إصابة آلاف التلاميذ فى 4 محافظات.. وعمال المدارس: سوء التخزين وإهمال المسئولين وراء الكارثة عم ثلاث ضحايا للتسمم: المستشفيات غير مؤهلة لاستقبال الأطفال ولا توجد أدوية لإسعافهم اتهامات لأولياء الأمور باستغلال الحوادث لاستبدال «الوجبات» نظير 500 جنيه مغص يعقبه قىء ويتبعه إغماء وإعياء شديد، هذا ما شعر به 2243 تلميذًا فى مدارس سوهاج، الأسبوع الماضى، جراء تناولهم الوجبة المدرسية، ليصبح حادث التسمم الخامس بين تلاميذ المدارس منذ بداية الفصل الدراسى الثانى، بعد حوادث مشابهة تكررت فى 4 محافظات مختلفة، مما دفع «الصباح» للبحث وراء الأسباب الحقيقية لتلك الحوادث، خاصة فى ظل الاتهامات المتبادلة بين الشركات المسئولة عن توريد التغذية المدرسية، من جانب، والمدارس من جانب آخر، حيث أكد بعض المسئولين على انتهاء صلاحية التغذية، بينما ألقت الشركات بالكرة فى ملعب المدارس، عندما اتهمتها بسوء تخزين الوجبات بعد خروجها من المصانع. الأوجاع لم ترحم أحدًا من التلاميذ، ومنهم ثلاثة أشقاء أكبرهم يدرس بالصف السادس وأصغرهم بالصف الثانى الابتدائى، وبينهما تلميذ فى «ثالثة ابتدائى»، أصيبوا جميعًا بتسمم نتيجة تناولهم الوجبة المدرسية، حيث أكد «أشرف الدسوقى» عم الأشقاء الثلاثة، أن أولاد شقيقه نقلوا إلى مستشفى سوهاج العام عقب ظهور أعراض التسمم عليهم، ولم يكونوا بمفردهم بل نُقل معهم معظم طلاب مدارس مؤسسة الصوامع شرق وناصر ونجع عميرة ونجع الحساينة. وأضاف «دسوقى» إنه خلال تواجده بالمستشفى اكتشف عدم قدرتها على إسعاف الأطفال من الأساس، حيث لم تكن هناك أدوية كافية لإنقاذهم من التسمم، حتى إن إدارة المستشفى طلبت منه الذهاب لشراء الأدوية اللازمة لإنقاذهم من الخارج. أما «أمينة السيد» والدة أحد الأطفال المصابين بالتسمم، فأكدت أنها لم تكن المرة الأولى التى يشكو فيها نجلها من سوء الأغذية، حيث أصيب بمغص منذ أسبوعين تقريبًا عقب عودته للمنزل، إلا أنها لم تتوقع أن السبب فى مرض نجلها هو الوجبة المدرسية، وأقنعت نفسها أنه ربما تناول شيئًا آخر عقب انتهاء اليوم الدراسى، مشيرة إلى أنها لم تتلق حتى الآن اتصالًا من أى فرد أو مسئول سواء من مديرية التربية والتعليم أو الصحة، لبيان أسباب ما حدث أو حتى تبريره، مما جعلها تشعر بتعمد المسئولين تجاهل الواقعة، التى كادت تقضى على الأطفال. فيما أوضح «صابر. ح» أحد عمال مدرسة النصر الابتدائية، أن الأزمة لا تكمن على الإطلاق فى انتهاء مدة الصلاحية كما روج البعض، إنما يكمن السر فى تخزين تلك الوجبات بصورة غير لائقة داخل مخازن المدارس ذاتها، خاصة فى ظل تقلب درجات الحرارة من الانخفاض للارتفاع، مما تسبب فى إفساد بعض الوجبات، لافتًا إلى أن العمال هم المسئولون عن هذا التخزين، بالإضافة للموظف المفوض بالإشراف على رحلة دخول الوجبات المدرسية لكل مدرسة، وتوزيعها على الطلاب. وأشار إلى أن حالات الإعياء تحدث بين الطلاب بشكل دائم جراء تناولهم تلك الوجبات، إلا أن الأمر لم يشغل أحد المسئولين لعدم توثيق حالات تسمم فعلية، موضحًا أن هناك أولياء أمور طلبوا منه عدم إعطاء أبنائهم تلك الوجبات، وأمروا أولادهم بإلقائها فى القمامة، خاصة بعد أن اشتكى أبناؤهم من إصابتهم بمغص خفيف عقب تناولها. بينما أكد «صلاح خالد» أحد أولياء أمور، أن المسئولين يستغلون الحادث أسوأ استغلال، عن طريق الترويج إلى أن الأزمة مفتعلة وبها ضغط من أولياء الأمور ليستبدلوا الوجبة المدرسية بمقابل مادى، يصل إلى 500 جنيه، أو على الأقل خصمه من المصروفات الدراسية المقررة، أو تعويضهم عنه بأى شكل. سوهاج لم تكن الأولى فى حوادث التسمم، فمع بداية الفصل الدراسى الثانى منذ شهر ونصف العام تقريبًا، شهدت عدة مدارس فى محافظات مختلفة انتشارًا لحالات التسمم من الوجبات المدرسية، منها محافظة الشرقية حيث أصيب 30 تلميذًا فى مدرسة العباسة الكبيرة بأبو حماد، فى مطلع شهر فبراير الماضى، بأعراض اشتباه فى التسمم، وأكدت وقتها المصادر الطبية أن حالات التسمم كانت بسبب تناول الوجبات، إلا أن الحادث انتهى باستقرار جميع الحالات، وفى نهاية ذات الشهر تكررت الكارثة فى محافظة البحر الأحمر، عندما ظهرت أعراض التسمم على 19 تلميذًا فى مدرسة ابتدائية بمدينة رأس غارب. وفى محافظة المنيا، أعلنت مديرية التربية والتعليم خلال شهر مارس، عن ظهور حالات قىء بين 185 تلميذًا بمدرسة العقولة الابتدائية فى مركز ملوى، ومدرسة الشيخ شبيكة المتجاورتين، وذلك عقب تناول التلاميذ الوجبة المدرسية، وقد تم نقل الأطفال المصابين إلى المستشفى العام، فيما نفت مديرية الصحة أن تكون الوجبة المدرسية هى السبب فى تسممهم. وبعد مرور الأسبوع الأول من شهر مارس، أصيب 40 تلميذًا فى مدرسة نجع محمد عبدالموجود الابتدائية، بمركز طما فى سوهاج ب«تسمم غذائى»، ونقل التلاميذ لمستشفى طما المركزى، والوحدات الصحية القريبة، وتم الدفع بعدد من سيارات الإسعاف، وتزامن هذا مع التسمم الذى حدث للطلاب فى مدارس أسيوط، حيث أصيب 35 تلميذًا فى مدرسة مجمعة نجع سبع الابتدائية بتسمم غذائى عقب تناولهم وجبة تغذية مدرسية، وبعد يومين من الحادث، اعترفت وزارة التربية والتعليم، فى بيان لها، بأن حالات التسمم حدثت نتيجة تناول التلاميذ «وجبة بسكويت».