صباح يوم 8 سبتمبر الماضي، جهز الشيخ همام عبد الفتاح، الشهير بأبو معاذ، حقيبته، وودع أسرته الصغيرة، وأخبرهم بنبأ سفره إلى سوريا للانضمام للمجاهدين هناك ضد النظام السوري، زوجته كانت متخوفة قليلا ولكنه طمأنها وغادر المنزل. البداية عقب مرور ساعات، وصل أبو معاذ، معلم اللغة العربية لغير الناطقين بها، الأراضي التركية ومنها إلى الحدود السورية، حيث استقبله هناك أحد الدعاة، الذي نسق معه عبر الانترنت، وأخبره بنيته القدوم إلى سوريا لنشر الدعوة بين الناس والمشاركة في الجهاد.
أبو معاذ، 30 سنة، لم يدخل إلى سوريا عبر المعابر الحدودية الرسمية للجيش الحر، المجاهدين السوريين ساعدوه على الدخول عبر الحدود التركية ليجد نفسه في مدينة حلب (شمال سوريا)، تتساقط عليه القذائف وتحلق فوق رأسه المقاتلات السورية، التي تلقي القنابل والصواريخ، إلا أن هذا الوضع سرعان ما أصبح شيء عادي عقب مرور أيام تتساقط فيها القذائف وتتناثر فيها أشلاء الجثث.
التقت الشيخ همام خريج جامعة الازهر، في أحد المساجد بالجيزة ليروي عن تجربة سفره ومشاركته كمقاتل ضمن صفوف كتائب "أحرار الشام" حيث قال ل: " قضيت شهر وعودت إلى مصر ثم سافرت وقضيت شهرين وعودت في يوم 8 نوفمبر الماضي، كان دورنا هو صد الهجوم على بعض المناطق المحررة، التي يطلقون عليها "رباط"، حيث أن النظام السوري يجدد بين الحين والأخر هجومه على الأراضي التي يسيطر عليها المجاهدين، لكننا كنا نقف نؤمن هذه المناطق، وبخاصة في أحياء السكري والإذاعة والشقار والصاخور وسيف الدولة بمدينة حلب". مواجهة الموت شاركت في العديد من المواجهات المسلحة التي استمرت ل 8 ساعات مستمرة، واجهت خلالها الموت ورأيت أشلاء أصدقائي تتناثر حولي وأصابت بندقيتي أجساد النظام السوري.
يقول المجاهد المصري، في أحد المواجهات تأكدت أن سلاحي (كلاشنكوف) أصاب حاله أو حالتين وبخاصة أننا قضينا على جميع من بالكتيبة التي تقاتلنا، وفي أحد المواجهات أصبت بعض الحالات في أماكن خطيرة في الجسد.
وحول تسليح المجاهد قال " نرتدي زى موحد للجيش وشارات تظهر تابعيتنا للكتيبة، تسليحنا أسلحه خفيفة نتسلم سلاح "كلاشنكوف" ومجموعه من الطلقات نضعها في جيوب السترة التي نرتديها، لا يوجد سترات مضادة للطلقات، وما يحصل عليه المجاهدين يكون من استيلاءهم على مخازن ومستودعات السلاح التابعة لنظام الأسد.
مشاهد دامية " كنا في أحد أحياء حلب، وقام النظام بشن هجوم بالهاون والدبابات على أحد المناطق التي كنا نؤمنها، قام المجاهدين بزرع عبوه ناسفه ونجحنا في تدمير الدبابة، وقام الآخرين بقذف أحد المدرعات ب " ار بي جي"، استشهد بيننا 3 وأصيب 6.
وجلس أبو معاذ في الطابق الرابع للمسجد يتذكر بعض المشاهد الدامية التي حفرت في ذاكرته، حيث قال " كنا في جولة في أحد الأسواق في حلب، وكان يلعب في الشارع 15 طفل، طالبنا أسرهم أن يدخلونهم المنزل خوفا عليهم من القصف، قالت أحد الأمهات" لو أدخلناهم المنازل وقصفوها لن نستطع إخراجهم من تحت الأنقاض"، عقبها أسقط النظام قذائف الهون، وقتل 12 طفل منهم أعمارهم من 7 سنوات ل 15 سنة.
حادثة أخري يتذكرها أبو معاذ، وهي أن أحد الأمهات خرجت في حلب ليلا لتشتري لبن "مسحوق" لرضيعها وقت صلاة المغرب، طالبنا منها الرجوع للمنزل، لكثرة انتشار القناصة فوق أسطح المباني، ولكنها أصرت على شراءه، وقالت "الولد يبكي"، خلال لحظات كانت رصاصة قناص قد أصابه رأسها وقتلت.
المجاهدين المصريين في سوريا ويتذكر أبو معاذ المجاهدين المصريين في سوريا، فيقول "هناك العديد من الجنسيات غير المصرية كما يوجد 14 داعية مصري بسوريا في مدن متفرقة، وقد التقيت بمصريين من خارج مصر قادمين من البوسنه والهارسك، وبريطانيين من أصول مصرية، وكان معنا ضمن كتيبة " أحرار الشام" 3 مصريين 2 منهم دعاه، والثالث استشهد"، مشيرا إلى أنه خلال الفترة التي قضاها في سوريا وصله نبأ استشهاد 15 مجاهد مصري.
ويقول المجاهد المصري، عن القتال في سوريا، "القتال تحول منذ شهر 6 الماضي من كونه حرب عصابات إلى حرب منظمة وعمليات ممنهجة تتم بتنظيم من الكتائب المقاتلة والمجاهدين".
وعن المواقف التي قابلها وفخر بها، طفل سوري لديه 14 سنه، كنيته أبو حمزة ، من سكان ريف حلب، قام بزرع عبوات ناسفة في أحد معسكرات النظام، وحينما سألت قائد كتيبته، قال لي " لماذا لا نعيد نموذج الأطفال الشجعان الذين قتلوا أبو جهل في عهد الرسول".
حكمت بالإعدام على مغتصب 12 فتاة عمل المجاهد المصري لم يقتصر على الجهاد فقط، فهو يؤكد أن الجهاد المسلح كان يمثل 15% مما كانوا يقومون به، مشيرا إلى أنه كان يقوم بمنح دورات شرعية على ثلاث مستويات، الأول: دوره أسبوعين تتم في معسكر التدريب للمقاتلين قبل توزيعهم على المعارك، الثانية: دروس شرعية بشكل يومي أو يوم بعد يوم في مقرات القتال، والثالثة: دورات تستهدف الوسط الشعبي حيث نعطي دروس في المساجد والتجمعات الشبابية والأسواق للمدنيين للرد على حجج مشايخ النظام السوري، لافتا إلى أنه أعطى 30 درس شرعي في حلب.
كما عمل أبو معاذ، قاض في المحكمة الشرعية في حلب ثمانية ساعات يوميا، 4 منها للقضايا المدنية وأخري للعسكرية، مشيرا إلى أنه واجهته العديد من القضايا من بينها ، قضية "شبيح" قام باغتصاب 12 فتاة في جامعة حلب وقتل 8 منهم، فحكمت عليه بالإعدام، لافتا إلى أن حكم الإعدام أما أن ينفذ في ميدان عام أو ينفذ في السجن.
الداعية كان يحتكم في حكمه للشريعة الإسلامية، إلا أن المحاكم كانت لا تنفذ بعض الحدود بالشكل المتعارف عليه، حيث قال " مثلا من سرق لا تقطع يده، بل نجعله يرد المسروقات أو يسجن أو يتم تكليفه بخدمه عامه، ومن يقطع يده فقط من يقبض عليه في قضيه سرقة عسكرية أو سرقة لحساب النظام". وحول هيكل محاكم القضاء الشرعي في سوريا، أوضح أبو معاذ، أن المحكمة تتألف من سرايا مداهمه ومكتب بلاغات (شكاوي) ومكتب دراسات (تحريات) ومكتب تحقيقات، ومكتب للقضاة. ومن أكثر القضايا التي علقت مع القاضي المجاهد، قضية فتاة عمرها 14 عاما، خالتها تعمل جاسوسه لدي النظام السوري، حيث كانت تمنح الفتاة "شرائح" كانت تضعها في مقرات الجيش ويقوم النظام من خلال أجهزته تسليط الصواريخ والقذائف عليها، فقمت بتسليمها لوالدها فهي قاصر. عودة محتملة لسوريا فرحت أسرة أبو معاذ، بعودته مره أخرى إليهم، فطريق العودة كان مختلفا عن طريق السفر، كما أن الوضع داخل سوريا يختلف تماما عما يراه الناس عبر شاشات التلفزيون وعبر مواقع الانترنت، حتى الآن سافر أبو معاذ مرتين للجهاد ولم يحدد بعد إذا كان ينوي السفر مره ثالثة أم لا.