مصدر: شركات الوليد أغرت العمال بمبالغ مالية كبيرة تمهيداً لشراء المصنع الخطة تتضمن إغراق السوق وعزوف الفلاحين وزيادة العجز مليون مزارع و 150ألف عامل بمصانع السكر عرضة للتشرد حال خصخصة المصانع على غرار تهميش مصانع الغزل والنسيج وإغلاق معظمها لصالح مافيا من بعض رجال الأعمال، تدور الآن مؤامرة على مصانع السكر لغلقها لصالح اثنين من أكبر رجال الأعمال فى الوطن العربى، يمتلكون استثمارات ضخمة فى صناعة السكر. الأزمة الحالية ليست وليدة اليوم، بل هى نتاج لما خطط له منذ سنوات من أجل خصخصة مصانع السكر، من خلال التلاعب فى الأسعار وفتح باب الاستيراد والبيع بسعر أقل من السعر المحلى، مما أدى إلى تراكم السكر السنوات الماضية فى شركات إنتاج السكر وهو ما انعكس سلبيًا على المزارعين الذين انصرفوا عن الزراعة. خيوط المؤامرة كشفها عبد الحميد سلامة، رئيس شركة الدلتا للسكر، فأوضح أن الأزمة ليست مفاجئة، مؤكدًا أن ارتفاع الأسعار يعود إلى تصدير كميات كبيرة من السكر إلى الخارج وحرمان السوق المحلية منه، بهدف الاستفادة من ارتفاع أسعار السكر العالمى التى تجاوزت 6 آلاف جنيه للطن، بينما سعره المحلى 4.5 ألف جنيه فقط، أى بفارق 1500 جنيه، مشيرًا إلى أن العجز بين الإنتاج والاستهلاك لا يزيد على 600 ألف طن، إلا أنه ارتفع إلى حد كبير فى الوقت الراهن. وفى الوقت الذى فتحت الدولة الأبواب عملية الاستيراد للشركات الخاصة على حساب الشركات الوطنية التى لم تستطع دفع مستحقات المزارعين، تقلصت المساحة المزروعة بالقصب من 330 ألف فدان إلى 280 ألف فدان مما أدى إلى قلة الإنتاج، بالإضافة إلى عدم الموافقة على رفع سعر توريد طن قصب السكر من 400 جنيه ل500 جنيه، وتأخر صرف مستحقات التوريد من شهر مايو حتى منتصف أغسطس الماضى الأمر الذى سيؤدى إلى عزوف الفلاحين عن الزراعة فى السنوات المقبلة. طيلة السنوات الماضية كانت مصر تحتاج إلى 500 ألف طن فقط من السكر، كفارق بين المنتج والمستهلك، بعدما كشف تقرير لوزارة الزراعة، أن إنتاج مصر من سكر القصب والبنجر، بلغ هذا العام حوالى 2.2 مليون طن، حيث بلغ إجمالى الإنتاج المحلى من سكر البنجر حوالى 1.25 مليون طن، بما يمثل حوالى 57% من إنتاج السكر المصرى، بينما بلغ إجمالى إنتاج سكر القصب حوالى مليون طن، بما يمثل حوالى 43% من إجمالى الإنتاج، فيما بلغ إجمالى الاستهلاك المحلى نحو 3.1 مليون طن سنويًا، حيث زاد العجز إلى 900 ألف طن. إنتاج السكر وتنتج المصانع المصرية نحو 70% من مستهلك السكر الذى يعتمد فى إنتاجه على البنجر وقصب السكر، فيما يتم استيراد نسبة ال 30% من خلال المواد الخام التى يتم تكريرها فى «مصانع الحوامدية»، وهى مصانع خاضعة للقطاع العام، إلا إنه منذ عام 2000 لم تعد مصانع الحوامدية تتحمل إنتاج العجز المتمثل (نسبة ال 30%) نظرًا لارتفاع التعداد السكانى، وهو ما دفع الحكومة لإنشاء مصنع الفيوم، ثم أعقبه إنشاء مصنع النوبارية لزيادة الإنتاج المحلى، خاصة أن كميات قصب السكر التى تزرع بمصر كبيرة جدًا، كما تم إنشاء وحدة تكرير بمصنع بلقاس والدلتا والفيوم لمساعدة شركة السكر والصناعات التكاملية لسد العجز عبر تكرير الخام المستورد، مع الحوامدية، وظلت شركة السكر هى المتحكمة فى الأسعار بشكل تام، وفى الوارد من الخام بحيث لا يؤثر على الإنتاج المحلى، وكانت الأمور حتى ذلك الوقت تسير بشكل طبيعى جدًا. فى عهد مبارك، وقعت مصر على اتفاقية «الجات» عام 1994، وزودت الجمارك على بعض السلع الواردة، من ضمنها السكر الخام، تحت دعوى الحفاظ على الإنتاج المحلى وعدم رفع الأسعار، إلا أن هذه العملية ساهمت بشكل كبير فى إغراق الأسواق بالمنتج الخام وإدانة الشركة القابضة للصناعات الغذائية بمليارات، وكان ذلك لصالح أباطرة من رجال الأعمال، وذلك بهدف إحداث خسائر كبيرة بتلك الشركات وإجبارها على بيع المنتج لنفس الأشخاص الذين يتحكمون فى صناعة السكر. وفى عام 2007، تم إنشاء مصنع لتكرير السكر بالعين السخنة، ليتم استيراد المواد الخام وتكريرها فى المصنع وإعادة تصديره مرة أخرى، وكان التعاقد ينص على أن الأرض والميناء مقابل تشغيل العمالة ومقابل بعض الرسوم الضئيلة جدًا، وكان ذلك لحساب الشركة المتحدة للسكر التى تنتج سكر «صافولا سكر الأسرة»، وهى الشركة التى يمتلك فيها الوليد بن طلال نسبة 60%، والتى قامت بإغراق السوق المصرية بسكر الأسرة.
فى عام 2010 تصاعدت الأزمة بشكل ما، إلا أنها تم احتواؤها بشكل مؤقت بعد رفع الرسوم الجمركية على السكر الخام، حيث بلغ سعر استيراده فى ذلك الوقت نحو 7 جنيهات وهو ما أتاح الفرصة للسكر المحلى ببيع المنتج الموجود فى المخازن فى ذلك الوقت بسعر بلغ 3.5 جنيه، وبعد ثورة 25 يناير عام 2011 تصدرت الأزمة المشهد مرة أخرى، خاصة قرب موسم إنتاج القصب والبنجر وحتى انتهائه، بعدما تراجعت مبيعات الشركات المنتجة للسكر متمثلة فى شركة السكر للصناعات التكاملية التى تصنع قصب السكر، وكذلك الشركات الحديثة، التى تعتمد على بنجر السكر المملوك للشركة الأم، الدلتا للسكر. وجرى الفترة الماضية عدد من التحركات لرجال الأعمال أبرزهم الوليد بن طلال، الذين أنشأوا مصنعًا لبنجر السكر تحت اسم «إسكندرية للسكر»، وهو مملوك للشركة المتحدة للسكر التابعة للوليد ابن طلال، بجوار مصنع سكر النيل المملوك لنجيب ساويرس، وهو الأمر الذى زادت معه عملية إغراق السوق بالسكر الخام الذى يصنع داخل مصانع العين السخنة، وهو الأمر الذى يدفع الشركات المتضررة من الأمر لبيع الطن ب 1800 جنيه، وبذلك تصبح الخسائر كبيرة جدًا، واستمر هذا المشهد عدة سنوات تكبدت فيها الشركات المحلية خسائر فادحة انعكست على المصانع والعمال والفلاحين أيضًا. وحسب ما أكده المهندس عبدالحميد سلامة رئيس مجلس إدارة شركة الدلتا للسكر بأنه «كان يتم استيراد نحو 1.5 مليون طن سنويًا لصالح المستوردين الذين تعرفهم الدولة جيدًا وتتغاضى عن الأمر، خاصة أن سعر الكيلو المستورد فى الوقت الحالى يبلغ 3.5 جنيه، فيما يتكلف سعر الكيلو المحلى 4.5، وهو ما يعنى إما خسارة فادحة وإما تخزين السكر فى المخازن -كما حدث الفترات الماضية- وتم تخزين نحو مليونى طن دون أى جدوى أو خطة من الدولة».
فيما حذر مصدر آخر من شركة «الفيوم للسكر» أن هناك كارثة أخرى متعلقة بما يقرب من 200 ألف عامل داخل مصانع السكر لأنهم سيصبحون أيضًا ضمن المشردين، نظرًا للمؤامرة التى تحاك لغلق المصانع أو شرائها وخصخصتها لصالح رجال أعمال بعينهم. وأكد المصدر أن الشركات التابعة للوليد بن طلال تقوم بسحب للمهندسين المميزين والعمال من شركات السكر تحت إغراءات مالية كبيرة تمهيدًا لشراء المصانع حال إفلاسها. وفيما يخص العمال والفلاحين فهناك نحو مليون مزارع بمحافظات مصر، حيث أكد الحاج أحمد عبدالتواب أحد مزارعى القصب من محافظة قنا أن معظم الصعيد يعتمد على زراعة قصب السكر، وهو المحصول الذى لو تم إهداره سيتسبب فى خراب بيوت ملايين المواطنين الذين يعيشون على العائد من المحصول. وأكد عبدالتواب أن الأمر بات مخيفًا خاصة أن معظم المزارعين عزفوا عن زراعة القصب هذا العام نظرًا لعدم صرف مستحقاتهم العام الماضى من قبل الشركات وأن الأمر سيكون أكثر كارثية العام المقبل حيث ستنقص الكمية الموردة بشكل كبير للشركات. وتابع أحمد السيد أحد المزارعين الذى يقوم بزراعة البنجر أن لديه مساحة كبيرة لزراعة بنجر السكر وأنه مديون بتكاليف الزراعة، وأنه لم يعد يقوم بزراعة نفس المساحة التى كان يزرعها السنوات الماضية. وبحسب سعد محمد «المدير المالى بمصنع الحامول» فإن مديونية البنك على المصنع مليار و150 مليون جنيه، وهى قيمة السكر الموجود فى المخازن، مشيرًا إلى أن الفوائد التى تتراكم على الشركة تبلغ نحو 11 مليون جنيه شهريًا، كما أن البنك متعاقد مع أكثر 110 آلاف فلاح، وهذا الأمر سيدفع الفلاحين للعزوف عن تلك الزراعة القومية. الأزمة تلقى بظلالها أيضًا على العاملين بمصانع السكر، حيث أوضح أشرف عبدالونيس أحد القيادات العمالية بمصانع السكر أن هذه الأزمة ستؤدى إلى تشريد العمال حال عدم احتوائها خلال الفترة المقبلة، خاصة أن عملية رفع الأسعار بهذا الشكل هى تلاعب بالسوق، وأنه فى موسم الإنتاج كانت الشركات الخاصة تبيعه بأقل من سعر المنتج المحلى، وهو ما يهدد نحو 150 ألف عامل بمصانع السكر، مرتبطون بهذه الصناعة.