وزير الري: نعمل على تطوير المنشآت المائية ومنظومات الري ووصول المياه لكل مزارع دون مشاكل    ارتفاع بورصة الدواجن اليوم.. أسعار الفراخ البيضاء والبيض الخميس 4 يوليو 2024 بالأسواق    أول تعليق من نجيب ساويرس على تعيين هالة السعيد مستشارا لرئيس الجمهورية للشؤون الاقتصادية    مفاجأة من وزير التموين للمواطنين بشأن الدعم على البطاقات التموينية (فيديو)    المغرب والاتحاد الأوروبي يوقعان على برنامج لدعم التعليم العالي    متظاهرون داعمون لغزة ينهون اعتصاما في حرم أكبر جامعة بكندا    شهداء وجرحى جراء القصف الإسرائيلي المُستمر على قطاع غزة    مع تصاعد الحرب في غزة ولبنان.. الشرق الأوسط يجلس على برميل بارود    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة رطب نهارا مائل للحرارة ليلا على أغلب الأنحاء.. والعظمي بالقاهرة 39    أول تعليق من توفيق عبدالحميد بعد تعرضه لوعكة صحية..ماذا قال؟    6 نصائح للعناية بالأسنان والحفاظ عليها من التسوس    «هيئة الدواء» تسحب عقارا لعلاج السكر من الصيدليات.. ما السبب؟    «المصري اليوم» تقود سيارة كهربائية في شنغهاي: مصر سوق واعدة    وزيرا خارجية السعودية وأمريكا يستعرضان هاتفيا التطورات في غزة    ملف يلا كورة.. قائمة الأهلي.. تعثر الزمالك.. وموقف بيراميدز من المنتخب الأولمبي    زيدان يكشف عن اللاعبين المنضمين لمنتخب مصر الأولمبي في رحلتهم إلى باريس    الأهلي يبحث عن انتصار جديد أمام الداخلية بالدوري    عبد الرحيم علي يشكر الوزراء والمحافظين الذين غادروا مواقعهم    إصابة طفل وانهيار جزئي لعقار مجاور.. تفاصيل سقوط عقار بالحي القبلي في شبين الكوم    مصرع طفلين شقيقين غرقا في كفر الشيخ    العثور على شاب مصاب بطلقات نارية في ظروف غامضة بقنا    عبدالرحيم علي يهنئ المحافظين الجدد ونوابهم    عمرو أديب الزمالك «نمبر وان».. وكريم عبدالعزيز يرد: أنا اهلاوي مجنون (فيديو)    قصواء الخلالي: الحكومة الجديدة تضم خبرات دولية ونريد وزراء أصحاب فكر    ميمي جمال: أنا متصالحة مع شكلي وأرفض عمليات التجميل    حظك اليوم برج الثور الخميس 4-7-2024 مهنيا وعاطفيا.. احذر ضغوط العمل    دعاء استفتاح الصلاة.. «الإفتاء» توضح الحكم والصيغة    أول ظهور لحمادة هلال بعد أزمته الصحية    التشكيل الوزاري الجديد، مدبولي يعقد اليوم مؤتمرا صحفيا بالعاصمة الإدارية    طائرات استطلاع تابعة للاحتلال تحلق في سماء مخيم «شعفاط» بالقدس    هيئة الدواء توافق على زيادة سعر 3 أدوية منها علاج للضغط (تفاصيل)    3 أبراج تتوافق مع «الدلو» على الصعيد العاطفي    حزب الله يعلن قصف مقرين عسكريين إسرائيليين    أول رد سمي من موردن سبوت بشأن انتقال «نجويم» ل الزمالك    ميسي مهدد بالغياب عن مباراة الأرجنتين ضد الإكوادور في كوبا أمريكا 2024    وزراء خارجية روسيا والصين ومنغوليا يناقشون التعاون في المجالات الاقتصادية    "مين كبر ناو".. شيكو يحتفل بعيد ميلاده    لميس حمدي مديرا لمستشفى طلخا المركزي    الكويت تعلن اعتقال مواطنين بتهمة الانضمام لتنظيم محظور    أفعال مستحبة في ليلة رأس السنة الهجرية    أمين الفتوى: لا ترموا كل ما يحدث لكم على السحر والحسد    أبرز مشروعات وزير البترول الجديد بالقطاع الحكومي.. تعرف عليها    ملف رياضة مصراوي.. تعادل الزمالك.. قائمة الأهلي لمواجهة الداخلية.. وتصريحات وزير الرياضة    في أول تصريح صحفي له، محافظ بورسعيد الجديد يوجه رسالة إلى اللواء عادل الغضبان    حدث ليلًا| موعد إجازة رأس السنة الهجرية وحالة طقس الخميس    رئيس مجلس الوزراء يعلن موعد إجازة رأس السنة الهجرية    نجم الزمالك السابق: هناك عناد من الأهلي وبيراميدز ضد المنتخب الأولمبي    إجراء تحليل مخدرات لسائق ميكروباص تسبب في سقوط 14 راكبا بترعة بالصف    أستاذ استثمار عن التغيير الوزاري: ليس كل من رحل عن منصبه مقصر أو سيئ    وزير الزراعة الجديد: سنستمكل ما حققته الدولة وسأعمل على عودة الإرشاد الزراعي    هاني سعيد: بيراميدز لم يعترض على طلبات المنتخب الأولمبي.. وهذا موقفنا النهائي    عمرو خليل: اختيار الوزراء في الحكومة الجديدة على أساس الكفاءات والقدرة    أدعية رأس السنة الهجرية.. يجعلها بداية الفرح ونهاية لكل همومك    والدة شاب تعدى عليه بلطجي بالمرج تكشف تفاصيل الحادث    فحص نشاطها الإجرامي.. ليلة سقوط «وردة الوراق» ب كليو «آيس»    مصرع طفل غرقا داخل نهر النيل بقنا    اتحاد الصناعات: وزارة الصناعة تحتاج لنوعية كامل الوزير.. واختياره قائم على الكفاءة    تعيين عبلة الألفي نائبة لوزير الصحة والسكان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسكندرية .. الليل والبحر والناس الشقيانة

«أجدع ناس.. ع البحر ماشية تتمخطر.. من سيدى بشر لأبوالعباس.. أيوه يا عالم ع المنظر ».. هكذا يغازلها صلاح جاهين شعراً، ولم لا، وهى خميلة الشعراء والحكماء كما يقول أمير الشعراء أحمد شوقى.

مدينة تخترع الفن جدرانها متاحف مفتوحة، عليها جداريات من الفسيفساء الملونة، أبدعتها أنامل تعشقها.. سكانها يفتحون صدورهم للغرباء، ومعهم مازال يعيش: يونانيون تمصروا أو بالأحرى «تسكندروا »، وأرمن وإيطاليون رفضوا مغادرتها بعد خروج الاستعمار الإنجليزى، ولا شىء يغضبهم أكثر من أن ينادي بمفردة «يا خواجة »، كما يعيش أيضاً صعايدة وفلاحون ونوبيون، ذابت الفوارق الثقافية بينهم، وبفعل لمستها السحرية، حتى إذا سألت واحداً منهم عن سر حبه للإسكندرية، سرعان ما يجيبك: أيوه يا جدع.. بنحبوها من قلبنا وبس.

هى مدينة حبها مد لا يعرف جذراً، يشم زائروها نسائم التاريخ، وتدوس أقدامهم مواضع قدمى الإسكندر، الذى قال عنها: هى المجد الذى حلمت به، مجد للتاريخ والخلود، ويسمعون فى هدير موجها وهمسات نسيمها صوت كيلوباترا الجميلة إذ تقول: الإسكندرية ترنيمة الزمان، ومعشوقة التاريخ، لا أدرى ما إذا كنت أسكنها، أو كانت تنام بين خلاياي.

لعروس اغتسلت منذ آلاف السنين بمياه البحر، واستحمت بالضوء كل صباح.. «الصباح » تقدم هذا الملحق، ضمن سلسلة ملاحقها التى تعدها لمحافظات مصر، فما من مدينة على أرض طِيبة الطيبة الجميلة، إلا وهى فى قلوبنا.

ملحق يغوص فى أعماق أمواجها، يتحدى «نوَّات » الفساد، ويبحر مع هموم الصيادين ويدخل مناطقها النائية، فيصطاد هموم البسطاء، ويتمشى على كورنيشها ليلاً، ويمازح عابرى الطريق.. ملحق رشيق خاص نقدمه بكل حب لمدينة الحب.
نجع أبودومة تحت حصار عوادم السرطان

لا أحد يسمع، أو بالأحرى، لا أحد يريد أن يسمع صرخات أهالى نجع أبودومة، الواقعة فى منطقة النهضة، التابعة لحى العامرية بالإسكندرية، ولا أحد من المسئولين، يريد انتشال سكان هذه المنطقة، من بين مخالب وأنياب السرطان وأمراض التنفس والدماغ والعقم والعجز الجنسى والأمراض الوراثية التى يتناقلونها جيلا بعد جيل، بسبب الغازات والعوادم الضارة، التى تطلقها أربعة مصانع، تضرب عرض الحائط بالاعتبارات البيئية والصحية، من دون خوف من قانون.. فالقانون أو بالأحرى الدولة، لم تصل بعد لأبودومة، كما يقول سكانها الفقراء.

يقول عطية عبدالرحمن،عامل: نحن منسيون فى هذه المنطقة البعيدة عن العمران، فالمصانع الأربعة لا تحقق لنا أى فائدة، إذ توظف عمالة من خارج المنطقة، من أصحاب الواسطة، الذين تنفتح لهم كل الأبواب، وفى الوقت نفسه، تملأ الجو حولنا بالملوثات الخانقة ويضيف أن القرية أنشئت قبل 60 عامًا، وكانت تعرف باسم نجع أبودومة، ووقتها كان عدد البيوت بها 7 فقط، وبدأ توافد الأهالى عليها حتى وصل عدد البيوت الآن إلى 600 بيت يقطنها نحو 5000 نسمة، وتعانى «أبودومة » من مشكلات أخرى مثل سوء حالة الرغيف المدعم، وضعف تدفق المياه وانقطاعها من حين لآخر، علاوة على تهالك الطرق، إلا أن التلوث يبقى أشد مشكلاتها خطورة.

وتتمثل الشركات التى تطوق القرية فى: شركة الملح والصودا، وشركة الإسكندرية لأسود الكربون، وشركة الفايبر، وشركة البتروكيماويات، وهى الشركات التى حرمتهم من العيش حياة «كريمة »- حسب قوله. ويتابع: «كنا نعتقد أن ابتعادنا عن المدينة سيرحمنا من الضوضاء والإزعاج لننعم بالراحة، إلا أننا اكتشفنا أننا نعيش فى مستنقع للأمراض بعد أن أقيمت المصانع ومعها ارتفعت نسب الإصابة بأمراض خطيرة، دفعت الكثيرين إلى الاستدانة وبيع كل ما يملكون لمحاربتها، لكن المعركة فى معظم الأحيان تنتهى بالخسارة » حسب تعبيره. ويوضح أن «أعراض أمراض خطيرة ظهرت على أهالى القرية، وتوفى عدد منهم جراء الإصابة بسرطان الرئة نتيجة استنشاق الأدخنة الملوثة التى تطلقها الشركات والمصانع الملاصقة للقرية »، مضيفا: «لم يسلم الأجنة فى بطون أمهاتهم من المخاطر.،ويلتقط السيد خلف «خريج جامعى بلا عمل » طرف الحديث قائلا: «المأساة » تبدأ فى الثانية صباحا عندما تبدأ شركة البتروكيماويات فى إطلاق غاز «أحادى كلوريد الفينيل »وبحسب مواقع على شبكة الإنترنت فإن الغاز له أضرار تراكمية على صحة الإنسان ومنها: العقم عند الرجال والأمراض الصدرية، وتتطاير ذرات الغاز غير المنظورة، لكنها تدخل إلى الرئتين ثم الدم وصولا إلى المخ، ومن ثم تتضرر كل أجهزة الجسم ووظائفه الحيوية.

وتقول مواقع علمية إن عوادم هذا الغاز تتحول إلى مركبات وأبخرة كيماوية لها أضرار بيئية وصحية وحتى العاملون فى هذه الصناعات يجب أن يعملوا فى ظل اشتراطات صارمة، خصوصا حين تتعرض هذه المواد، ومنتجاتها للحرارة العالية. ويؤكد أن معظم الأهالى لا يعرفون شيئا عن هذه المعلومات، ويشكو ربيع مراجع عبدالله، من أهالى القرية، من إصابته بانسداد فى أحد شرايين القلب قائلا: لا أدخن ولا أتناول اللحم الأحمر إلا فيما ندر، وهذا ليس كراهية فيه، لكنها ظروفى الاقتصادية الخانقة، وحينما شعرت بألم فى الصدر، توجهت إلى عيادة ليست بعيدة، فسألنى الطبيب عما إذا كنت من سكان منطقة النهضة، وعندما أجبته بالإيجاب، أخبرنى بأن أكثر من 100 شخص من ذات المنطقة يعانون من المرض نتيجة التعرض لانبعاثات خطيرة من مصانع المنطقة، وأن حالته تتطلب جراحة قلب مفتوح على وجه السرعة، تتكلف 25 ألف جنيه. ويقول: استدنت المبلغ ولا أعرف كيفية السداد بعد أن أصابنى المرض بالضعف، متهما المصانع بتدمير صحة أهالى المنطقة وعدم التوانى عن فعل أى شىء لزيادة إنتاجها حتى لو كان ذلك على حساب وصحة أهالى المنطقة.

ويؤكد أهالى «الهويس » أنه رغم خطورة الأمراض السابقة إلا أن الخطر الأكبر بدأ يظهر بكثرة خلال الأشهر القليلة الماضية حاصدا أرواحهم هو مرض «السرطان » الذى أصاب أكثر من 10 أشخاص فى القرية، توفى منهم 4 متأثرين بالمرض وهم: فوزى الضهيرى، وفرج ناجى، وسالم عطية، وخليفة شبل.

وتتجلى المأساة فى قصة حامد شوقى، الذى تزوج فى عام 1997 ، وأنجب طفلتين طبيعيتين هما «نسرين 11 عاما، ومنة 6 أعوام » وبعد ستة أشهر من ولادتهما، ونظرا لانبعاثات غاز الكلور والتراب المحمل بالكربون، أصيبتا بمرض ارتخاء الأعصاب، وتفاقمت حالتهما حتى أصيبتا بضمور فى الأعصاب، وفشلت جهود الأطباء فى مصر فى علاجهما، وأخبره الأطباء أنه لا علاج لهما فى مصر، ولابد من سفرهما للخارج. يؤكد «شوقى » أن حالته الاقتصادية السيئة جعلته يتوقف عن شراء الأدوية لنجلتيه مما تسبب فى تفاقم حالتهما، قائلا: «هنعمل إيه.. العين بصيرة والإيد قصيرة.. هنجيب منين؟ .»

على الجانب الآخر يؤكد مصدر بشركة سيدى كرير للبتروكيماويات )سيد بك( أن انبعاثات الشركة مطابقة للمواصفات والشروط البيئية، وأنها أقل من المسموح به، ولكن لأن المنطقة يوجد بها أكثر من مصنع ولكل منها انبعاثاته، ارتفعت نسبة التلوث إلى حدود مسببة للمرض. ويقول: يقوم جهاز شئون البيئة بمتابعتنا بشكل مستمر، ويتم التأكد من نسبة العوادم والأدخنة الناتجة عن المصنع، مضيفا: «بالنسبة لشركتنا فإننا نحاول جاهدين وعلى قدر الإمكان تقليل نسبة العوادم الناتجة، إلا أن العوادم الناتجة عن شركة البتروكيماويات دائما ما تصيبنا نحن العاملين بالشركة بأمراض تنفسية، وتمثل خطورة علينا وعلى المنطقة المجاورة.
«قطر » أبوقير.. برلمان «الناس الغلابة

اتخذ البسطاء من السكندريين من قطارهم المشهور بلونه الأصفر «قطار أبوقير » مجلسًا أشبه بالبرلمان لمناقشة الشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

هنا لا خطوط حمراء، ولا اعتبارات لحسابات التحالفات السياسية، ولا عبارات دبلوماسية.. ومع أزيز العجلات على القضبان الحديدية، والقطار المثقل بالفقر، والمترنح فى طريقه، تنطلق الأصوات العالية المتحمسة.

ماذا فعل الرئيس محمد مرسى فى مائة يوم؟ يتساءل رجل ستينى، فيرد شاب ذو لحية: اصبروا فالرجل ليس لديه عصا موسى؟ ترد سيدة نوبية: الرغيف «زى الجبس » والطوابير لا تنتهى، وكل الوعود كلام، لكن كلامها لا يرضى راكبا فى نحو الثلاثين، فيبادر إلى القول: «إنتو شعب حلال فيكم العادلى ...» وهكذا تشتعل النقاشات، ويظهر طرف ثالث، فيحاول تهدئتها أو سكب البنزين عليها، فيما لا يهتم بكل هذا الجدل باعة جائلون، يعرضون سلعا بسيطة، كالأمشاط وإبر الخياطة وأقلام وولاعات وحلوى من طنطا ولب وسودانى.

ويعتبر قطار أبوقير وسيلة الانتقال الرئيسية لغالبية أبناء الإسكندرية من دون اعتبار لمستوياتهم الاقتصادية أو الاجتماعية للوصول إلى أعمالهم أو مدارسهم، حيث إنه الوسيلة الوحيدة الآمنة للوصول إلى أى مكان فى المحافظة فى أقرب وقت، وكان القطار الملاذ الوحيد لأهالى الإسكندرية وقت ويقول «كمسرى القطار » سعيد خضير: قبل الثورة كانت معظم الأحاديث تدور حول كرة القدم، ولم يكن أحد يجرؤ على الحديث فى السياسة.. الآن أصبح كل الناس سياسيين.
وتسيطر الحالة السياسية والاقتصادية السيئة التى تعيشها البلاد على مناقشات «برلمان القطار »منذ اندلاع ثورة 25 يناير، غير أن الأيام القليلة الماضية شهدت انقسامات بين ركاب القطار حول تقييم الرئيس محمد مرسى، ورفض جماعة «الإخوان المسلمون » تقبل انتقادات الشعب، وهى النقاشات التى تنتهى بأحد ثلاثة حلول: مشادة بين الطرفين، أو الاتفاق فيما بينهما، أو نزول أحد طرفى المناقشة قبل حسم النقاش. ويسيطر على حركة البيع بالقطار عدد من الباعة المتخصصين فى مجالهم، ولكل منهم محطات معلومة لا يمكنه تخطيها، إلا بالاتفاق مع أقرانه، وعادة ما يتناوب التجار على فترت ن صباحية ومسائية، وتجار «الصباحية » يختلفون عن أقرانهم فى الفترة المسائية، فالأولى يسيطر عليها تجار «المنافع » مثل إبر الخياطة، والخيط، وملابس الأطفال، وأقلام الكتابة، والكراسات، والمناديل الورقية والجرائد، والشيكولاتة، والكبريت، والولاعات، بالإضافة إلى السلع الغذائية البسيطة، مثل الحلويات والسمسمية، وهى البضائع التى ترتبط بطلاب المدارس والمرأة العاملة، وعادة ما يتولى البيع فى هذه الفترة أشخاص تخطوا سن الأربعين. أما بضائع الفترة المسائية فتتمثل فى البضائع الترفيهية البسيطة، مثل ألعاب الأطفال، وماكينات الحلاقة، وإكسسوارات الفتيات، والأحزمة والحقائب الجلدية، ويتولى البيع فيها عادة شباب دون سن الثلاثين.

الصيادون يصارعون «النوّات » والتلوث والتجاهل الرسمى

«إحنا ملوك البحر العالى، إحنا الصيادين.. جينا من بحرى ومن السيالة وجينا من راس التين .»
يبدو أن «الإسكندرانية » لن يتغنوا بهذه الكلمات قريبا، فى حال بقيت ظروف مهنة الصيد طاردة كما هى، وطالما أن الدولة لا تحرك ساكنا للحفاظ على هذا النشاط الاقتصادى الذى ارتبط بالمدينة منذ أنشأها الإسكندر الأكبر.

فصيادو السمك بالاسكندرية لم يصارعوا الأعاصير والرياح والنوّات، ولا أمواج البحر العاتية فحسب، لكنهم يصارعون الحكومة أيضا.. الحكومة التى تغط حسب كلامهم، فى نوم عميق، فيما الثروة السمكية تتعرض لتدمير، بسبب التلوث البحرى، وتخلص المصانع من مخلفاتها فى مياه المتوسط، هذا بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة «السرحة » أى رحلة الصيد البحرية إلى أعالى البحار، إلى نحو 100 ألف جنيه، وكذا ارتفاع أسعار مراكب الصيد، ما يجعل المهنة طاردة.

هذه القضايا الخطيرة، التى تهدد نشاطا اقتصاديا يحترفه قطاع كبير من السكان، فى مدينة الثغر، هى أبرز ما يركز عليه التحقيق التالى. فى البداية تقول رضا شعبان «ابنة رئيس الصيادين بالاسكندرية « :» الصياد يوم ما يموت يبقى أهله اتشردوا » لأن أبسط المشكلات التى تواجه صيادى الاسكندرية تكمن فى «استحالة» حصولهم على تأم ن، أو معاش، بالإضافة إلى عدم وجود نقابة تدافع عن حقوقهم. وتضيف «البحر مش جايب همه » والمهنة أصبحت طاردة لعدة أسباب يأتى على رأسها، أن تكلفة «السرحة ،» أى رحلة المركب التى تستغرق ما يقرب من 13 إلى 16 يوما، بلغت حوالى 100 ألف جنيه حيث إن تكلفة الثلج المخصص للحفاظ على صلاحية الأسماك تبلغ 20 ألف جنيه، و 20 ألفا أخرى للجاز «السولار »، والمؤن، فضلا عن تكاليف الأطعمة، والمقابل المادى الذى يتقاضاه أكثر من 30 شابا يعملون على المركب، وبعد ذلك، الأسماك شحيحة فى مياه البحر .»

وتفسر «رضا » عدم تواجد الأسماك بمياه الأسكندرية إلى «حصول وزراء الحكومة السابقة على مناطق بحرية، يستغلونها فى صيد الأسماك الصغيرة «الزريعة »، لاستخدامها فى الصيد «طُعم »، ما يؤثر سلبا على تواجد الأسماك بمياه البحر، مشيرة إلى أن تلك المزارع لازالت تُدار من قبل أتباع الوزراء السابقين حتى الوقت الراهن.

من جهته يقول ربيع خلف أحد صيادى قرية «المكس » غرب الإسكندرية: إن مصانع البترول التى تقع بجنوب المكس تتخلص من مخلفاتها الصناعية فى القناة المائية، التى تمر على ضفاف مساكن الصيادين، مما أسفر عن تراجع كبير فى الثروة السمكية، فضلا عن إصابة غالبية سكان القرية بالأمراض الصدرية. وتعانى بحيرة مريوط، التى تقع جنوب غرب الاسكندرية، بدورها من الفوضى، والإهمال والفساد، ما أدى إلى تقلص مساحة البحيرة من 60 ألف فدان إلى 17 ألفا فقط بسبب أعمال الردم التى قام بها رجال أعمال على أجزاء كبيرة منها لبناء مشروعات سياحية ورمى مخلفات المصانع بها. ويؤكد عضو لجنة تنمية بحيرة مريوط ورئيس الجمعية العربية لحقوق البيئة أن المشكلة بدأت عند نفوق الأسماك أعلى مياه «مريوط »، منذ عامين، وأنه تقدم ببلاغ إلى النيابة اتهم فيه شركات البترول بالتسبب فى نفوق أسماك البحيرة. ويقول الدكتور أحمد خميس، باحث بكلية زراعة جامعة الإسكندرية: «منذ 30 عاما، وبحيرة مريوط تنهب وتسرق، وعقب الثورة.
تم ردم نحو ألفى فدان لصالح أحد رجال الأعمال الكبار دون حصوله على أوراق رسمية، لبناء منتجع سياحى، ولم يعترضه أحد »، مشيرا إلى تخصيص جزء من البحيرة لمحطة التنقية الغربية لشركة «الموانئ النهرية » لتسقيع الأراضى » الخاصة بأحد الوزراء التابعين للنظام السابق دون أن يدفع المستثمر مليما واحدا ». ويؤكد رجب ضاحى شيخ الصيادين بغرب الاسكندرية أن المشكلة الأساسية تأتى من الصرف الدائرى الذى يصب فى بحيرة مريوط، مشيرا إلى أن الصيادين يعانون من مشكلة نفوق الأسماك معظم فترات العام .»

ولا تقتصر التهديدات على مهنة الصيد على المشكلات السابقة، فقد تعرضت المهن المساندة أيضا إلى «نوّات » كبرى، وتحديدا مهنة صناعة القوارب، حيث يقول رزق عبدالتواب «صانع مراكب بمنطقة الأنفوشى »: إن المشتغلين بحرفة صناعة مراكب الصيد يعيشون مأساة بسبب انقراض المهنة يوما بعد يوم »، موضحا أن «تصنيع المركب الواحد يستغرق من 6 أشهر إلى سنة كاملة .»

ويضيف: إن تكلفة اليخت تبدأ من نصف مليون جنيه وتصل إلى نحو 18 مليونا، ومركب الصيد الحديد 600 ألف جنيه، بينما يصل سعر المركب الخشب 130 ألفا، لافتا إلى أنه شارك فى تصنيع أكثر من 50 مركبا وسفينة، لكن السوق أصيب بالركود والكساد غير العادى.

ويطالب الصيادون بجمعية الصيادين بالأنفوشى، بتعديل القانون رقم 112 بما يحقق للصياد الحد الأدنى من العيش الكريم، وإنشاء نقابة للصيادين للحصول على تأمينات صحية واجتماعية، ورفع معاش الصياد، كما يطالبون بصرف بدل بطالة فترة توقف الصيد خلال الأشهر التى حددتها الدولة.

«عمارات الموت ».. عروس البحر تسدد فاتورة «صراع الأخونة»

لم تعد الإسكندرية عاصمة الثقافة والسياحة العربية، فاللقبان اللذان حصدتهما، على التوالى قبل أربعة أعوام لا يشبهان واقعها الراهن، بعد أن تحولت بامتياز، إلى عاصمة «انهيار العقارات .»

وتحتل المدينة الساحلية المركز الأول من حيث عدد الكوارث العقارية، فقد شهدت خ ال الأشهر الستة الماضية، انهيار 12 عقارا، أسفر عن مقتل وإصابة 49 مواطنا، وتشريد عشرات الأسر، وتعترف المحافظة بوجود نحو 14 ألف مبنى مخالف، ما يجعل المدينة تترقب وقوع كارثة فى أى لحظة.

واتخذ المحافظ الجديد المستشار محمد عطا عباس، منذ توليه المحافظة قبل نحو شهرين، سلسلة من القرارات، لإزالة عقارات مخالفة، لكن الأجهزة التنفيذية لم تحرك ساكنا، ولم تهتم بتنفيذ قراراته، الأمر الذى يفسره ناشطون سياسيون من أبناء المدينة بوجود صراع على الصلاحيات، بين المحافظ ونائبه الإخوانى، الذى يبدو أقوى منه، بسبب استناده على حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للجماعة، ومؤسسة الرئاسة، مؤكدين أن المواطن هو الذى يسدد فاتورة ما وصفوه بالصراع على «أخونة المحافظة .»
ويقول صابر الجرحى، من سكان حى الجمرك، إن حى الجمرك شهد عددا كبيرا من حوادث انهيار العقارات، وهذا يرجع إلى أن الانفلات الأمنى أغرى أصحاب الضمائر الخربة ببناء عمارات مخالفة، وتعلية طوابق دون الالتزام بالشروط الفنية والهندسية المناسبة، مشيرا إلى أن العمارة 12 طابقا تشق السماء فى أربعة أشهر.

ويوافقه الرأى خميس حسن الحاوى، صاحب مغسلة ملابس بسيدى بشر، حيث يقول: شهدت منطقة سيدى بشر ظهور أبراج شاهقة من 18 طابقا، معظمها دون ترخيص، وتركزت فى المناطق «القِبلية » والشوارع المتفرعة من شارع 45 بميامى، وهذه الأبراج يسكنها الخطر، لأن بناء العمارات «له أصول »، على حد قوله.

ويضيف: أنا صعيدى وقد عملت فى العقارات عندما جئت إلى الإسكندرية، وأفهم جيدا أن البناء يجب أن
يكون على مهل، حتى تجف «الخلطة » التى تتكون من الأسمنت والرمل والزلط والطوب الأحمر.

ويؤكد ناجى محمد عباس، مهندس مدنى، أن معظم العقارات التى أقيمت قبل الثورة غير ملتزمة بالشروط الهندسية، وهذا يفسر انخفاض أسعار الوحدات السكنية فى العقارات الجديدة، فيما مازالت أسعار الوحدات التى أقيمت قبل الثورة متماسكة، مشيرا إلى أن الخطر يتربص بالمدينة كونها تقع ضمن حزام الزلزال. عند هذه النقطة.. كان لابد من السؤال: ماذا فعلت الحكومة، وماذا تنتوى أن تفعل لعلاج هذه المشكلة؟

المستشار محمد عطا عباس، محافظ الإسكندرية، أصدر قرارا بتشكيل لجنة فنية من خبراء كلية الهندسة ووزارة الإسكان والأحياء، لفرز وتحديد العقارات المخالفة، التى يمثل وجود السكان فيها خطرا على أرواحهم، وستضع اللجنة «بعد أن تنتهى من أعمالها »ع امات على كل عقار مخالف، لتحذير السكان من أنه خطر. وعقد المحافظ عددا من الاجتماعات مع القيادات التنفيذية والشعبية بالمحافظة، لبحث أزمة العقارات المخالفة، التى يبلغ عددها 14 ألف عقار مخالف، وتشمل العقارات التى أقيمت على أملاك الدولة، أو دون ترخيص، أو على الأراضى الزراعية.

ويقول الناشط السياسى السكندرى، عضو حركة كفاية، عبدالرحمن الجوهرى إن المحافظة تتعامل مع الكارثة بتأجيل مواجهتها، وتتخذ قرارات مرتعشة حسب وصفه، متسائلاً: ماذا سيفعل ساكن ليس له مأوى إذا وضعت اللجنة علامة على العقار؟ هل سيقيم خيمة يحتمى بها من العراء مع أسرته؟ ما البدائل التى ستوفرها المحافظة لهؤلاء السكان فى حال أخلوا بيوتهم؟

ويتهم ناشط سياسى آخر، رفض ذكر اسمه، المحافظ بأنه بلا صلاحيات، لأن المحافظ الفعلي هو حسن البرنس، القيادى الإخوانى البارز، قائلاً: الصراع على المناصب، والسعى المحموم نحو «أخونة المحافظة » يمثل عقبة أمام تصحيح الأوضاع المختلة، وفى النهاية يعد المواطن هو الضحية الأولى والأخيرة.

..و «وادى القمر » وسط غيوم أسمنت «بورتلاند»

يعيش أهالى منطقة «وادى القمر » بالإسكندرية مأساة حقيقية بسبب مصنع أسمنت «بورتلاند »، فوفقا للتقرير الذى وضعته منظمة الصحة فإن تلك المنطقة تعد من أكثر المناطق تلوثا على مستوى الجمهورية، والسبب انبعاثات المصنع التى تصيب الأهالى بأمراض صدرية خطيرة، خصوصا للأطفال، غالبيتها مزمنة كالتحجر الرئوى، بالإضافة إلى أمراض أخرى مثل الرمد، والكبد الوبائى، والعقم عند الرجال. وأكد الأهالى أن وادى القمر منطقة سكنية طبقا لخرائط المساحة، ومستندات الملكية المسجلة لمعظم السكان منذ عام 1917 قبل إنشاء المصنع فى عام 1948 ، وأشاروا إلى أن المصنع يعمل بالمخالفة للقوانين، واللوائح، حيث أكدوا عدم حصوله على تراخيص لاستغلال المحاجر، وأوضح الأهالى أن أحزابا سياسية، وجمعيات أهلية، ومنظمات مجتمع مدنى شاركت فى وقفات احتجاجية للمطالبة بنقل المصنع خارج نطاق وادى القمر بلا جدوى. من جانبه رفع المحامى، على القسطاوى، دعوى قضائية ضد كل من محافظ الإسكندرية، ورئيس حى العجمى، ووزير التجارة والصناعة، ووزير البيئة، ورئيس جهاز شئون البيئة بالإسكندرية، ورئيس هيئة التنمية الصناعية، يتهمهم فيها بالتقاعس عن أداء واجبهم بنقل المصنع خارج الكتلة السكنية.

عم السيد.. عاشق الناى الحزين على ضفاف المتوسط

لا يبرح مكانه فى منطقة الغرفة التجارية بمحطة الرمل، له أربع بلاطات على الرصيف، تحولت إلى مسرح خاص به، يعزف فيه على الناى أو الأرغول. هذه البلاطات الأربع، كان المحافظ الأسبق، عبدالسلام المحجوب خصصها له، أما العازف ذو الشهرة الطاغية، فى عروس البحر الأبيض، فهو السيد بيومى، أو «عاشق الناى » كما يناديه السكندريون، وكما يحب أن يُنادى.

بجوار الغرفة التجارية بمنطقة محطة الرمل، وعلى مدى أكثر من 40 عاما ظل الرجل يمارس مهنته فى بيع النايات، مناديا على بضاعته بعزف ألحانه الحزينة على هذه الآلة المصرية الحزينة، رافضًا دعوات أبنائه بترك الأمر على أن يخصصوا له من المال ما يكفيه، إلا أن عشقه للناى، جعله يرفض عرض أبنائه.

«الناى صديقى الوحيد، أحمله معى أينما ذهبت، أتحدث إليه، وحين أشعر بالحزن أفضفض معه ».. بهذه العبارة يبدأ السيد بيومى الكلام، ثم يضيف: «ولدت عام 1940 ، بمحافظة المنيا، وعملت راعياً للأغنام، ورغم أن مهنتى علمتنى الصبر إلا أننى لم أحبها، وكنت دائم التردد على حلقات الذكر فى الموالد، وتعلمت من منشدى الذكر بالصعيد العزف على الناى، وهو ما صبرنى على الرعى، وفى عام 1959 توفى والدى، وبعد تقسيم الميراث والمواشى والأغنام، كان نصيبى بسيطا لا يصلح لعمل أى مشروع، عندها قررت الزواج وكان المهر 30 جنيها، والمؤخر 50 جنيها .»

ويضيف: «فى عام 1960 تركت زوجتى وحضرت إلى الإسكندرية للبحث عن عمل ففشلت، عندها قررت صنع النايات وبيعها، حيث إنها مهنة لا يعرفها أهل الإسكندرية، ومنذ ذلك الحين وأنا أحترف هذه المهنة .»

كثيرون لا يعرفون الفرق بين الناى والأرغول، والكولة، والمجرونة، لكن الموسيقيين يعرفون الفرق، فالناى يصنع من بوص «نتاية » له طبيعة خاصة يشترط أن تكون من «تسع عُقلات » وبها سبع فتحات، فى حين أن الأرغول أو «المزمار البلدى » يصنع من بوصتين إحداهما بها ثقوب والأخرى من دون، والمجرونة العربية عبارة عن بوصتين أيضاً، وبكل منهما خمسة ثقوب، أما «الكولة » فتصنع من بوص «منوفى » بكل واحدة أربعة ثقوب موزعة على ست عقلات.

ويقول السيد بيومى إنه أحضر زوجته من الصعيد عقب استقرار أحواله، و «فتح الله عليه » فأنجب خمسة أولاد، وأصبح جدا ل 21« حفيدا »، ورفض طلبات أولاده التوقف عن العمل، وتقاضى مبلغ مالى يكفيه شهريا، مضيفا: «أنا عاشق للناى.. لا أستطيع الاستغناء عنه، هو فى حد يسيب صاحبه .

مستثمرو برج العرب يستغيثون بالحكومة .. والعمال يطالبون بزيادة الرواتب

حذر مستثمرون بمنطقة برج العرب الصناعية من خطورة تجاهل الحكومة مطالبهم بشأن توفير الأمن وإمداد مصانع المنطقة بالغاز الطبيعى الكافى لتشغيل المصانع، وفتح جهاز تحسين الصناعة أبوابه للمتدربين لتخريج عمال مهرة، الأمر الذى سيؤثر على جميع مصانع المنطقة التى تقترب من 1500 مصنع، فيما طالب عاملون بالمصانع بإلزام أصحاب المصانع بدفع الحد الأدنى للرواتب المقدر ب 1200 جنيه، مع زيادة رواتب العمال حسب خبراتهم على ألا يقل راتب العامل المبتدئ عن 1200 جنيه.

وأكد أحمد السيد، مهندس، أن المنطقة الصناعية ببرج العرب تأثرت كثيرا عقب اندلاع ثورة 25 يناير، الأمر الذى جعلها تعيش مرحلة أشبه ب «الكارثية » بعد إغلاق العشرات من المصانع والشركات وتسريح عدد كبير من العمال، واختفاء الخدمات الأمنية، بالتزامن مع ارتفاع أسعار الخامات، والضغط العمالى للمطالبة بزيادات، ومن ثم أغلق رجال أعمال مصانعهم بأيديهم وسرحوا العمالة.

وطالب الحكومة بوضع حلول جذرية لانتشال المنطقة من حالة الانهيار التى تعانيها عقب غرق المئات من رجال الأعمال فى الديون، الأمر الذى أثر على إنتاجية المنطقة التى كانت تنتج على أقل تقدير ٪15 من إنتاج مصر، ويعمل بها قرابة 100 ألف عامل، مشيرا إلى أن أكثر من 120 شركة بالمنطقة تعمل فى إنتاج مواد تصديرية بما يحقق عائدا قدره 30 مليار دولار سنويا، ويصل حجم إنتاج المنطقة المحلى 118 مليار جنيه سنويا- حسب قوله.

وكشف مصدر مطلع بجهاز مدينة برج العرب عن تأثر المنطقة الصناعية بالانفلات الأمنى بعد انسحاب الشرطة بعد الثورة، الأمر الذى تسبب فى هروب عدد من شركات الاستثمار العقارى وإلغاء عقودها مع الجهاز بعد تسليم الأراضى التى حصلت عليها لتنفيذ مشروعاتها، مؤكدا أن إحدى الشركات الكويتية كانت فقد تقدمت بطلب للحصول على مساحة 360 فدانا لبناء 15 ألف وحدة سكنية، قبل أن تقرر سحب مشروعها، مضيفا أن إحدى الشركات الروسية سحبت مشروعا لإنشاء مصانع لإنتاج قطع غيار السيارات، بسبب سوء الأوضاع الأمنية فى المنطقة.

من جانبه أكد المهندس هانى المنشاوى، عضو مجلس أمناء مدينة برج العرب، رئيس اتحاد المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أن مشكلة توقف مصانع برج العرب فى طريقها للحل عقب تراجع نسبة اعتصامات العمال، وبدء عودة الأمن للشارع. وأضاف «المنشاوى » أن عدد المصانع التى تعرضت للإغلاق يتخطى المائة مصنع، مضيفا «لكنها كلها مصانع صغيرة »، مشددا على تأثر جميع مصانع المنطقة الصناعية ببرج العرب بحالة الانفلات الأمنى التى عانت منها البلاد والاعتصامات التى نظمها العاملون فى المصانع لرفع أجورهم.

وندد «المنشاوى » بمطالب العمال التى وصفها ب «المبالغ فيها »، حيث إنهم يتقاضون رواتب كبيرة من أصحاب المصانع دون الحصول منهم على إنتاج، موضحًا أنه فى أعقاب الاعتصامات التى نظمها العمال تم رفع الأجور إلى 700 و 800 جنيه للعامل العادى المبتدئ، بالإضافة إلى صرف 400 جنيه بدل مواصلات، فى حين ارتفع أجر المؤهلات العليا إلى 850 و 900 جنيه بالإضافة لبدلات الانتقال، غير أن المبالغ التى يتقاضاها العمال لا تتناسب مع الإنتاج بسبب رفض العمال العمل بكامل طاقتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.