شاهندة مقلد: الفلاحون تعرضوا للتنكيل من بعض ضباط الشرطة لإجبارهم على التنازل عن أراضيهم لصالح رجال أعمال 47 أسرة مهددة بالطرد من 100 فدان بمدينة «الكردى» حصلت عليها منذ عام 1962 بعد ثلاثة وستين عامًا من ثورة يوليو 1952 التى حددت ملكية كبار الإقطاعيين لصالح صغار الفلاحين، يواجه أحفاد المستفيدين من «الإصلاح الزراعى» فى قرى ومراكز محافظتى الدقهليةوالبحيرة، عودة رموز الإقطاع مجددًا، بالاستيلاء على أراضيهم بالتحايل على القوانين مرة، وبمخالفتها صراحة مرات عديدة. فرغم حيازة الفلاحين للعقود والوثائق الرسمية التى تثبت ملكيتهم للأراضى، وأحكام القضاء التى تنتصر لهم، إلا أن السيناريو المتكرر لنزع الملكيات هو الطرد الجماعى باستخدام القوة ضد مئات الفلاحين من ذوى الملكيات الصغيرة التى لا تزيد فى معظم الأحوال على فدان أو اثنين، ولكنها تمثل فى مجموعها مساحات كبيرة من الأرض تصل إلى عشرت وأحيانًا مئات الأفدنة. نزع الأراضى، يتم بالقوة، إما بتأجير بلطجية تابعين للإقطاعى القديم الذى يريد إعادة الاستيلاء على الأرض أو الرأسمالى الجديد الذى قام بشراء الأرض بعقد مزور بمعرفة أحد المحامين محترفى عمليات الاستيلاء على الأراضى. تكمن هذه الوقائع فى عشرات المواقع، رصدت «الصباح» منها ثلاث مناطق رئيسية، تصاعدت فيها الأزمة، ففى قرى مركز الرحمانية بمحافظة البحيرة، وقرى مركزى نبروه والكردى بمحافظة الدقهلية، يواجه أكثر من ألفى أسرة من الفلاحين المنتفعين بأراضى الإصلاح الزراعى، أحكامًا بالطرد نتيجة بلاغات تقدم بها إقطاعيون طامعون، ورجال أعمال عرفوا الطريق إلى عقود وحجج قديمة، للاستيلاء على أراضى الإصلاح الزراعى، وصدرت الأحكام القضائية واجبة النفاذ لصالح الطامعين، بسبب تراخى المحامين التابعين لهيئة الإصلاح الزراعى بوزارة الزراعة. وقال الفلاحون المتضررون إن هذه الأحكام تصدر غيابيًا لصالح طامعين من رجال أعمال وبلطجية أراضٍ، وكبار ملاك التفوا على قوانين الإصلاح الزراعى والأوقاف، لإعادة أراضيهم بالمخالفة لقوانين الاستيلاء النهائية، التى تقضى بعدم عودة هذه الأراضى. «الزراعة» تناصر رجل الأعمال وورثته البداية من محافظة الدقهلية، حيث لافتات مكتوبة على الأراضى المتنازع عليها، «ممنوع الاقتراب أو التصوير هذه الأرض خاضعة لملكية ورثة المهندس محمد فريد المصرى»، فهذه أول عبارة تراها عند دخولك قرية «سرسو»، بمركز طلخا بمحافظة الدقهلية، والتى شهدت مؤخرًا طرد ما يزيد على 24 فلاحًا وأسرهم من 42 فدانًا من الأراضى الزراعية، لصالح ورثة رجل الأعمال محمد فريد المصرى، بحجة امتلاكه الأوراق التى تثبت ملكيته للأرض، فى حين أن الفلاحين كشفوا عن أحكام قضائية تثبت ملكيتهم للأرض، وتزوير رجل الأعمال لما يحوزه من مستندات. سند محمود، متضرر وأحد أبناء المشاركين فى حرب اليمن، سرد القصة منذ بدايتها، وقال إن الأرض المتنازع عليها مع ورثة فريد المصرى، تم تسليمها للفلاحين أيام جمال عبدالناصر، بعد حرب اليمن، بعد تخييرهم بين الأرض والوظيفة، ولكونهم مزارعين اختاروا الأرض. وتابع: هذه الأرض كانت تابعة لرجل الأعمال فريد المصرى، قبل ثورة يوليو 52، وبموجب قانون «الاستيلاء» تم سحب مساحة من الأراضى التى يمتلكها لصالح الدولة، حيث إن هذا القانون يقضى بعدم امتلاك أى فرد مساحة تتجاوز مائتى فدان، وأن «المصرى» يمتلك مساحات أكبر من المقررة بالقانون. واتهم محمود، رجل الأعمال حامد المصرى بتزوير العقود، بأسماء أبنائه، بتواريخ سابقة لهذا القانون، حتى تعود إليهم الأراضى من جديد، حيث أصدرت المحكمة الإدارية العليا، فى سنة 1986 قرارًا بأن هذه العقود مزورة، وأصبح قانون «الاستيلاء» نهائى، ويسرى على الأراضى، ولا يحق لهم المطالبة بهذه الأرض. وأردف: فى سنة 1995 قبلت الهيئة العامة للإصلاح الزراعى، هذه العقود على الرغم من أنها مزورة، وأخلتها فى لجنة التصالح، وتم التصالح مع رجل الأعمال على أساس هذه العقود المزورة، وفى عام 2007 لجأ الفلاحون للقضاء وحصلوا على حكم بإلغاء التصالح، وما ترتب عليه من آثار، أهمها تسليم الأراضى لورثة فريد المصرى، ومن عام 2007 حتى الآن لم تنفذ الهيئة العامة للإصلاح الزراعى، الحكم، بحجة وجود طعن، من قبل فريد المصرى، وعقب ذلك تم رفض الطعن المقدم من رجل الأعمال، من قبل المحكمة الإدارية. وأوضح محمود: «هذه الأرض ملك ل 24 أسرة، من سبع قرى، وهى المنشية والعزبة الحمرا وسرسو وجوجر وخوازن وكفر الجنينة وميت ورقة، والناس دى حاربت 7 سنين باليمن، هو يعنى اللى اتوظف بعد الحرب يتفصل من الوظيفة زى ما طردونا من الأراضى، إحنا عاوزين الرئيس السيسى يتدخل لمصلحة الفقراء». كبار الملاك يحاولون طرد 47 أسرة فى مدينة الكردى. وفى مدينة الكردى بمحافظة الدقهلية، تكررت الواقعة، حيث تقدم محامى 47 أسرة للمجلس القومى لحقوق الإنسان بشكوى ضد أسرة من كبار ملاك الدقهلية، تطمع فى طردهم من 100 فدان موزعة على آبائهم منذ عام 1962 بحق الانتفاع، ثم بالتملك بالتقسيط من الهيئة العامة للإصلاح الزراعى. وقال موسى فتحى محامى أسر الكردى، إنه على الرغم من الأحكام القضائية التى تثبت أحقيتهم فى حيازة الأرض، إضافة إلى أقساط التمليك التى بحوزتهم والمدفوعة لهيئة الإصلاح الزراعى، صدرت ضدهم قرارات تمكين مخالفة لأحكام القضاء الإدارى بالاستيلاء النهائى على الأرض العائدة لفلاحين بموجب قوانين الإصلاح الزراعى. طرد ألف مزارع فى البحيرة من محافظة الدقهلية إلى البحيرة، التقت «الصباح»، بالمنتفعين محمد المكاوى، وحسان بيومى، والسيد شاهين، وغيرهم العشرات من المزارعين الحاصلين على عقود تمليك من الإصلاح الزراعى موروثة عن آبائهم، فى قرى عزبة الأشراك، أشراك البلد، عزبة رستم، عزبة الخمسين، وأبو خراش، وهذه القرى تتبع مركزى شبراخيت والرحمانية. وشكا هؤلاء من تشريدهم ليلًا ونهارًا بفعل إهانات رجال مباحث مركز الرحمانية إليهم، متهمين رئيس المباحث كريم بسيونى بأنه يجامل خصمهم رجل الأعمال، لمجرد أن والده محاميه الخاص. وقال محمد مكاوى، أحد منتفعى الإصلاح الزراعى المتضررين، إن رجل الأعمال الذى يعمل فى مجال السياحة فى مدينة القاهرة، كان قد حصل على حكم بطرده مع أكثر من ألف مزارع فى ست قرى تابعين لمركزى شبراخيت والرحمانية فى البحيرة، مشيرًا إلى أنه حصل على الحكم بموجب عقد مشكوك فى صحته، يزعم به الحق فى امتلاك 221 فدانًا من أراضى الإصلاح، ومع ذلك لم يجدوا من وزارة الزراعة أى إجراء قانونى ضد المتنازعين معهم على أراضيهم. رئيس مباحث يستولى على 21 فدانًا فى دمنهور ووفقا لأهالى قرية العمرية بمركز دمنهور، استولى رئيس مباحث أمن الدولة بالبحيرة «ط. هيكل»، باسم والدته على 21 فدانًا تخص عائلات عبد الله والخويلدى وشهاب على مدار 6 سنوات بطريق التهديد. وفى قرية «سراندو»، أكد المزارعون، أنه تم الاتفاق بين كل من «ف. ج»، و«م. ع»، الضابطين بمديرية أمن البحيرة مع الإقطاعى السابق صلاح نوار الذى يحوز مئات الأفدنة فى قرية «سراندو»، بدون أى مستند قضائى واحد لما يريد استرداده من أرض»، وكل ما كان لديه هو مستند ملكية بسبعة فدادين وسبعة قراريط فى القرية. وتابعوا: واستولى على أراضينا عن طريق اللجوء للعنف باستحضار بلطجية من مطاريد أبو تيج بأسيوط واستضافهم بقصره بقرية نديبة القريبة من سراندو ليدرسوا موقع المعركة ويضعوا خططهم، وأعد عدته «خيام جرارات، شاحنات، أسلاك شائكة، بلط، سيوف، أسلحة نارية، مأكولات جافة إلخ»، واتفق مع الجزار وعمار على مداهمة القرية فى الثالثة فجر يوم المعركة للقبض على العناصر القيادية من الفلاحين لإضعاف المقاومة. وأكد الفلاحون، فى المناطق سابقة الذكر، مقاطعتهم للانتخابات المقبلة، وعدم التصويت للمرشحين من العائلات الإقطاعية فى البرلمان، وهم عائلتا «نوار، ومقبل»، والإقطاعى عبد العزيز حامد المصرى. حقوقيون وقانيون: «الإصلاح الزراعى» متواطئة من جهته، قال مجدى الشراكى رئيس الجمعية العامة للإصلاح الزراعى: إن بعض محامى هيئة الإصلاح الزراعى اشتهروا بالتواطؤ مع محامى الأشخاص المعتدين على أراضى الهيئة، ما أضاع مساحات هائلة منها، حيث يضطر الوزير بصفته رئيس مجلس إدارة هيئة الإصلاح الزراعى، لتنفيذ الحكم الصادر ضدها، دون التحقيق مع المسئولين المتورطين فى الإهمال، والمتسببين فى ضياع الأرض، وتشريد صغار المنتفعين. وأضاف «الشراكى»، أن القضية متشعبة، ومتعددة الأوجه، وتهدد بحبس وزراء سابقين، اكتفوا بتنفيذ أحكام بنيت على مستندات باطلة، خوفًا من الحبس لعدم تنفيذ الأحكام. من جانبه، أكد ممدوح رشاد الخبير القانونى، ووكيل وزارة الأوقاف للشئون القانونية فى هيئة الأوقاف المصرية، إن أحكم القضاء تصدر وفقا لمستندات، «لكن الأوراق التى تدعم صحة هذه الأحكام تصل إلى أيدى الطامعين فى الأراضى والعقارات من ملفاتهم الأصلية، بواسطة ضعاف النفوس من موظفين كبار وصغار. بينما أكدت شاهندة مقلد، أمين الاتحاد العام للفلاحين، والناشطة الحقوقية، إن اللجنة استوفت أوراق القضايا ذات الوجه المشترك التى تخص أبناء الفلاحين المضارين، وأعدت تقريرًا وافيًا ومدعومًا بالمستندات التى تثبت تعرضهم للتنكيل بواسطة بعض ضعاف النفوس من أفراد الشرطة، لإجبارهم على التنازل عن ملكية أراضيهم لصالح رجال أعمال وإقطاعيين. وأشارت مقلد ل«الصباح»، أنها أخطرت اللواء أبو بكر عبد الكريم مساعد وزير الداخلية لحقوق الإنسان، بنتائج الاجتماع الأخير للجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية فى المجلس القومى لحقوق الإنسان، مؤكدة أن المجلس فى طريقه لرفع المذكرة إليه خلال الأيام القليلة المقبلة. «الإصلاح الزراعى»: أصدرنا قرار تمكين لفلاحى «نبروه» عرضنا القضية على المهندس حسن الفولى، رئيس الهيئة العامة للإصلاح الزراعى، والذى أكد أن الهيئة تجرى اجتماعات مكثفة للوقوف على أصل هذه القضايا، والتأكد من المستندات المقدمة من جميع الأطراف، لإنهاء الأزمة. ولفت فى تصريح ل«الصباح»، إن الهيئة أصدرت قرار تمكين لمزارعى نبروه فى الدقهلية، وكان القرار ينتظر تأشيرة الوزير السابق الدكتور صلاح هلال، ولكن لم يتم التأشير عليه إلى الآن.