«الرأس الكبيرة فى المجلس العسكرى أجبرتنى على إلغاء الهبوط.. وندمت كثيرًا على ذلك القرار لأنه أعاد الكرة المصرية إلى الوراء سنوات عديدة».. هكذا صرح سمير زاهر، رئيس اتحاد الكرة السابق، عندما سئل عن أسباب اتخاذه هذا القرار الذى يتذرع به كل من يبحث عن طوق نجاة من الهبوط كل عام، باعتبار أنه صار مرجعية سنوية، على مدار 3 سنوات، إلى أن أصبح عدد أندية الدورى الممتاز «أ» 22 ناديًا، وهناك محاولات لزيادته إلى 25 ناديًا!! كان تصريح سمير زاهر بمثابة تحميل مسئولية القرار للمشير طنطاوى، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى ذلك التوقيت، وكانت له ملابساته، بسبب تعثر فريق الاتحاد السكندرى صاحب الشعبية الطاغية فى الثغر، وهبوطه كان يعنى إثارة أزمة غير مطلوبة وسط حالة التوتر والانفلات الأمنى التى كانت تعانيها مصر أعقاب ثورة 25 يناير. لكن الأوضاع الآن تختلف عما كان عليه الأمر فى 2011، ولو أن الخوف من هبوط الأندية العسكرية هو المحرك الرئيسى لفكرة عدم إلغاء الهبوط، مع بعض التحفظات من إقامة دورى المجموعة الواحدة ما يعنى صدامًا لا بد منه بين المصرى والأهلى، وهو ما يتم تحاشيه منذ مذبحة الأربعاء الأسود 1 فبراير 2012. لكن هل نحن نعيش بالفعل موسمًا استثنائيًا، كذلك الذى تعرضت له الكرة المصرية فى الثلاثة مواسم الأخيرة منذ ثورة 25 يناير؟.. الحقيقة أن الإجابة تضفى مزيدًا من الغموض على السؤال، ولا تشف غليل من يبحث عن إجابة قاطعة، ذلك لأن الكرة المصرية بدأت تعرف بالفعل طعم الاستقرار، والمباريات تقام بشكل منتظم، والإثارة وصلت مداها سواء فى الصراع على التأهل للمربع الذهبى بين الأهلى وسموحة والاتحاد السكندرى فى المجموعة الأولى، أو اتحاد الشرطة وبتروجت والإسماعيلى والزمالك بالترتيب فى المجموعة الثانية.. أو فى الصراع من أجل البقاء فى المجموعتين، سواء بين إنبى «19 نقطة» وغزل المحلة «17 نقطة» والرجاء «15 نقطة»، بعد تأكد هبوط الإنتاج الحربى «13 نقطة» فى المجموعة الأولى، أو بين طلائع الجيش «22 نقطة»، والقناة «22 نقطة أيضاً»، وتليفونات بنى سويف «21 نقطة»، وحرس الحدود «21 نقطة»، بعد تأكد هبوط المنيا «12 نقطة» من المجموعة الثانية. رغم هذا الماراثون المثير، إلا أن من فكر فى إلغاء الهبوط من لجنة الأندية التى يترأسها المستشار مرتضى منصور، فرق لا علاقة لها بالهبوط من الأساس، بل ولم تطرح هذه الأندية من الأساس فكرة إلغاء نظام المسابقة، والزعم بأن الموسم الحالى موسمًا استثنائيًا، كما حدث فى المواسم الثلاثة السابقة!! وأكد المستشار مرتضى منصور، رئيس نادى الزمالك، أن فرق المؤسسة العسكرية الثلاثة «طلائع الجيش وحرس الحدود والإنتاج الحربى» لم تطلب إلغاء الهبوط، وأن الفكرة نابعة منه شخصيًا، وأيدها 13 ناديًا تقريبًا من أصل 17 ناديًا فى اجتماع للجنة الأندية، مشيرًا إلى أنه يرى الموسم الحالى موسمًا استثنائيًا، وأن زيادة عدد أندية الدورى العام إلى 25 ناديًا الموسم المقبل، لن يضر الكرة المصرية، لأن الفارق طفيف بين العدد الحالى «22 ناديًا، والعدد المفترض زيادته حال إلغاء الهبوط «25 ناديًا»، مع استمرار فكرة دورى المجموعتين. لكن القنبلة التى فجرت الأوضاع تمثلت فى تصريحات الدكتور إسماعيل فايد، نائب رئيس نادس سموحة، الذى أكد أن إلغاء الهبوط يرجع لمحاولة إنقاذ أندية المؤسسة العسكرية من الهبوط، وغيابها جميعًا عن الأضواء، فى مشهد لم يحدث منذ أن صعد حرس الحدود للدورى الممتاز لأول مرة قبل أكثر من 10 سنوات. وإذا كان الإنتاج الحربى قد هبط بالفعل للممتاز «ب»، فإن الأمل لا يزال يحدو فريقى طلائع الجيش، وحرس الحدود للبقاء فى الدورى العام، ويكفى حرس الحدود الفوز على وادى دجلة ليقفز للنقطة 24، كما يكفى طلائع الجيش نقطة واحدة من لقاء المنيا ليقفز للنقطة 23، ليضمنا البقاء فى الأضواء. لكن الهدف الخفى من محاولات إلغاء الهبوط هو مجاملة الأندية العسكرية، والبحث عن باب استثنائى لانتشالها من عثرتها، لا سيما أن غياب الأندية العسكرية لا يبدو لائقًا فى نظر البعض، مع تولى المشير السيسى مقاليد رئاسة الجمهورية، ما يعنى أن كل هذه الجهود التى تبذلها لجنة الأندية تستهدف مجاملة المشير السيسى باعتباره المرشح الأوفر حظاً فى انتخابات رئاسة الجمهورية، ومن غير المعقول أن تغيب شمس الأندية العسكرية مع تولى رجل ينتمى لهذه المؤسسة، مع بداية الجمهورية الثالثة عقب إزاحة الإخوان عن حكم مصر!! والغريب أن الأندية العسكرية لم تفكر بهذه الطريقة، بل كان اللواء مجدى اللوزى، رئيس جهاز الرياضة العسكرى، يعتزم عقد مؤتمر صحفى يلتقى فيه وكل رجال الإعلام بجميع أطيافه مقروءة ومسموعة ومرئية، ووجه الدعوة لكاتب هذه السطور للنقاش، وإيضاح وجهة نظر المؤسسة العسكرية، فى بعض الأمور التى تتعلق بكرة القدم، ومنها بالطبع مسألة إلغاء الهبوط، لكنه تراجع وقرر تأجيل الموعد لأسباب غير معلنة، تبعها إلغاء اجتماع جديد للجنة الأندية كان من المفترض إقامته فى نادى سموحة بالإسكندرية، وتم تأجيله لما بعد انتخابات رئاسة الجمهورية. ومن وراء الكواليس تأكد رفض المشير السيسى فكرة إلغاء الهبوط، وإنهاء قرار المشير طنطاوى الذى كانت له ملابساته، والتشديد على أن الأندية العسكرية إن أرادت البقاء فى الأضواء فعليهم أن يفعلوا ذلك بشرف، ما يعنى أن من حاولوا أن يكونوا «ملكيين أكثر من الملك»، أو «عسكريين أكثر ممن يرتدون البدلة العسكرية»، أغلقوا الباب فى وجه من أرادوا مجاملة المشير السيسى، بطريقة تسىء إليه أكثر من أن تقدم له خدمة جليلة، وأن هناك ربطًا واضحًا بين إلغاء لقاء رئيس جهاز الرياضة العسكرى، وتأجيل اجتماع لجنة الأندية لما بعد انتخابات رئاسة الجمهورية، منعا للقيل والقال.