ضاعف انسحاب الكنائس المصرية الثلاث من الجمعية التأسيسية؛ حجم الأزمة التى تواجه كتابة الدستور الجديد، وعدم التوافق بين القوى السياسية حول مواده، بالإضافة إلى تجاهل الأغلبية الإسلامية لمطالب القوى المدنية. كشفت مصادر كنسية ل«الصباح» عن كواليس انسحاب الكنيسة من الجمعية التأسيسية، وأن وثيقة الانسحاب أعدها الأنبا باخوميوس القائم مقام البطريركى، ثم عرضها على البابا «تواضروس الثانى»، فيما انتقد مصدر كنسى عدم التمهل فى اتخاذ القرار، خصوصا أن الكنيسة لم تحتفل بتنصيب البابا الجديد. وأشارت المصادر إلى أن الكنيسة تعترض على المادة الخاصة بتفسير الشريعة، والتى تنص على «الأدلة الكلية والقواعد الفقهية والأصولية ومصادرها عند أهل السنة والجماعة». واعتبرت مارجريت عازر، أحد ممثلى الكنيسة «أن الدستور الجديد يسعى لتأسيس دولة دينية». وقال ثروت بخيت «المحامى»: إن الأنبا «تواضروس الثانى» بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية؛ استمع لممثلى الكنيسة فى التأسيسية، وقال لهم «رأيكم هو الصواب وأنتم المعنيون بهذا الأمر، فأنا رجل صيدلى واهتمامى بالشئون الدينية أكثر من السياسية، فكل ما ترونه صالحا فافعلوه من أجل الكنيسة». ومن جهة أخرى، هاجم الدكتور عبدالهادى القصبى، شيخ مشايخ الطرق الصوفية؛ الجمعية التأسيسية للدستور وتجاهلها لمطالب الصوفيين، وعدم اختيار ممثل لهم فى الجمعية، وقال: إنه تم استبعادهم لحسابات انتخابية. فيما هاجم الدكتور السيد البدوى، رئيس حزب الوفد، الأغلبية فى الجمعية التأسيسية، وقال إنها تتبع سياسات «الوطنى المنحل» فى قمع آراء المعارضة، وتتجاهل مقترحات القوى المدنية بشأن المواد الخلافية. من جهته، أكد الدكتور أيمن نور، رئيس حزب غد الثورة، أن عضويته فى التأسيسية «مجمدة»، ولن يتراجع عن موقفه حتى يستجيب المستشار «الغريانى» لمطالب القوى المدنية. وأعلنت الكنائس المصرية أمس فى بيان رسمى انسحابها من الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، وأكدت أنها تابعت باهتمام أعمال الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور المصرى، ودرست حصيلة المسودات الصادرة عنها طوال فترة عملها. وأضاف البيان: «استشعرت الكنائس المصرية عدم ارتياح عام للاتجاهات التى سادت كتابة النصوص الدستورية المطروحة، ومناقشات الجمعية، وانتهينا إلى أن الدستور المزمع صدوره -بصورته الحالية- لا يعكس التوافق الوطنى المنشود، ولا يعبر عن هوية مصر التعددية الراسخة عبر الأجيال، كما نعتبره خروجًا على التراث الدستورى المصرى، الذى ناضل من أجله المصريون جميعا (مسلمون ومسيحيون)، وانتقاصًا من الحقوق والحريات والمواطنة التى اكتسبها المصريون عبر العصور.