أخيرا ... و بعد صراع طويل مع الرقابة ، فيلم "الخروج" يحصل على ترخيص العرض العام.. أمال فين الأيادي المرتعشة ؟ بهذا التساؤل استقبل المنتج شريف مندور خبر قرار الرقابة الافراج عن الفيلم الروائي "الخروج من القاهرة" للمخرج هشام العيسوي، بعد منع عرضه في مصر لأكثر من عامان ، ولم تمنع الرقابة عرض الفيلم في مصر فقط ولكنها عرقلت مشاركته في مهرجان الأقصر للسينما الافريقية واليوم اعطته موافقة للعرض في السينما بعد التزام صانعيه بحذف جملتين من الحوار. هذا هو الارتعاش بعينه .. في البداية كان موقف الرقابة ضد مجمل موضوع الفيلم الذي يتناول قصة حب بين فتاة قبطية وشاب مسلم خوفاً من اثارة فتنة طائفية علي حد قولهم، ولم يكن الاعتراض علي جملتين او لفظين يمكن للمخرج ان يتفاوض معهم او ينصاع لطلب الرقابة ويحذفهم ويمنح الفيلم فرصة للعرض ، فما الذي حدث ؟ .. هل تخلص جهاز الرقابة من حساسيته المفرطة للموضوعات التي تتعلق بعلاقة الاقباط بالمسلمين والتي أخرت لفترة طويلة تصوير فيلم "لامواخذة" للمخرج عمرو سلامة لتعرضه ايضا لوضع الاقباط في مصر وشعورهم انهم اقلية بين المصريين. قرار الرقابة بعرض فيلم الخروج يشي بنا الي العديد من التساؤلات غير البريئة ، خصوصاً ان الفيلم لم يكن علي مدار العامين السابقين داخل ادراج الرقابة او علي رفوف المنتج لكنه طاف عدد لا بأس به من المهرجانات السينمائية وعرض ايضا علي القناة الفرنسية «ايه ار تي»، ونشر بالكامل علي مواقع الانترنت منذ اكثر من عام، اذ ان الفيلم اصبح مستهلك والموافقة علي عرضه في السينما تحصيل حاصل، فمعظم المهتمين بالسينما شاهدوه بوسيلة او بأخري، فما هدف الرقابة في منحه تصريح للعرض في هذا الوقت بالتحديد بعد رفض كامل لموضوعه وليس فقط لجملتين. هل الرقابة بحاجة الي تبييض وجهها ،مما اثير حول ازمة فيلم "اسرار عائلية" ؟ .. و ان كان موقف الرقابة علي حق فما حاجتها الي وسيلة غير مباشرة للاعلان عن شفافيتها، والبحث في دفاترها القديمة، ما الذي تغير في موقفها، هل تغيرت القوانيين التي منعت عرض الفيلم منذ سنتين، ام ان هاجس الفتنة الطائفية التي قد يسببها فيلم بسيط اختفي بين ليلة وضحاها ، ام ان الواقع العبثي الذي نعيشه حالياً انعكس بشكل او بأخر علي مؤسسات الدولة. اسئلة كثيرة تحيط بهذا القرار ، لماذا اقدم المنتج شريف مندور علي اعادة المحاولة مع الرقابة لعرض الفيلم في هذا التوقيت رغم انه يقول في تصريح له، " أوافق الرقابة بشدة على ملاحظاتها، والتعديلات المطلوبة، خاصة أن الوقت غير مناسب لعرض كل وجهات النظر بحرية، في ظل الظروف التي تمر بها البلاد" ، وما يزيد الامر غموض هو الاستجابة السريعة للرقابة وتغير موقفها الي النقيض، وتصريح رئيس الرقابة علي المصنفات الفنية المخرج احمد عواض للمصري اليوم الذي رفض فيه ذكر أسباب توقف الرقابة عن منح الفيلم التصريح طوال الفترة الماضية،رغم ان السبب معلن منذ سنتين وهو رفضها لموضوع الفيلم. الربح المادي الذي قد يتحقق لصانعي الفيلم بعرضه في السينما، و الربح المعنوي الذي قد يتحقق لجهاز الرقابة بعد الهجوم الاخير الذي تعرض له بسبب مشكلة فيلم اسرار عائلية، يمكن ان تكون جميعها مقومات مشتركة للجانبيين للتعامل معاً الأن تحديداً، نضيف عليها نجومية الفنان محمد رمضان الذي اشار اليها شريف مندور في تصريحه ، حيث لاحقت رمضان ايضا عاصفة من الانتقادات حول افلامه الاخيرة، اتجه بعدها للعمل المسرحي كي يجرب حظه العاثر مع النقاد، وقد ينقذه سينمائياً هذا الفيلم ،كنت انتظر تصريح اكثر ايضاحاً من الرقيب حول تراجع الرقابة عن قرارها بمنع هذا الفيلم، لكن تبقي الاسئلة جميعها تدور في مخيلتي دون اجابة حول القرار الذي قد تغلفه شبهات سياسية.