أسمر اللون مازال يستقبل الحياة بألوانها المبهجة لا يعتد بألوانها القاتمة، محاربا أمواجها العاتية بضحكته الصافية، إنه عبدالرءوف جمعة، بطل حرب أكتوبر البالغ من العمر 68 ربيعا، لكنه يبدو كشاب فى العشرين، ولايزال يتذكر بفخر ما قام به فى حرب 73، كأحد جنود القوات الخاصة، وقد قضى فى الخدمة بالقوات المسلحة كمجند 9 سنوات كاملة منذ عام 1965 وحتى 1974، وخرج منها مصابا وراضيا أيضا. لا يختلف حال عبدالرءوف جمعة كثيرا عن غيره من أبطال أكتوبر الذين لم ينالوا حقهم من التكريم، لكنه مازال يستقبل الحياة ببهجة، ويواصل عمله فى إحدى مدارس سوهاج كعامل، حتى يتغلب على مشكلة ضعف مبلغ المعاش الحكومى الضئيل الذى يحصل عليه شهريا. دخل الخدمة العسكرية عام 65 فى عهد جمال عبدالناصر، وانتقل إلى اليمن ضمن القوات المصرية لتعزيز الثورة اليمينة فحارب هناك لمدة عامين، وعاد مشاركا فى نكسة 67، ليكمل دوره كمجند فى حرب الاستنزاف لمدة 4 أعوام فى قناة السويس، ثم شارك فى حرب حرب 1973 وخرج من الخدمة فى الجيش عام 1974. فى حرب 1973 كان عبدالرءوف ضمن القوات الخاصة على الحدود والتى تبعد 200 كيلو فقط عن العدو، ويقول عن ذلك، خرجنا من أجل الاستشتهاد، وتكونت كتيبتى من 350 جنديا عاد منهم بعد الحرب 100 فقط، وكان نصيبى أن أصيبت يوم 16 أكتوبر من مدفع رشاش على دبابة، حيث دخلت الطلقات فخدى اليمنى وخرجت من اليسرى مرة واحدة، ورفضت الاستسلام، وبقيت مع قادتى وعالجت نفسى برمال المنجنيز كعلاج بديل، ولا أتذكر أننى وضعت «الميكروكروم» على الجرح سوى مرة واحدة. ويضيف: الإصابة حولت مجرى البول عن مساره الطبيعى، وبعد الحرب كرمنى المشير أحمد إسماعيل، ويختتم حديثه بضحكة صافية قائلا: لا أريد شيئا من الدنيا سوى الستر وهو موجود والحمد لله، ولست نادما على خدمة الوطن.