«أشهد أن عليا ولى الله»، هذا هو كل ما يعرفه غالبية المصريين عن الشيعة فى مصر، غير أن ثورة 25 يناير كشفت النقاب عن ارتفاع أعداد المتشيعين فى الدولة، فيما ارتفعت نبرة التحذير من انتشار المد الشيعى فى مصر، بعد أن قدرت إحصائيات أعدادهم فى مصر بثلاثة ملايين شخص، يطالبون بحقوقهم فى ممارسة شعائرهم الدينية، إلا أن الفترة الأخيرة كشفت عن خلافات كبيرة وصراعات داخلية بين قيادات «المذهب الجعفرى» قد تعوق هذا المد لفترة ليست بالقليلة. ففى حين وصف وكيل مؤسسى حزب التحرير «تحت التأسيس» رموزا شيعية ب«المرتزقة»، متهما المفكر الشيعى أحمد راسم النفيس، بالتسبب فى رفض لجنة شئون الأحزاب لإنشاء الحزب، رد «الأخير» على ذلك بالتقليل من أهمية قرار رفض تأسيس الحزب، قائلا: «طظ فى قرار المحكمة».
واتهم المتحدث باسم الشيعة فى مصر، النظام السابق باستخدامهم كفزاعة لابتزاز دول الخليج للحصول على أموالهم لمراقبة الشيعة رغم سماح الدولة «عرفيا» للشيعة بإقامة شعارهم فى«40 حسينية» على مستوى الجمهورية.
فى البداية، نفى بهاء أنور، المتحدث الرسمى باسم الشيعة فى مصر، وجود زعيم للشيعة الجعفرية فى مصر، متهما من يُنصّبون أنفسهم زعماء بأنهم «مرتزقة» وجدوا شباك التمويل الوهابى مزدحما، فاتجهوا إلى إيران لتلقى الدعم لتمويل المد الشيعى، مضيفا «إن الشيعة تعرضوا لاضطهاد كبير على يد النظام السابق بعد القبض على الشيخ حسن شحاتة، الأب الروحى للشيعة، فى 2009 ومعه 300 فرد بتهمة تلقى تمويلات من الخارج، وازدراء الأديان وتكوين تنظيم شيعى، وهو الأمر الذى لم يسلم منه الشباب الشيعى أيضا، حيث تم القبض على 15 شابا يعملون بمدينة الإنتاج الإعلامى من قبل جهاز أمن الدولة المنحل وأطلق عليهم حينها تنظيم مدينة الإنتاج الإعلامى».
وأكد «أنور» تعرضهم للتضييقات الأمنية فى العمل، موضحا أنه رغم حصوله على دبلومة فى الترجمة الفورية من الجامعة الأمريكية، وإجادته تحدث الألمانية والتركية والعبرية والروسية والفرنسية بطلاقة، إلا أنه لم يستمر فى أى وظيفة عمل بها أكثر من شهرين، متهما الأجهزة الأمنية فى النظام السابق بمراقبة هاتفه الخاص واعتقاله لمدة أسبوع بجهاز أمن الدولة، وهو ما دفعه للسفر إلى دبى ثم تركيا وطلب اللجوء السياسى هناك، حسب قوله. وأكد تعرضه لمضايقات فى الخارج، حيث لم يحصل على السكن أو المعونة التى تمنحها الأممالمتحدة للاجئين السياسيين، وفشله فى الحصول على فرصة عمل، الأمر الذى دفعه للعودة لمصر، مشيرا إلى أن دراسة حديثة لمركز «مصر الفاطمية لحقوق الإنسان» كشفت عن معاناة 80% من الشباب الشيعى من البطالة. فزاعة النظام السابق لابتزاز الخليجيي اتهم «أنور» النظام السابق والرئيس «المخلوع» مبارك وبعض الجهات السيادية فى مصر باستغلالهم كفزاعة لإرهاب دول الخليج وابتزاز أموالهم، خصوصا دول «الفكر الوهابى» مثل السعودية، لضخ الأموال لمراقبة تحرك الشيعة فى مصر والقضاء عليهم، مضيفا: رغم سماحهم لنا «وديا» وليس رسميا إقامة «40» حسينية بالقاهرة والشرقية والمنصورة وسوهاج وقنا، إلا أنه تم استخدامنا كطعم للحصول على أموال الخليج، رغم أننا كنا نرفع الأذان فى الحسينيات بشهادة «أن عليا ولى الله» ولم يعترض النظام السابق، حسب قوله. ثلاثة ملايين شيعى فى مصر أكد المتحدث باسم الشيعة فى مصر أن الإحصائيات تشير إلى وجود ثلاثة ملايين شيعى فى مصر، بينهم مثقفون وفنانون ومفكرون، غير أن خوفهم من الاضطهاد فى العهد البائد جعلهم لا يعلنون تشيعهم خوفا من الملاحقات الأمنية وحرصا على مكانتهم الاجتماعية، الأمر الذى جعلهم يكتفون بالإيمان القلبى وعدم المجاهرة. وأضاف: «نحن لا نمتلك لجانا إلكترونية، كما هو الحال فى التكتلات الأخرى، لكننا نمتلك صفحات دعوية تنجح فى نشر التشيع مثل «مصر الفاطمية» و«نجباء مصر الفاطمية»، بالإضافة إلى مواقع إلكترونية، و27 قناة شيعية ناطقة باللغة العربية، ليس من بينها أى قنوات مصرية، مثل « الأنوار، فدك، الزهراء، وأهل البيت»، موضحا أن العائق أمام افتتاح قناة شيعية مصرية هو التمويل.
وكيل مؤسسى «التحرير»: رفضنا تمويلات «سلفية».. وفصلنا «النفيس» فى 2011 وصف الفنان التشكيلى وليد عبيد، وكيل مؤسسى حزب «التحرير» الرموز الشيعية فى مصر الآن بالمرتزقة، قائلا: مصر أكبر من التقسيم الطائفى الذى تسعى عدة طوائف إلى إحداثه فيها، مضيفا إن الحزب رفض مساعدات سلفية مغرية وكان من السهل الحصول من خلالهم على أى تمويلات. واتهم «عبيد»، المفكر الشيعى، الدكتور أحمد راسم النفيس، بمحاولة تدمير الحزب بإشاعة أنه حزب شيعى «دينى»، الأمر الذى دفع الحزب لفصله رسميا فى 10 يوليو 2011، بسبب إصراره على موقفه والتحدث على هذا الأساس باسم الحزب فى مختلف وسائل الإعلام، رغم التأكيد منذ البداية على مدنية الحزب واستقباله جميع طوائف الشعب الفكرية والدينية، بالإضافة إلى إعلاء الحزب لمبدأ المواطنة التى تتيح لجميع المواطنين نفس الحقوق وعليهم جميع الواجبات بغض النظر عن النوع والعرق والدين.
وأضاف : «النفيس وابنتاه آية وعلياء، قاموا بالتوقيع على التوكيل الخاص بالحزب باعتبارى وكيل مؤسسى الحزب، وأقر «النفيس» بالفعل بأننى صاحب جميع حقوق الملكية الفكرية لاسم وشعار حزب التحرير، متعهدا بتسمية حزبه الجديد باسم الوحدة، وعدم استخدام اسم أو شعار التحرير أو أى من الأسماء تطابقا أو تشابها، ورغم ذلك استولى على التوكيلات التى تم تجميعها باسمى من مقر الحزب والتى بلغت 2600 توكيل، مقابل 36 توكيلا فقط باسمه، بحسب الأوراق المقدمة إلى لجنة شئون الأحزاب».
النفيس: «طظ» فى قرار رفض تأسيس «التحرير» قال الدكتور أحمد راسم النفيس، إن قرار رفض تأسيس حزب «التحرير» سياسى بالدرجة الأولى، وأنه رغم التأكيد على مدنية الحزب، إلا أن أحد مؤسسيه «خان» الحزب وكان عميلا أمنيا، نافيا أى تصريحات صدرت عنه بشأن حزب «التحرير الشيعى»، قائلا: «هم من فجروا ذلك من أجل الفرقعة الإعلامية، وضمان نسب توزيع عالية لصحفهم، وأتحدى أى صحفى أو رئيس تحرير يثبت عكس ذلك». وقال «النفيس» من أهمية قرار رفض إنشاء حزب التحرير، قائلا: «طظ وسنحل مشكلة التوكيلات ونتقدم من جديد لإنشاء الحزب، رغم ادعاء الأمن وتخوفه أن نكون امتدادا لحزب الله».
مطالب المذهب الجعفرى عقب اندلاع ثورة 25 يناير وسقوط نظام مبارك، ظهر المذهب الجعفرى الشيعى كإحدى الأقليات الموجودة فى مصر، المطالبة بحقوقها التى كفلها لها الدستور والقانون والمواثيق الدولية.
وأكد بهاء أنور، المتحدث الرسمى باسم الشيعة الجعفرية فى مصر، أنهم يطالبون باعتراف الأزهر بالمذهب الجعفرى كمذهب خامس فى الفقه، وتمثيل الشيعة فى اللجنة التأسيسية، والسماح لهم بإنشاء الحسينيات، والاعتراف بحقوق الشيعة كأقلية، وتخصيص مقاعد لهم فى مجلس الشعب.
وأضاف «أنور»: إنه فى حال حصولهم على حقوقهم سيساعدون البلاد على التعافى من حالة الانهيار الاقتصادى التى تشهدها، من خلال التواصل مع الشيعة فى الخارج أو استثمار الطاقة البشرية الشيعية المعطلة بسبب تعرضهم للفصل التعسفى من أعمالهم، مشيرا إلى أن الاعتراف بهم كمذهب لن يعرقل نهوض مصر ، كما يدعى البعض، فالهند على سبيل المثال دولة متعددة الديانات والأعراق، إلا أنها تعافت اقتصاديا بتخطيها للخلافات الطائفية، حسب قوله. وكشف «أنور» عن تقدمهم بطلبات لجوء سياسى للحكومة الهولندية أسوة بالأقباط، بالإضافة إلى مقابلة 20 سفيرا أوروبيا، بينهم سفراء النرويج وإيطاليا والدنمارك والسويد للتعريف بالمذهب الشيعى فى مصر وما يتعرضون له من اضطهاد.
وبرر ذلك بعدم مخالفة اللجوء السياسى إلى دول غربية للإسلام فى شىء، لافتا إلى أنه فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم، قام المسلمون المضطهدون بهجرتهم الأولى إلى الحبشة بأمر من رسول الله.