لم يكن الجانب المبهر الوحيد في الشوط الأول من لقاء فريقه فيورنتينا وضيفه لاتسيو بالدوري الإيطالي هو الكيفية التي سجل بها هدفا بجهد فردي توجه بقذيفة من خارج منطقة الجزاء فحسب، بل إن احتفاله بالتسجيل حمل جانبا آخر من الإبهار. توجهت الأنظار في ملعب أرتيميو فرانكي معقل الفيولا قبيل نهاية الشوط الأول إلى ذلك الفتى ابن الحادية والعشرين وهو يركض صوب مقاعد البدلاء محتفلا بهدفه الجميل، ولكنه فاجأ الجميع بإخراج قميص أبيض عليه عبارة لم يتبين منها البعض سوى كلمة "مبارك" العربية. كان من الطبيعي أن يصاب المتابع بالارتباك قبل تدارك الأمر: ورقة التقويم تقول إن الأحد ثالث أيام عيد الاضحى عند المسلمين ولكن جواز السفر يقول إن آدم لياييتش صربي الجنسية، كيف اجتمع هذا وذاك؟. تخيل البعض أن قميص لياييتش المكتوب عليه "عيد مبارك عليكم" ليس سوى لفتة كريمة من اللاعب صوب زملائه المسلمين مثل المصري أحمد حجازي والمغربي منير الحمداوي، إلا أن الواقع يقول إنه يدين بالإسلام وليس عن طريق التحول بل الوراثة. يعتبر لياييتش أحد رموز الأقلية المسلمة التي تعيش داخل صربيا التي خاضت حروبا طاحنة ذات وازع ديني ضد الجارتين كرواتيا والبوسنة في العقد الماضي ما جعل البعض يغفل عن تواجد أتباع ديانات أخرى بخلاف المسيحية الأرثوذكسية داخل بلجراد وما حولها من المدن. ولعل كرة القدم تكون هي النافذة الوحيدة التي يعلن من خلالها مسلمو صربيا عن تواجدهم، خاصة وأن لياييتش ليس هو الحالة الوحيدة في بلاده ففريق أياكس الهولندي يضم مواطنه ميراليم سليماني الذي يعتنق أيضا الإسلام. وعلى الرغم من الطبيعة الاحتفالية التي جاء بها إعلان لياييتش عن إسلامه خلال مباراة لاتسيو، فإن اللاعب ذاته أثبت في مناسبة قبل ذلك أن أمر الدين لا يشكل في نظره مجرد مواسم وأعياد فقط. ففي مايو الماضي عوقب لياييتش بالاستبعاد من المنتخب الصربي الأول بعد رفضه ترديد كلمات السلام الوطني قبل لقاء ودي مع إسبانيا، وهو ما برره ب"أسباب شخصية". وربطت وسائل الإعلام الصربية وقتها بين موقف لياييتش واحتواء السلام الوطني على بعض الكلمات القادمة من التراث الكنسي الأرثوذكسي بما يتنافى مع عقيدة نجم فيورنتينا الشاب. ولم ينجح مدرب المنتخب الصربي سينسيا ميهايلوفيتش في إثناء لياييتش عن موقفه وإقناعه بالاعتذار رغم العلاقة الوطيدة بينهما كون الأول هو من تعاقد مع اللاعب حين كان يتولى تدريب فيورنتينا عام 2010. وفي الوقت الذي خسر فيه لياييتش فرصة تمثيل المنتخب الصربي في محافل دولية، يبدو وأن اللاعب قد اكتسب قاعدة جماهيرية خارج حدود القومية في العالمين العربي والإسلامي بسبب اعتزازه بعقيدته الدينية رغم الصعوبات التي يواجهها أمثاله في تلك البيئة. ويلعب لياييتش في مركز المهاجم المساند لرأس الحربة الصريح، ويشكل في فيورنتينا ثنائيا متفاهما مع المونتنجري ستيفان يوفيتيتش حيث يتميز كلاهما بخفة الحركة والقدرة على المراوغة. وكان اسم لياييتش قد لمع للمرة الأولى في النصف الثاني من الموسم الماضي حين تعرض لاعتداء جسدي من جانب مدرب فيورنتينا السابق ديليو روسي تسبب في رحيل الأخير عن منصبه. ووجه روسي لكمة إلى لياييتش أثناء إحدى المباريات مدعيا أن اللاعب الصربي وجه له سبة، وهو ما نفاه بقية عناصر "الفيولا" لتقرر إدارة النادي الاستغناء عن المدرب بعد اتهامه بالكذب. وبعد انتهاء قصته مع التضييق في صربيا وفي فيورنتينا برحيل روسي، يبدو لياييتش مع المدرب الحالي فينشنزو مونتيلا منتعشا أكثر من أي وقت مضى وقادرا على المساهمة في قيادة الفريق إلى موسم ناجح بعد أن أظهر مواهبه التي رشحته في السابق لنيل فرصة الاختبار في صفوف مانشستر يونايتد الإنجليزي