إخلاء سبيل صلاح التيجاني بكفالة 50 ألف جنيه    مجلس الوزراء: خطوات هامة وبدايات مبشرة لصناديق الاستثمار المصرية في الذهب    وزيرة التضامن تبحث مع سفير الاتحاد الأوروبي التعاون في مجالات العمل المشتركة    الأسهم الأمريكية تسجل مكاسب للأسبوع الثاني.. وداو جونز يصل مستوى غير مسبوق    الدفاع الروسية: قواتنا استهدفت منشآت طاقة أوكرانية بأسلحة عالية الدقة وطائرات دون طيار خلال الليل    وزير الداخلية اللبناني: نعمل على صد أي محاولة لضرب الأمن الداخلي في لبنان    الناخبون في التشيك يواصلون التصويت لليوم الثاني في انتخابات مجلس الشيوخ والمجالس الإقليمية    التشكيل المتوقع للمصري في مواجهة الهلال الليبي بالكونفدرالية    القنوات الناقلة لمباراة ريال مدريد وإسبانيول في الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة    تأجيل محاكمة مضيفة الطيران المتهمة بقتل ابنتها في التجمع الخامس لدور أكتوبر    عمرو الفقي: تحية لفريق عمل والقائمين على مسلسل برغم القانون    مفتي الجمهورية من موسكو: علينا تصحيح الصورة المغلوطة عن التراث الإسلامي بالحوار    المشاط تبحث تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الوكالة الفرنسية للتنمية    مستثمرو مرسى علم يطالبون بمشاركة مصرية قوية فى بورصة لندن السياحية نوفمبر المقبل    واتكينز ينهي مخاوف إيمري أمام ولفرهامبتون    موعد مباراة ريال مدريد وريال سوسيداد والقنوات الناقلة في الدوري الإسباني    غدًا.. وزير التعليم يزور قنا لتفقد عدد من المدارس مع بداية العام الدراسي    سقوط 3 عناصر إجرامية بترسانة أسلحة بالقليوبية    توجيهات عاجلة من مدبولي ورسائل طمأنة من الصحة.. ما قصة حالات التسمم في أسوان؟    ضبط المتهم المتهم بالتعدي على سيدة لخلافات على أولوية المرور في القاهرة    محافظ المنوفية: طرح 12 مدرسة جديدة للتعليم الأساسي والإعدادي والثانوي    الليلة، انطلاق عرض مسلسل تيتا زوزو على منصة Watch It    انطلاقة قوية لمواليد برج الأسد في بداية الشهر الشمسي الجديد    القصة الكاملة لشائعة وفاة محمد جمعة.. ما علاقة صلاح عبد الله؟    داعية إسلامي: يوضح حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    مستشفيات جامعة سوهاج تنهي قوائم الانتظار بنسبة 98 ٪؜    «اللي بيحصل يهد ريال مدريد».. رسالة نارية من ميدو ل جمهور الزمالك قبل السوبر الإفريقي    رواتب تصل ل25 ألف جنيه.. فرص عمل في مشروع محطة الضبعة النووية - رابط التقديم    في يوم السلام العالمي| رسالة مهمة من مصر بشأن قطاع غزة    تقرير أمريكي: بلينكن لم يزر إسرائيل بجولته الأخيرة خشية تقويضها لجهود الوساطة    شيخ الأزهر يعزي اللواء محمود توفيق وزير الداخلية في وفاة والدته    تحرير 458 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة» وسحب 1421 رخصة بسبب «الملصق الإلكتروني»    وزير الشئون الاجتماعية اللبناني: التفجيرات الإسرائيلية الأخيرة غير مسبوقة وتتطلب تكاتف جهود الجميع    وزير الإسكان: تخفيض 50% من رسوم التنازل عن الوحدات والأراضي بالمدن الجديدة    بعد ارتفاع الطن.. سعر الحديد اليوم السبت 21 سبتمبر 2024 في المصانع    "تحيا مصر وعاش الأزهر".. 12 صورة ترصد أول أيام الدراسة في معاهد أسيوط (صور)    زاهي حواس: مصر مليئة بالاكتشافات الأثرية وحركة الأفروسنتريك تسعى لتشويه الحقائق    بسمة بوسيل تنشر إطلالة جريئة لها.. وتغلق التعليقات (صور)    انتظام الدراسة في أول أيام «العام الجديد» بقنا (تفاصيل)    عالم بوزارة الأوقاف يوجه نصائح للطلاب والمعلمين مع بدء العام الدراسي الجديد    تأهل علي فرج لاعب وادى دجلة لنهائي بطولة باريس للإسكواش    دراسة فرنسية: 35 مليون شخص مصابون ب"الألزهايمر" حول العالم    بدء العام الدراسي الجديد.. ما هي خطة وزارة الصحة لتأمين للمنشآت التعليمية؟    عقب الإصابة بأعراض النزلات المعوية.. «الوقائي» يتفقد الحالات المرضية ب4 مستشفيات بأسوان    الفرق الطبية بالشرقية تجري 475 زيارة لخدمة كبار السن وذوي الهمم    «بعد حبسه».. بلاغ جديد للنائب العام ضد الشيخ صلاح التيجاني يتهمه بازدراء الدين    استقرار أسعار اللحوم الحمراء اليوم السبت 21 سبتمبر    «اعرف واجبك من أول يوم».. الواجبات المنزلية والتقييمات الأسبوعية ل رابعة ابتدائي 2024 (تفاصيل)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    انخفاض جديد في درجات الحرارة.. الأرصاد تزف بشرى سارة لمحبي الشتاء    وزير خارجية لبنان: لا يمكن السماح لإسرائيل الاستمرار في الإفلات من العقاب    لطيفة: أمي قادتني للنجاح قبل وفاتها l حوار    رياضة ½ الليل| مواعيد الإنتركونتينتال.. فوز الزمالك.. تصنيف القطبين.. وإيهاب جلال الغائب الحاضر    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    الزمالك يُعلن طبيعة إصابة مصطفى شلبي ودونجا قبل مواجهة الأهلي في السوبر الأفريقي    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأبنودي ل«الصباح»: مفيش حاجة اسمها نعمل ثورة ونخلصها ونمشى
نشر في الصباح يوم 10 - 01 - 2013

شاعر مرت عليه العصور، ويحمل بين خصلات شعره البيضاء ذكريات أربعة رؤساء: عبدالناصر، والسادات، ومبارك، وأخيرا الرئيس مرسى. التقته «الصباح» لتحاوره عن مصر وهمومها، بينما يتكئ على عصاه، ويرتكن إلى كرسيه المفضل بجوار مكتبته التى تضم خلاصة فكر وثقافة العالم فى رفوف منزله بالإسماعيلية، حيث ترك القاهرة وساستها ومؤامراتها فارًا إلى الريف بحثا عن الحقيقة وهربا من الواقع الأليم.. تبقى كلماته التى انغمست فى طين نشأته لتبقى مدى الدهر منقوشة فى دفتر الخلود.. بعدما كانت قصيدته «الميدان» مما تغنى به الثوار فى التحرير.. وكانت مثل نبوءة كشفت عن ما بعد الثورة، عندما حذّر من انقلاب حلفاء الثورة على شركائهم.. وإلى نص الحوار.
ما حصاد 2012 من وجهة نظر الخال عبدالرحمن الأبنودى؟
انهيار الاقتصاد وازدياد عدد الفقراء وتطويق الحرية وحصار الإعلام والقضاء، وضياع سيناء، وبيع مقدرات الوطن، والدعوة لعودة اليهود، وتحويل الديمقراطية والحرية، إلى شعارات خادعة، وممارسة النظام المتمثل فى التيار الحاكم، كل أنواع الكذب والخداع والتزييف.
وماذا عن الحرية ومستقبلها؟
الآن الجميع يتآمر على قضيه الحرية، وتطويقها يتم بأساليب كثيرة جدا، بعضها ظاهر وبعضها خفى، ونسوا أن الحرية كانت أحد شعارات الثورة المرفوعة: عيش، حرية، عدالة اجتماعية.. وقضية الحرية مرتبطة بقضية الديمقراطية التى أصبحت لعبة للإسلام السياسى، والآن هم يمارسون كل أنواع الزيف والخداع مثلما كان النظام السابق يمارسها، ولكن بشكل أسوأ، لأنهم يرتدون عباءة الدين، وحين نواجهم يقولون أنتم من طالبتم بالحرية والديمقراطية، والصناديق هى ناتج الديمقراطية، وفى الواقع هم يسفهون الشعار العظيم للحرية، ويحولونه إلى علبة صفيح صدئة لا معنى لها، ويحاولون أن يجعلوها، بلا طعم فى لسان الوعى، لدرجة عندما نتحدث مع الناس فى الشارع عن الديمقراطية، يقولون لم تأتِ الديمقراطية بهؤلاء، فهم يعبثون بالشعارات المقدسة الكبيرة، ويحولونها إلى ما نرى الآن سواء الحرية أو الديمقراطية أو المشاركة الشعبية أو مشاركة الأحزاب إلى آخره، وهم فى حالة نفى إلى كل هذه الأشياء ومصادرتها وإبعادها بل ومصادرتها لصالحهم بصورة مزيفة، والإخوان لا يطيقون أحدا غيرهم، وحتى بالنسبة للسلفيين، فهم لا يطيقونهم أيضا، فهم عاشوا فى السرداب المظلم مدة ثمانين عاما، ولم يروا أفكارًا أخرى غير أفكارهم، ولم يقرأوا غير كتبهم، ومن هنا أصبح مجرد وجودنا شيئًا مزعجًا وغير مرغوب فيه.
وكيف تنظر إلى ازدياد الفقر فى الفترة الماضية؟
فى الفترة القصيرة التى تولى فيها الإخوان الأمور تحطم الرقم القياسى فى عدد الفقراء بصورة غير طبيعية، والناس تئن أنينًا غير مسموع، ولولا خداعهم بالرشاوى الانتخابية مثل النظام السابق، ولولا الأخوات المنتقبات على علاقة بالنساء الريفيات ويدخلن بيوتهن ويعطوهن دروسًا فى الدين وفى الانتخابات والاستفتاءات يشحنوهن فى عربات كما يعلم الجميع، ونعلم كيف تكدسن فى العربات ليحضروهن إلى اللجان، ولذلك أنا لم أرَ إهانة للشعارين: الحرية والديمقراطية مثلما يحدث الآن، لدرجة أننا نحس بالعار عندما نتحدث مع البسطاء عن فضائل الحرية والديمقراطية والناس ترى ما صنعته بهم الحرية والديمقراطية من قِبل هذا التيار.
وأين دور قادة الرأى والأدباء والمثقفين فى مواجهة الظلام الفكرى الذى أصبح ظاهرة؟
الأدباء والمثقفون لا يكفون عن ممارسة دورهم ومواجهة هذا الظلام الفكرى، والأدباء والمثقفون بالنسبة للأدب والإبداع، وبالنسبة للمثقفين والمبدعين أعتقد أنهم القناديل المضيئة فى طريق الحقيقة، ومنذ قامت الثورة بل وقبل أن تقوم لم يوجد لدينا مثقف حقيقى لم يسجن، كما أن هؤلاء المثقفين يتمتعون بعداء الإخوان والسلفيين بصورة مخيفة، وبرغم ذلك يكتبون بصورة يومية، نحن منابرنا قليلة، أما الكتابة فى الصحف أو الكتب التى لا يقرأها أحد، وحتى الصحف بعيدة عن الشعب المصرى العادى، ولا ينزل تأثيرها إلى الناس لأنه لا يوجد منابر حقيقية، وألاحظ الآن أن الأحداث المتلاحقة للثورة وغيرها أوقفت الإبداع الكبير، فالروائى لا يكتب رواية الآن ولا يستطيع أن يغلق آذانه وعينيه عما يدور فى البلد ويجلس ليكتب رواية، حتى الشعراء أنا أرى أن صوتهم خفت جدًا لكن يلعب الإعلاميون والمثقفون اليوم دورا أساسيا فى مسيرة الثورة وتنوير عقول الناس وكشف الحقائق.
هل تعتقد أن الإخوان سيحاولون السيطرة على وزارة الثقافة لاستكمال تمكنهم من مفاصل الدولة؟
رغم أن على رأس الوزارة رجل فاضل هو الدكتور محمد صابر عرب، وزير الثقافة، إلا أننا تعلمنا بالتجربة فى الفترة الماضية أن الإخوان «يأخونون» كل شىء ويستولون على كل مفاصل التأثير فى الأمة، وبالطبع وزارة الثقافة منها، ولو كان الاستيلاء عليها مؤجلا فسيستولون عليها قريبا لأنهم لن يتركوها تفلت من قبضتهم بقدرتها على التأثير من خلال قصور الثقافة، كما لم يتركوا غيرها بدءا من النوادى الرياضية فى القرى وغيرها، فهذه هى طريقة الإخوان منذ نشأتهم ومنذ رأيناهم ونحن صغار حيث كانوا يفتحون المقرات للألعاب والمعارض لجذب الشباب من هذا الجانب لنشر فكرهم.
وبماذا ترد على من يقولون إن الثورة اختطفت؟
خالنا صلاح جاهين كان يقول الثورة باقية، والكفاح دوار، ومفيش حاجة اسمها نعمل ثورة ونخلصها ونمشى، حتى لو أنجزت الثورة نفسها لابد من حراستها، نحن نريد أن نصنعها ثورة، وهم يريدون أن يحولوها إلى نظام حكم الإخوان، ونحن نريدها ثورة لإنقاذ هذه البلاد، وتحقيق أهدافها، ونحن نرى حالة من الدفاع المصرى الحقيقى، ليس دفاعا عن قضية القضاء، لكن عن كرامة مصر، وليفعلوا ما يفعلوا لكننا لن نتوقف عن الكفاح، ومبارك بعد انتشاره فى كل عروق الأمة، الناس ذهبت به للمكان المناسب له فى السجن، فالشعب المصرى فيضان ومحيط من البشر يبتلع أى قوى موجودة لو أراد، وعلى الليبراليين والمدنيين والسياسيين والثوار والتقدميين أن ينزلوا ويحتموا بالناس.
هل وصل قطار الثورة لنهاية المطاف؟
لماذا سقط الشهداء؟ وسالت الدماء الطاهرة على أسفلت الميادين والشوارع؟ فكل هذا محطات فى قطار الثورة، حتى يصل إلى غايته وسوف يسقط شهداء آخرون أكثر ممن سقطوا، وستسيل الدماء أنهارا قبل أن نستطيع تحقيق آمالنا، ولن يتركنا هؤلاء ببساطة، هؤلاء الناس لهم 80 عاما يحلمون بهذه اللحظة، ولذلك المعارك ستظل مستمرة ونحن أمامنا هدف بعيد جداً، لابد أن نصل إليه، وهم يشوهوننا ويسيئون لنا فى كل مجال وعبر الخطب فى المساجد واتهامنا بالإلحاد والكفر، وكل الألفاظ المخيفة، لكنهم لم يسيئوا لنا فقط بل أساءوا إلى الإسلام، ولو دفعت إسرائيل أو أمريكا مليارات لكل المعادين للدين الإسلامى، لكى يسيئوا إليه ما استطاعت كما تفعل هذه القوى، فحين جاء الإخوان والسلفيون اعتقد الناس أنهم الطيبون، وكما نقول نحن (بتوع ربنا) ولكن فى وقت قصير اكتشفت الجماهير أن هؤلاء الناس لا يعرفون إلا مصالحهم وأنا أعتقد أن الجزء الباقى الذى يشحنونه فى الأتوبيسات وغيره من تسويد بطاقات الانتخاب سيستيقظ ويعلم أن حبة الأرز وكيس السكر وزجاجة الزيت ليست ثمنا لوطن أريقت من أجله الدماء.
كيف ترى الصورة الآن وهل تشعر بالخوف؟
أنا لا أخاف، وكل يوم أكتب مربعى، وأقول بمنتهى الصراحة والقوة انا دخلت السجن فى عهد عبدالناصر وقدمت أيام السادات الى المدعى العام الاشتراكى بمقتضى قانون العيب وغيره، وانا دائما أحمل كفنى على يدى دون خوف، ومن يخاف عليه ان يلزم بيته، لكن من ينظر الى شباب مصر وما يفعله من أعاجيب فى النضال، يؤمن بأن هذا الشباب سيصل بمصر إلى غايتها مع القوى الثورية والقوى المستنيرة، وأيضا الجماهير رأت ما فعله الإخوان المسلمون والسلفيون عند قصر الاتحادية، وحرق الخيام وهذه الوحشية كأنهم يحاربون اليهود فى خيبر، بينما علاقتهم باليهود سمن على عسل، وكلها غزل واشواق لدرجة ان احدهم يطالب بعودة اليهود لمصر، ولكن اليهود هناك اهانونا وقالوا كيف نذهب الى بلد اقتصادها منهار ويسكن معظمهم فى المقابر، وهى اهانة ما بعدها اهانة وفى نفس الوقت يطالبون بالمليارات التى اعطاهم الحمقى الفرصة لتقديرها والمطالبة بها.
هل ترى ان الازهر له دور الآن أم انه مهمش؟
بالعكس انا حييت الطيب شيخ الأزهر فى المربع الذى اكتبه، لأنه وقف ضد الصكوك الإسلامية، التى كانوا يريدون ان يمرروها، وهى اكبر عملية لبيع الوطن بكل مقدراته، وبمنتهى الصراحة، هم لو طالوا يبيعوا البشر لن يترددوا، لأنهم بالأساس تجار و«بقالين»، وثانيا لا يوجد لديهم انتماء لهذا البلد فهم انتماؤهم دولى، وبالأساس يحتقرون فكرة الوطن، وفكرة الانتماء للوطن، ولذلك حين يفرطون فى اشياء الوطن أو يبيعونها أو يؤجرونها أو حتى يلقون بها إلى العدو لا يهمهم فى كثير أو قليل، هؤلاء الذين يقولون القدس قضيتنا ويريدون ان يقاتلوا او يحاربوا سيقاتلوننا نحن، ولم تأت سيرة القدس فى كلمة منذ جاءوا منذ أن تولوا الحكم، وكل المعجزة التى حققوها هى المصالحة بين غزة واسرائيل، وطبعا لتنفيذ المخطط الخاص بسيناء، وجعل سيناء امتدادا لغزة والوطن البديل، وهذه قضية معروفة وواضحة، ولابد أن نقف ضدها بكل ما أوتينا من قوة، وهذا التمزق الذى يصيب الأمة العربية، وتعمل عليه أمريكا واسرائيل سواء فى تونس او سوريا، والعراق والسودان، ونحن عندما يأخذون منا سيناء سنحشر فى الوادى، كما أن النوبيين قلقون، وهذه الأوضاع كلها تحتاج إلى بطل فى حجم جمال عبدالناصر ذا رؤية ووعى يتنبه للأعداء، ويجيش الأمة ويوقظ الضمير الوطنى ويشحن الانسان بالكرامة للدفاع.. كل هذه الاشياء التى يعمل الاخوان والسلفيون ضدها.
ما شعورك حيال الاقتصاد المنهار؟
هل نحن لدينا الآن اقتصاد؟ انا قلت «اللى يقول السلف تلف ناس حاقدة واخدة على الاستكانة، احنا اقتصادنا ولينا الشرف نصه استدانة، ونصه إعانة».
قلت ان الكتابة هى المبرر الوحيد لوجودك، وأنها تفضح المسافة بين الغنى والفقير، فهل الكتابة فضحت المسافة بين الرئيس وشعبه؟
لست انا فقط، ولكن معظم المبدعين يعيشون من اجل ابداعهم، ويعيشون بمبرر ابداعهم، لأننا نأكل ونعيش وننجب بأموال الفقراء، لذلك يجب ان نسدد لهم الديون المتراكمة، ويجب أن نعبر عن همومهم وقضاياهم ونضحى من أجلهم، لأنهم لا يعرفون اننا نعيش على حسابهم ومن عرقهم فنحن لا نعمل بأيدينا، ولا نشقى مثل ما يشقون، فلابد للمبدع الشريف النقى أن يحمل قضيتهم على أكتافه ويضحى من أجلها، وعلينا ان نفضح اللصوص الذين جعلوا شعبنا فى هذه الحالة التعيسة، فالأمية تنتشر وكم الفقر أصبح بلا حدود، والناس لا تجد حاجاتها اليومية البسيطة، ولذلك علينا ان ننبه الجماهير لحقوقها، ومواجهة الاغنياء غير الشرفاء والذين يرتدون عباءة الدين، وهذه هى وظيفة المبدع، إلى جانب اننا وعينا كل ما أبدع الآخرون سواء قديما أو الآن، ونعرف اين موقعنا، ولا نضحى بقيم الادب والشعر والفنون جميعا لكى نرضى الفقراء، ولكن نحن نبحث عن صيغة بين الفن الرفيع، وبين مخاطبتنا للبشر وكل مبدع له اتجاهه طبعا.
وهل شملت قصائدك وكتاباتك كل ما عاصرته مصر؟
أنا اعتقد ان قصيدة الميدان من أوائل الاشعار التى كتبت، واعتقد انها قصيدة كتبت نفسها، لأنها نتاج صبر ونضال طويل فى انتظار فجر الثورة، فخرجت القصيدة تسبقنى، والقصيدة كان لها رؤية، وعينان، بمعنى انها نبهت مبكرا إلى هذه القوى المعادية التى تشارك فى الثورة.. «وحاسبوا من الديابة اللى فى وسطيكم، واللا تبقى الخيانة منكم فيكم»، ثم فيما بعد كتبت لسه النظام مسقطش، وهى ملحمة شعرية تنبه الى ان اجهزة الدولة كما هى، وان القادمين سيحكمون بأجهزة الدولة القديمة، ونبهت وقلت «إنت اللى واقف معايا فى عركة التغيير، بكرة ستقتلنى بأيديك فى ميدان التحرير»، وكنت أعلم اهداف هذه الفئات التى تدعى الاسلام وترتدى عباءته، ثم كتبت ضحكة المساجين، حين كان الشباب يسجن بالآلاف ويحاكم محاكمة عسكرية، وعلى الحجار غنى منها جزئين، ثم بدأت اكتب مربعاتى اليومية، فى هذه الفترة التى أظن أن الناس فيها لم يعودوا قادرين على قراءة الأشياء الثقيلة، وهذا الشكل الفنى الصغير المشحون بالشعر وبالمشاعر وبالوعى، هو الصلة الآن بينى وبين الناس لأنه حقق رواجا لدرجة ان بعض الصحف بدأت تقلده.
هل تعتقد أننا نعيش فى تصحر قيمى وعصر تجريف للغة؟
بالطبع اللغة تتصحر، وليس اللغة فقط، لكن أيضا القيم تتصحر، وموروثات الانسان المصرى وتقاليده، وكذلك الابداع يتصحر، واللغة انعكاس لكل هذا، فانحطاط التعليم ودخول المدارس الأجنبية جعل الناس تلجأ إليها لتعليم الأولاد، وكل هذا يؤدى الى هجرة ابنائنا للغة.
وهل عاصرت مرحلة مرت بمصر مثل التى نمر بها اليوم؟
الحال الذى نحن فيه هو الأسوأ، ونحن نعيش فى نفق طويل مظلم، وفترة قاسية جدا، لأن من يتحكمون فى الأمور يتآمرون علينا، ويحولون مصر إلى قطاع خاص بهم، ويمارسون كل قسوة الرأسماليين على فقراء مصر الذين أصبحوا خارج رحمة المسئولين، لكن نحن عرفنا لحظات يأس أشد قسوة، وأنا اذكر فى نكسة 76 أن الناس كانت لا ترى من هول القضية وشدة الظلمة، ولا تتكلم مع بعضها البعض، وكل شخص يحمل همه كأنه يحمل قدره، وكتبت انا موال النهار «عدى النهار والمغربية جايه»، «واحلف بسماها وبترابها»، وفجأة الناس انتعشت وادركت الامل وهذه هى القيمة الحقيقية للفن، وما زلت أرى انه فى اخر النفق المظلم ثمة ضوء، لن يستطيع احد ان يحجبه، أو يضع مصر فى جيبه، والصبر جزء من النضال، فهم أناس علمتهم الحياة السياسية السرية ان يكذبوا طول الوقت على كل الناس حتى على أنفسهم.
لكن الشعب أنّ من الألم؟
رغم الحروب الكثيرة التى خضناها، إلا أن هذه الحروب كانت دائما فى سيناء ولا نراها، ولذلك الناس لم تتمرغ فى فكرة النضال او ان ترى الشهيد وتحمله بأيديها، لأن شهداءنا كانوا فى سيناء على الرمال ودفنوا هناك، ولذلك علينا ان نتعامل مع الدم كشيء طاهر، وليس كشيء بشع، وانا دائما فخور بهؤلاء الذين يحملون الشهداء وتغرق ملابسهم بالدماء، ودون الدماء لن تروى ازهار الحرية، ولن يسطع فجر هذه الأمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.