كيف يقضى المشير عبدالفتاح السيسى الساعات الأخيرة له فى وزارة الدفاع، قبل الإعلان عن ترشحه فى انتخابات الرئاسة المقبلة، وكيف يرتب البيت من الداخل قبل أن يتفرغ لحملته الانتخابية؟ مصدر مقرب من السيسى أكد ل«الصباح» أن الرجل يمر الآن بأصعب مرحلة فى حياته، وهو ما بدا عليه خلال كلمته الأخيرة بالكلية الحربية التى كشف خلالها عن قرب اتخاذ الإجراءات الرسمية لإعلان ترشحه للرئاسة، فالرجل كان حريصا على تقديم «كشف حساب» جديد عن تفاصيل موقفه من حكم الإخوان وعبء المسئولية التى يشعر بتحملها خلال المرحلة القادمة، حيث اختفت ملامح الهدوء والعاطفة وحل مكانها حديث بدا أكثر حزما للعمل خلال المرحلة المقبلة. السيسى يواجه - وفقا للمصدر - مخاوف تعرض البلاد لحملات عدائية تنفذها وحدات تنظيم «القاعدة» المتحالفة مع «الإخوان» فور إعلان ترشحه، كما يؤرقه وجود عدد من المشروعات المعلقة داخل أروقة وزارة الدفاع، يجب أن ينهيها قبل أن يدخل الصراع السياسى الذى سيستلزم التفرغ لحملات التشويه والهجوم وعقد لقاءات انتخابية حتى لو محدودة فى عدد من المحافظات. وعلمت «الصباح» أيضا أن السيسى يكثف جهوده لإتمام اللمسات الأخيرة فى صفقات التسليح المعلقة والموقف فى الخليج العربى، إضافة الى تأمين المجرى الملاحى لقناة السويس. وعُقد اجتماع طارئ فى مقر الأمانة العامة لوزارة الدفاع تم الإعلان عنه دون البوح بتفاصيله جمع قادة الجيوش والمناطق العسكرية وعدد من مديرى الإدارات.لكننا اخترقنا جدران الأمانة لنعرف تفاصيل لقاء الساعات الأخيرة الحاسمة للسيسى فى وزارة الدفاع. الاجتماع كان هدفه وضع اللمسات الأخيرة على عدد من المشروعات والصفقات والمناورات التدريبية مع عدد من الدول الصديقة، وفى الجلسة التى رفع السيسى الفريق صدقى صبحى للمرة الأولى إلى جواره على رأس المائدة التى كان يرأسها من قبل منفردا، دعا وزير الدفاع القادة إلى أولوية قصوى تشمل ضرورة استكمال خطة تطوير القوات المسلحة، والتى بدأها فور توليه المسئولية. وعلى الرغم قصر المدة التى قضاها المشير كقائد عام ووزير للدفاع والإنتاج الحربى مقارنة بسلفه المشير «طنطاوى» الذى قضى فى هذا المنصب 20 عاما، إلا أن الأول ترك أثرا إيجابيا داخل صفوف القوات، تجاوز ما تركه سلفه ليقارن بمحبوب الجيش المشير الراحل عبد الحليم أبو غزالة صاحب حلم «مشروع الردع المصرى». مكانة السيسى داخل صفوف الجيش ليست بسبب موقفه السياسى، لكن لقيادته وإشرافه على تنفيذ خطة تطوير شامل تعد منظومة متكاملة ذات أهداف استراتيجية رئيسية. خطة التطوير هذه هى التى جعلت السيسى يشعر بأنه بين مسئوليتين حتميتين، الأولى متابعة استكمال هذه الخطة المتكاملة، والأخرى عدم التخلى عن حلم الملايين التى تدعوه للترشح للرئاسة وحماية البلاد من مخطط التقسيم. ناقش السيسى مع القادة استكمال خطة تطوير ورفع كفاءة القوات المسلحة فى كافة المجالات بداية من الاهتمام بالفرد المقاتل جنديا أو ضابطا عن طريق تطوير التدريب ومضاعفته، ولا ننسى أنه جدد الزى العسكرى ورفع مواصفات الإمداد الفنى للتسليح الشخصى، فضلا عن تطوير منظومة التسليح والمعدات وصولا إلى المنشآت العسكرية ورفع كفاءة الوحدات، مع عدم إغفال الملف العلاجى والإسكانى والترفيهى الاجتماعى. اجتماع القادة تناول عددا من صفقات السلاح، وهو ما كشفت عنه صحيفة «لاتريبون» الفرنسية مؤخرا، مؤكدة أن مصر توشك أن تشترى من المجموعة الفرنسية «دى سى أن أس» لتصنيع السفن 4 سفن حربية (طرادات) من طراز «جوييد» مزودة بصواريخ بقيمة تعاقدية تصل إلى مليار يورو. وأضافت الصحيفة أن هذه الصفقة تعد ذات قيمة بالنسبة للمجموعة الفرنسية التى فازت بالاتفاق متغلبة على نظيرتها الألمانية «تيسان جروب نافال»، ونقلت عن مصادر قالت إنها متطابقة قولها «إن هناك اتفاقا مبدئيا مع القاهرة حول شراء هذا النوع من السفن الحربية». وذكرت «لاتريبون» أن «المشير السيسى، المرشح (المحتمل) للانتخابات الرئاسية، هو من قرر هذه الصفقة»، معتبرة أن هذا «الاتفاق على شراء السفن الحربية من الشركة الفرنسية يعد أيضا بادرة قوية من جانب القاهرة تجاه باريس». كما ذكرت تقارير إعلامية غربية أن المشير الذى وصفته التقارير بأنه «الرجل القوى فى مصر الآن» يود قبل مغادرته الوزارة من أجل الترشح للانتخابات تلبية «لنداء الشعب»، إتمام عدد من الملفات العسكرية المهمة، والتى تتضمن أيضا شراء 3 طائرات نقل عسكرية جديدة من مجموعة «إيرباص»، حيث تمتلك القوات الجوية المصرية بالفعل 5 إيرباص من طراز «سى 295» (الجيل الجديد) من 12طائرة هى إجمالى عدد «الطلبية». وتناول الاجتماع الحاسم أيضا صفقة الأسلحة الروسية التى سبق وانفردنا بتفاصيلها التى تتكتم عليها وزارة الدفاع، والتى ستحقق نقلة نوعية فى معدات الدفاع الجوى والقوات الجوية تحديدا. وكشف مصدر خاص ل«الصباح» أن دول مجلس التعاون الخليجى تدرس إعادة هيكلة المجلس، لكى يسمح بانضمام دول عربية وإفريقية من غير الدول المطلة على الخليج العربى، وقال المصدر الذى فضل عدم ذكر اسمه إن غالبية دول الخليج تؤيد تغيير اسم «مجلس التعاون الخليجى» ليعود إلى الفكرة التى نشأت بعد حرب الخليج الثانية والدور المصرى فى تحرير الكويت ليكون اسمه «مجلس التعاون العربى». وأوضح المصدر أن الهدف من القرار الذى سيتم إقراره على الأغلب خلال الشهر الجارى هو السماح بانضمام مصر ل«مجلس التعاون»، مشيرا إلى أن القرار جاء ردا على مواقف قطر تجاه مصر، ومواقفها المخالفة لدول مجلس التعاون الخليجى، وهو ما أغضب السعودية والإمارات والبحرين التى «فاض بها الكيل»، فسحبت الدول الثلاث سفراءها من قطر الأسبوع الماضى، خاصة أن هناك تنسيقا فى السياسات العامة بين المجموعة الإقليمية فى دول مجلس التعاون الخليجى، وأن قطر تخرج عن هذه القاعدة. وتطرق اجتماع قادة القوات المسلحة إلى عرض دولة الإمارات إنشاء قاعدة عسكرية بها مصرية للمرة الأولى، وهو ما يعنى استكمال خطط الدفاع العسكرى الخليجى- المصرى الموحد ضمن منظومة الاتحاد التعاونى والموجه أساسا ضد مخطط الولاياتالمتحدة الهادف لتغيير خريطة الشرق الأوسط، وضد المطامع الإيرانية فى الخليج العربى. العرض الإماراتى يتوازى مع الموقف الحاسم للثلاثى الخليجى السعودية والبحرين والإمارات بسحب سفراء بلادهم من قطر بعد التحذيرات التى تم توجيهها للأمير «تميم» خلال قمة وزراء الخارجية الخليجيين بعدم التدخل فى الشئون الداخلية لدول الخليج أو لمصر، ووضع حد لتجاوزات يوسف القرضاوى ضد الأنظمة العربية الحاكمة. وأكد المصدر أن الاجتماع تناول مشروعى تنمية قناة السويس الذى تشارك القوات المسلحة فيه بصورة أساسية خاصة فى الإنشاءات التى تتولاها «الهيئة الهندسية» للجيش، فضلا عن استكمال إجراءات تأمين المجرى الملاحى بصورة «مميكنة» تعتمد على إخلاء محيط القناة ومراقبة جوية وكاميرات ثابتة وربط إلكترونى للجيشين الثانى والثالث. وتناول اللقاء كذلك التهديدات التى تعرض لها مجرى قناة السويس طوال الأشهر الأربعة الماضية، والتى تعد أكبر مخطط إرهابى فى التاريخ للمرفق الذى تعتمد عليه مصر كأحد أهم مصادر الدخل القومى، والذى يعطى لها ثقلًا إستراتيجيًا وسياسيًا على مستوى العالم. المخطط كان يهدف لتنفيذ عمليات إرهابية تستهدف سفنًا وناقلات تمر بالقناة، وهو ما يُحرج مصر أمام المجتمع الدولى، وعلى إثره يتم التدخل الخارجى عن طريق وضع القناة تحت هيئة إشراف دولية. وشدد المصدر على أن الأجهزة السيادية وعلى رأسها مؤسسة الجيش والمخابرات العسكرية والمخابرات العامة، واجهت هذا المخطط ونجحت فى إحباط 30 عملية إرهابية استهدفت المجرى الملاحى للقناة وما يمر به، لافتا إلى أن المطلوب كان تنفيذ عملية واحدة تنتج عنها غرق سفينة تمر بالمجرى، لتبدأ التدخلات العسكرية بموجب اتفاقيات دولية، تلزم مصر بحفظ الأمن وحماية المجرى الدولى الذى يخضع لسيطرتها ويتعلق بسيادتها الوطنية. الأجهزة السيادية وضعت تأمين المجرى الملاحى كأولوية أولى مع قرب إعلان السيسى لترشحه، حيث وردت معلومات تتعلق باستهداف القناة بواسطة عمل إرهابى انتقامى يتسبب فى لفت انتباه العالم، فتقرر خلال اللقاء نشر قوات عسكرية وعناصر تابعة للمخابرات العسكرية والاستطلاع، بالإضافة إلى مشاركة القوات الجوية فى عمليات التأمين.