*«الصباح» تنشر روايات الشباب مدمنى التغيير والتميّز بحثًا عن الشهرة *شباب يتزينون بالكحل والتاتو.. ويتصورون فى الحدائق العامة وأعلى المآذن التاريخية *شباب ال«فيمس»: غيرنا نمط صناعة الملابس فى مصر.. وصورنا تجذب البنات ملابسهم غريبة، وقصات شعرهم صادمة، أكثر ما يشغل بالهم التصوير فى المناطق العامة بإيحاءات مختلفة وغريبة، ونشر صورهم على مواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعى، بحثا عن الشهرة والمال.. هؤلاء الشباب يطلقون على أنفسهم «الفيمس» فى مصر. صحيفة «الجارديان» البريطانية ألقت الضوء على انتشار هذه الظاهرة بين شباب العشرين فى مصر، فى محاولة لتقليد بعض مظاهر الحياة الغربية بين الفتيات والشباب، ورصدت نماذج لخمسة من الشباب المصرى «الفيمس»، وحاورت المصور الأبرز لتلك الظاهرة، ويدعى «ميدوز» الذى ساعد فى نشر اتجاه أزياء الموضة للشهرة. وعمن بدأوا تلك الظاهرة فى مصر، يقول مصطفى جمعة، وهو مسئول صفحة «famous models in the world» إنه أصبح معروفا بالصدفة، ولم يكن يقصد ذلك، لكنه كان يجلس بالساعات أمام «فيس بوك»، وتحصل منشوراته على إعجابات «لايك» كثيرة، ما شجعه على السعى للحصول على المزيد من «اللايكات». ويضيف أن من أوائل الذين نشروا هذه الظاهرة فى مصر هم «سونيك دياب، وبلبل، وزين» الذين تخطوا أقصى حد من الأصدقاء على حساباتهم الشخصية، على «فيس بوك»، ولديهم آلاف المعجبين والمتابعين. وعندما تدخل صفحات هؤلاء، ستجد أحدهم جسده يمتلأ بالأوشام الكبيرة، وشعر «مضفر» وطويل مثل «سونيك»، ومنهم من يعمل كعارض أزياء مثل «زين»، بينما يشبه «بلبل» كثيرا الشخصية التى أداها الفنان أحمد حلمى فى فيلم «بلبل حيران» من حيث الشكل، وصوره تحصد آلاف «اللايكات»، ويظهر فى معظمها برفقة فتيات. ويتبع هؤلاء الكثير من الشباب الذين يسيرون على خطاهم كقدوة ومثل أعلى فى كل شىء. وهناك أيضا فتيات معروفات، تحصد صورهن آلاف «اللايكات»، مثل «دونا الفقى»، التى تظهر جزءا من شعرها أسفل الحجاب، فى معظم الصور. ويظهر على موقع «ask.fm»، المشهور بأنه موقع للأسئلة والإجابات، بروفايل محمود أحمد شفيق، الذى لم يتخط 16 عاماً، وقد حصل على أكثر من 2 مليون إعجاب «لايك»، بسبب إجاباته غير المتوقعة عن الأسئلة، رغم أن هذه الإجابات تحمل الكثير من الألفاظ البذيئة، وأن بعضها يحمل سخرية من أصحاب الأسئلة. وشفيق، يعمل «موديل»، ظهر فى أكثر من إعلان لاثنين من كبريات شركات المياه الغازية. ويليه فى الترتيب، من حيث عدد «اللايكات» على الموقع ذاته، خالد يحيى، الذى تجاوز عدد معجبيه المليون، ومختار يوسف، تجاوز معجبوه المليون أيضا، وتليهم فتيات من المشهورات على الموقع نفسه، ومنهن «دونا نوبرت»، و«فيروز الجندى». وفى تقرير الصحفية البريطانية «الجارديان»، أكد «أحمد زلطة» أنه ليس عارض أزياء، لكنه يتصرف وكأنه كذلك، فالتقط الصور لنفسه فوق مآذن مساجد القاهرة القديمة، وفى واحدة من الحدائق العامة فى المدينة، حيث وقف مستعدًا للتصوير بنظارته الشمسية، مرتديًا بنطال جينز ممزقًا وسترة منقوشة. ويضيف زلطة، البالغ من العمر 20 عاما، الذى تُلتقط له صور بجوار اثنين من أصدقائه، أن الجميع يفعل ذلك الآن، فهناك الكثير من الشباب يشترون كاميرات لهذا السبب، ورغم غرابة المشهد فى بداية انتشاره، إلا أن البحث عن الشهرة بين الشباب ساهم فى احتواء الظاهرة وانتشارها، فنزهة واحدة داخل المساحات الخضراء بالقاهرة، فى عطلة نهاية الأسبوع، ترى خلالها كما هائلا من الشباب أصحاب قصات الشعر المختلفة، يصورون بعضهم البعض بكاميرات غالية الثمن عالية الجودة. ويقول زلطة إن البنات تتابع صفحة «الفيمس»، وتصل إلى حساباتنا الشخصية من خلالها، وترسلن إلينا رسائل إعجاب، وقالت إحداهن ذات مرة «ما هذه الصور الرائعة»، فطلبت منها رقم هاتفها، وظللنا نتحدث عبر الهاتف لمدة أسبوع، فيما دعم محمد عفت، مصور زلطة البالغ من العمر 19 عاما، فكرة «زلطة»، موضحا أن الناس يرون أن تلك أسهل لتصبح مشهورًا. من حكاية زلطة ومصوره الشخصى، وحكايات الحدائق العامة التى باتت تعج بالشباب «الفيمس»، إلى حكاية محمد عمادالدين المشهور ب«دياب»، الذى بدأ كلامه بالتأكيد على أن طريقة حياة «الفيمس» هى أقصر طريق إلى الشهرة. وأضاف: أنا لست مطربًا، وقد أصبحت مشهورًا دون أن أفعل أى شىء آخر غير التصوير، وهو الأمر الذى ساعدنى على الانتشار بين المصريين، وقد اختلفت الأساليب، لكن المشهد واحد، فالأولاد الذين يسعون إلى الشهرة عادة ما يرتدون البنطال الجينز الضيق، والسترات الصوفية، على غرار بلدان الشمال الأوروبى وزرع الشعر، أو تركه لينمو ليصبح كثيفا وعريضا، كما يستخدم المصورون الفوتوشوب لإضافة كحل، أو تاتو والأقراط. ويتابع دياب أن الطلبة فى المرحلة الجامعية، يصورهم «ميدوز» فى حدائق أخرى فى أنحاء المدينة، لكننا نريد أن نفعل شيئا مختلفا وجديدا، سواء أحببت ذلك أم لا. ويعتبر «سونيك دياب»، وهو أول «فيمس» فى مصر، هذه الصيحة نتيجة جزئية ومنطقية لثورة يناير 2011، رغم أنه ينشر لنفسه صورا منذ عام 2009، لكن كلمة «فيمس» انتشرت منذ العام الماضى، ويعتقد البعض أن ذلك مرتبط بالصحوة الاجتماعية التى نجمت عن الثورة. ويقول إنه عندما هدأت الثورة، والناس تركت السياسة، وبدأت فى اتباع رغباتها الخاصة، واستكشاف عالم «فيس بوك»، لمعرفة ما كان يحدث أصبح لديها شغف لمعرفة المزيد من الأمثلة عن الموضة، لكن هذا لا يقتصر فقط على الملابس أو على الشهرة، لكنه امتد إلى الفتيات الشابات اللاتى أصبحن تلتقطن الصور على غرار المشاهير، وصار ذلك أكثر من «الهوس».. لكن بالنسبة للرجال فهم يرون أنها وسيلة جيدة للتواصل مع النساء فى مجتمع عادة من الصعب الاختلاط فيه مع الجنس الآخر. ويقول محمد أحمد الشهير ب«ميدوز»، مصور المشاهير الرئيسى: إننا نرتدى الملابس التى تظهر الجسم، وهذا شىء جديد على المجتمع المصرى، فهم يعتقدون أنه تقليد للفتيات، لكن هذا تقليد للأجانب الذين ليس لهم حدود، فالجميع يحاول تنفيذ ما يدور فى عقولهم دون إيقافهم، و«الشهرة وسيلة للتحايل على التقاليد والقواعد الاجتماعية المحافظة». واتفق كمال أحد عملاء «ميدوز» معه فى الرأى، وهو طالب جامعى يبلغ من العمر 21 عاما، مضيفا «أحيانا الناس يرون أننا لا نظهر بشكل رجولى، والبعض الآخر يقول إن هذا ضد الدين». ويؤكد: فى وقت من الأوقات كان الناس فى مصر يعبرون عن استيائهم من «مفتولى العضلات»، حيث إن الصورة النمطية للذكور تقتصر أحيانا على الإسلاميين الملتحين أو الأقوياء ذوى الشوارب، ومثل هذه الصيحة الجديدة للشباب تعتبر خروجا عن المفاهيم التقليدية للرجولة. وعلى جانب آخر، ظهرت موضة جديدة بفعل مصور المشاهير «ميدوز» وآخرين، فالناس أصبحوا يتحدثون عن «famayza»، وهو تعبير جديد فى اللغة العربية يشير إلى أنواع الشهرة، وقد أصبح متابعوه أكثر من متابعى صفحات عدد من الصحف المصرية، التى تعتبر أن «الموضات» على غرار «الفيمس» أنثوية بدرجة كبيرة، الأمر الذى يجعلك فى حيرة حول ما إذا كان يجب أن يتم إدراجها تحت قسم النساء أم قسم الرجال، وأنها أثرت على مخزون محلات الأزياء، ما جعل ال«فيمس» يقولون: «غيرنا نمط صناعة الملابس فى مصر». ويقول إسلام عماد، مدير أزياء «الضباب»، سلسلة من الملابس الرجالية فى السوق، لاحظت أن قلة من الناس يطلبون الملابس على غرار «الفيمس» قبل 9 أشهر، لكن المضحك الآن أن ما يقرب من نصف مصر يطلبون ذلك. من جهته، يرى الكاتب «باتريك» من صحيفة «الجارديان» أن استخدام كلمة مشهور بحرف كابيتل هكذا «Famous» هو انحراف لغوى، لأن كلمة مشهور يجب أن تكتب هكذا «famous» من غير حرف كابيتال، وعلى موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» أنشأ المصورون مثل عفت، العشرات من المجموعات التى تمت تسميتها بشكل لغوى خاطئ مثل «Famous of Egypt». وأضاف أن هناك الكثير من المشاهير من مصر، وبعد أن كنت تدفع لصورك، ما يزيد على 60 جنيها مصريا (حوالى 5 جنيهات أسترلينى)، لمجموعة من 10 صور، أصبح الهدف من هذه اللعبة هو تحميل الصور الخاصة بك على هذه المجموعات، أو على صفحتك الشخصية، ثم الانتظار للمتابعة والإعجاب من قبل الآخرين.