أكد المشاركون في ندوة نظمها اليوم الاثنين المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية، على وجود تشابك بين المصالح الإقليمية والدولية في سوريا، مشيرين إلى أن الشعب السوري وحده هو الذي يدفع ثمن هذا الصراع. من جهته ، قال اللواء أسامة حسن الجريدلي رئيس المركز الدولى للدراسات المستقبلية والإستراتيجية - في كلمته خلال الندوة التي عقدت تحت عنوان "دور القوى الإقليمية والدولية وانعكاساتها على الأوضاع في سوريا" - إن الأزمة السورية تمس بشكل مباشر الأمن القومي العربي والإقليمى، مؤكدا أن هناك أبعادا داخلية وخارجية واستراتيجية أدت إلى كارثة إنسانية حولت أعداد كبيرة من الشعب السورى إلى لاجئين وضحايا. وقال "الجريدلي" إن ما يحدث في سوريا إنما يعكس في الواقع حالة من القطيعة بين السلطة والشعب السوري، معتبرا أن محصلة التقديرات حيال الأزمة السورية أصبحت شديدة التشاؤم لأن الحل السياسي لا زال مغلقا في ظل مناورة النظام السورى ومراوغته. وأضاف أن الحل العسكرى يؤدي بالدولة السورية إما لحرب أهلية واسعة النطاق أو تدخل عسكري دولي، مشيرا إلى أنه يجب تقييم مواقف وأهداف وتحركات القوى الدولية ما بين مؤيد ومعارض للنظام السورى. ونوه في هذا الصدد بأن الصين وروسيا الاتحادية تقفان في الجانب الداعم للنظام إضافة إلى إيران، وذلك لاعتبارات توازن مع الوجود الغربي فى المنطقة، فيما تحرص الولاياتالمتحدة على حماية مصالحها فى المنطقة. ومن جهته، اعتبر الدكتور محمد مجاهد الزيات مدير المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط أن النظام السوري لا زال متماسكا وعصيا على السقوط لأنه لم تنفصل قيادات قطرية داخل النظام تكفي لإسقاط النظام، مشيرا إلى أن بشار الأسد نجح في دمج الحزب الحاكم مع الجيش السورى. وقال الزيات إن الأزمة السورية أصبحت مستحكمة في ظل تفاقم الصراع على المستوى السياسي والعسكري وتفاعلات وتوازنات القوى فى الداخل والخارج، معتبرا أن المشهد العسكري في سوريا بين النظام السورى والجيش السورى الحر اقترب من نقطة التوازن. وأضاف الدكتور محمد مجاهد الزيات مدير المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط أن كل الحلول المطروحة تستبعد أي حل عسكري في سوريا، لصعوبة الوضع بالداخل وتشابك مصالح وتوازنات القوى الإقليمية والدولية، خاصة في ظل تعنت الرئيس السوري بشار الاسد". من جانبه، أكد السفير نبيل فهمي سفير مصر الأسبق بالولاياتالمتحدةالأمريكية أن هناك أطرافا أجنبية تتحرك في الساحة السورية من أجل حماية مصالحها فى المنطقة، مضيفا "لم يعد بالإمكان تصور الوصول إلى حل وسط بين المعارضة السورية في الداخل والنظام السوري برموزه وعلى رأسهم بشار الأسد وعائلته. وقال إن "انهيار النظام السوري سيكون رسالة لانتكاسة نفوذ إيران على البحر المتوسط فضلا عن أنه سيصعب علاقته من الأطراف المختلفة في لبنان وعلى رأسهم حزب الله، ومن ثم تدافع إيران عن مكانتها الريادية وهيبتها في الشرق الأوسط، والتي شهدت تنامي واسع نتيجة أحداث العراق"، مضيفا "في المقابل نجد موقف المملكة السعودية مؤيدا للثوار رغم أنه لم يكن مؤيدا للثورات في شمال أفريقيا". وعن موقف الولاياتالمتحدة من الأزمة السورية، قال فهمي إن واشنطن وجدت نفسها في موقف بالغ الحساسية في قضايا الربيع العربي ، فمن ناحية كنت ملتزمة بدعم الديمقراطية ولم يكن أمامها خيار معارضة تطلعات الشعوب إلا أن ذلك كان ولا يزال يعني ضرورة قبول تغيير قيادات سياسية عربية اعتادت التعامل معها وعلى رأسهم مبارك في مصر وبشار الأسد في سوريا، وكلاهما احتفظ باستقرار وهدوء جبهتهما مع إسرائيل بصرف النظر عن المناوشات اللفظية. وعن موقف روسيا، أضاف فهمي "لروسيا علاقات تاريخية تقليدية مع الأنظمة السورية المعاصرة، فضلا عن وجود علاقات عسكرية وأمنية قوية بين البلدين وخاصة بين البحرية الروسية، ومع هذا لا ترغب روسيا أن ترى نفسها في موقف متناقض ومتعارض مع الربيع العربي، وأعتقد أنها تقدر أكثر من غيرها نقاط القوة والضعف في المنظومة السورية السياسية نتيجة لتواجدها الجغرافي والأمني والعسكري في الساحة السورية لسنوات طويلة".