"مراقبة الإنترنت، ورفع عقوبة مقاومة السلطات إلى السجن المشدد، وتغليظ عقوبة الشروع في الجرائم، وتجريم الاحتجاج على قرارات الدولة والسعي لتغيير نظامها أو حكومتها، وتعريفات مطاطة للإرهاب والجماعات الإرهابية والعنف" .. إنها محصلة قانون الإرهاب الذي أرسلته وزارة الداخلية إلى وزارة العدل تمهيدًا لإرساله للرئيس المؤقت عدلي منصور لإصداره. مشروع القانون المزمع إصداره حاز على رفض حقوقي واسع نظرًا لما يتضمنه من تقييد واسع لحريات وحقوق المواطنين. حافظ أبو سعدة عضو المجلس القومي لحقوق الانسان ورئيس المنظمة المصرية قال إ ن قانون الارهاب الذي تقدمت به وزارة الداخلية إلى وزارة العدل بهدف دراسته والتصديق عليه يتضمن الكثير من المصطلحات الفضفاضة والتي يمكن استخدامها لتجريم أفعال ليست بجرائم حقيقية، مطالبًا بأن يتم تدقيق التعريفات التي يتضمنها مشروع القانون، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن القانون سيتم عرضه على المجلس القومي لحقوق الانسان، وأن المجلس سيناقش مواده ويصدر توصياته بشأنها. وطالب أبو سعدة بإخضاع كل الإجراءات التي تنتج عن هذا القانون لإشراف السلطة القضائية، وأن يتم التأكيد على ضمانات واضحة لحقوق المتهمين ومنها حقهم فى الزيارة والدفاع عن أنفسهم، وضمان عدم تعرضهم لانتهاكات التحقيق والتعذيب. محمد زارع رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي قال إن الحكومة الانتقالية اغتصبت حق التوسع في إصدار القوانين المقيدة للحريات، مثل قانون الإرهاب والتظاهر وتجريم ال"جرافيتي"، بينما كان من الأهم أن تركز تلك الحكومة على تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين والاهتمام بحالة الأمن المتردية بدلاً من التركيز على تقييد الحريات، خاصة أن هناك مجلس شعب قادم ومنتخب دوره أن يقوم بإصدار القوانين. وأشار زارع إلى عدم وجود حاجة فعلية لقانون الإرهاب والذي يغطي قانون العقوبات الجرائم الواردة فيه، وأن الهدف من القانون هو إعطاء صلاحيات أوسع لقوات الأمن وحمايتها من المحاسبة على انتهاكاتها لحقوق وحريات المواطنين، معتبرًا أن إقرار مثل تلك القوانين المقيدة للحريات هو انتقاص وانتهاك للمكتسبات التي حققتها الثورة. وأكد زارع أن الإرهاب مجرم بالفعل من القانون والمجتمع، ولكن يجب أن يكون هذا التجريم في إطار احترام حقوق وحريات المواطنين. من جانبه، أكد محمد عبدالعزيز مدير مركز الحقانية أن نصوص مشروع قانون الإرهاب هو نسخ لنصوص الباب الثاني من قانون العقوبات مع تشديد العقوبة الخاصة بالشروع في الجريمة، معتبرًا أن القانون إنتكاسة حقيقية للحقوق والحريات ويهدف الى حماية ضباط الشرطة وتحصين إنتهاكاتهم المحمية بالأساس فى قانون العقوبات، ويجعل جريمة مقاومة السلطات بنص عقابي جديد يصل للسجن المشدد، مضيفا " فى قضايا التعذيب عادة يتم اتهام الضحية بتهمة مقاومة السلطات، والتشديد فى عقوبة لمقاومة السلطات هو اكراه للضحايا للتنازل عن اى بلاغات". وأشار عبدالعزيز إلى أن المشروع خصص دوائر جنايات خاصة فى المحاكمة، فى حين أن ضحايا التعذيب حتى الان لم يتم تخصيص دوائر خاصة لهم، وهو الحرص الذي يعبر عن أولويات الحكومة في تقييد الحريات أكثر من حرصها على وقف جرائم التعذيب. وأضاف مدير الحقانية أن مشروع قانون الارهاب كان مطروحا في فترة حكم مبارك وتولي حبيب العادلى لوزارة الداخلية، الا انه لم يتم اقراره لأن الطوارى والاعتقال الادارى كان بديلا للمشروع، معتبرا أن النص الحالي هو إحلال سئ لقانون الطوارئ، وأن مواجهة الارهاب ببنية تشريعية قمعية وانتهاكات لحقوق الانسان يعطى أرضية واسعة للعقاب الجماعي وافلات الجلادين من العقاب.