تترقب الأوساط السياسية والاقتصادية فى جميع أنحاء العالم عن كثب خلال اليومين المقبلين تولى كبار المسئولين الجدد مسئولية مجلس الوزراء الصيني(الحكومة) في مارس الجاري وبالتحديد في الخامس منه أى بعد غد الثلاثاء، وذلك عندما تقرر الجلسة السنوية الأولى للمجلس الوطنى ال12 لنواب الشعب الصينى التى تبدأ فى نفس اليوم وتعلن رئيس مجلس الدولة ونواب رئيس مجلس الدولة وكذلك أعضاء مجلس الدولة ووزراء الدوائر الحكومية، والذين يتميزون بصغر السن والدراية والخبرة بالعمل حسبما يصفهم المراقبون رافعين راية "الإصلاح". وفي تقارير وتعليقات بوسائل الإعلام الصينية المقروءة والمرئية يعتقد العديد من المحللين والمراقبين أن الحكومة الصينية المركزية الجديدة ستتميز بالمهارة فى التعامل مع جميع أنواع القضايا المعقدة لإدراكهم الجيد دفع الإصلاح والانفتاح إلى الأمام وبما لديهم من قدرة على التفكير على الصعيد الدولي، خاصة وأنهم خلال السنوات الخمس المقبلة، سيكون عليهم إلزام أنفسهم بحل التناقضات والمشاكل المتعددة في الصين أكبر البلدان النامية فى العالم. ويشير المحللون إلى أنه سيتم إدخال مؤسسات وسياسات وتدابير وتنفيذها من أجل تشكيل مجتمع مزدهر على نحو معتدل في جميع الجوانب، حيث كان الحزب الشيوعى الصينى قد اقترح مفهوم "فترة من الفرص الاستراتيجية" قبل مؤتمره الوطنى ال16 فى نوفمبر 2002، ويعتقد الحزب أن العقد الأول من أول عقدين في القرن الحادي والعشرين سيكون فترة مهمة من الفرص الاستراتيجية ينبغي أن تغتنمها الصين وأن تحقق أفضل ما يمكن. وأضاف المحللون أنه منذ بداية القرن ال21 دخلت الصين مرحلة جديدة من بناء مجتمع مزدهر على نحو معتدل بطريقة شاملة وتسريع التحديث الاشتراكى، وعلى الرغم من التغيرات العميقة التى حدثت داخل وخارج الصين على مدى العقد الماضى، لا تزال الصين فى فترة مهمة من الفرص الاستراتيجية، وفقا لتقرير فى افتتاح المجلس السنوى ال12 للحزب الشيوعى الصينى فى شهر نوفمبر من العام الماضى. وأوضحت التعليقات الصادرة بوسائل الإعلام الصينية أن مثل هذا الحكم الخاص بفرص الصين هو الأساس للتنبؤ بتخطيط الافراد وإصلاح إجراءات الحكومة الصينية الجديدة، حيث أثبت تطور الصين فى السنوات الثلاثين الماضية أن الإصلاح فى حد ذاته هو أكبر فرصة ممكنة، واختير أعضاء مجلس الدولة الحالي "مجلس الوزراء" فى مارس 2008 خلال الدورة السنوية الأولى للمجلس الوطنى ال11. وقال المحللون "إن الرئيس الصينى الحالى هو جين تاو هو من رشح عن طريق التصويت ون جيا باو رئيس مجلس الدولة لجمهورية الصين الشعبية "رئيس الوزراء" حيث شغل ون جيا باو منصب رئيس مجلس الدولة لمدة 10 سنوات متتالية، وهنا يصف تشى فو لين رئيس معهد الصين (هاينان) للاصلاح والتنمية أن الحكومة الحالية حققت إنجازات هائلة فى تعزيز النمو الاقتصادى وتحسين معيشة الشعب، وحققت الكثير من الإيجابيات وأبرزها فوزها فى معاركها ضد مرض السارس (الالتهاب الرئوى الحاد) وزلزال ونتشوان المدمر فى 2008 فى مقاطعة سيتشوان جنوب غرب الصين. وأشاروا إلى أن الصين نجت أيضا على مدار عشر سنوات من أخطر أزمة مالية عالمية وحافظت على التنمية الاجتماعية والاقتصادية السريعة.. ونما اقتصاد الصين ليصبح ثانى أكبر اقتصاد فى العالم مع تعزيز سبل عيش الناس بشكل ملحوظ.. موضحين أنه رغم ذلك تبقى المشكلات، حيث لم يتغير النمو الشامل والاختلال الهيكلى فى الاقتصاد بصورة جوهرية، كما أدى التوزيع غير فعال والفجوات المتسعة للثروة إلى سلسلة من المشاكل الاجتماعية. وحذر المحللون الصينيون من أنه يبقى فقط حوالى 8 سنوات لتكوين مجتمع مزدهر على نحو معتدل فى جميع الجوانب بحلول عام 2020 ومن ثم تواجه الحكومة الصينية الجديدة مهاما شاقة، مشيرين إلى أنه قبل أكثر من ثلاثة أشهر، جاءت قيادة الحزب الشيوعى الصينى الجديد إلى السلطة وأدخلت سلسلة من السياسات والتدابير الجديدة، وطرحت فكرة "الحلم الصينى" للنهوض العظيم للأمة الصينية وتعزيز تطبيق الدستور. وأضاف المحللون أن القيادة الجديدة كشفت عن 8 مبادىء توجيهية لمكافحة البيروقراطية والشكلية والحد من الإسراف وتحسين أسلوب عمل المسئولين، وتعهدوا بعدم توقف تنفيذ الإصلاح والانفتاح وطرقوا أبواب الأسر الفقيرة وكافحوا البيروقراطية والفساد بقوة مع الحفاظ على السيادة الوطنية بحزم.. مشيرين إلى أنه خلال ال100 يوم الأولى فى الحكم، أبهرت قيادة الحزب الشيوعى الصينى الجديدة، العديد من الصينيين بوصفها أقرب إلى الناس وقوية وعملية وفعالة ومنضبطة ذاتيا ورصينة. وقال تشي فو لين رئيس معهد الصين (هاينان) للاصلاح والتنمية "إن الإصلاحات ملحة فى كثير من المجالات، وإذا اتبعت فإنها قد تسبب بعض التناقضات لكن إذا لم يحدث ذلك ستكون هناك تناقضات أكثر لا مفر منها، وأن الإصلاح هو التنافس مع الأزمة وأن أكبر تسليط للضوء على الدورة السنوية المقبلة للمجلس الوطنى ال12 لنواب الشعب الصينى والدورة السنوية الأولى للمجلس الوطنى للمؤتمر الاستشارى السياسى أو أعلى هيئة استشارية سياسية، سيكون الإنجازات المؤسسية الجديدة". وفى أواخر شهر يناير الماضى، عقد رئيس مجلس الوزراء الصينى الحالى ون جيا باو ندوات لجمع الآراء بشأن تقرير عمل الحكومة الحالية، حيث أشار إلى أن الأمل فى الصين يكمن فى الابتكار وأن جوهر الابتكار يكمن فى تحرير العقول ودفع الإصلاح والانفتاح. من جانبه، عرف نائب رئيس مجلس الوزراء لي كه تشيانغ، والمنتظر أن يتقلد منصب رئيس الوزراء الجديد خلفا لون، الإصلاح بأنه أكبر مكسب وأن الهدف النهائى من الإصلاح مصلحة الشعب، وعليه أعرب المحللون عن أملهم فى أن تسرع الحكومة الجديدة من تعزيز الإصلاح وأن تطلق عبر الإصلاح قوة البلاد بشكل عملى ومثمر فى تعزيز التنمية المستقرة وإعادة الهيكلة والابتكار وبطريقة أقرب إلى الناس وأن تحقق الكثير فى التعامل مع العلاقات القائمة على تحقيق المصالح وحل القضايا المتعلقة بسبل العيش. وفى استطلاع لآراء شريحة كبيرة من المجتمع الصينى أجراها التليفزيون المركزى الصينى ونشرتها العديد من الصحف الصينية، أعرب العديد منهم أن تتمكن الحكومة الجديدة من المضى قدما فى إصلاح نظم توزيع الدخل وتسجيل الأسر، وأن "الأمر يزداد صعوبة لتحقيق الربح بالنسبة للتجار الصغار مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية". كما أعربوا أن تتمكن الحكومة من الحد من الزيادات الكبيرة فى أسعار المنازل بشكل أفضل حتى يتسنى للجميع بما فى ذلك محدودى الدخل من شراء منزل، وعلى نفس الجانب وخلال مسح أجرته صحيفة (الشعب) اليومية، تبين أن 90\% من الذين شملهم الاستطلاع يعتقدون أن أسعار المساكن الحالية مرتفعة جدا. وتوقع غالبية مستخدمى الانترنت الذين شملهم الاستطلاع أن تلجأ الحكومة الصينية الجديدة لتعزيز السيطرة الكلية واحتواء ارتفاع أسعار المساكن وتعزيز بناء المنازل بأسعار معقولة، وتحسين الضمان الاجتماعى ومحاربة الفساد وبناء حكومة نظيفة وكذلك تضييق الفجوة فى الدخل.