حثت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في عددها الصادر اليوم الخميس الإدارة الأمريكية على أن تبدأ في توجيه محور اهتمامها بالقارة الآسيوية تجاه الصين، لما سيحققه تعزيز العلاقات الدولية بينهما من ترسيخ الاستقرار الدائم في آسيا. وانتقدت الصحيفة الأمريكية -في مقال تحليلي أوردته على موقعها إلكتروني أن جولة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الخارجية التي شملت 9 بلدان أوروبية وشرق أوسطية، لم تشمل الدول الاسيوية، وخاصة الصين واليابان، برغم من أن هذه الجولة كانت مثيرة للاهتمام والإعجاب في الوقت ذاته. وأشارت الصحيفة إلى أن الصين واليابان تشكلان أهم التطورات الخطيرة والجديدة في العلاقات الدولية، مؤكدة أن حرص الإدارة الأمريكية ملء الفجوة في العلاقات الاستراتيجية بين الصين والولاياتالمتحدة إنما يدل على أن الصين تشكل عائقا أمام نجاح سياسة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الخارجية بشكل عام. وأوضحت الصحيفة أن هذه الفجوة لم تكن نتيجة لتضاؤل جهود تعزيز العلاقات بين الدولتين، حيث أن إدارة أوباما كانت ولاتزال مصممة على وضع آسيا على قائمة أولوياتها، وتتويج الصين كأولوية أساسية في هذه العلاقة، الأمر الذي ظهر في زيارة هيلاري كلينتون الأولى كوزيرة للخارجية إلى آسيا. وتابعت الصحيفة قولها " لقد سعت كلينتون، وقت الزيارة، إلى تركيز المناقشات على القضايا الاستراتيجية الهامة وعدم التطرق إلى قضايا حقوق الإنسان، الأمر الذي يدل على رغبة واشنطن العارمة في تحسين العلاقات مع بكين لتكون بمثابة شريك لواشنطن". إلا أن رد فعل الصين على هذه المبادرات لم يكن واضحا -حسبما أبرزت الصحيفة- حيث ساور بكين القلق من أن تقحم نفسها في دبلوماسية القوة العظمى، والتي من شأنها أن يصرف انتباهها عن تركيزها الاوحد ألا وهو التنمية الاقتصادية، لافتة إلى أن الصين لطالما أرادت حماية حقها في ان ينظر اليها باعتبارها إحدى البلدان النامية، بحيث يمكنها على سبيل المثال أن تستمر في عمليات التصنيع دون النظر بعين الاعتبار إلى مشكلات التغير المناخي.. ونتيجة لذلك، كان رد فعل بكين بالنسبة لمبادرة الإدارة الأمريكية الدبلوماسية الأولى "فاترا". وفي الوقت نفسه، اكتنف العديد من القوى الأخرى في القارة الآسيوية القلق حول قوة الصين الناشئة حديثا، الأمر الذي تبين في ترحيب الحكومات الآسيوية من اليابان إلى فيتنام إلى سنغافورة، بالتواجد الأمريكي في المنطقة، والذي من شأنه أن يضمن لهم أن آسيا لن تكون الفناء الخلفي للصين مرة أخرى على حد قول الصحيفة. واشادت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية بدهاء رد فعل إدارة أوباما مع "محورها" من الدول الاسيوية الحليفة معها في عام 2011،حيث قامت بالجمع بين التدابير الاقتصادية والسياسية والعسكرية، في بوتقة واحدة للتأكيد على أنها سوف تعزز دورها في آسيا وتوازن أي هيمنة صينية محتملة. ومع ذلك، ونتيجة لهذا المحور، لفتت الصحيفة إلى تصاعد حدة التوترات بين الدولتين، فبرغم من حفاظهما على عدة آليات كالحوار الاستراتيجي والاقتصادي بين كبار المسؤولين، إلا أن العلاقات بينهما يكتنفنها الطابع الرسمي؛ فبكين تعتبر المحور الأمريكي بمثابة "استراتيجية احتواء"، وأن القومية اليابانية الناشئة التي تتغاضى واشنطن عنها- هي المسئول الأول عن الأزمة في بحر الصين الشرقي. ورأت الصحيفة أن التحول الأكبر في آسيا يكمن في الصين وليس اليابان؛ فالصين أصبحت القوة المسيطرة في آسيا، كما أن ما تمر به من تحديات اقتصادية، وتنامى لاستراتيجيتها العنيفة والتي باتت تعرقل انتقالها السياسي، فضلا عن الكشف عن عمليات القرصنة التي ترعاها الحكومة الصينية ضد الدفاع الأمريكي وأسرار الشركات إنما يضع ملامح الصورة العامة بأن الصين أصبحت أكثر قوة وغطرسة. وخلصت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية -ختاما- إلى أن الطريق الوحيد للاستقرار الدائم في آسيا يتمثل في تعزيز العلاقات بين الولاياتالمتحدة والصين، الأمر الذي لا يعنى بالضرورة اتفاق الطرفين على كافة الأمور، مطالبة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بأن يبدأ التخطيط لجوله مقبلة، عقب عودته، إلى دول آسيا.