بعيدا عن صراعات 2012 السياسية المحتدمة، نجد على الجانب الآخر صراعا من نوع خاص، هو صراع الكتاب فى عالم الإبداع، هذا العام شهد صدور العديد من الكتب والروايات المتنوعة بين السياسية والرومانسية، استطاعت بعضها أن تفرض نفسها على القارئ، لهذا نرشح لك هذه الأعمال التى لا تفوتك، خاصة أن الوقوف على أسباب نجاح تلك الروايات فى هذا التوقيت المتخبط سياسيا، يستدعى التأمل قليلا. الشعب يريد.. الجريمة أكيد تصدرت رواية الفيل الأزرق لأحمد مراد مبيعات الروايات لعام 2012، كما حصلت على المركز الأول وفقا لموقع «جود ريدرز» كأفضل الكتب، وكعادة مراد يصنع من عالم الجريمة خلفية لروايته، فاتخذ من جريمة القتل فى هذه الرواية أيضا طريقا ليتعمق فى أعمق وأغرب خبايا النفس البشرية من خلال المرضى النفسيين فى مستشفى العباسية، ليجد القارئ نفسه أسيرا للرواية. السنجة.. ل«دكتور» أحمد خالد توفيق من الملفت أن صورة الغلاف جاءت تعبيرا صادقا عن محور الرواية، وحدثها الرئيسى، فهى خليط من الواقعية والفانتازيا، تدور حول مؤلف يُحاول فهم منطقة شعبية اسمها «دحديرة الشناوى»، فيأخذنا الكاتب إلى عالم متشابك فى جو الأحياء الشعبية الفقيرة وعلاقاتها المعقدة والمتشعبة فى محيطها المأساوى، وهو ما جعل من الرواية آلة موسيقية تزف الحزن داخل نفوس القراء، فيعيشون مع أبطالها أجواء قاتمة السواد. باب الخروج عزالدين شكرى فشير اجتمع للرواية عنصران أساسيان للنجاح، خاصة فى هذه المرحلة، وهما الرؤية السياسية الثاقبة المستندة إلى دراسة واعية وفهم عميق للمرحلة وطبيعتها، إضافة للتحليل المنطقى الواقعى البعيد عن العواطف والصخب، والعنصر الثانى هو الأسلوب الأدبى المميز القائم على السهل الممتنع فى السرد والحوار، وبناء الشخصيات. حيث حملت الرواية الطابع السياسى، واحتوت على الكثير من الأحداث المثيرة والكاشفة لطرق صنع القرار فى المطبخ السياسى، فنسج الكاتب شخصيات روايته وحملها بالدراما والتشويق ما وضّح كواليس ما جرى بالقصر الرئاسى، بداية من الفترة التى سبقت وقوع ثورة 25 يناير ونهاية بعام 2020، مرورا بالصراع السياسى الدائر على الساحة المصرية. سر المعبد ثروت الخرباوى هو من أشهر المنشقين عن جماعة الإخوان، وبعد أن كشف سر خروجه من الجماعة فى كتابه «قلب الإخوان» عام 2002، كتب «سر المعبد» قاصدا منه أن يظهر ما خفى عن الناس من أمور كانت تحدث فى كواليس صنع القرار بالجماعة، كاشفا جوانب أخرى لجماعة الإخوان وأسرارا لم تعرف من قبل من خلال رؤيته خبير بها درسها وعايشها لسنوات، فوجد سر المعبد قبولا بين القراء الشغوفين لمعرفة أسرار الجماعة التى تحكم مصر الآن. أنا عشقت محمد المنسى قنديل براعة المنسى قنديل فى تصوير أدق خلجات النفس، وأكثرها شفافية وتعقيدا، بلغة شاعرية تزاوج بين الواقع والحلم حتى يشعرك فى كثير من الأحيان أنه يقرأك ويراك من الداخل، كان عاملا مهما لنجاح الرواية، إضافة الغلاف الجذاب، الذى يمكن أن يكون صورة يرتجل عليها الشعراء مئات القصائد. يبدأ المنسى روايته بداية شديدة الرقة والرومانسية، لكن مع الوقت تكتشف أنها ليست رواية عن الحب، لكنها رواية عن القهر فى أبشع صوره، وتكتشف أن أعتى المجرمين إنما أصبح كذلك بسبب القهر، فيقدم لنا مدينة محملة بكل عوامل الثورة، وتوشك على الانفجار، بينما ينتظر أناسها البعث الجديد.