيوبيا لتوقيع الإتفاقية وذلك لأنه يعد هذا الميثاق بمثابة تعهد وتحمل المسئولية تجاههم. وأشار "رفعت" إلى ضرورة التدرج فى إتخاذ الإجراءت تجاه مشكلة سد النهضة، قائلا: "لابد فى البداية بحل الموضوع بشكل سلمى وإذا تطاول نستخدم سبل آخرى للضغط على أثيوبيا ومنها العمل على مخاطبة البنوك الممولة لهذا المشروع بالتوقف الفورى عن مساعدة أثيوبيا، وكذلك منع السفن الإثيوبية من المرور بقناة السويس، كما يوجد كثيرا من الدول العربية الصديقة والحليفة مع مصر تقوم بضخ كثيرا من الإستثمارات بدولة أثيوبيا، ويجب أن نستغل ذلك بتهديد الجانب الأثيوبى بوقف الاستثمارات". وأوضح أنه إذا تطور الأمر أكثر من ذلك، لابد من اللجوء إلى مجلس الأمن حيث يوجد قانون ينص وفقا للفصل السابع بتوقيع العقاب على دولة أثيوبيا إذا حاولت مخالفة المواثيق الدولية التى تم إنعقادها بشؤون المياه، لافتا إلى أن الولاياتالمتحدة وإسرائيل تساندان أثيوبيا بشكل كبير جدا وتحاولان عرقلة مسيرة مصر بكل الوسائل الممكنة. ومن جانبه، أكد الدكتور علاء الظواهرى عضو اللجنة الثلاثية لتقييم سد النهضة على أن الجانب المصرى قام بثلاث محاولات جدية مع الجانب الاثيوبى بصدد "سد النهضة"، حيث حاول التوصل معه لحلول كثيرة تبعا للتقارير التى أقرتها اللجنة الثلاثية، ولكن الجانب الإثيوبى لا يعنيه شىء سوى مصلحته فقط. وصرح "الظواهرى" ل"الوادى" أن اثيوبيا تعمل جاهدة على كسب الوقت ولا يوجد لديها نية للإتفاق، لذلك من الضرورى تصعيد الموضوع من الجانب الفنى الى الجانب السياسى، مشيرا إلى أن ما فعلته دولة اثيوبيا يعتبر مخالفة للأعراف والقوانين الدولية، فضلا عن أن دولة أثيوبيا لا تريد التوقيع على أى مواثيق للجنة الثلاثية بصدد سد النهضة، لأنها تعرف ضعف موقفها جيدا، مشيرا إلى أن كثيرا من الدول تحمل أجندات ومصالح خاصة بمنطقة السد الاثيوبى.