*لائحة جديدة تعتبر «الزنى الحكمى» يشمل «فيس بوك» و«الشات» و«الإيميل» و«SMS» و«فايبر» و«واتس أب» *«هرمينا»: الكنيسة رضخت للتيارات المتأسلمة والسلفية وألغت التبنى والميراث لم تكد الكنيسة تعلن أنها ستطبق اللائحة الجديدة للأحوال الشخصية من أول يوليو القادم، إلا وثارت حالة من الجدل الكبير بين الأقباط حول بعض البنود. وكان أكثر ما أثار الجدل حول اللائحة الجديدة مجموعة من النقاط تتركز على شرح مفهوم «الزنا الحكمى» والتوسع فيه، حيث إن اللائحة الجديدة تعتبر الرسائل الإليكترونية ورسائل الهاتف المحمول من ضمن الإشارات التى تؤدى إلى الزنا الحكمى. وكذلك الأمر بالنسبة إلى المحادثات من خلال برنامجى «فايبر» و«واتس أب»، وكذلك الحديث عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وعلى رأسها «فيس بوك»، مما أدى إلى تهكم كثير من الأقباط الذين اعتبروا هذا الكلام إهانة للأسرة القبطية، بل واعتبرها البعض بداية لتفكك الأسر القبطية. ومن ناحية الهجر، أقرت اللائحة أن هجر أحد أطراف الزواج لمدة عامين تدفع الطرف الآخر إلى الزنا، الأمر الذى اعتبره البعض يدفع بالكنيسة إلى مخالفة تعاليم الكتاب المقدس التى عاشت عليها قرونًا طويلة. وزاد الأمر تعقيدًا حين قال الأنبا روفائيل، سكرتير المجمع المقدس: إن من يجد شروط الزواج والطلاق فى الكنيسة الأرثوذكسية صعبة ولا تناسبه، يمكنه أن يبحث عن طوائف أخرى بها شروط أسهل. واعتبر البعض تصريح سكرتير المجمع المقدس خروجًا عن دور الكنيسة فى رعاية أبنائها واحتضانهم وحل مشكلاتهم. وكشف مصدر من داخل الكنيسة أن اللائحة الجديدة أثارت جدلًا عنيفًا داخل الكنيسة بين أنصار البابا تواضروس وكبار الأساقفة. وقال المصدر: إن هذه اللائحة جاءت من أجل إنهاء مشاكل الأحوال الشخصية التى تسبب صداعًا فى رأس الكنيسة، حيث إن البابا تواضروس لم يستطع التصدى لهذه المشاكل كما فعل سلفه المتنيح، فلجأ إلى تمرير هذه اللائحة لحل القضية حلًا نهائيًا. وأضاف المصدر أن تواضروس يعتقد أنه بهذه اللائحة سيحل مشاكل الأحوال الشخصية، ولكنه إذا فعل سيفتح على نفسه جبهات أشد بأسًا تعارض مخالفته للتعاليم التى كانت تسير عليها الكنيسة طوال العقود السابقة. الرافضون لفكرة الطلاق والتوسع فى أسبابه يرفضون أية محاولة من جانب الكنيسة للتوسع فى الطلاق، ويعتبرون ذلك خروجًا عن تعاليم الكنيسة والكتاب المقدس. ويحذرون من أن الصامتين من رافضى تغيير التعاليم التى نشأوا عليها يمثلون الأغلبية، وأن من يطالبون بالطلاق والتوسع فيه أقلية يتسلحون بالصوت العالى فقط. وعن رأى الكنيسة فى اعتراض الكثيرين على اللائحة، تم التواصل مع القمص بولس حليم، المتحدث الرسمى باسم الكنيسة الارثوذكسية، فأفاد بأن الأنبا دانيال، أسقف المعادى، هو المسؤول عن الحديث فى هذا الموضوع. وبالتواصل مع الأنبا دانيال رفض الرد، مشيرًا إلى تصريحات سابقة له بأن الكنيسة ستبدأ فى تطبيق اللائحة من أول شهر يوليو القادم، بالتوسع فى أسباب الطلاق فيما يسمى بالزنا الحكمى. ويقول دكتور فوزى هرمينا، الناشط الحقوقى والمهتم بالشأن القبطى، رافضًا لما نصت عليه لائحة الأحوال الشخصية الجديدة: «أشعر فى قانون الأحوال الشخصية الجديد للأقباط الأرثوذكس بوجود يد خبيثة تستهدف هدم الأسرة المسيحية عن طريق استخدام وسائل الاتصال الحديثة». ويضيف: «مما يؤسف له أن بعض الأساقفة الذين كانوا ضد لائحة 38، أيام قداسة البابا شنودة، هم أنفسهم من فتحوا الباب على مصراعيه.. والطامة الكبرى تكمن فى أن لفظ الزنا الحكمى، وليس الفعلى، أصبح سببًا للتطليق، وهى كلمة مطاطة، وقد تهدم أسرًا كثيرة». ويتابع هرمينا انتقاداته للائحة الجديدة قائلا: «المشكلة أن قانون الأحوال الشخصية لا يليق بالأقباط، فقانون يحرم التبنى، ولا يساوى فى الميراث بين الذكر والأنثى، لا يستحق أن يسمى بأنه قانون، على الرغم أن المادة الثالثة من الدستور تبيح للأقباط ذلك، ولكن الكنيسة رضخت للتيارات المتأسلمة والسلفية وألغت التبنى والميراث». وفى صفحة بعنوان «الأرثوذكس الحقيقيون» على موقع «فيس بوك»، كتب مسئول الصفحة: «فى اللائحة المنحرفة الجديدة، التى يعدها مجموعة آباء لا تهمهم تعاليم الكنيسة، كل امرأة تريد أن تنفصل عن زوجها عليها باستفزازه فقط، فيقوم بضربها، وإذا كانت هذه الزوجة محظوظة، سيتم ضربها بعنف شديد، فتحصل حينها على الطلاق.. وكل زوج وصل لمرحلة الملل من زوجته ليس عليه أن يفعل شيئًا سوى أن يهجر زوجته ثلاث سنوات فقط، أو العكس، فيحصلون على التطليق». من جانبها، تقول هايدى جبرائيل، من المهتمين بالشأن القبطى ل«الصباح»: إن القانون الجديد يتضمن فقرة إلغاء تغيير الملة، مما أغلق الباب أمام سماسرة الطوائف الذين يمنحون شهادات تغيير الملة نظير أرباح مادية. وتضيف: «سيتم باللائحة الجديدة إعادة العمل بلائحة 38، مثل اعتبار الهجر من أسباب الطلاق، والاعتراف بالزنى الحكمى، كمكالمات التليفون، والميسد كول، ورسائل المحمول، والشات.. وأنا أرى أنه كلام معقول جدًا لكن لا أفهم لماذا الاعتراض من الجانبين، سواء المتضررين أو الذين ضدهم». وتؤكد هايدى أن المجمع المقدس مصيب فى هذه القرارات، التى قد ترفع كثيرًا من الهموم عن عاتق البعض، وتعطى الفرصة للتحرر من نير ثقيل. وتقول: «ربما يرى البعض أن الطلاق نتيجة الميسد كول يعد استخفافًا بوصية الإنجيل، ولكنى أدرك أن المعنى الحقيقى المنطوى ليس فى الميسد كول فقط، ولكن فيما يتخللها من انشغال بهذه الميسد كول، والمكالمات والشات بطريقة منحرفة.. وبالتأكيد ليست القوانين بهذه السذاجة لكى تسمح بالطلاق بسبب ميسد كول، ولكننا نحتاج إلى فهم روح القوانين». ويقول جورج زكى، مؤسس مجموعة «البركان» للأحوال الشخصية: «لائحة 2015 هى الشقيقة التوأم للائحة 38، وفى حال تطبيقها سوف تختفى مشاكل الأحوال الشخصية من على الوجود، بل والأكثر من ذلك سوف تختفى المطالبة بقانون مدني». وعن الأصوات الرافضة للائحة، يقول زكى: «هؤلاء يعدون على أصابع اليد الواحدة، ولن تكون لهم قيمة فى حال البدء الفعلى فى تنفيذ اللائحة، التى ستحل مشاكل الأغلبية». وعن المتضررين الرافضين للائحة أيضًا، يقول زكي: «هؤلاء المتضررون لا يثقون فى الكنيسة لأن الكنيسة كثيرًا ما وعدت ولم تنفذ وعودها، ولو كانت الكنيسة جادة ستحل مشاكل الناس.. وكل واحد يروح لحاله وينسى حاجة اسمها أحوال شخصية.. باختصار اللائحة ممتازة، وأنا شخصيًا مؤيد لها، لكن ما يقلقنى هو آلية التنفيذ». ويقول نادر الصيرفى، المتحدث باسم رابطة أقباط 38 للأحوال الشخصية، ل«الصباح»: «أعلنا نحن رابطة أقباط 38 عن رفضنا التام لهذا القانون، ونتمسك بمناقشة البرلمان لمشروعنا الذى سلمناه لفخامة الرئيس والبابا، والذى ينهى المشكلة من جذورها، بتحقيق التوازن المنشود والمرغوب فيه بين سيادة الدولة وهيبة الكنيسة واستقلال القضاء وحقوق وحريات الأفراد. ولأننا نرى أن هذا القانون لا يرتقى للحد الأدنى من مستوى التشريع ومعظم مواده مخالفة للدستور والواقع وغير جدير للعرض على البرلمان أو رئيس الجمهورية، لذلك انصرفت إرادتنا لرفضه جملة وتفصيلا». ويضيف الصيرفى: «عند علمنا بانتواء تطبيق هذا المشروع بداية من أول يوليو فى محاولة من الكنيسة لوضع الدولة بمؤسساتها أمام الأمر الواقع، ثم تحاول تمريره بطريقة ما للتصديق على الدمار الشامل للأسرة المسيحية لعدة أجيال قادمة، رأينا أن من واجبنا كمتخصصين أن ننقذ الكنيسة من الانهيار، والدولة من الانقسام، بأن نوضح للرأى العام وللسلطات العامة والكنيسة أيضًا التى أنتجت لنا هذا المحتوى الهش، فكرًا ومنطقًا، شرعًا وصياغة، وجهة نظرنا حتى نغسل أيدينا من كوارث التطبيق وتعميق المشكلة».