-«التليجراف البريطانية » تكشف وجود معلومات عن طرق تطوير الأسلحة البيولوجية على كمبيوتر خاص بأحد عناصر «داعش » فى خطوة جديدة هى الأخطر من نوعها فى مجال الإرهاب الدولى، يسعى ما يسمى تنظيم «داعش» إلى تصنيع بعض المواد البيولوجية والتى تهدف إلى نشر ما يعرف ب«الموت الأزرق» أى وباء الطاعون الفتاك عبر العالم عن طريق الجراثيم الكيماوية. الخطوة التى أثارت الكثير من ردود الأفعال، تعود إلى مهندس تونسى كان ضمن تنظيم داعش الإرهابى، وهو ما نشرته صحيفة «التليغراف» البريطانية يوم 30 أغسطس الماضى، بشأن تطوير سلاح «داعش» لاستخدامه فى حربها ضد النظام السورى والأكراد والحكومة العراقية، ما يعنى انتشار الوباء عبر العالم. وحسبما ذكرت «التليغراف» فإن «هذه المعلومات تم الوصول إليها بعد العثور على لاب توب خاص بشخص تونسى ينتمى لتنظيم (داعش) فى سوريا، يحتوى على «فولدرات» بها كتابات علمية تشرح كيفية تطوير سلاح بيولوجى لنشر وباء «الطاعون» من خلال الصواريخ أو التفجيرات الانتحارية، أو مصادر المياه أو أجهزة التكييف، وفى أماكن مثل التجمعات والملاعب ومراكز التسوق. ونقلت الصحيفة عن خبير أسلحة بيولوجية بريطانى الجنسية، تأكيده أن «داعش» تضم أشخاصًا أوروبيين بإمكانهم تطوير سلاح بيولوجى بسبب سيطرتهم على مخزون الجيش العراقى من المواد الكيمياوية. ويعد تنظيم «داعش» هو أكثر فروع «القاعدة» اهتماما بملف الأسلحة البيولوجية وحتى النووية، حيث إن تنظيم «القاعدة» الأم بقيادة الإرهابى الراحل أسامة بن لادن ، كان قد وضع فى أفغانستان قسمًا خاصًا بالملف الكيماوى تحت قيادة أبو خباب المصرى الذى قتل فى غارة أمريكية فى 2006، كما أن الأردنى أبو مصعب الزرقاوى هو أول من استخدم الأسلحة البيولوجية فى الفلوجة بالعراق بمحاولة مزج المتفجرات بغازى «الكلورين» و«السارين». وأكدت مصادر عراقية متخصصة فى الحركات الإرهابية للصحيفة أن هناك محاولات وأبحاث عديدة داخل التنظيم، تقوم بالعديد من المحاولات لتصنيع تلك المواد البيولوجية. «الصباح» تواصلت عبر الإنترنت مع العميد حسام العواك، أحد الضباط الأحرار ب«الجيش الحر» السورى، والذى أكشف عن تفاصيل الحصول على جهاز اللاب توب الخاص بالشخص التونسى، حيث أوضح «العواك» أن «الجهاز كان يتضمن أكثر من 146 جيجابايت هى عبارة عن ملفات مخفية، تشرح باستفاضة كيفية صناعة سلاح بيولوجى فتاك. وأضاف «العواك» أن الملفات كان قد حصل عليها أحد مراسلى صحيفة «فورين بوليسى» فى تركيا، والذى قال إنه أخذها من أحد المقاتلين فى أحد مقار «داعش» فى ريف إدلب، وتبين لاحقًا أنه يحتوى على 2367 مجلدًا مخفيًا، فيها أكثر من 35 ألف ملف باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية، أغلبها مواد وكتب ومجلدات وفتاوى لجهاديين، وبعضها يخص «بن لادن» نفسه. وعُثر فى الجهاز على ملف يتضمن 19 صفحة تشرح كيفية تصنيع الأسلحة البيولوجية واستخدام جرثومة الطاعون، كأحد هذه الأسلحة، ويحتوى الملف على تعليمات عن إجراءات الأمان التى يجب اتباعها عند تصنيع السلاح البيولوجى قبل استخدامه فى الهجوم الإرهابى، والتجارب التى يجب أن تتم على الفئران لاختبار فاعلية السلاح. وفى ملف آخر من 26 صفحة، عُثر على فتوى «جهادية» للشيخ «ناصر الفهد» تبيح استخدام الأسلحة الفتاكة فى قتل «الكافرين»، حتى وإن قتلتهم جميعًا دفعة واحدة وقضيت على ذريتهم فى وجه الكرة الأرضية. «العواك» أكد ل «الصباح» أن التنظيم حتى الآن لم يستطع تصنيع هذه المواد، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يعد فى إطار محاولات التنظيم لاستخدام هذه الآلية الجديدة فى الحرب، وقد يمكن تقييم هذا الأمر على أنه من باب «الحرب الإعلامية». وتعود عملية الحصول على نسب الغازات الكيماوية إلى 2013 أثناء معارك التنظيم مع قوات النظام السورى فى حلب التى يوجد بها أكبر مصنع للأسلحة الكيماوية وهو ما دفع تنظيم داعش للسيطرة على معظم بلدات ومدن حلب تمهيدًا للوصول إلى مصنع الكيماوى الموجود فى منطقة «السفيرة». وكانت منظمات دولية أعلنت قبل فترة أن تأخر عملية نقل السلاح الكيماوى السورى للتخلص منه، جاءت نتيجة لعدم قدرة البعثة للوصول إلى مناطق تدور فيها اشتباكات بين التنظيم وقوات النظام، وكان النظام يمتلك أربعة مصانع سلاح كيماوى، الأول فى حلب، والثانى بالقرب من المدينة الصناعية فى حمص، والثالث فى جنوب حماة، ويعتقد بأنه ينتج غاز الأعصاب والسارين والتابون، فيما يقع رابع مصنع سورى لإنتاج الأسلحة الكيماوية فى منطقة غرب اللاذقية. أما مصانع تطوير الأسلحة الكيماوية فى سوريا فأشهرها موجود جنوب اللاذقية، وهناك آخر فى العاصمة دمشق، بالإضافة إلى وجود مركز للأبحاث، وحسب ما أكدت بعض المصادر السورية فقد حصل التنظيم على بعض مشتقات الكيماوى غير المصنعة وأخذها إلى المناطق التى يسيطر عليها.
وفى العراق أيضًا، تمكن التنظيم من السيطرة على مجمع «المثنى» الواقع على مسافة نحو 70 كلم شمال غرب بغداد، والذى كان قد بدأ بإنتاج غاز الخردل وغيره من الغازات السامة ومنها غاز السارين فى مطلع الثمانينيات بعد أشهر على وصول صدام حسين إلى الرئاسة، حسب وثيقة لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سى أى إيه». وأكدت مصادر عراقية، منها محمد السمرائى المحل السياسى، أن «المواد داخل هذا المجمع تعود إلى الثمانينيات وقد تكون قد فسد معظمها»، مشيرًا إلى أن «التنظيم يقوم ببعض المحاولات فى بعض المعامل فى الموصل، وفى سوريا أيضًا يعكف التنظيم بمدينة الرقة على بعض التجارب والمحاولات لتصنيع الأسلحة البيولوجية، وهناك بعض العناصر البريطانية والألمانية هى التى تقوم بتلك المحاولات». من جانبه، قال اللواء محمد الشهاوى رئيس أركان الحرب الكيماوية الأسبق، إن «داعش» لا يمكنها تصنيع أسلحة بيولوجية نظر لما تحتاج إليه من إمكانيات تقنية وعلمية، مشيرًا إلى أن أعضاء التنظيم لا توجد لديهم الخبرة العلمية فى هذا المجال، خاصة أن خطورة القيام بهذه الخطوات تعود على القائم بها قبل أى أحد، إن كان لا يجيد التعامل مع تلك المواد التى يمكن أن تنفجر فى وجه من يقوم بتصنيعها، وإن كان الأمر يتعلق بتصنيع جراثيم أمراض معينة فقد تتسرب هذه المواد لتصيبهم قبل غيرهم. ويشير الشهاوى إلى أن «آلية التصنيع يمكن الحصول عليها من على شبكة المعلومات الدولية، أما طريقة الأمان والحفاظ على تلك المواد دون أن تتسبب فى ضرر لمصنعيها لا يمتلكها إلا الماهرون فى هذا الأمر والحاصلون على الدكتوراه والعديد من شهادات الخبرة فى تصنيع هذه المواد». ويؤكد نشطاء من الداخل العراقى والسورى حصول «داعش» على بعض المشتقات الكيماوية لكنها بنسب قليلة، إذ أوضح «سامر أ» من سوريا أن هناك بعض العناصر من الدول الأوروبية هى التى تحاول تصنيع تلك المواد بهدف نشر جراثيم خبيثة يمكنها نقل الأمراض القاتلة مثل الطاعون، إلا أن المصادر ذاتها أكدت عدم قدرة التنظيم على القيام بهذا الأمر حتى اللحظة، معللة ذلك بأنها لو كانت قد استطاعت ذلك لقامت بضرب قوات النظامين السورى والعراقى. ويرجح النشطاء أن التنظيم يحاول استقطاب بعض العناصر من الدول الأوروبية، تمتلك قدرة على تركيب تلك المواد وتصنيعها، بما يوفر هذه الجراثيم، محذرين من التهاون مع تلك العناصر حيث إنها تمتلك أسلحة متطورة، صناعة أمريكية حصلت عليها عن طريق تركيا. وتابع «سامر» أنه خلال الفترة الحالية يقوم التنظيم بتصنيع قنابل يدوية ومتفجرات، كما يحضر عدد كبير من الأطفال الانتحاريين للقيام بأى عمليات إرهابية. ويعتبر الطاعون وباء عالميًا منذ أن فتك فى الفترة الممتدة من العام 1348 إلى العام 1350، بما يزيد على ربع سكان أوروبا، حتى أطلق عليه تعبير «الموت الأزرق». ويمكن تصنيع الطاعون من خلال المواد البيولوجية، وهو أفتك الأوبئة جميعًا، وجرثومته سهلة الزرع والحفظ حيث تعيش فى التراب العادى وتفرز إفرازات شديدة السم تقتل المحقون بها قبل مضى بضع ساعات، وهو نوعان: الأول اسمه «دبلس»، ويقتل ثمانية فى المئة من إصاباته، وينقله البرغوث إلى الإنسان من الخنازير والفئران المريضة. والثانى هو «الطاعون الرئوى»، الذى لا يرحم ضحيته قط، وهو ينتقل بالهواء من المريض إلى السليم فيقتله.