77% من ضحايا اغتصاب المحارم صغار أقل من 5 سنوات 49.2% اطفال أكبر من 10سنوات 1000 حالة اغتصاب للأطفال رصدها القومى للطفولة والأمومة خلال عام واحد ما أصعب الطعنات التى تأتى من الأقارب، غصة مريرة فى الحلق تصيب الأم عندما تكتشف أن المتحرش بطفلها أو مغتصبه هو أحد مصادر الثقة، فقد دقت ناقوس الخطر دراسة بحثية للدكتورة سارة خاطر أستاذ الطب الشرعى بكلية الطب جامعة القاهرة، بعنوان «دراسة عن ضحايا زنا المحارم فى القاهرة والجيزة»، والتى كشفت عن أرقام خطيرة، منها أن أعمار ضحايا اغتصاب المحارم أطفال أعمارهم أقل من 5 سنوات بنسبة 7.7 فى المائة، بينما جاءت الشريحة العمرية من 10: 20 لتحتل 49.2 فى المائة. فى صعيد مصر لم تعتقد الأم البسيطة أن أحد أقاربها سيكون مغتصب ابنها وثلاثة من أولاد أخيها الذين لم يتجاوزوا جميعًا العشرة أعوام، فالقلق هو ما دفع الأم للاتصال بأخيها محمد عطا ( 37 عامًا ) لتخبره أنها رأت ابنها وابن أخيها بصحبة الجانى منذ فترة ولم يظهروا جميعًا مرة أخرى. يحكى محمد عطا ل«الصباح»: أسرعت إلى منزل أختى حيث إن الجانى يملك منزلاً بجوارها وهو من أهل الثقة حيث تربطنا به صلة قرابة وهو متزوج ولديه أطفال فى نفس أعمار أطفالنا، ولكن ما دعا أختى للقلق هو الاختفاء لفترة طويلة، فبحثت عنه فى منزله ووجدت الباب الحديدى مغلقًا بقفل فعودت إلى أختى مرة أخرى فأكدت أنها رأتهم يتجهون نحو منزله وأنها قلقة على طفلها لعله أصابه مكروه. يضيف: «اتصلت بثلاثة من أقاربنا واقتحموا المنزل من خلال سور الحديقة ووجدنا الجانى فى وضع مخل مع أحد الأطفال فأخذ يتوسل إلينا ألا نضربه أو نؤذيه، ولكنه سرعان ما هرب بمجرد أن نزلنا إلى الشارع». يكمل: «بمجرد أن سألنا الطفلين اللذين كانا بصحبته وأعمارهما 7 سنوات و10 سنوات أكدا أنه كان يغتصبهما ويهددهما بالذبح بالسكين إذا أفصحا عن الأمر، وعندما سألنا الطفلين الآخرين قالا نفس الشىء لتكن طامتنا الكبرى أن قريبنا يغتصب أربعة من أطفالنا تحت تهديد السلاح فضلًا عن أن الصغار اعترفوا أنه صورهم فيديو على هاتفه المحمول مهددًا إياهم بالفضيحة وسط أقرانهم إذا أبلغوا عنه أهاليهم مما أثار الرعب فى نفوس الأطفال». على الفور توجه محمد عطا بالطفلين إلى طبيب جراحة عامة ليطمئن على صحتهما فأخبره الطبيب بأن بهما آثار اعتداء جنسى من الدبر ونصحه بضرورة التوجه إلى قسم الشرطة لتحرير بلاغ بالواقعة». يقول عطا: «حررت بلاغا رقم 3015 إدارى دشنا لسنة 2016، وضبط المتهم وبعد الاستماع للشهود أحيل الأطفال للطب الشرعى وحبس المتهم 15 يومًا على ذمة التحقيق إلا أن أقارب الدرجة الأولى للمتهم هددونا بقدرتهم على تزوير محضر الطب الشرعى الموجود بمحافظة قنا، وبالفعل جاء التقرير لا يحمل أى آثار اعتداء على الأطفال على الرغم من أن تقرير الطب الشرعى بالقاهرة جاء بوجود آثار حيوانات منوية على ملابس أحد الأطفال. بمجرد إخلاء سبيل المتهم هرب من المحافظة كلها ونحن مستمرون فى القضية رغم التهديدات والتزوير والقانون المتراخى على مدار أكثر من 6 أشهر، والقضية تحمل رقم 9567 جنايات دشنا، مقيدة برقم 3080 جنايات كلى قنا، إلا أن المتهم حصل على البراءة مؤخرًا بسبب قدرة عائلته تزوير محضر الطب الشرعى الثانى، وبالتالى جاء التناقض فى صالحه. الوضع القانونى تقر المادة رقم 268 فى الفقرة الثانية من قانون العقوبات المصرى بأنه « كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع فى ذلك يعاقب بالسجن المشدد من ثلاث إلى سبع سنين، بينما تنص المادة 296 على أنه: «كل من هتك عرض صبى أو صبية لم تبلغ سن كل منهما ثمانى عشرة سنة بغير قوة أو تهديد يعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنوات». من جانبه يؤكد المحامى أحمد مصيلحى رئيس شبكة الدفاع عن حقوق الطفل، أن قانون الطفل كمنظومة متكاملة وضع فى عام 1996 ثم عدل مرة أخرى عام 2008 وبموجب التعديل زادت بعض العقوبات، لكنه لا يطبق كمنظومة متكاملة بشكل صحيح. ويتابع: فى حالة أن المعتدى ليس طفلًا فيطبق عليه القانون العادى، فلو وصل الاعتداء على الطفل إلى القتل العمد تصل العقوبة إلى الإعدام، ولكن أقصى عقوبة فى هتك العرض هى السجن 7 سنوات، ولو وقعت على طفل تضاعف العقوبة مرة أخرى. ويرجع رئيس شبكة الدفاع عن حقوق الطفل، أسباب تزايد ظاهرة الاعتداء الجنسى على الأطفال للانفلات الأمنى الموجود فى مصر بعد ثورة 25 يناير، فضلًا عن تفشى العنف فى المجتمع بشكل واضح سواء كان عن طريق الدراما أو العنف المنزلى أو حتى فى الشارع مما يجعل الإنسان يعيد إنتاج العنف الواقع عليه وممارسته ضد الفئة الأضعف منه. ويضيف أن القانون يحمى الأطفال من كل هذه الصور حتى قانون المصنفات يمنع مخاطبة غرائز الطفل، وحذر المواد الغذائية التى تضر بصحته، وكذلك توجد حماية اجتماعية والتعليم، ولكن للأسف لا يتم تطبيق قانون الطفل فى أى من مواده، وبالتالى تقع الأطفال ضحايا ممارسات الكبار سواء كانت جنسية أو صحية.. إلخ. بحسب إحصاءات المركز القومى للأمومة والطفولة تم تسجيل 1000 حالة فى الفترة من يناير إلى أكتوبر 2014، وهو الرقم المعبر فقط عن حالات تم رصدها أو قام أصحابها بالإبلاغ عنها، وما دون ذلك غير معلوم. فى المقابل كشفت دراسة اجتماعية للدكتورة فادية أبوشهبة الأستاذة فى المركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية، عن أن 20 ألف حالة تحرش واغتصاب تقع فى مصر سنويًا، 85فى المائة من الضحايا هم من الأطفال، و45فى المائة من الحالات العنف الجنسى اغتصاب كامل، مع الإجبار على عدم إخبار أسرته بالحادث، فيما يتعرض 20فى المائة من الضحايا للقتل بطريقة بشعة. اضطراب نفسى الجانب النفسى تحلله الدكتورة هالة حماد استشارى الطب لنفسى للأطفال والمراهقين وعضو الكلية الملكية البريطانية للطب النفسى، وتقول: البالغ المعتدى جنسيًا على الأطفال شخص غير سوى نفسيًا وليس مريضًا نفسيًا بل مريض أخلاقيا أى يعانى اضطرابات شخصية تجعله يشعر بالراحة والأمان مع الطفل لأنه لا يطلب منه قدرات جنسية معينة، وهناك احتمال آخر أنه تم اغتصابه منذ طفولته فارتبط الاستمتاع الجنسى لديه بالأطفال. وتؤكد استشارى الطب النفسى أن المعتدى جنسيًا على الأطفال دائما ما يلجأ إلى اغتصابهم تحت تهديد السلاح، أو تحسين علاقته بالطفل بالحب وجلب الألعاب والحلوى له فيعد مصدر ثقة وحب بالنسبة للطفل ثم يوهمه أنه يلعب معه فيعتدى عليه جنسيًا، وأحيانًا ما يلجأ المعتدى إلى التهديد إذا شعر باستياء الطفل فيقول له « أنت أيضًا استمتعت ولو كشفت السر سأخبرهم أنك من طلبت ذلك» فيرتبط شعور التعذيب بتأنيب الضمير لدى الطفل ويخشى الإفصاح للأهل. تلفت الدكتورة هالة من خلال الحالات التى رأتها بالعيادة النفسية، إلى أن المعتدين جنسيًا على الأطفال تتعدى خطورتهم من الأذى البدنى والنفسى للأطفال إلى التشهير بهم، حيث يكونون منضمين إلى مجموعات إلكترونية تضم العديد منهم ويبيعون من خلالها فيديوهات مصورة لهم أثناء التعدى على الصغار بمبالغ طائلة، كما أثبتت الدراسات العالمية أن الشخص المعتدى على الأطفال متوسط ضحاياه 20 طفلًا مختلفًا على مدار حياته. وتتابع عضو الكلية الملكية البريطانية للطب النفسى: الغريب فى الأمر أن الاعتداء الجنسى يأتى من قبل أشخاص ذوى قرابة أو أهلاً للثقة مثل مدرب النادى أو مدرس الحضانة وهذه الحالات شاهدتها كثيرًا فى عيادتى الخاصة، ولكن للأسف بعض الأهل يخشون الفضيحة الاجتماعية فلا يحررون محاضر شرطة أو يصعب فى بعض حالات التحرش إثبات وجود آثار اعتداء على الطفل، وهنا ألوم على القانون المصرى، ففى بريطانيا ونظرًا لعملى هناك لسنوات طويلة فالقانون البريطانى بمجرد شكوى الطفل وعدم إثبات الاعتداء يمنع الشخص من التعامل مع الأطفال ويسجل رسميًا فى سجله القانونى الشكوى، وبالتالى يحتاط كل من يلجأ إليه فى التعامل مع أطفاله وعلى العكس تمامًا فقد رأيت أن مشرفى دور رعاية يغتصبون الأطفال يتم نقلهم إلى دور أخرى بعد كشف الأمر، وكذلك المدرسين والمدربين الرياضيين. تنصح الدكتورة هالة الأمهات بضرورة توطيد علاقة الأمان بينها وبين طفلها حتى تستطيع اكتشاف أى علاقة غير سوية تحدث مع طفلها، ولكن التربية بالخوف تؤدى إلى تفاقم أزمة الطفل فالمعتدى يهدده فيخاف منه ومن الإفصاح لأمه. أكدت معظم الدراسات والإحصاءات أن العديد من حوادث التحرش بالأطفال لم يتم التبليغ عنها لأسباب عائلية، ويتم التكتم عنها خوفًا من الفضيحة الاجتماعية. ورصدت دراسة أجراها الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء لعام 2012، مليونين ونصف مليون طفل عامل فى مصر، وأن 80فى المائة من الأطفال العاملين يتعرضون للتحرش الجنسى، وأن 85 فى المائة من حوادث التحرش التى يسجلها ضد الأطفال، يكون الجناة فيها من الدوائر المقربة من الطفل. أسباب اجتماعية أما الدكتورة سامية الساعاتى أستاذة علم الاجتماع، جامعة عين شمس وعضو المجلس الأعلى للثقافة، فتؤكد أن اغتصاب الأطفال والتحرش بهم قضية اجتماعية لم تصل بعد إلى الظاهرة، وأنها قضية موجودة منذ قديم الأزل، ولكنها بدأت فى الظهور بسبب التوعية الإعلامية بضرورة الإفصاح عنها، إلا أن الحالات المعلنة والإحصاءات لا تمثل النسب الحقيقية بسبب ترسيخ ثقافة العار والفضيحة فى المجتمع المصرى، وبالتالى لا يلجأ الجميع إلى تحرير محاضر بالشرطة أو التوجه إلى مؤسسات حقوق الطفل. وتتابع: اغتصاب الأطفال له أسباب اجتماعية كثيرة أهمها البطالة وارتفاع سن الزواج، وهنا يجد هذا النوع من المعتدين الأطفال متنفسًا جنسيًا لرغباتهم المكبوتة، فضلًا عن غياب منظومة القيم الاجتماعية والدينية.