المعجزات الآسيوية.. هي بيت القصيد لواشنطن, والتي ستحدد مستقبل العالم كما أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما في نفس هذا التوقيت قبل عام. والسؤال الذي يطرح بقوة: هل ستتغير إستراتيجية المحور التي تبناها أوباما تجاه آسيا بعد إعادة انتخابه رئيسا للولايات المتحدة لفترة ثانية, أم سيطورها ليفتح آفاقا وصفحات جديدة مع دول القارة الصفراء ؟ المراقبون يشيرون إلي احتمال ثبات موقف أوباما من آسيا, ففي ظل نشوة انتصاره علي خصمه الجمهوري ميت رومني الذي تبني سياسة المواجهة خاصة مع الصين وإيران, تم الإعلان عن وجهة الجولة الخارجية الأولي لأوباما خلال ولايته الثانية تجاه الشطر الآسيوي في الوقت الذي تقوم فيه رأس الدبلوماسية الأمريكية هيلاري كلينتون ووزير الدفاع بانيتا بزيارة المنطقة, وهو ما يحمل دلالة كبيرة لما تمثله آسيا من أهمية قصوي جيو استراتيجية وسياسية واقتصادية لدي الإدارة الأمريكية. أوباما سيبدأ جولاته الخارجية بزيارة ثلاث دول آسيوية بعد غد سوف يستهلها بتايلاند حيث يلتقي رئيس الوزراء ينجلوك شيناواترا للاحتفال بمرور180 عاما علي إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين وتأكيد تحالفهما القوي. أما المحطة التالية والتاريخية فستكون ميانمار حيث سيلتقي الرئيس ثين سين وكذلك زعيمة المعارضة الحائزة علي جائزة نوبل للسلام أونج سان سو تشي. أما المحطة الأخيرة فستكون كمبوديا التي ستشهد مشاركته في قمة رابطة جنوب شرق آسيا الأسيان. الخارجية الأمريكية أعلنت أن آسيا أولوية دبلوماسية' للبيت الأبيض خلال عهد أوباما, وستظل كذلك. ولكن في ظل هذه السعي الأمريكي وراء النمور الآسيوية, يطل التنين الصيني برأسه, في ظل صراعه مع القوة العظمي من جهة ومع جيرانه من جهة أخري. ويري الخبراء أن زيارة أوباما وكلينتون وبانيتا ليس الهدف منها سوي موازنة نفوذ الصين بدعم تحالفاتها الآسيوية. أمريكا أعلنت أنها تسعي وراء لعب دور طويل الأمد في تشكيل مستقبل منطقة آسيا المحيط الهاديء ودعم التحالفات وزيادة الأصدقاء لمواجهة الممارسات الاقتصادية غير العادلة لبكين. الانتقال السياسي في بلاد السور العظيم يشكل تحديا هائلا جديدا أمام إدارة أوباما, فبالرغم من الترحيب الصيني بإعادة انتخابه, والإعلان عن فتح صفحة جديدة من العلاقات مع واشنطن, إلا أنه لا توجد بوادر أمريكية مماثلة في ظل غياب الثقة. واشنطن تؤمن بما لا يدع مجالا للشك أن الدولة الشيوعية تريد أن تقوم بمناطحتها لتصبح قوة عظمي تزيحها نهائيا من علي عرش العالم بعد عقود قليلة لتلقي مصير بريطانيا, كما تريد تفكيك التحالفات الأمريكية في المنطقة, وهو ما لن تسمح به إدارة أوباما أبدا. وجه أخر لعدم الثقة يتمثل في محاصرة القوات الأمريكية للصين في اليابان وكوريا الجنوبيةوأفغانستان. بكين ترفض محاولات الاحتواء الأمريكية, وربما تحمل السنوات الأربع المقبلة مواجهة ناعمة بين أكبر اقتصادين علي مستوي العالم, وهذا ما ستوضحه ملامح الفترة المقبلة خاصة في ظل حافة الهاوية المالية التي يقف عليها الاقتصاد الأمريكي المأزوم. وعلي صعيد العلاقات الأمريكيةالباكستانية المتدهورة فمن غير المتوقع حدوث تحول أو تغيير في المواقف خاصة في ظل سياسات إسلام آباد تجاه أفغانستان واستمرار هجمات الطائرات الأمريكية بدون طيار وعدم القدرة علي احتواء الإرهاب المستفحل واستشراء الفساد. في حين يبدو أن أمريكا ستقوم بدور أوسع في كابول خاصة بعد انسحاب قوات شمال الأطلنطي الناتو في2014, وهو ما تتحسب له باكستان. المحصلة النهائية تعكس تحولا أمريكيا واسعا تجاه آسيا خلال العام الأخير في ولاية أوباما الأولي, يحمل في طياته هروبا من جحيم الشرق الأوسط والتدخل فيه, ومحاولة للنجاة من أزمات أوروبا المالية الكارثية, وفرصا هائلة للاقتصاد الأمريكي للتعافي. وآفاقا جديدة تفتحها الأسواق الآسيوية. لكن بالرغم من ذلك يوجد أعداء إلي جانب الأصدقاء, والواضح أن الحال سيبقي علي ما هو عليه.