3 قرارات ل«الداخلية» جعلت الأمناء يخرجون عن طاعة القيادات: إعادة المفصولين والترقية وإلغاء المحاكمات العسكرية خبير أمنى يطالب بتطبيق قانون التظاهر على احتجاجات الأمناء.. ويؤكد: أصابوا الداخلية بنكسة لن تقوم منها لسنوات أبرز الانتهاكات: أمناء يعتدون بالضرب على مريض.. واغتصاب فتاة داخل سيارة شرطة.. وهتك عرض معاقة ذهنيًا فى قسم إمبابة إخصائى نفسى: بعض الأمناء لديهم سلوكيات عدوانية.. ويعيدون إنتاج القهر على المواطنين.. ويحتاجون إعادة تأهيل وكأنها دولة داخل الدولة، هكذا يتعامل أمناء الشرطة مع المواطنين فى مصر، يعتبرون أنفسهم فوق القانون، يسيطرون على كل الأمور فى أقسام الشرطة، وكأنهم بالفعل يتعاملون بمنطق «هى فوضى» وهم الأكثر إثارة للأزمات داخل مصر مع أطراف عديدة، تجاوزاتهم لا تتوقف وأفعالهم تحتاج إلى مراجعة حقيقية لمنع كوارث مقبلة. دولة الأمناء لم تكتف بالأزمة المشتعلة مع الأطباء، بل أشعل وفاة سائق بمنطقة الدرب الأحمر ويدعى محمد عادل إسماعيل، وشهرته «عادل دربكة» فتيل أزمة كبيرة بعد مقتله على يد أمين شرطة فى مشاجرة، أدت إلى قيام الأهالى بمحاصرة مديرية أمن القاهرة، واضطر اللواء خالد عبد العال، مدير أمن القاهرة إلى عقد جلسة مع شقيقة السائق وقدم لها العزاء فى وفاة شقيقها. وتم إلقاء القبض على أمين الشرطة ويدعى «مصطفى.م.ع» فى حالة خطرة بسبب تجمع الأهالى للانتقام منه، الأمناء يشعلون الأزمات دائمًا، ويمحون بجرة قلم كل إنجازات الداخلية وتضحياتها من أجل حفظ الأمن ومواجهة الإرهاب. فى الوقت الذى تقدم فيه وزارة الداخلية الشهداء من أجل حماية الوطن، ومجابهة العمليات الإرهابية، يتغول أمناء الشرطة على المواطنين كل يوم، وكأن الأمناء، البالغ عددهم أكثر من 200 ألف، يعيدون سياسة ما قبل 25 يناير، لتنهض من جديد دولة «حاتم»، بعدما التف حولهم الشعب، ووضع ثقته فى جهاز الأمن لحمايتهم من مخاطر التنظيمات الإرهابية، وضبط مسلسل الفوضى. قرارات الوزارة بعد 25 يناير جعلت الأمناء يخرجون على قياداتهم، وهنا بدأت الأزمات، فبعد 25 يناير بدأت مطالب الأمناء، وأولها إعادة المفصولين قبل الثورة بسبب سلوكياتهم العنيفة ضد المواطنين، حيث ساهم ذلك بشكل كبير فى تغول الأمناء، الذين اعتبروا أنفسهم فئة خاصة فوق القانون، وسيطروا على أقسام الشرطة، بعد أن تعلموا التمرد على قياداتهم. أمناء الشرطة الذين كان دورهم مهمشًا فى عهد اللواء حبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق، عادوا للمشهد من جديد بعد الثورة، بعدما تم السماح لأكثر من 10 آلاف مفصول بالعودة للعمل، وفقًا لمرسوم يقضى بعودة كل من استقال أو تم فصله خلال خمس سنوات سابقة للعمل، بشرط عدم ارتكابه جريمة مخلة بالشرف، وأن يكون آخر تقريرين له بدرجة «جيد»، فضلًا عن ترك بعض الضباط الساحة خالية للأمناء، يفعلون ما يشاءون حتى تفاقم الأمر وزادت خطورتهم بشكل كبير. وفى 12 فبراير 2011، بعد تنحى الرئيس الأسبق، حسنى مبارك، عن الحكم، أعلن أمناء الشرطة فى عدد من المحافظات، منها الإسماعيليةوالبحيرة والإسكندرية والشرقية، الإضراب عن العمل، وطالبوا بإقالة اللواء محمود وجدى، وزير الداخلية وقتها، وشهدت محافظاتالبحر الأحمر وكفر الشيخ والمنيا والسويس والشرقية وشمال وجنوب سيناء، فى أكتوبر 2011، إضرابًا لأمناء الشرطة للمطالبة بإقالة وزير الداخلية الأسبق، منصور العيسوى، وعودة محمود وجدى، من جديد وزير الداخلية، وتحسين أوضاعهم الوظيفية، وإلغاء المحاكمات العسكرية. فى 28 إبريل 2012، أعلن مندوبو الشرطة والأمناء وعساكر الدرجة الأولى، فى محافظاتالبحيرةوالقاهرة والإسكندرية والشرقية والدقهلية ومطروح وكفرالشيخ ودمياط وبنى سويف، إضرابًا شاملًا عن العمل، مطالبين بزيادة الرواتب والحوافز للأفراد، وتطبيق التدرج الوظيفى للأفراد حتى رتبة ملازم، وإلغاء المحاكمات العسكرية. وبسبب انتشار الإضرابات فى محافظات الجمهورية، صدق المشير محمد حسين طنطاوى، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة وقتها، على قانون إلغاء المحاكمات العسكرية للأفراد. وانتفض الأمناء مرة اخرى مطالبين بترقية الحاصلين على ليسانس الحقوق إلى ضباط، وبعد الضغط أصدر وزير الداخلية وقتها قرارًا بترقيتهم وتم تقديم مشروع قانون إلى مجلس الشعب فى 2012 أثناء حكم الإخوان إلى لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس الشعب، وصدق على الترقية بشرط ألا تقل مدة الخدمة بهيئة الشرطة عن أربع وعشرين سنة، وأن يكون آخر تقريرين سريين محررين عنه بتقدير ممتاز. وبعد أن اكتشفت وزارة الداخلية مؤخرًا أنها فقدت سيطرتها على أمناء الشرطة، الذين اعتصموا وأغلقوا الأقسام والمديريات أكثر من مرة، صدر قرار اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية السابق، بتعديل قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1971، وأعلنت الداخلية بدء تلقى الطلبات لوظيفة معاون الأمن، لوقف معاهد أمناء الشرطة. وكانت أكبر الأزمات التى كشف فيها أمناء الشرطة عن أنيابهم لقيادات الوزارة، عندما اعتصم المئات منهم، واقتحموا ديوان مديرية أمن الشرقية، إلى أن أنهوا مظاهراتهم بعد مفاوضات مع اللواء كمال الدالى، مساعد الوزير للأمن العام آنذاك، واللواء خالد يحيى، مدير أمن الشرقية، الذى وعدهم بحل مطالبهم المتمثلة فى 20 مطلبًا خاصة بحقوقهم المادية. وتعددت مطالب أمناء الشرطة فى السنوات الأربع الأخيرة ما بين زيادة الرواتب، والتسليح، والرعاية الصحية، ورفض إهانة الضباط، ووصلت حتى المطالبة بإقالة الوزير، وهى المطالب الذى نادى بها أمناء وأفراد الشرطة منذ ثورة 25 يناير 2011، وأغلقوا من أجلها مديريات أمن، واعتصموا أمام مبنى الوزارة. وفى حين لم تشهد السنوات السابقة على ثورة 25 يناير ظهور أى بوادر لاحتجاجات أو اعتصامات من قبل أمناء الشرطة خلال عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك نظرًا لإحكام السيطرة على الأمناء من قبل جهاز الشرطة. قبل أسابيع، فتح اعتداء 9 من أمناء شرطة المطرية على أطباء بمستشفى المطرية التعليمى النار على جهاز الشرطة، وبعدها مباشرة اعتدى أمين شرطة على امرأة وصفعها على وجها داخل مترو الأنفاق أمام المواطنين، وركلها بقدميه، ولم يمر أسبوع واحد، حتى ظهر أمين قسم شرطة المرج الذى تحرش بسيدة أمام محطة مترو عزبة النخل. وفى فيديو مدته 3 دقائق، أظهر اعتداء أمين شرطة وبعض الأفراد على مواطن داخل محطة مترو دار السلام، بالضرب باليد والقدمين، وسط صمت المئات من المواطنين داخل المحطة، وبدأت حفلة الضرب من أمام رصيف المترو، وحتى نقطة شرطة المحطة، وقيام أحد الأفراد بتكتيف وشل حركة الضحية حتى لا يقاوم أو يتصدى لضربات أمين الشرطة. وشهدت محكمة جنح مدينة نصر إطلاق أحد أمناء الشرطة النار على محامٍ أثناء محاولة هربه من بعض الموظفين بمحكمة مدينة نصر، بعد تعديهم عليه بالضرب هو وأحد أصدقائه لرفضه دفع رشوة لسكرتير تحقيقات، وفى كوم حمادة تم القبض على أمين شرطة عقب نشر فيديو له يطلب فيه رشوة من المواطنين نظير عدم تحرير مخالفات مرورية لهم، وعقب انتهاء التحقيقات أمرت النيابة العامة بدمنهور بإحالة أمين الشرطة «إبراهيم. م» لمحكمة الجنايات. كانت الأجهزة الأمنية بالبحيرة، بإشراف اللواء دكتور أشرف عبدالقادر، مدير إدارة البحث الجنائى، تمكنت من القبض على أمين شرطة ظهر فى فيديو حال تقاضيه رشوة من أحد المواطنين. أما الخلاف والمشاحنات بين المحامين وأمناء الشرطة فباتت عرضًا مستمرًا، حيث شهدت محكمة محرم بك، واقعة اعتداء قام بها عدد من أفراد شرطة الترحيلات على أحد المحامين عقب مشادة كلامية بينهم، قام على إثرها أحد أمناء الشرطة بالاعتداء على المحامى ب«كلابش» حديدى، أسفر عن جرح غائر بالوجه وكدمات بمختلف أنحاء الجسم. وفى واقعة أخرى، اغتصب أمين شرطة طالبة داخل سيارة «نجدة» بشارع الترعة البولاقية بالساحل فى منطقة شبرا، لكى يتغاضى عن تحرير محضر لها وصديقها بتهمة الفعل الفاضح فى الطريق العام، وفى إمبابة اغتصب أمين شرطة فتاة معاقة ذهنيًا داخل القسم، بعد أن أنقذها أحد المواطنين من الاغتصاب على يد أحد المواطنين، وقام بتسليمها للقسم، ليقوم أمين الشرطة باغتصابها بدلًا من المواطن. وفى قسم ثان أكتوبر، أقام أمين شرطة علاقة جنسية مع زوجة سجين محجوز بالقسم على ذمة قضايا، مقابل توصيل المخدرات لزوجها المحتجز بالقسم، وسمحت له بدخول شقتها وإقامة علاقة جنسية محرمة معها، لكن أجهزة الأمن ألقت القبض عليه أثناء توصيل المواد المخدرة لزوجها، كما تم القبض على أمين شرطة بالقاهرة الجديدة يقوم بتهديد المواطنين والسرقة بالإكراه للحصول على مبالغ مالية لشراء المواد المخدرة، وتبين من التحقيقات أنه مدمن مُخدرات. وفى إمبابة، تم القبض على أمين شرطة مفصول وإحالته للجنايات بتهمة الاتجار فى المواد المخدرة والأسلحة النارية ومقاومة السلطات والشروع فى القتل، وفى المعادى تم القبض على أمين شرطة بالمرور وحبسه لاتهامه بالحصول على مبالغ مالية من قائدى السيارات، مقابل عدم تحرير مخالفات مرورية لهم، وفى قسم العمرانية تم حبس أمين شرطة لاستيلائه على سيارة مسروقة متحفظ عليها بالقسم وتم ضبطه أثناء قيادته للسيارة المسروقة. وفى الجيزة، تم حبس أمين شرطة لاتهامه ببيع المواد المخدرة واتخاذ منزله وكرًا لنشاطه الإجرامى، وفى قسم النزهة أمرت النيابة بحبس أمين شرطة من قوة مباحث القسم 4 أيام على ذمة التحقيقات لاتهامه بسرقة وخطف حقيبة يد من أحد المواطنين بالشارع. وفى مركز الفتح بأسيوط، تم ضبط أمين شرطة، وخفير نظامى كونا تشكيلًا عصابيًا لسرقة المواطنين باستخدام سيارة شرطة، وفى مدينة نصر، تم القبض على 3 أمناء شرطة سطوا على سيارة نقل أموال تابعة لإحدى شركات الصرافة، و قررت نيابة الجيزة إحالة أمين شرطة لمحكمة الجنايات بعد اعترافه بحصوله على أموال من أحد قيادات الإخوان لقتل متهم بمستشفى «أم المصريين» قبل أن يتم التحقيق معه واستجوابه. تم إنشاء معهد أمناء الشرطة بمنطقة طرة البلد فى محافظة القاهرة، 1967، فى عهد وزير الداخلية الأسبق، شعراوى جمعة، وكان الغرض منه تخريج رجال شرطة على قدر من التعليم والمسئولية. حيث كان من شروط الالتحاق بالمعهد أن يكون الطالب حاصلًا على الثانوية العامة أو ما يعادلها، كما تم إنشاء المعهد لإلغاء نظام الكونستبلات، على أن يتم إلحاق الطالب بالمعهد لمدة عامين، يدرس خلالهما المواد الشرطية والحقوقية، ويتخرج الطالب من المعهد على رتبة أمين شرطة ثالث، يتدرج بعدها إلى أمين ثان، ثم أمين أول. من جانبه، قال اللواء ضياء أبو شادى، الخبير الأمنى، ل«الصباح»، إن أبرز الأسباب التى جعلت أمناء الشرطة يصبحون خارج سيطرة القيادات، إلغاء المحاكمات العسكرية، وترقيتهم إلى ضباط شرطة وعودة الأمناء المفصولين، ولابد من تطبيق قانون التظاهر على الاحتجاجات الخاصة بأمناء الشرطة، فإذا قام مواطنون عاديون بإغلاق الأقسام سيعاقبون بالقانون، بل يجب تغليظ العقوبة على الأمناء إلى الضعف لأنهم رجال أمن، منوط بهم تنفيذ القانون، وليس خرقه. وأضاف «شادى» أن أمناء الشرطة أصابوا وزارة الداخلية بنكسة لن تقوم منها الوزارة لسنوات قادمة لأنهم يعلمون أن جميع أزماتهم مع المواطنين تنتهى بالصلح، وليس تطبيق العقوبات الرادعة، ما جعل معدل أخطائهم فى تزايد، فماذا لو قام مواطنون بالاعتداء على أطباء المطرية وإهانتهم وضربهم كما فعل أمناء الشرطة، بالتأكيد سيتم الحكم عليه بخمس سنوات، لكن انتهاء الموضوع بالصلح يؤكد أنهم فوق القانون ولا رادع يثنيهم عن أفعالهم. وأكد الدكتور إبراهيم مجدى حسين، إخصائى الطب النفسى بجماعة عين شمس، أن أمناء الشرطة المنتهكين لحقوق المواطنين لديهم سلوكيات عدوانية، وسينكلون بالمواطنين، لو وضعت فى أيديهم أى سلطة فيستخدمونها ضد المجتمع، وإما أن تكون تلك الشخصية تعرضت لقهر شديد من المجتمع، وبالتالى فهى تعيد إنتاج هذا القهر، أو ظروف فقر شديدة، هرب منها إلى الشرطة، لكى يرفع من مستواه المعيشى، وليس لديه ثبات انفعالى، ولا يعرف شيئًا عن الرأى العام، وحقوق الإنسان، ولا بد من تأهيلهم نفسيًا.