مسئوليته عن شعب الكنيسة.. وصوم عام كامل حسب تقاليد التنصيب لعدة مرات تسقط دموع البابا تواضروس خلال حفل تجليسه الأحد الماضى، بل أجهش بالبكاء، وهو الأمر الذى لفت الانتباه كثيرا للمتابعين لحفل تنصيب البابا، وأثار تساؤلات ما إذا حول كانت رسامة البابا أمرا محزنا، أم أنه أمر يستدعى الفخر؟ وحسب طقوس الرسامة للأسقف والبطريرك يدخل البابا فى صوم منذ إعلان اختياره ولمدة عام كامل، إلا فى أعياد الميلاد، والغطاس، والقيامة. وكان البابا تواضروس قبل اختياره بالقرعة الهيكلية قد شرح مرحلة دخول البابا فى رحلته الباباوية وحتى وفاته، فطقس رسامة التجليس امتلأ بالعديد من الرموز والدلالات التى تحمل معانى تذكرها الكنيسة الأرثوذكسية، وتعتبرها منهجا فى صلوات القداسات عموما، حيث كانت كل كلمة رتلت فى القداس، هى من بين كلمات الإنجيل، تحمل دلالة وعلامة على الموقف يتناسب مع طقس رسامة رأس الكنيسة. ثم صمت المطارنة والأساقفة لحظة وهم يصلون من أجل «إضرام نعمة الروح القدس» على البابا الجديد، وبعدها بدأ الأنبا باخوميوس مراسم التتويج بمشاركة باقى الأساقفة. بموجب هذا التتويج يكون للبابا أن يأمر وينهى، يحل ويربط، يصلى عن الكنيسة كلها ويشفع فى شعب الله، وله على الجميع حق الرعاية والإصغاء لكلمته والخضوع لرئاسته، وسماع صوته وتعاليمه، طبقا لتعاليم الكتاب المقدس، بعدها أقيمت صلوات من أجل سلام الكنيسة، ومن أجل الأساقفة، وصلوات من أجل استدرار مراحم الإله القدوس، ودعوات للبابا الجديد بحياة سعيدة، حياة أمينة، حياة بطهارة وعدل. ثم قام الأساقفة برشم ملابس البابا، وألبسوه ملابسه، كل جزء رتل معها صلاة خاصة تحمل رمزا ومعنى خاصا به،وحينما جاء دور «التاج» وهو مصنوع من القماش ومطرز بطريقة لها معنى، وبه أيقونات للمسيح، ومارمرقس، وارتداء البابا للتاج يعنى فى المسيحية إشارة لإنابته عن المسيح فى رئاسة الكنيسة. وبعد الانتهاء من ملابس البابا وتاجه، جاء الدور على «عصاه» أو «عصا الرعاية»، فقال الأنبا باخوميوس للبابا وهو يسلمه عصا الرعاية بصوت جهورى أجلسنا البابا تواضروس بابا ورئيس أساقفة وبطريرك الكرازة المرقسية، وبدأ جميع أساقفة وعلى رأسهم الأنبا باخوميوس بعد جلوس البابا على كرسى مارمرقس – بالسلام عليه وتقبيل يده والصليب الذى يمسك به. وكانت أصعب عبارة يسمعها البطرك فى هذا اليوم « من يدك يطلب دمها» ويقصد بها دماء النفوس الضائعة، والتى كان عليه ضمها إلى الحضن الإلهى، كمسئول أول أمام الله عن هذه النفوس التى فى الكنيسة التى يتحمل رعايتها ووزرها، وهذا يضاف إلى الأسباب التى جعلت البابا يجهش بالبكاء. البابا تواضروس الذى لم تتوقف دموعه طوال قداس تجليسه بطريركا، انفرجت ملامح وجهه بعد نهاية مراسم إلباسه الزى الباباوى، إلا أن الدموع عاودت حين احتضن رفيق الدرب الأنبا رافائيل، فانكفأ البابا فى حضن صديقه باكيا. بعد كل هذه الطقوس وانتهاء القداس، بدأت « زفة» البابا فى موكب وبعدما بارك الحضور فنزل متجها إلى زيارة جسد مارمرقس الذى يرقد فى مزاره بالكاتدرائية. وتجلت تقاليد الكنيسة الأرثوذكسية التى لا تنسى آباء الكنيسة الذين رحلوا بل تظل تذكرهم، وفوق كل هذا كان الحب الذى الذى يحظى به البابا الراحل فى قلوب الجميع يتجلى، ففى كل مرة ذكر اسم البابا شنودة الثالث ضجت الكنيسة بالتصفيق الحاد من الحضور تعبيرا عن عدم النسيان، وتحية وامتنان له، وتعبيرا أيضا عن عدم تعارض حبهم للبابا الراحل مع حبهم للبابا الجديد.